مواضيع اليوم

مدينة نخل التاريخ والمكان

hassan ghrib

2014-05-23 20:54:15

0

 

نخل التاريخ والمكان

 


درب الحاج المصري في سيناء "دراسة تاريخية آثارية معمارية" سامي صالح عبد المالك
باحث تاريخ وآثار سيناء، رئيس البعثة الآثارية على درب الحاج المصري .ِ
نخل ..التاريخ والمكان ..قبيلة النخلاوية
نخل " البرج، القلعة، الخان"
هي مَنهِل من المَناهِل الكبرى على درب الحاج المصري، ومركز من مراكز البريد ما بين القاهرة وبلاد الحجاز حيث الحرمين الشريفين بمكة المشرفة والمدينة النبوية، وتعتبر المنهل الثاني مما يلي عَجْرُود بعد الخروج من بِرْكَةُ الحَاج حيث يتم الوصول إليها في اليوم السادس من البركة واليوم الثالث من عجْرُود، كما أنها المنهل الثالث على هذا الدرب إذا أخذنا في الاعتبار منهل بركة الحاج أولها وعجرود ثانيها ونخل ثالثها، بل إنها أهم وأكبر منهل على درب الحاج المصري داخل صحراء "برية أو تيه" شبه جزيرة سيناء، كما أنها نُقطة تلاقي عدة دُروب منها : درب الشام المشهور في المصادر التاريخية والجغرافية بطريق صَدْر وأيْلة "صلاح الدين الحربي بوسط سيناء" الذي يسايره في أجزاء كبيرة منه مسار درب الحاج المصري وذلك في أغلب منازله ومناهله داخل شبه جزيرة سيناء، وطريق الحجاج المسيحيين من غزة إلى دير سانت كاترين والعودة؛ ولهذا لقيت نخْل عناية كبيرة بعمارتها منذ فترة غير قريبة لكونها منهلاً على درب الحَاج المصري منذ الفترات التاريخية المتعاقبة مروراً بالعصر المملوكي عصر ازدهار الدرب بصفة عامة ونخْل بصفة خاصة بداية من عهد السلطان الظاهر بيبرس البندقداري مروراً بعهد الناصر محمد بن قلاوون وصولاً إلى الأشرف قانصوه الغوري صاحب أول منشأة غير مائية بنخل جاء ذكرها في المصادر التاريخية المعاصرة وهو البُرْج، ثم توسعة هذا البُرْج عن طريق مضاعفة مساحته عما كانت عليه في عهد الغوري وذلك في العصر العثماني زمن السلطان سليمان القانوني وأصبح قلعة كما سنرى في موضعه.
كما أن نخل كانت مكان لمبيت قافلة الحاج، وبها يُعقد سوق ضخم على غرار ما يحدث ببركة الحاج وعجرود والعقبة وبقية المناهل على طول درب الحاج المصري، فكان يُؤتى إليه من مصر وبلاد الشام وغزة وقطيا بجميع الأصناف لتتزود منه قافلة الحاج باحتياجاتها سواء في رحلة الذهاب أو العودة من الحج.
نخل الاسم ومعناه
لقد اختلف الجغرافيون والمؤرخون والباحثون في أصل تسيمة نَخْل، وهو السبب الذي جعلني أحاول أن أوضح تطوره وتفيسره بعيداً عن بعض الآراء التي نحت منحى بعيداً، خاصةً وأن المصادر المختلفة سواء الجغرافية أو الرحلات لم تغفل ذلك بل أمدتنا بشيء منه.
فتُعتبر أقدم الإشارات التاريخية إلى ذكر نخل ـ على حد علمي ـ ما جاء في شعر كثير عزَّة (ت 105 هـ723 / م) عندما مر بها وهو في طريقه من الديار الحجازية إلى مصر فقال بذكر نخْل:
وكَيْفَ يَنَالُ الحاجبيَّة آلِفُ بِيَلْيَلَ مَمْسَاهُ وَقَدْ جَاوَزَتْ نَخْلاَ.
وعُرف هذا الاسم خلال القرنين 4-3 هـ/10-9م عند الحربي أو القاضي ابن وكيع بأنه أحد المنازل على طريق مصر من الفسطاط إلى المدينة وذلك على النحو التالي : "من عجرود إلى القلزم، ومن القلزم إلى الكرسي، منها إلى الحفر، ومنها إلى نخل، ومنها إلى أيلة".وبالرغم من معرفة الاسم إلا أنني أرى أنه لا ينطبق على موقع وموضع نَخْل الحالي، وربما ما يأتي ذكره على نحو ما سنرى عند النابلسي في رحلته يؤيد هذا الاجتهاد من تبادل الأسماء ما بين القُريْص ونَخْلَ، ولكن الذي يهمنا هنا في هذا الموضع أن اسم نَخْل كان معروفاً في تلك الفترة.
كما ذُكرت نَخْل عندما مر بها الشاعر العباسي الشهير أبو الطيب المُتنبي 303) ـ340 /956-915هـ (عند هروبه من حاكم مصر كافور الإخشيدي، وذلك في 12 ذي الحجة سنة 350 هـ/ 22 يناير 962م.حيث ذكرها المُتنبي في شطر بيت من أبيات القصيدة التي نظمها في طريق هروبه وذلك تحت مسمى نَخْل وذلك بقوله :
فَمَرَّتْ بِنَخْلٍ وَفِــي رَكْبِهَــا عَـنِ الْـــعَالمـــيْنِ وَعَـــنْــهُ غِــنَــى
وخلال القرن 5 هـ/11م نجد الإشارة إلى نخْل بشيء من التحريف مع عدم إغفال الإسم الصحيح، إذ يُشير إليها أبو عُبيْدِ البكرىُّ تحت اسم : بطن نَخْر ولكن لم يغفل ذكر نَخْل بقوله : بطن نَخْر، وهي منْهَل من مناهل الحاج، قرية ليس بها نخيل ولا شجر، يسكنها نفر من الناس، ويقال له أيضاً بطن نخل باللام آخر الحروف بدل الراء لسوافي تسفي على الناس فيه تراباً رقيقاً كأنما نُخل بمنخل". فقد جاء عند ابن منظور قوله في ذلك : نَخَل الشيء صَفَّاه واختارَه،.. والنَّخل تنخيلك الدقيق بالمنخل لتعزل نخالته عن لبابه، ونَخْلُ الدقيقِ، غَرْبَلَتُهُ، ...ونَخْلُ ماءٌ معروف؛ وتفسير أبى عُبَيْدٍ البكري أقرب إلى الصواب لملاءمته لطبيعة مناخ نَخْل وجُغرافيتها حتى يومنا هذا.
 
وخلال القرن 6 هـ12/م كانت نخل من منازل الطريق الواصل ما بين مصر وبلاد الشام والمعروف في المصادر التاريخية باسم طريق صدْرَ وأيْلَة، فقد استطعت التعرف على قصيدة من نظم عماد الدين الأصفهاني (ت 597هـ/1200م)، ونقلها عنه أبو شامة، حيث وردت عدة أبيات منها في حوادث سنة 576هـ/1181م، وقد نظمها الأصفهاني وهو في طريقه من دمشق إلى القاهرة بمرافقة صلاح الدين الأيوبي ونقلها عنه أبو شامة، إذ يذكر ذلك بقوله : " قال العماد : ووصلنا إلى القاهرة على طريق أيلة ثالث شعبان، واستقبلنا أهلها ولقينا الأكابر والأعيان والملك العادل أخو السلطان حينئذ هو نائبه وتلقينا موكبه ومواهبه وخدمته بقصيدة ذكرت فيها المنازل والمناهل من يوم الرحيل من دمشق إلى الوصول بالقاهرة، منها :
وردنا من الزيتون حسمى وأيلة
إلى قلتة الراعـي إلى نابــع إلــى
وجزنا عَقَابْا كان مسلكها وعـراً
جراول فالنخل الذي لم يزل قفراً.
ويستمر هذا الاسم بعد ذلك فيذكرها ياقوت الحموي خلال القرن 6هـ12/م بأنها على طريق الشام من ناحية مصر بقوله : " نخل بالفتح ثم السكون، اسم جنس النخلة، موضع في طريق الشام من ناحية مصر ذكره المتنبي، وياقوت الحموي عند ذكره لها بأنها موضع في طريق الشام من ناحية مصر، يقصد في طريق الشام عبر درب الحَاجّ الذي كان يسلك لبعض الوقت زمن الحروب الصليبية، ومنه يتجه المسافر إلى الشام، بعد المرور على مدينة أيّلَة" العقبةُ حالياً" وبعدها مروراً بقلعة الكرك.
وقد فسر ياقوت الحموي هذا الاسم على أنه من اسم جنس النَخْلة، ويصبح هذا التفسير غير منطقي بعد أن تأكدنا أن نَخْل كان لا يوجد بها نَخْلَ أو شجر منذ زمنٍ بعيد، فيذكر أبو عُبَيْدٍ البكريُّ ذلك بقوله : "وبطن نَخْر قرية ليس بها نَخَل ولا شجر". وذكرها كبريت خلال القرن 11 هـ/17م بقوله : "ووادي النخل، لا نخل فيهن ولأنه لا يخلو من السافي الناعم الذي كأنه منخول".
ويذكرها العماد الأصفهاني من ضمن المنازل والمناهل على الطريق من دمشق إلى القاهرة على أنها لم تزل صحراء لايوجد فيها أي شيء وذلك بقوله: النَخْل لم يزل قفراً " . كما يعترض على هذا التفسير نعوم شقير بقوله : " أنه لم يسمع في تاريخه أنه كان فيها نَخَل قبل سنة 1906م".
وخلال القرن 8 هـ14/م جاء ذكر نَخْل في قصيدة نظمها بدر الدين بن الجماعة ، ربما وهو في طريقه لأداء فريضة الحج، عندما توجه للحج مع السلطان الناصر محمد بن قلاوون سنة 719هـ/1320م، وذكر نَخْل بفتح النون والخاء بقوله:
وَلَمَّا رَأت وادي الْقُبَابِ تَبَادَرَتْ
وَفِي نَخَلٍ أَمْسَتْ وَطَابَ مَسَاهَا
وَجَاء ذكر نَخْل في أرجوزة بأسماء منازل درب الحَاجْ المصري وذلك بفتح النون والخاء وسكون اللام وذلك على النحو التالي :
فَسِرْ بـأرَض من التّيــهِ سَيْـراَ مُعْتَـدلَ
تَشرب للماءِ الزُّلال مِنْ نَخَلْ.
وكانت خلال القرن 10 هـ/16م عند الجزيري بنون مفتوحة بعدها خاء مُعجمة مكسورة بقوله : "بنون مفتوحة بعد خاء مُعجمة مكسورة".
وخلال القرن 12/18م يذكرها النابلسي بقوله : " قلعة نَخَل بفتح الخاء المعجمة، وبعضهم يقولها بالسكون".
وذكرها كبريت خلال القرن 11 هـ/17م بقوله : " قلعة نَخِر بفتح النون وكسر الخاء المعجمة بعدها راء، كأنه مأخوذ من قولهم ما بالدار ناخر أي أحد، أو من العظام النخرة إذا دخل فيها الرياح لكثرة تهابها، ووادي النخل لانخل فيه، ولأنه لا يخلو من السافي الناعم الذي كأنه منخول". وهو رأي شامل مانع من حيث تفسير أسماء نَخْل.
وفي نهاية القرن 13 هـ/19م جعلها محمد بك صادق بكسر النون والخاء " "نِخِل"، كما أنه حاول تفسير الاسم نفسه بقوله : بالقرب من الجهة الشرقية القبلية للقلعة مقام يسمى الشيخ النخل باسمه سُميت البقعة والقلعة"، ولكن نرى أن الصواب هنا قد جانب محمد صادق الذي لم يكن موفقاً في تحديد اسم نَخْل بالشيخ المدفون هناك، لأن نَخْل معروفه بهذا الاسم منذ بداية القرن الثاني الهجري/الثامن الميلادي على أقل تقدير حسب ما هو مؤكد إن لم تكن قبل ذلك والعكس صحيح وهو أن الشيخ المذكور هو الذي نُسب إلى نَخْل.
ويمكن القول أن نَخْل عُرفت منذ القرون الإسلامية الأولى باسم: نَخْل"، دون تحريف أو تصحيف، ثم يرد لها اسم فيه بعض التحريف وهو:
"بطن نَخْر"، إذ حُرفت اللام إلى راء فعُرفت بهذا الاسم عند أبي عُبَيْد البكريّ مع تأكيده على معرفتها باسم : " بطن نَخْل أو نَخْل"، وهي بفتح أولها وسكون ثانيها، وعند البعض الآخر بفتح أولها وثانيها أو بفتح أولها وكسر ثانيها، وأعتقد أن ضبط الاسم بفتح أوله وسكون ثانية أو فتح ثانية هو الأقرب لتسمية نَخْل. وقد ذُكر تفسير اسم نخل عند أبي عُبيْدِ البكريُّ وياقوت الحموي، وتفسير البكريُّ أقرب للواقع من تفسير الحموي.
