مواضيع اليوم

مذبحه القلعه

مجدي المصري

2010-10-29 18:48:57

0

مذبحه القلعه ..
أجمل ما في التاريخ هو سرد التاريخ وحب الناس لسماع السرد التاريخي والتاريخ حافل بالأحداث والتي هي تصنع التاريخ وتصبح علامات فارقه بين أسفار التاريخ ومن أشهر الأحداث التي مر بها تاريخ مصر الحديث الذي صنعه محمد علي حادثه "مذبحه القلعه" ..
ولكن مذبحه القلعه هل كانت وليده الصدفه أو اللحظه ..؟
أو أنها كانت مخططا لها سلفا ..؟
أو أن محمد علي دُفع دفعا لها ..؟
ولمذبحه القلعه تاريخ وقصه وروايه تبدأ برحيل وجلاء الجنود "الفرنسيس" عن أرض المحروسه في العام 1801 وما أعقب هذا الجلاء من فوضي عارمه إجتاحت البلاد والتي كانت تمتلئ بمراكز قوي من المماليك والذين كانوا أثري أثرياء مصر وأصحاب الأبعاديات وحكام أقاليمها وبالرغم من كثرتهم الا أنهم لم يتوحدوا وإنما كان لكل واحد منهم مطمعا في حكم البلاد خاصا به وعدم ثقه بالآخرين ..
سعي بعضهم الي الإنجليز ليمكنوه من حكم مصر وكان للبعض الآخر ميليشيات تخريبيه لنهب أملاك الناس وإحداث حاله من عدم الإستقرار والرعب والهلع بين الآمنين وسعي البعض لإحداث تحالفات مع بعضهم بهدف تكوين قوي ضاغطه وسعي البعض الباقي للتآمر علي الباقين ..
وأمام هذا الخضم المملوكي العارم والذي أفسد البلاد تجمع العلماء والمشايخ والتجار فيما سمي بالقوي الوطنيه في تجمع وطني يهدف الي إقاله البلاد من عثرتها والنهوض بها من جديد ورأت القوي الوطنيه مجتمعه أن البلاد بحاجه الي رجل قوي يستطيع أن يمسك بزمامها ويقيلها من عثرتها ويقضي بيد من حديد علي المؤامرات والفتن التي كادت أن تعصف بالبلاد والعباد ووجدوا ضالتهم في قائد الكتبيه الألبانيه التي جائت لمساعده المصريين في مواجهه الفرنسيس وهو الضابط محمد علي الألباني الذي تقرب من المصريين وعاش بينهم ولم تهدأ القوي الوطنيه حتي أجبرت الباب العالي علي إصدار فرمان بتوليه "محمد علي" علي مصر في العام 1805 بل وأيضا قاموا بجمع التبرعات لدفع مرتبات جنوده ونفقاتهم ..
لم يكن أمام محمد علي سوي قبول التحدي الذي فرضه موقعه كوالي علي مصر وكان أول التحديات هو الحمله البريطانيه الأولي علي مصر في العام 1807 والتي نزلت في رشيد إستجابه لطلب المماليك المتحالفين مع الإنجليز لتمكينهم من حكم مصر ونجح محمد علي في قياد الشعب المصري ودحر الإنجليز وردهم علي أعقابهم ..
ولكن ظلت الأمور ما بين الكر والفر من المماليك يطاردهم تاره ويرسل لهم التجريده تلو الأخري تتعقبهم في الصعيد وتاره أخري يعطيهم الأمان بعد أن يطلبوا الصفح وفي هذه الأثناء كان لدي محمد علي حلم عظيم ومشروع رائع لمصر كان يثق بأن مصر أحق وأولي بأن تقود محيطها العربي من العثمانيين ولكن بالحداثه وليس بالخلافه فعمد الي تحديث مصر تحديثا شاملا في كل المجالات ولكن كان المعوق الأول لمشروعه هذا هو المماليك الذين كانوا لا يألون جهدا ولا يوقفون سعيا للوصول الي حكم مصر بإعتبار أنهم كانوا حكامها في السابق وهم أولي بحكمها وعندما بدءوا في محاولات الإلتفاف حول المشايخ والقوي الوطنيه لضرب مشروع محمد علي الحداثي بإعتبار أن ما يقوم به هو بدع ليست من الإسلام إستشعر محمد علي بمدي خطوره رجال الدين وتأثيرهم في العوام فقلص نفوذهم تماما وفصل بينهم وبين السياسه وقام بنفي عمر مكرم خارج القاهره وحرم عليه دخولها فهدأت الأمور بعض الشيئ وتمكن من إمساك زمام الأمور ثانيا ولم يعد أمامه معوقات لمشروعه النهضوي الحداثي سوي المماليك أنفسهم ..
