الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء حسم الحرب المشتعله بين عدد من رجال الأعمال المصريين ووزارة الكهرباء بسبب أرض المفاعل النووي بالضبعة لصالحة، وآستطاع أن يحصل على تقرير أعدته البعثة الأثرية النمساوية لأرض المشروع قبل خمس سنوات تقريبا وذكرت فيه أن الأرض مطمع لرجال الأعمال لما تحتويه فى باطنها من كنوز أثرية يعلم رجال الأعمال المصريين بوجودها وقاموا خلال العشر سنوات الماضية بنبش مساحات كبيرة جدا من هذه الآثار، وتسبب هذا التقرير الذي رفعه الوزير إلى الرئيس مبارك أول شهر يونيو الماضي فى كشف حقيقة تمسك رجال الأعمال وعلى رأسهم محمود الجمال صهر جمال مبارك أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني ونجل الرئيس، بهذه الأرض التى تحوي كنوزا أثرية تقدر بملايين الدولارات، كما كشف التقرير للرئيس مبارك حقيقة هؤلاء الرجال الذين كانوا يدعون بأنهم متمسكين بالأرض لحرصهم على تنمية السياحة ودفع عجلة التنمية، وفى النهاية أصدر الرئيس مبارك قرارا جمهوريا أول أغسطس الماضي بتخصيص أرض الضبعة لإقامة أول مفاعل نووي سلمي مصري.
ويشرح تقرير البعثة النمساوية فى مقدمته طبيعة أرض الضبعة من الناحية الجغرافية والتاريخية مشيرا إلى أن الضبعة هي مركز يتبع إداريا محافظة مطروح شمال غرب مصر، و يبلغ عدد سكان الضبعة حوالي 34369 نسمة وتقع جنوب الضبعة مدينة "سواني ساملوس" التاريخية، وتبعد 25 كيلومتر عن الضبعة المدينة الحديثة، والضبعة إداريا تبدأ من قرية "غزالة" شرقا حتى "فوكة" غربا و مساحتها الإجمالية تبلغ 60 كيلو على الساحل و توجد بها منشآت تعليمية مختلفة، و يمر بها خط سكك حديدية كما تبعد عن الطريق الدولي مسافة 2 كيلومتر.
وفى عام 2004 أعلنت الحكومة المصرية ان مدينة الضبعة هى أنسب المواقع لإقامة المشروع النووي الجديد، وبعدها مباشرة قام وزير السياحة المصري برفقة محافظ مطروح و وفد اجنبى بزيارة مدينة الضبعة، وصرح بعد الزيارة بانه سوف يتم تحويل المدينة إلى قرى سياحية، وقضى ذلك التصريح على كل الآمال المتعلقة بالمفاعل النووي في المنطقة، واستمرت الحروب بين وزارة الكهرباء ورجال الأعمال المصريين إلى أن تمكن وزير الكهرباء من الوصول إلى تقرير البعثة الآثرية النمساوية ورفعه إلى الرئيس مبارك لتنتهى الحروب الدائرة على أرض الضبعة لصالح وزارة الكهرباء.
أما عن محتوى تقرير البعثة النمساوية فقد حمل معلومات دقيقة ومهمة عن تاريخ المدينة وما تحتويه تربتها من آثار قيمه، حيث أشارت " ايريني فوستنر " رئيسة البعثة فى تقريرها إلى وجود آثار لبيوت وجدران وفنارات وصهاريج تعود إلي العصرين اليوناني والروماني، وجود تلال مغطاة بالفخار ومعاصر النبيذ وعدد من المنازل الأثرية والتى ترجع لعهد الملك رمسيس الثاني، بالإضافة إلى تاريخ شيزمان عندما زار يبرين عام 1925 قد مر على مشاش عويقل وذكر أن قربه بقايا قصر قديم مع صورته ولم يضف على ذلك أي شي، والموقع يقع شمال يبرين بحوالي 30كم في منطقة منخفضة بين حزوم تشبه تكوينات الصومال.. بالإضافة إلى وجود بقايا القصر او الحصن تبدو موغلة في القدم وليس كما توقعت رئيسة البعثة أنه من القصور الحديثة التي بنيت أيام استقرار البدو .. والقصر أو الحصن لم يبق منه إلا بعض الأساسات وهو مبني من الطوب اللبن المتقن والقوي والجدران عريضه جداً وهو على أكمة مرتفعة تطل على روضة مقحطة لا يبدوا بها آثار زراعة أو عمران ماعدا ركامين اثنين يبدوا أنهما مدافن.
كما عثرت البعثة على قطع أثرية مهمة تؤرخ لعصر بالكامل كان أهمها بقايا طابعة ختم من الطين المحروق محفور عليها بالكتابة المسمارية تعود للعصر البابلى القديم، بمنطقة تل الضبعة على بعد 120 كيلومتراً شمال شرق القاهرة ويمكن أن يعود تاريخها للعصر البابلى القديم، خاصة فترة حكم الملك حمورابى (1792-1750 قبل الميلاد) ".. وهذا الختم هو الثانى من نوعه، حيث عثرت البعثة فى العام الماضى على ختم مشابه داخل قصر الملك خايان ملك الهكسوس (1653 - 1614 قبل الميلاد)، والذى يرجع للعصر البابلى المتأخر ".
وأضافت فوستنر ان "الحفائر التي قامت بها البعثة في تل الضبعة منذ عام 2006 اسفرت عن اكتشاف قصر يعود إلى منتصف عصر الهكسوس (1664-1565 قبل الميلاد) عثر بداخله على العديد من الاختام لاحد ملوك الهكسوس البارزين ومنزل قديم قائم بذاته يتكون من جانبين مع حجرات عديدة وافنية ملحقة الى شماله وشرقه.. كما عثرت البعثة أيضا على العديد من الحفرات التي تضم مجموعة من الكؤوس وحوامل دائرية الشكل وعظام حيوانات.. انه "ولاول مرة منذ اكثر من 40 عاما من العمل في تل الضبعة اسفرت الحفائر عن اكتشاف بقايا مبنى يعود الى عصر الاسرة الخامسة عشرة (1664-1565 قبل الميلاد) وهو يتكون من حجرات عديدة وافنية وبه غرف متنوعة ربما استخدمت لاغراض إدارية.
وفى ختام التقرير اكدت رئيسة البعثة النمساوية أن منطقة الضبعة وآمتدادها بدأ من مدينة برج العرب شرقا وحتى مرسى مطروح غربا تحوي فى باطنها أسرارا تاريخية مهمة جدا ولا تقدر بأي ثمن، لذلك يجب حمايتها والتنقيب عنها بشكل علمي عن طريق الدولة لحمايتها من رجال الأعمال الذين لا يهمهم إلا بيعها لتجار الآثار حول العالم بغض النظر عن القيمة التاريخية والتأريخية.
واوصت فوسنتر بأن يتم التنقيب عن الآثار فى منطقة المفاعل النووي فى حالة استقرار الإختيار على هذه الأرض المشار إليها، فى نفس وقت إقامة المفاعل، حيث لا يتعارض العمل فى التنقيب مع إقامة مشروع المفاعل نهائيا.
أكد مصدر أنه من المنتظر أن يوكل الرئيس مبارك خلال أيام أمر التنقيب عن الآثار فى منطقة الساحل الشمالى للدكتور زاهى حواس رئيس المجلس الأعلى للآثار لآتخاذ اللازم والتنسيق مع البعثة النمساوية لإنجاز العمل كما ينبغي تحت إشراف وزارة الكهرباء فيما يخص أرض المفاعل النووي.
التعليقات (0)