وقد نُعتت نخْل عبر العصور التاريخية المتعاقبة بعدة صفات مختلفة مضافة إلى اسمها منها : بئر ووادي، وبطن وذلك على المنطقة كلها، وخان.
وقلعة وحصن " وحصار أحياناً بمعني قلعة في اللغة التركية القديمة " وذلك منذ النصف الثاني من القرن 11 هـ/17م بداية القرن 12 هـ/18م، ومَنْهل، ومنزلة، وقَصْبَة، وبَنْدَرُ والأخيرتين جاءت في بعض المواضع خاصة عند الرحالة المغاربة الذين يطلقون عليها هذا الاسم وأحياناً يذكرونها تحت اسـم النُّهيْـل لا نخل، وقرية، وأخيراً مدينة نخل في وقتنا الحاضر، وذلك على المنطقة التي تشغلها القلعة وما حولها من امتداد المدينة العمراني في وقتنا الحاضر، وتُعتبر نخْل قاعدة وعاصمة مجلس مركز مدينة نخل بوسط شبه جزيرة سيناء التابع لمحافظة شمال سيناء، أما تسمية نَخْل بالقلعة هي الصفة التي غلبت عليها حتى في أكثر المواضع عند الرحالة والمؤرخين خلال العصور التاريخية القديمة فيما قبل العصر الحديث.
نخل الموقع والموضع والوسطية
أما عن تحديد موضع نخْل فخلال القرن 3 هـ/9م كانت عند المتنبي أثناء هروبه من مصر عبر هذا الدرب في المسافة ما بين الرينة والنقاب"، وعند الجغرافيين المسلمين الأوائل خلال القرنين 4-3 هـ/10-9م في المسافة ما بين الذنبه " الرينه" والحفر، ويتناسب عندهم موضع نَخْل مع الكرسي، ونرجح هنا أن الكرسي هي نَخْل وليست القُرَّيْص، كما ذهبت بعض الدراسات الحديثة، وذلك بسبب توسط موضع الكرسي بالنسبة لعَجرود وأيلة : العقبة"، وهما اللذان ليس عليهما اختلاف، ونخل ذات موضع وسطي بينهما، ويرجح ذلك أيضاً ما جاء بوصف الحسن المهلبي للكرسي بقوله : " بها ماء يُعرُف بالكُرسي فيه بئر رواء"، وأعتقد أن حفر آبار بنخل أقدم من القُرَّيْص، لوجود استيطان بها يرجع إلى الفترة الإسلامية المبكرة وربما قبل ذلك منذ العصر البيزنطي، وهو ما أكدته الحفائر الآثارية التي قمت بها بالموقع ـ سَتُذْكَر نتائج هذه الحفائر في مواضعها ـ على عكس حفائر القُرَّيْص فهي حتى الآن لم تضف جديداً لما هو معروف عن ازدهارها العمراني في العصر المملوكي، كما أن نخل كانت على طريق سانت كاترين منذ العصر البيزنطي، وإن كان هذا لم يمنع أيضاً من استخدام وادي القُرَّيْص للمرور من الشمال إلى الجنوب للوصول إلى هضبة العجمة ودير سانت كاترين، ويؤيد ويؤكد اقتراح تبادل المواضع ما جاء عند النابُلسي عند مروره بالقُرَّيْص ووصفه له بقوله : " كان هذا المكان يُسمى أولاً بنَخَل إلى أن بُنيت القلعة التي في نَخَل مكانها فسميت بذلك وسُمي هذا المكان باسم القُرَّيْص".
وبناء عليه فإن ما جاء من تفسير وتحديد موضع القُرَّيْص عند كل من عباس عمار وتاماري"Sh, Tamariس يتفق مع الوضع القائم بعد القرن 4 هـ/10م وليس قبل ذلك على أي حال من الأحوال، ولايمكن أن يكون قبل ذلك للأسباب التي سقناها.
وقد تحدد موقع نخل خلال القرن 5 هـ/11م عند أي عُبيد البكري وذلك في المسافة ما بين أيلة وقبر أبي حميد " القباب" ، أما خلال العصر الأيوبي خاصة أيام صلاح الدين الأيوبي في القرن 6هـ/12م، فكانت على طريقة المعروف في المصادر التاريخية بطريق صدْر وأيْلة وذلك في المسافة ما بين جراول ، المقترح لها القُرَّيْص حالياً، وروض الجمل المعروفة حتى الآن بهذا الاسم، ولكن نخل وصفت على أنها قفرٌ أي صحراء خالية من أي عمارة أو شجر.
كما كانت نخل خلال القرن 7هـ/13م عند الرحالة المغربي ابن رشيد السبتي تقع ما بين عقبة أيلة والقُباب.
وتعتبر نخل المنزل الخامس على درب الحاج، فقد ذكرها النابلسي بقوله : قلعة نخل...، وهي المنزل الخامس من منازل الحاج المصري"؛ والتي تبدأ من بركة الحاج ثم الدار الحمراء، فعجرود ثم الثغار، وصولاً إلى نخل، وعلى خمس مراحل من عجرود، حيث كانت قافلة الحاج تنزل بعد رحيلها من عجرود في المنازل التالية : المنصرف، وادي القباب، ثغرة حامد، التية جبل حسن، وراحل ورحيل" ثم تصل إلى نخل في سادس يوم لرحيلها من البركة، وثلاثة أيام من عجرود، فهي تتمتع بالوسطية في موقعها ما بين خان وقلعة عجرود وقلعة عقبة أيلة.
ونخل وقلعتها من حيث الموضع تشغل منطقة منبسطة سهلية تحيط بها الجبال من ثلاث جهات إلا جهة الجنوب وهي بذلك الموقع كانت: " كأنها نجمة في هلال"؛ وهي الآن عبارة عن مدينة صغيرة منظمة محددة بحدود طبيعية من جميع الجهات، ويحدها من الناحية الشمالية وادي العريش عند إلتقائه مع وادي الرواق وجبل الغراء وجبل نخل، ومن الناحية الشرقية جبل أم علي ورأس أبو خشيرات ورأس أبو طليحات التي يتقدمها وادي الرواق، يليه من ناحية نخل وادي أبو غريقدات، ومن الناحية الجنوبية يحدها رأس المربع ومربع ريسان ووادي أبو طريفية ووادي أبو عليجانة، ومن الناحية الغربية جبل النهدين ورأس أبو جدل ووادي العريش، وهذا الموقع تم تحديده من خلال الدراسة الميدانية وخرائط المساحة العسكرية، وتقع القلعة منها على يمين وادي أبو طريفية الذي يحدها من الشمال والغرب، وهو أحد أفرع وادي العريش أكبر وأطول أودية شبه جزيرة سيناء، وتشغل القلعة أكمة أو ربوة مستقلة إلى حد ما عما حولها، وتعتبر أعلى نقطة مساحية بهذه المنطقة السهلية ، ولهذا أُحسن اختيار موضعها مرتفعاً عن الوادي حتى لا تؤثر عليها السيول الجارفة بهذه المنطقة، كما يُتيح لها أيضا كشف ما حولها والسيطرة على المكان، وترتفع هذه التبة عن قاع الوادي المجاور وهو وادي أبو طريفية بحوالي 5,00م، وترتفع حوالي 1750 قدم ما يساوي 412م عن مستوى سَطْح البحر ، وتقع نخل بالقرب من دائرة عرض 29-55 شمالاً، وغربي خط طول 34 شرقاً.
والقلعة الآن تحيط بها المنشآت من جميع الجهات، فمن ناحية الجنوب يوجد حي سكني وهو حي الكاشف وقسم شرطة نخل، ومن ناحية الغرب توجد الوحدة الصحية ومستشفى مدينة نخل، ومن ناحية الشمال بئر لليونوسيف بحرم القلعة ووادي أبو طريفية، ومن ناحية الشرق محطة مياه مدينة نخل ومبنى تابع لمجلس مدينة نخل.
وتبعُد قلعة نخل عن القاهرة إلى الشرق بمسافة 274 كم، وعن خان وقلعة عجرود أو السويس بمسافة 80ميلاً بما يساوي 135كم، وعن قلعة عقبة أيلة العقبة بمسافة 70 ميلا أي حوالي 130 كم، وعن العريش العاصمة الإدارية لمحافظة شمال سيناء إلى الجنوب منها بمسافة 156 كم.
وتعتبر نخل حسب أبلغ وصف لحالتها بعد هجر درب الحاج المصري لطريقه عبر شبه جزيرة سيناء في بداية القرن العشرين وبلا رجعة، القلب الميت على حد وصف جمال حمدان لها بقوله : "قلب سيناء الميت"، لأن درب الحاج كان السبب الرئيس في إحيائها في هذه المنطقة البرية، وهو الذي أَهَّلها في يوم من الأيام لأن تكون المركز الإداري لكل شبه الجزيرة والذي انتقل إلى العريش بعد هجر درب الحاج بلا رجعه، وتشييد سكة حديد مصر ـ فلسطين في سنة 1916م.
المنشآت المعمارية
تعتبر نخل المحطة الرئيسة على درب الحاج المصري داخل سيناء ومنهلاً هاماً من مناهل هذا الدرب ولهذا حظيت بالعناية بمنشآتها منذ أيام المنصور قلاوون حسب أقدم عمارة تمت بالمنطقة حتى الآن وحتى نهاية أسرة محمد علي باشا، فتوجد بها مجموعة منشآت مختلفة الوظائف منها: المنشآت المائية المختلفة، والحربية، والتجارية، والدينية، والجنائزية، وهي على النحو التالي :
1. المنشآت المائية
المنشآت المائية وعمارتها تنحصر في نخل في آبار المياه وما يرتبط بها من قنوات وسواقي تدار عن طريق الدواب، والبرك لحفظ المياه المستخرجة من الآبار، وما بها من أحواض صغيرة ملحقة لشرب الدواب، وسد من بداية القرن العشرين لم يلعب أي دور فيما يتعلق بدرب الحَاجِّ، والمنشآت المائية هي على النحو التالي :
أ) الآبار :
كانت المياه هي المصدر الهام في وجود المنازل أو المناهل على الدروب، ولذا كانت دائماً منشآتها هي أقدم المنشآت بتلك المنازل والمناهل، وهذا هو المبرر لوجود نخل على عدة طرق تاريخية سواء طريق صلاح الدين المعروف بصدر ـ أيلة، أو درب الحاج المصري، أو طريق غزة ودير سانت كاترين.
وبعد ترجيح موضع نخل بدلا من القُرَّيص قديماً يمكن القول أن أقدم المعلومات المؤكدة ـ على حد علمي ـ بوجود بئر ترجع إلى العصر الفاطمي، وهو ما ذكره الحسن المهلبي وجاء فيه وصف بئر الكرسي بأنه رواء، وأعتقد أن هذه البئر ترجع إلى قبل ذلك بكثير وذلك بناءً على اكتشافنا لمنقولات بنخل ترجع إلى أواخر القرن الأول ـ وبداية الثاني الهجريين/ السابع ـ الثامن الميلاديين عبارة عن مسارج فخارية كانت تستخدم للإضاءة، وهي تفيد وتؤكد وجود استيطان بنخل منذ ذلك الوقت على أقل تقدير، إن لم يكن قبل ذلك، كما تم العثـور عـلـى منقـولات ترجع إلى العصر الفاطمي منها صنجة زجاجية من عهد الحاكم بأمر اللـه الفاطـمـي 411-386)هـ/ 1020-996م).
ويستمر الحال كذلك دون ذكر معلومات ذات قيمة معمارية تُفيد التطور الحضاري العمراني لنَخْل وذلك لمدة ثلاثة قرون حتى كانت سنة 683هـ/1284م حيث ذكر لنا المؤرخ العيني (ت 855 هـ/1451م) بأن الأمير حسام الدين طرنطاي،نائب السلطنة في أيام المنصور قلاوون اهتم بحفر بئر نَخْل وانتفع الحَاجِّ بذلك بقوله : "اهتم الأمير حُسام الدين طرنطاي نائب السلطنة في أيام المنصور قلاوون بحفر بئر نَخْل وانتفع الحَاجُّ به"؛ وهي البئر التي وصفها العَبّدَري عندما مر بنَخْل سنة 689هـ/1290م: بقوله : "ومن مبعوق إلى بير النخل ثلاثة أيام وهي بير واحدة بكية ماؤها شريب ....إلى أن احتفر أحد أمراء مصر يقال له طرقطي هنالك بيراً أخرى.
