مواضيع اليوم

مرارة البطالة و جور الأرباب

رباح القويعي

2011-08-11 05:55:46

0

"مرارةُ البطالة و جورُ الأرباب"
لعلّي لم أكن محظوظاً كثيراَ بعد أنْ حظيت بوظيفةٍ حكومية , لكنّني أجد نفسي أوفرَ حظّاً من زملائي الذين ما زالوا يعانون البطالة المقيتة , وأولئك الذين يعانون جَوْرَ أرباب العمل في القطاع الخاص .
إنّني أشكر الله الذي يستحقّ الشّكر والثناء ,على ما قَسَمَ لي من الرّزق ,فأنا في الوظيفة الحكوميّة , أحتكم إلى قانون العمل الذي يجعل الرئيس والمرؤوس سواسية , ينظّم حقوقهم وواجباتهم ,رغم الفوارق الملحوظة أحيانا , وأُعْزي ذلك جدلا إلى الحظّ الذي يجعل زيداً أكثرَ حظّاًَ من عُبَيْد ,لكن في النهاية أنا كموظف حكومي أستطيع أن أقاضي المسؤول الذي ظلمني , وأحصل على حقّي في عهده , أو في عهد غيره بعد أن يسهّل اللّه أمره إلى منصب آخر.فدوام الحال من المحال .
ما أودّ قوله هو أنّ الموظفَ الحكوميَّ لديه أمان وظيفي – والأمان بالله – ما لم يرتكب جنحة مالية أو أخلاقية , وما دام قائما بواجباته رغم ما يطوله من منغّصاتٍ كثيرةٍ من هنا وهناك .
وفي هذا المقام أودّ أن أتطرق إلى قصتين على سبيل المثال لا الحصر , لأظهر لك عزيزي القارئ قانون العمل المغيّب في القطاع الخاص , حيث يعتبر ربّ العملِ نفسَه صاحبُ مِنّةٍ وفضلٍ على الموظف , ويعتبر نفسه الرّازق الذي يعطي ويمنع والعياذ بالله . وإذا ما طلب الموظّف زيادة ,يسارع ربّ العمل " مَجازاَ " إلى قطع يده ليتسوّل عليها .
صديق لي من أقصى قرية شمال طولكرم , ضاقت به السّبل في البحث عن وظيفة يجد فيها راحتَه وسترتَه وعيالَه ,بعد أن أمضى أربعة عشر عاما من الدراسة ,ليقبل بوظيفة في رام الله براتب ألف وخمسمئة شيكل , أو أقل بقليل , ليعيش غريبا , بعيدا عن أسرته المكوّنة من زوجته وابنه وابنته ,ليأتي نهاية الأسبوع يعوّضهم حنان الزّوج والأب الحنون , ليعود صباح اليوم الأول من الأسبوع الجديد ,وقد حمل فوق كاهله متاعب السّفر المنهك لجسده ولجيبه , أنُعزي ذلك لقدر ربّ العباد ؟ أم إلى جور العباد ؟ طرق الأبواب في محافظته لكنّه لم يجد جوابا , الأبواب مؤصدة , لا تفتح إلا لأناس يملكون " شيفرا " فتحها وفيتامين " واو ". وإذا ما تمكّن يوما من دخول مؤسّسة ما يكون الجواب الذي أرهق مسامعه " نحن لسنا بحاجة .... لكن املأ طلب توظيف , وضع عليه طوابع بخمسة شواقل " ثمن زهيد " لكن بالنسبة له ؟ أترك الجواب لك عزيزي القارئ .
صديقي الآخر , أمضى سنوات عمره بعد التخرج بين محل زيد ومحل عمرو , براتب زهيد ,وساعات عمل طويلة , وبمعاملة قاسية أحيانا , وبراتب يتساقط عليه منجّما " بالتنقيط " . طال به المشوار , ومضى من عمره ثمان وثلاثون عاما ,وهو أعزب , تزوّج مؤخّرا ,ليزداد حمله وتزداد مسؤوليّاته , ويزداد بذلك ضنك عيشه ليتمنى لو أنه بقي أعزبا .
إنّ قبول صديقيّ , بهذا الحال , ما هي إلا وسيلتهم ليجنّبوا أنفسهم مرارة البطالة , وما يحزنني هو أن عملهم و بطالتهم كلاهما مرّ.
إن ما دفعني للكتابة , هو شعوري بمأساتهم الحقيقة ومعاناتهم ,وكلّي أمل أن ينظر أرباب العمل بعين الرأفة إلى موظفيهم وترقية معاملتهم لهم بالصورة التي تتناسب وإنسانيتهم .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !