لم يترك الكيان الصهيوني والغرب بلدا من البلدان العربية ألا وأرتكب فيها كما من الفضائع والجرائم ضد الأنسانية . المذابح الفرنسية في الجزائر وسوريا . المذابح البريطانية الأمريكية في العراق "ابو غريب وبوكا وساحة النسور " . مذابح الصهاينة في بيروت "صبرا وشاتيلا" . ومذابحها ضد الجنود المصريين الأسرى في 67 . وأخيرا وليس آخرا مذابحها في لبنان وغزة في حربي 2006 و2008 .
وهذا النوع من الجرائم لايسقط بالتقادم . ولكن الحكومات العربية اللتي وضعت بلدانها ومقدراتها بيد الولايات المتحدة "الباحة الخلفية للدولة العبرية القابعة في قلب الوطن العربي" لايمكن لها التمرد او التذمر من الجرائم المرتكبة ضد شعوبها .وكيف لها ان تتذمر من فعل تفعله هي عشرات المرات كل يوم ؟ .
ليس غريبا أن يكون الموقف الشعبي العربي متقدم بمراحل عن الموقف الرسمي في الحفاظ على المصالح والثوابت الوطنية . ولعدم الأستغراب هذا عدة أسباب أصبحت واضحة ولا تحتاج الى دليل أو شرح .
فمثلا وبعد عرض فيلم وثائقي اسرائيلي اثبت ان وحدة شكيد وبأعتراف قائدها بنيامين بن أليعازر وزير البنية التحتية قتلت بدم بارد 250 اسيرا مصريا بعد انتهاء حرب 67 ، لم تتحرك الحكومة المصرية مطلقا لإنصاف هؤلاء الشهداء، بل الاكثر من ذلك انها وقعت في اتفاقات «كامب ديفيد» على نصوص تمنع الملاحقات القضائية بين الجانبين.
ولم تتحرك الحكومة اللبنانية لمقاضاة المسؤولين عن جرائم صبرا وشاتيلا حتى بعد ان أكدت لجنة تحقيق دولية تشكلت عام 1982 للتحقيق في خروقات إسرائيل للقانون الدولي أثناء غزوها للبنان في تقريرها بأن إسرائيل تتحمل العبأ الأكبر من المسؤولية القانونية عن مذابح صبرا.
حيث استخلصت اللجنة آنذاك بناء على الحقائق المقدمة إليها أثناء التحقيقات التي أجرتها والشهود الذين استمعت إليهم أثناء الجولات التي قامت بها إلى كل من لبنان وإسرائيل والأردن وسوريا وبريطانيا والنرويج بأن إسرائيل ساهمت في التخطيط والتحضير للمذابح ولعبت دورا في تسهيل عمليات القتل من الناحية الفعلية .
كذلك لم تتحرك الحكومة العراقية "وهي المنتخبة شعبيا" ضد جرائم جنود الأحتلال ومرتزقة بلاك ووتر ضد الأبرياء في ساحة النسور وباقي مناطق العراق وحالات التعذيب في أبو غريب وغيرها من المعتقلات بعد ثبوت هذه الحالات في التحقيقات اللتي أجريت عنها .
وبعد الفرصة الذهبية اللتي وفرها تقرير غولدستون اللذي أثبت أرتكاب قادة الجيش الصهيوني لجرائم حرب بشعة في غزة . وجدنا حكومة أبو مازن تطلب سحب التقرير اولا ومن ثم عادت وبعد التهديد الشعبي لتوافق على نقل الملف الى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وتفويض وزير العدل للقيام بخطوات عملية لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة .
ألا أن االتحركات الشعبية العربية أثبتت وجود صحوة جماهيرية عربية في داخل الوطن العربي وخارجه في مسألة ملاحقة القتلة ومجرمي الحرب من المسؤولين في الحكومات العربية ومن المسؤولين والظباط في جيوش الأحتلال اللتي أستباحت دماء شعوبها.
فلقد كان رجال القانون اللبنانيين في مستوى الحدث عندما قاموا برفع دعوى قضائية ضد شارون أمام المحاكم البلجيكية نيابة عن ضحايا المذابح في صبرا وشاتيلا الذين مازالوا أحياء وعلى رأسهم السيدة سعاد سرور .
كما قام أهالي ضحايا مجزرة النسور في بغداد برفع قضايا عن طريق شركة (سوزان بيرك) للمحاماة الدفاع عن المتضررين ضد شركة "بلاكووتر" إلى محكمة الأمريكية . وهناك قضايا أخرى يستعد أهالي الضحايا رفعها ضد أفراد قوات الأحتلال الأمريكي للعراق .
وأن كانت هذه القضايا لازالت تنظر في المحاكم الأوربية والأمريكية بدون نتائج ملموسة حتى الآن ألا أن تحركات المنظمات العربية والأوربية اللتي يلتحق بعضويتها الكثير من المواطنين ذوي الأصول العربية بدأت تقطف ثمارها في هذه الأيام .
وهاهي التباشير تبدأ بمذكرة توقيف صدرت بحق المجرمة تسيفي ليفني من محكمة في لندن السبت الفائت صعقت لها حكومة الكيان الصهيوني . وكانت ليفني تشغل منصب وزيرة خارجية إسرائيل خلال الحرب التي شنتها على قطاع غزة الشتاء الماضي . وهذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها محكمة بريطانية مذكرة بحق وزيرة أو وزير سابق إسرائيلي.
وكانت جماعات مؤيدة للفلسطينيين قد حاولت عدة مرات تحقيق اعتقال مسؤولين إسرائيليين بموجب مبدأ العدالة الدولية. ويمكن هذا المبدأ حكومات الدول في أنحاء العالم محاكمة النمشتبه بارتكابهم جرائم حرب حتى إذا ما كانت الجرائم قد ارتكبت خارج ذلك البلد والمشتبه به لم يكن من مواطنيها . حسب تقرير جاء في البي بي سي .
وبالرغم من أن الأمر قد سحب بعد أصداره نظرا لأن ليفني اتخذت قرارا بألغاء زيارة لها الى لندن كانت تعتزم القيام بها في هذه الأيام بعد إبلاغها بمذكرة التوقيف بحقها . ألا أن مجرد نجاح المنظمات المدنية العربية وبالتعاون مع مثيلاتها الأوربية بأستخراج هكذا مذكرة يعتبر أنجازا غير مسبوق . وينم عن تطور كبيرا قد أصاب العقلية الشعبية العربية بأتجاه تكوين منظمات مجتمع مدني قادرة وفاعلة للتصدي للقضايا العربية الكبرى .
وأن كان أمامها طريقا طويلا لتغيير أوضاع الداخل والوصول الى اليوم اللذي تستطيع فيه من تقديم رموز وأركان الأنظمة الدكتاتورية اللتي ترتكب اشنع جرائم الأبادة في سجونها ومعتقلاتها كل يوم الى العدالة ، وهذا الأهم . لأن حينها سوف لن يجروء أجنبي على أرتكاب أي جريمة ضد أي مواطن عربي .
التعليقات (0)