ومن هنا يُمكننا القول بوجود بئر قديمة بنَخْل موجودة من قبل، ثم يلي ذلك البئر التي اهتم الأمير حسان الدين طرنطاي بحفرها أيام المنصور قلاوون، ويمكن أن يطلق عليها اسم الأمير الذي حفرها أي " بئر طرنطاي" نسبة إليه، وهي البئر التي لم يرد ذكرها عند تاماري الذي تعرض في دراسته لآبار وبرك نَخْل.
وبعد حفر بئر طرنطاي بأقل من سنتين يمر الرحالة ابن رشيد السبتي بنخل في 28 من شهر المحرم سنة 685هـ/ مارس 1286م، ويذكر البئر ومصنع للماء بقوله: فوافينا موضعا يسمى نُخيلا، وفيه بئر ومصنع للماء"، ولكنه لم يذكر من أمر ببنائها ولكن الإجابة لم تكن صعبة بعد أن تأكدنا من نسبة هذا البئر إلى الأمير حسام الدين طرنطاي نائب سلطنة المنصور قلاوون، أما عن المصنع فقد أشار إليه الدكتور غَبَّان بأنه البركة ولم يستطع تأريخهما، أما تفسير المصنع بأنه بركة فهو محق في ذلك مثله مثل مصنع عجرود السالف الذكر، لكن في مواضع أخرى يُمكن أن تكون أيضا وسيلة استخراج المياه من الآبار، وهي السواقي وما يتصل بها من قنوات توصل المياه من خلالها إلى البرك المعدة لخزن المياه، وهو ما جاء عند السيوطي والعُمري في وصفهما لبرك آل ملك الجوكندار بنخل كما سنرى، كما يلاحظ أن هذه البركة لم يشاهدها الرحالة العبدري عندما مـر بنخل بالرغم من أنه قد أشار إلى وجود بئرين أحدهما قديم والآخر جديد.
وفيما يبدو أن البئر الذي حفره طرنطاي لم يكن كافياً وكانت تحدث دائماً منازعات ومشاكل عديدة في قوافل الحاج بسبب حاجة الحُجاج الشديدة للمياه في هذه المنطقة الصحراوية، حيث كانت قافلة الحاج في إحدى السنوات التي قبل ذهاب العبدري لأداء الحج سنة 689هـ/1290م تتكون من ثمانين ألف راحلة بخلاف الدواب، مما دفع أحد الأمراء الناصريين لبناء بئر أخرى، وهو الأمير طرطقي، وبعد ست سنوات من حفر البئر الأولى، فقد مر العبدري في طريقه إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة بنخل ووصف البئر الجديدة بقوله : "ومن مبعوق إلى بير النخل ثلاثة أيام وهي بير واحدة بكية ماؤها شريب ..إلى أن اختفر أحد أمراء مصر يقال له طرطقي هنالك بير أخرى متقنة العمل ينزل إليها في درج له باب إلى جانبها وهي عجيبة الإحكام ولكنها بكية أيضا إذ أكثر السُقاءه نُزفت معاً ومنذ أحدثها المذكور الماء قليلاً والزحام مع ذلك كثير وهذه البير تُعرف بالأمير المذكور ـ طرطقي ـ وقد أدركناه حياً".
ويشير الرحالة جاك دي فيرون"Jacques de Véroneس في سنة 736 هــ/ 1335م إلى وجود بئر بنخل يُعرف باسم البئر السلطاني"Puteus Soldaniس. وهو ربما البئر الذي قد يكون حفره الأمير آل مَلَك الجوكندار في أيام الناصر محمد بن قلاوون وجاء ذكره عند العُمَري بقوله : "ويرد ماءَها ـ أي نخل ـ وهو أعدل مما قبله ولا بكثير ـ أي السُّويس ـ وكلاهما مما عمله الأمير المقدم الكبير، الجوكندار المنصوري أحد الأمراء المشهورين".
أما عن صفة مياه آبار فهي كما وصفها العديد من الرحالة ممن مروا بها بأنها تميل إلى العذوبة، إلا أنها ثقيلة في البطن، وربما أورث الاستكثار منها أمراضا باطنية كالاستسقاء وغيرها.