في هذه الأثناء إندلعت الثوره الوهابيه في نجد والحجاز وكانت كالنار في الهشيم لم تستطع القوات العثمانيه الموجوده هناك شيئا حيالها ومنيت بالهزائم المتتاليه فسارع السلطان العثماني بالإستنجاد بمحمد علي لقمع تلك الثوره ..
رأي محمد علي أن خروج الجيش المصري الي الحجاز سوف يترك فراغا أمنيا يمكن أن يستغله المماليك وينقضوا علي الحكم فكان قراره بالقضاء علي المماليك قبل خروج الجيش الي الحجاز
فعمد الي فكره وجوب التخلص من المماليك قبل رحيل الجيش ..
وللحق "المذبحه" هي ليست فكرته وإنما هي فكره عثمانيه سبق أن قام بها العثمانيون قبل عده سنوات وأيضا للمماليك في الإسكندريه في العام 1801 بعد جلاء الفرنسيس حيث دعوا المماليك الي وليمه في سفينه القياده العثمانيه الراسيه في خليج أبوقير وبدأت المذبحه لولا تدخل الإنجليز أصدقائهم لكان قد تم القضاء عليهم ..
المذبحه ..
أرسل محمد علي المنادين والدعوات الي كبار رجال الدوله وجميع الأمراء والبكوات والأعيان و البكاوات المماليك لحضور الإحتفال العظيم بالقلعه بمناسبه خروج الجيش المصري بقياده إبنه الأمير طوسون الي الحجاز ولبي الجميع الدعوه وقابلهم محمد علي بحفاوه وكرم بالغ حتي إطمأنت نفوسهم ثم دعا الجميع الي "بروتوكول" وداع الجيش حال خروجه من القلعه في موكب رهيب وكان يتقدم الموكب مجموعة من الفرسان في الطليعه و بعدهم كان والي الشرطة ومحافظ المدينة ثم كوكبه من الجنود الأرناؤوط ثم المماليك ومن بعدهم مجموعة أخرى من الجنود الأرناؤوط وثم يليهم كبار المدعوين ورجال الدولة .. وعندما إجتاز باب العزب "أحد أبواب القلعه" طليعة الموكب ووالي الشرطة والمحافظ أُغلق الباب فجأة من الخارج في وجه المماليك ومن ورائهم الجنود الأرناؤوط وسرعان ما تحول الجنود بسرعة عن الطريق وتسلقوا الصخور على الجانبين وراحوا يمطرون المماليك بوابل من طلقات الرصاص والذين تفاجأوا وساد بينهم الهرج والفوضى وحاولوا الفرار ولكن كانت بنادق الأرناؤوط تحصدهم وتذريهم في كل مكان ولم ينجوا منهم سوي قله ذبحت بوحشيه ..
وإمتلأ فناء القلعة بجثث الأربعمائة والسبعين مملوكا الذين دخلوا القلعة في صبيحة ذلك اليوم ونجا واحد فقط منهم يسمى "أمين بك" كان في مؤخرة الصفوف وقفز بجواده من فوق سور القلعة وهرب بعد ذلك إلى الشام ..
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل هاجم الجنود الأرناؤوط باقي المماليك الذين لم يحضروا الإحتفال هم وأتباعهم وقتلوهم ونهبوا بيوتهم وإغتصبوا نسائهم وإستمر القتل والسلب والنهب في القاهره ثلاثه أيام وعمت الفوضي والرعب القاهره حتي نزل محمد علي وسيطر علي جنوده وأعاد الإنضباط الي شوارع القاهره ..
وهكذا تفرغ محمد علي تماما لمشروعه الحداثي وإستطاع تحويل مصر الي قوه عظمي يخشي جانبها من كل دول العالم ولكن …
هل كانت الثوره الوهابيه هي السبب لقيام محمد علي بمذبحه القلعه ..؟
هذا ما سيكون حديثنا القادم مع الثوره الوهابيه وقمعها وباقي الأحداث …
مجدي المصري




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات