مواضيع اليوم

مذكرة الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية إلى اللجنة الاستشارية لتعديل الدستور‎

شريف هزاع

2011-06-02 22:31:58

0

مذكرة الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية إلى اللجنة الاستشارية لتعديل الدستور‎ المغربي

 

الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه

 

الرباط في3 جمادى الأولى1432 الموافق ل7أبريل2011


إلى السيد رئيس اللجنة الاستشارية لتعديل الدستور

 

سلام تام بوجود مولانا الإمام

 

وبعد،

تتشرف الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية بأن ترفع إلى سيادتكم هذه المذكرة المبينة عن موقفها من الإصلاحات الدستورية التي شرفكم صاحب الجلالة، أمير المؤمنين محمد السادس حفظه الله، برئاسة لجنتها الاستشارية. والأمل الكبير يحدونا في أن تتجاوب مقررات لجنتكم مع مطامح الجمعية في الحفاظ على اللغة العربية كلغة رسمية للمملكة وضمانة لوحدة نسيجها الاجتماعي والسياسي، وتعبيرا عن عمق انتمائها الحضاري والتاريخي.

ديباجة:

 من الثابت أن للغة الضاد مكانة هامة داخل البناء النظري المنظم للإدارة المغربية، حيث زخرت وتزخر النصوص التشريعية بالعديد من الفصول والبنود المؤكدة على أهمية العربية باعتبارها لغة وحدة وهوية وتواصل على الصعيدين الشعبي والمؤسسات. إذ تقر الوثيقة الأساسية للمملكة المغربية (الدستور) ابتداء من الديباجة، أن لغة المغرب الرسمية هي العربية، كما أن العديد من المراسيم والمقررات التنظيمية قد منحتها وضع لغة التعامل الأولى داخل الإدارة المغربية، من ذلك على سبيل المثال: الرسالة الملكية للمشاركين في المنتدى العربي الخامس للتربية والتعليم المنعقد بالصخيرات في أبريل 2008م، ومنشور الوزير الأول 22/04/2008م، الملزم باستعمال العربية في الإدارات، واجتهادات بعض الوزراء (التجهيز، الداخلية، العدل...) ورؤساء الجماعات المحلية(وجدة، فاس...) والإدارات العمومية (السكك الحديدية...) بفرض العربية لغة للتواصل الإداري. زيادة على كل هذا نجد لها حضورا مميزا في جل أشكال التخاطب الإعلامي والسياسي، حيث تحظى بأهمية متوارثة في منابر الصحافة والإذاعة، دون أن نغفل وضعها في النقاشات السياسية، حيث ظلت النخبة الحزبية، تنادي بضرورة الاهتمام بلغة العرب باعتبارها لغة هوية وقومية، كما تحيل على ذلك أدبيات المكونات السياسية وخطاباتها المتتالية.

وقد متحت هذه الأطراف مرتكزاتها من التوزيع الوظيفي بين اللغات المختلفة المتعارف عليه داخل المجتمع المغربي منذ دخول العربية شمال إفريقيا. فقد لا نختلف كثيرا في القول بأن العربية دخلت المغرب مع الفتح الإسلامي، وإن كانت بعض الأطروحات القائلة بعروبة سكان المغرب الأولين، من حيث الأصول، ما زالت تجد راهنيتها وشرعيتها البحثية والعلمية. فمذ وجدت العربية في المغرب اختيرت لأداء ثلاث وظائف أساسية:

 

الوظيفة العقدية باعتبارها لغة الدين الإسلامي وبوابة المغاربة نحو دائرة الانتماء العربي والإسلامي. والأهم من ذلك أن العربية قد أعطت المغاربة القدرة على ولوج مراكز الريادة العلمية عالميا حتى غدا العلم الإسلامي في جزء كبير منه ينسب إليهم. فأسماء مثل الإدريسي وابن رشد والجزولي والسوسي وعلال الفاسي... وغيرهم تثبت القصد. واللائحة طويلة في هذا المقام.

 

الوظيفة الوحدوية باعتبارها شكلت المشترك اللسني بين المغاربة جميعا. فالاختلافات المحلية والجهوية بين أبناء الوطن الواحد في الماضي، وحين غياب آليات الاندماج الحديثة، كانت عقبة في التواصل ولم يتحقق إلا عبر الشكل الرسمي الذي شكلته العربية.

 

الوظيفة الرسمية باعتبار العربية، بحكم تاريخها العلمي والحضاري، لغة عالمة ووعاء لسنيا لحمل علوم الأقدمين، فاختيرت للتداول الإعلامي والرسمي حتى استقر في الوجدان المغربي أن التخاطب الهادف لا يكون إلا بالعربية.

 

فالجمهور المغربي لا يقبل التواصل معه بغير لغة الضاد كما أكد ذلك قياس جمهور التلفزيون "ماروك ميتري" وحسب أرقام جهاز مراقبة الروجان لسنة 2008، وحتى الذين يحاربون هذا الوضع المتميز للعربية، فإنهم لا يستطيعون أن يخاطبوا جمهورهم بغيرها. ولذا ،لم يكن الدستور المغربي في حاجة إلى التنصيص على وطنية العربية كما نجد في بعض الدساتير الأخرى كالدستور الموريتاني مثلا، بل أشر على رسميتها لضبط الهوية الاجتماعية للأمة.

 العربية والتعديلات الدستورية:

 إن حضور اللغة العربية في الدستور المغربي كلغة رسمية وتأكيد العديد من الفاعلين السياسيين على قانونيتها لم ينف عنها ما تتعرض له من حروب ومواجهات على جميع الأصعدة: إعلاميا واقتصاديا وإداريا وثقافيا. لذا، شكلت حمايتها مبدأ أساسيا للعديد من الهيئات والمؤسسات العامة والمدنية. ونظرا:

 1. للعربية كما تحيل عليها الرسالة الملكية للمشاركين في المنتدى العربي الخامس للتربية والتعليم المنعقد بالصخيرات في أبريل 2008، وحضورها الدائم في خطاباته واستعمالاته.

 2. ولكون العربية لغة الدين الإسلامي الذي يشكل المصدر الأساسي للتشريع المغربي وأهم عناصر التشكل الهوياتي والاجتماعي للمغاربة.

 3. ولكون العربية لغة التنمية والتقدم. فما فتئت المؤسسات الدولية والعربية والوطنية تصدر التقارير تلو الأخرى حول التنمية البشرية في العالم العربي مثل تقرير التنمية الإنسانية العربية الثاني (2003) وتقرير المعرفة العربي للعام 2009 "نحو تواصل معرفي منتج" التي تؤكد جميعها على الارتباط بين العربية كلغة تداول أساسية ومجتمع المعرفة المنشود.

 4. ولأن العربية عنوان الوحدة الوطنية والاجتماعية والسياسية. فقد عرف ويعرف المغرب نسيجا متميزا بالتعدد الإثني والهوياتي. وقد استطاع الحفاظ على وحدته انطلاقا من مقومات الوحدة التي صاغها مشروعها السياسي ممثلا في إمارة المؤمنين ومشروعه الديني ممثلا في العقيدة الإسلامية ومشروعه اللغوي ممثلا في العربية كلغة موحدة.

 5. ونظرا إلى أن حضور الدولة في الشأن اللغوي أمر ضروري لبناء نمط هوياتي موحد وتقديم استراتيجية التنميط والتنشئةُ على نفس القيم دفعاً للتناشز الفئوي المفضي إلى تفكيك الجماعة، وضبطاً للإيقاع الفردي الضامن لتماسك مكونات المجتمع، كما يتجلى في تدخلات الساسة الغربيين في بناء منظوماتهم اللغوية اعتقادا منهم بالتماهي بين اللغوي والسياسي، ومثال ذلك الولايات المتحدة الأمريكية حيث اجتمع من الأجناس والأعراق ما لم يكن يسمح بأي تواؤم ثقافي، لكن الرابطة اللغوية في إطار اللغة الإنجليزية قد جسمت هذه الهوية القومية المبحوث عنها. وفي الصين كان أول قرار بعد نجاح ماوتسي تونغ سنة 1949 هو توحيد اللغة تحت لواء الخانية (لغة بيكين) والتخلي عن الإنجليزية واللهجات المحلية. وفي فرنسا قال ديغول: "لقد صنعت لنا اللغة الفرنسية ما لم تصنعه الجيوش".

 لهذه الاعتبارات نعتقد أن إبلاء العربية المكانة التي تستحقها من تقدير واحترام ينبغي أن يتم من خلال الإجراءات التالية:

 1. تفعيل رسمية اللغة العربية الدستورية، بما يكفل فعلا وضعها الرسمي، ودورها الوظيفي الموحد، وعدم منازعة اللغات الأجنبية لها في وظائفها.

 2. التنصيص دستوريا على أكاديمية محمد السادس للغة العربية، باعتبارها مؤسسة تخطيط لتنمية هذه اللغة، وجودة تعليمها والتقرير في شؤونها، والنهوض بفرص العمل بها.

 3 .تجريم العداء للغة العربية وبخسها بما يضمن قيام بيئة لغوية سليمة تتماشى ومقتضيات الدستور اللغوية.

 4. التنصيص دستوريا على عدم تعارض قوانين البلاد مع المبدأ الدستوري المؤكد أن المملكة المغربية لغتها الرسمية هي العربية.

 إن من شأن هذه الإجراءات الحفاظ على هوية الوطن وانتمائه الحضاري وتماسكه الاجتماعي حتى نضمن لمؤسسات بلادنا الدستورية مناعة وقوة وفعالية، وحتى يتم هذا التعديل في توافق تام مع جميع مكونات الشعب المغربي.

ونسأل الله لكم التوفيق والسداد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات