مذهب جديد صنعة العقل

في أحدث لقاء أورد الشيخ صالح المغامسي فكرة تراوده منذ زمن الا وهي صناعة مذهب فقهي جديد يكون متماشياً مع العصر ويقضي على روايات لا يصح نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

حديث الشيخ المغامسي ينسجم مع متطلب طالما اغفلته الأمة وتجاوزت ضرورته ذلك المتطلب يتمثل في المراجعات الفقهية التي إن حدثت ففي ذلك خيرُ للدين والدنيا، المراجعات الفقهية والاجتهاد الفقهي خيرُ للأمة التي ومنذ قرون تستمد ايمانها من روايات وآراء فقهية وجدت وولدت في ازمنة تختلف كلياً عن عصرها الذي تعيش فيه ، المذاهب الفقهية كغيرها من الاطروحات الفكرية والفلسفية تعد صناعة بشرية فهي جهد عقلي بشري يعتريها الصواب والخطأ ويعتريها النقص أيضاً، لدينا القرآن الكريم ولدينا أحاديث نبوية غير مشكوك في صحتها ولدينا أيضاً أحاديث منسوبة إلى النبي عليه الصلاة والسلام ولدينا أيضاً مجلدات فقهية ومذاهب ومدارس فقهية اعتمدت على النقل في كثيرٍ من اطروحاتها، كل ذلك ليس مانعاً من وجود جهد بشري فردي أو جماعي يعيد تشكيل الخارطة الفقهية وينتج مذهب فقهي جديد يأخذ في اعتباره متغيرات العصر والدقة والصواب في النقل والتدوين..

حديث الشيخ المغامسي قابله البعض بغضب فوسائل التواصل الاجتماعي وتطبيق الواتس يضج بالغضب والرفض وكأن الشيخ لا يحق له ذلك طالما يمتلك أدوات البحث والإبداع والملكة اللغوية والفكرية..

جميع المذاهب الفقهية صاغها فقهاء في ازمنة ماضية وتناقلتها المجتمعات فلم تولد بالصدفة بل بالاشتغال الدائم وتلك مرحلة تاريخية مرت على الأمة وجهد يستحق التقدير والاحترام، بقاء المجتمع أي مجتمع أسيراً لمدرسة فقهية معينة أو مشتتاً بين مذاهب وآراء فقهية متناثرة يعني اضطراب في الهوية وتخبط وانتقاءات ضررها اكبر من نفعها، وينسحب ذلك على الأمة ككل فالامة عبارة عن مجتمعات متنوعة متعددة يجب أن تكون تحت مذهب فقهي يقوم عليه فقهاء العصر وليس فقهاء بينهم وبين الأمة عدة قرون..

تؤثر الأديان في سلوك الأفراد ومسارات التنمية، اجتهادات الفقهاء تعني بشكلِ مبسط أنهم "الفقهاء" حاولوا معالجة قضايا عصرهم بما لديهم من ملكة وحسن قراءة لواقعهم الذي لم ولن يكون مكرراً، الفقه صناعة بشرية الغاية منه مواكبة متغيرات العصر ومراعاة احتياجات الأفراد الثقافية والتنموية والفكرية والاجتماعية بما لا يتعارض مع ثوابت الدين. 

نحنُ في أمس الحاجة إلى ترجمة رغبة الشيخ المغامسي على أرض الواقع فرغبته تنسجم مع روح الإسلام التي باتت في أمس الحاجة إلى إعادة قراءة التراث بعينِ فاحصة وإنتاج ما يوافق الزمان والمكان فذلك اجتهاد مطلوبُ ومرغوب.. .