1.أتفق رواد التغيير أو الإصلاح أو المثاليين أو سمهم ما شئت شريطة أن يكون المسمى ذا وقع خاص، على عدد من الأمور المهمة ومنها أن الخطاب الديني لابد له من تبديل.
2. سار على هذه الفكرة عدد من المحسوبين على الإسلاميين وأخترع أحدهم فكرة أعظم من تبديل الخطاب الديني وهي أن الخطاب الديني كان مختطفاُ في العقود الأخيرة وأنه استبدل بخطاب مسخ بعيد كل البعد عن روح الدين وجوهرة
3. رواد فكرة تبديل الخطاب الديني ومن سار على دعواهم ممن قالوا أنه كان مختطفاً لم يعهد منهم أن وجهوا خطاب يعتد به أو ألتف الناس حوله وحالهم ووضعهم وتاريخهم لا يؤهلهم أن يصبحوا أو يمسوا كأصحاب خطاب ديني.
4. جميع أن لم يكن الفئة الغالبة من دعاة تبديل الخطاب الديني هم من المتعصبين سواء كانوا رياضيين أو أصحاب فكر عام أو من الإرهابيين القدامى الذين عاثوا في الأرض الفساد فجروا وخربوا ثم رجعوا من أقصى اليمين لأقصى الشمال أو من دعاة التحرر الأخلاقي أو ممن ركبوا موجة التغريب لتحقيق مصالح دنيوية أو ظناُ منهم أنها ستغلب فيكون لهم نصيب في غنائمها وكلهم للأسف من محبي الظهور وراكبي كل موجة وفي كل وادي يهيمون يظهر من حديثهم أن في نفوسهم شيء بعيدين عن الهدوء بقدر بعدهم عن التصريح بما يريدون أن يكون ، الإصلاح عندهم شعار بلا منهجية عملية سوى ما يظهرونه أحياناً من تبديل أمور جاء الإسلام بإقرارها فضلاً عن تجاوزها لأعراف وتقاليد المجتمع القبلي المحافظ الذي استنبط هذه العادات والتقاليد من دينة القويم وبها أعطى الولاء والبيعة لولاة الأمر في هذه الدولة المباركة منذ عهد المغفور له الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وأيده بتوفيقه.
5.التبديل أو التغيير أرتكز على عدد من الأمور التي رأى أصحابها أنه لا بد أن تستبدل دون اعتبار لرأي الشرع فيها ومنها قضية المرأة السعودية و وضعها في المجتمع وأنها مظلومة وحقوقها مسلوبة ولابد أن يكون لها دور كبير في المجتمع من خلال خروجها للعمل ومشاركتها للرجل في كل شيء باعتبار أن الاختلاط أمر عادي والقول في تحريمه قد بدل وغير وحل رباطه بعد إنقاذه من الاختطاف وأي رأي فيه هو من قبيل الرأي القديم والذي كان مختطفاً في العقود الماضية لذلك جاء خروج المرأة السعودية وتسليط الضوء على ذلك في كل أمور الحياة من خلال الصحافة التي اندفعت في الفترة الماضية وبشكل خطير لظهور المرأة سافرة ومتبرجة عبر صفحاتها دون مراعاة للمجتمع المحافظ وقد أفصح عن بعض الحقائق التي يدعو لها هؤلاء من خلال تسويق ( بنات الرياض )وأن حقيقتهن لا تختلف عن بنات الغرب من خلال الانحلال والفساد الأخلاقي وتصوير الأمر كحقيقة عندما تكتب في ذلك فتاة سعودية متعلمة وطبيبة عمرها 23 سنة كتاب يقدم له وزير العمل المعني بعمل المرأة وكأنه يقول مادام أن الفساد موجود وأن لكل بنت في الرياض صديق وتمارس ما حرم الشرع ممارسته فلماذا تمنعونها من العمل في أماكن الاختلاط ولك أن تربط بين كتاب هذا الوزير ( شقة الحرية ) وما يمارس فيه من ممارسات غير أخلاقية وبين كتاب بنات الرياض وما يفعلنه في تلك الشقة ). وكل ماسيأتي عبارة عن قصص تدور حول الشوراع والأحياء التي اشتهرت بالجهل والأنحراف الأخلاقي وضعف القيم والبعد عن العادات والتقاليد وهلما جرا وهم مجموعة ابطال القصة الواحدة والهدف الواحد وحب الظهور لو على ظهر القيم والأخلاق والآداب العامة ،حتى ظهر لي ولغيري أن القضية أخلاقية في المقام الأول وأن الخلاف أخلاقي وأن الإصلاح المنادى بها هو تغيير أخلاق المجتمع وقيمه ومبادئه. لذا لم استغرب أن يسلط الإعلام الأمريكي – من شاكلة برنامج أوبرا- الضوء على هذا الكتاب وكاتبته ولا تستغرب أن يكون هناك هجوم على المجتمع ودينه وعاداته وتقاليده من قبل هذه النوعية من الكتاب كما لا تستغرب أن يكون هم الإعلام اللبناني بكل قنواته المجتمع السعودي وتصويره بصورة مشينة وأنه يعاني من ضغوط وبأمس الحاجة إلى التحرر والانطلاق والتبعية وأن يقتدي بالمجتمع اللبناني.
6. يتجاهل هؤلاء للأسف حقيقة المجتمع السعودي وأنه مجتمع قبلي معقد وصعب ولولا الله عز وجل ثم حنكة الملك عبد العزيز لم تكن لهذه الدولة السعودية المباركة قائمة و إلا فكيف لرجل مثل الملك عبد العزيز رحمه الله – في مثل سنه وعدد الرجال الذين كانوا معه - أن يوحد القبائل القوية المتناحرة ويجمع هذه الأرض الصحراوية الشاسعة من أطرافها تحت راية واحدة في ظروف زمنية واقتصادية وتكتلات سياسية أصعب عشرات المرات من الوضع الحالي بل كيف استطاع أن يجمع شيوخ القبائل وأمراءها المتناحرين بين يديه ويعطونه الولاء والطاعة في المنشط والمكره وفي مدة زمنية قصيرة ويبقى الولاء من بعده لأولاده البررة ويتعدى هذا الاحترام والتقدير لكل نسل الملك عبد العزيز رحمه الله صغيراً كان أو كبيراً ذكراً أو أنثى والجواب لمن أراد ذلك يرجع إلى كلمات المغفور له إنشاء الله وإلى نوع الخطاب الذي كان يلقيه ومضمونه وإديولجيته وإلى حرصه على العلم والعلماء وعلى المجتمع وأن يبقى متمسكاً بدينه وأخلاقه الإسلامية وعادته وتقاليده إلى هؤلاء أقول أقرئوا فقط كتاب سمو الأمير الدكتور / فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز ( رسائل أئمة دعوة التوحيد) لتعلموا كيف ينهج ويفكر ساسة هذه البلاد وكيف يعتزون بدينهم وعقيدتهم وإلى نوع الخطاب الديني الذي يوجهونه إلى المجتمع.
7.لم أسمع أو أرى أي جهد أو عمل اجتماعي لهؤلاء رغم تصدرهم للمجالس والحديث فيها دائماً عن المرأة وحقوقها وتعجب من بعدهم عن الحديث حول الظروف التي تمر بالأرامل واليتيمات أو المطلقات أو العوانس أو تقديمهم لبرنامج حقيقي يضمن لهن حياة كريمة بل لم يتحرك أحد منهم في الدفاع عن حقوق بعض النساء اللاتي يبعن في أحد أسواق الرياض حين رغبت البلدية بمنعهن من البيع بدعوى عدم نظامية عملهن هذا، وعلى هذا قس في كل ما يلامس المرأة وحاجتها الحقيقية لمن يدافع عنها ويطالب بحقوقها والأدهى والأعظم ظلم نظام التقاعد للمرأة بعد تقاعدها ووفاتها وسلب أموالها وعدم تسليمها لورثتها وأطفالها .
8.قضيتنا مع المرأة ليست لأن هناك من يظلم المرأة أو يصفدها بالأغلال أو يهينها فهي في بلادنا تعيش كل الرغد وحلاوة العيش، والدولة لا تفرق في تعاملها مع أفراد المجتمع بين رجل وامرأة إلا بحدود الشرع أما في ما يتعلق بأمور الدنيا والعمل والنظم فلا فرق في ذلك فالموظفة منهن على سبيل المثال تأخذ من الحقوق مثل ما يأخذ الرجل سواء كان في الراتب أو المميزات بل ضمنت لها الدولة الشيء الكثير من أجل حفاظها على أسرتها ودينها و طبيعتها قضيتنا باختصار أن من يدافع عن حقوق المرأة حمل هذا الموضوع ما لا يحتمل وسار على طريق قديم واضح المعالم مقتدياً بأشخاص ساروا على نفس الطريق، ورغب من خلال هذه القضية أن يحصل على بعض المكاسب مستغلا بذلك الضغوط التي تمر بهذه الدولة المباركة وما تتهم به من سلبها لحقوق المرأة ولأن مرجعية هؤلاء غربية المصدر والهوى وعليها يتكئون في أطروحاتهم من خلال العديد من الآراء التي تذكر هنا وهناك أو مقارنتهم للمرأة في المملكة بالمرأة في الغرب ولا يتعدى حديثهم عن الحجاب واللباس والعمل المختلط وحولها دندن.
9. في ظل دعوة المملكة وولاة الأمر فيها إلى الحوار ظن البعض منهم أن المملكة العربية السعودية من خلال هذه الدعوة بدأت في التغيير الجذري من الأساس والتنازل عن كل الأسس الدينية التي قامت عليها بمعنى لا حديث للدين في الحوار وأن الحديث حديث العقل والمنطق وعلى هذا وصفوا أنفسهم بالمثاليين والإصلاحيين وغيرهم متهرطقون ولا يمكن أن يكون لهم رأي يؤخذ أو يناقش وأي كارثة أو مصيبة تحل بالأمة يرجعون سببها إلى التربية والتعليم والدين وهلم جرا.
10ـ و أبرز معالم هؤلاء هي التعميم في كل شيء فالخطاب الديني كله لابد أن يبدل فما كان حراماً في السابق الآن لا والمرأة في مجتمعنا مظلومة ( كل نساء المملكة ) بلا استثناء أو تحديد.
11ـ إلا أني قد أتفق مع هؤلاء حين يتم تحديد ما يريدونه أن يغير في نوع الخطاب فإن كانوا يقصدون بذلك نوعية معينة ممن تولوا زمام الخطابة وكانوا يعقدون بعد كل صلاة عشاء في جوامعهم اجتماعاً يحضره كل أحد يذكرون في آخره بياناً عن المنكرات في المملكة وفي الرياض على وجه الخصوص ثم يطلبون من هؤلاء الشباب الذهاب لإنكاره مسببين بذلك مشاكل لا حصر لها دون مراعاة لأصول إنكار المنكر أو ما يترتب على إنكارهم المنكرات منكرات أعظم منها أو تعديهم لجهات الاختصاص في هذا الأمر.
فإني أقول أن السحر قد انقلب على الساحر فهذا الشيخ المهيج لهؤلاء الشباب في السابق هو اليوم الذي يحاربهم ويصفهم بما لا يوصف ومازال يتعدى في خطابه جهات الاختصاص والفتوى وهيئة كبار العلماء ولا يمر يوم ألا ويأتي بجديد يخالف ما تتفق عليه الأمة أو يجمعها ولو كان مقاطعة لمنتج دنماركي يسب أصحابه المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فهذا وأمثاله ليسوا بحاجة إلى تبديل خطاب ديني بل بحاجة إلى أن يكف خيرهم وشرهم ، وأن يلزموا بيوتهم فلا شك أن القبول ضعيف وخطابهم لا يلتف حوله أحد وأقول لهم كفى لعباً بشباب المملكة كفى استغلالاً لعواطفهم الدينية وكفى حرباً عليهم ووصفهم بما تصفونهم به وأنتم سبب البلاء والشقاء.
12ـ العجيب أن الكل صار مثقفاً وباحثاً ويحمل لقباً خبير في كل شي وله الحق في الحديث في أي شيء ونقد أي شيء وطلب تبديل وتغيير أي شيء كتب أحدهم في إحدى جرائدنا الصادرة بالرياض عن اللباس في المدرسة وسماه بذو الثلاث طبقات وأنه تقليد قديم لا يتفق مع التطور والتمدن منتقلاً إلى أن في المملكة كل بيوت الموضة وعلى هذا كتب حتى آخر مقالة في الجريدة وكأن ديننا أغفل مسألة اللباس أو كأن علماء الأمة منذ فجر الإسلام لم يصنفوا في اللباس شيئاً أوكأننا ليس لدينا نظام أو تقليد أو عرف في اللباس أو لباس نعتز به أو كأن الجميع يستطيع أن يشتري من دور الموضة أو أنه لابد للجميع أن يقلد الغرب في كل شيء وأن اللازم في هذا العصر أن تأتي بناتنا شبه متعريات للمدراس.
13ـ مدارس تحفيظ القرآن والمناهج الدينية الدراسية مشغلة دعاة التبديل ومصدر الاتهام وتفريخ الإرهاب كما يدعون وما تكون مصيبة إلا ويتهمون مدارس التحفيظ ومناهج التعليم بها دون دليل وكأن الحل إغلاقها وطرد العاملين فيها وطلبتهم وملاحقة العاملين عليها ولك أن تسمع ما قاله أحد أعضاء مجلس الشورى في الليلة السوداء التي قام بها مجموعة من الفئة الضالة بتفجير مجمع الحمراء عبر قناة العربية والساعة تقترب من الثانية صباحاً أنه كان يحذر منذ ثلاثين عام من المناهج التعليمية وأقول أن هذا من التزلف بالقول وأسأل أين كان عضو الشورى قبل ثلاثين عام ومن كان حين ذاك كما أسأله هل دوره توجيه الاتهام سواء كان كذباً وتزلفاً أو اتهام حقيقي أم دوره إيجاد حل لمشاكل المجتمع أم أن المسألة حاجة في النفس ، وتصفية لحسابات قديمة.
14ـ الإرهاب والفئة الضالة وأصحاب الفكر التكفيري أحد الأمراض الفتاكة لا شك بالمجتمع ونحن بحاجة ماسة إلى وقفة صادقة على المستوى الرسمي والشعبي وإلى أشخاص يعيروا هذه القضية الاهتمام من خلال دراسة بداية المشكلة والتي أرى أنه بدأت منذ دعوة أمريكا للجهاد في أفغانستان وإرسال شبابنا هناك وعودتهم بعد نهاية الحرب بمسمى الأفغان العرب وكيف نمت مشكلتهم في مجتمعنا وكيف يتم الاحتواء وكيف نرجع هذه الفئة من شبابنا إلى مجتمعهم تحت راية قيادتهم وأن نعتبر بما حصل في الفترة الماضية بل كيف أن نحميهم من أصحاب الدعوات هنا وهناك فنحن نريد هذا الإرهابي أن يرجع لدينه الصحيح القائم على منهج الكتاب والسنة تحت راية قيادة هذا البلاد المباركة وولاة الأمر فيها يرجع إلى علماء وأصحاب الفتوى في هذا البلد لا نريد إرهابي يرجع كما رجع غيره عالة على المجتمع بالأمس يكفر واليوم يكفر لكن بأسلوب آخر قد عاد من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ليس له مصداقية ولا يقبل منه كلمة ونصيحتي لهؤلاء ومن تلطخت أيديهم بالدماء سابقاً ولا حقا أن يجتنبوا طريق الظهور والشهرة أو أن يقدموا للأمة منهجاً جديداً أو أن يريحوا ويستريحوا فالقبول لا شك ضعيف والحاجة إلى الوقفة مع النفس أولى وإن لم يستطيعوا أن يقولوا خيرا فليصمتوا.
التعليقات (0)