كما يمكن التزود بالمياه من بعض الحفائر بالقرب من نخل، فهناك حفائر تسمى عند العرب الرواد" الرواق حالياً" على بُعد بريد" حوالي 22 كم "، وبالقرب منها أيضاً تزويدة صدر.
أما عن وسيلة استخراج المياه من هذه الآبار، فكانت بالوسائل البدائية التقليدية عن طريق السُقاءه من الحجاج أنفسهم، وبأدوات بسيطة عبارة عن دلاء أو قواديس من الفخار الأحمر تم العثور على نماذج منها أثناء الحفائر، كما أن هذه القواديس تستخدم أيضاً في جلب المياه بواسطة الشواديف " المصانع" والسواقي، وهو ما يفسر وجود كميات كبيرة من كسر هذه القواديس بحفائري في القلعة والبركُ، أما الوسيلة الأكثر تطوراً وهي المصانع التي جاء ذكرها عند العديد من الرحالة والمؤرخين، منهم العُمري بقوله : "ويرد ماءَها ... وجعل له بركاً، واتخذ له مصانع، واستأجر أناساً تديرها، طول السنة، حتى تملأ البرك لأجل الحاج في ورودهم وصدورهم".
كما أشار الجزيري لآبار نخل بأن أحدهما بساقية وهو بئر طرنطاي، وذلك لأن ابن رشيد والعمري أشارا إلى المصنع، وهو ما تأكدت منه بالنسبة لنخل من وسيلة استخراج المياه من البئر، خاصة أن البئر الثاني كان بسلم وهو بئر طرطقي حسب وصف العبدري، والساقية التي ذكرت في تلك الفترة من عمل السلطان الناصر حسن.
وقدأوقفت أوقاف خيرية على برك نخل خلال العصر المملوكي، ومن هذه الأوقاف على سبيل المثال لا الحصر تلك التي أوقفها ابن الرفعة الطويل أحد أثرياء مصر على برك نخل، وقد جاء ذكرها عند ابن دقمان (ت 809 هــ/1406م) فقال : "عمر ابن الرفعة الطويل ربعا بالفسطاط بالشارع الأعظم ووقفه على فساقي نخل التي تملأ بالمياه لخدمة الحجيج".
وفي القرنين 12-11 هـ/18-17م وحتى منتصف القرن 13هـ/19م يشير الرحالة المغاربة والأجانب الذين مروا بالمنطقة مثل : العياشي ومن نقل عنه بعد ذلك إلى بئر واحدة بقوله : لأنه ـ نَخْل ـ من المواضع التي يصعب فيها الماء، إذ ليس فيه إلا بئر واحد"، والورثيلاني ، وكبريت ذكراها بقوله : " وبه بئر وفسقية تملأ منها"وبركهارت، وفالين ونعوم شقير أشاروا إلى وجود بئر بنخل تقع داخل الحصن أي القلعة وتستخرج المياه منها عن طريق ساقية تدار بالبقر، وبئر أخرى تقع خارج هذه البئر خاصة بالحجاج الذين لايجدون مياه بالبرك والعُربان الذين يقطنون المنطقة، كما أن بعضهم أشار إلى وسيلة استخراج المياه بواسطة الساقية مثل فالين وذلك سنة 1845م، وشقير الذي أشار إلى إرسال الحكومة المصرية نجار كل موسم حج ليصلح الساقية لملأ البرك.
أما في نهاية القرن 13هـ/19م فيصف محمد صادق آبار وسواقي نخل بقوله: وفي سفل البرج الشرقي البحري ـ أي الشمالي الآن ـ ساقية ماؤها عمقها 22 متراً يديرها ثوران فيصل ماؤها إلى خارج القلعة ... وبخارج القلعة ساقية خربة وبئر مبنية عمقها 16 متراً قليلة الماء".
والبئر الثاني الذي وصفه صادق يقع الآن إلى الشمال من القلعة على مسافة 70م منها، بُني بمداميك من أحجار الآجر، ومشهور عند أهل المطنقة إلى الآن باسم " البئر العثماني"، فربما يكون أحدث أو تم ترميمه في العصر العثماني، ولكن يُمكن تأكيد نسبته إلى العصر العثماني بناءً على تشابه مادة بنائه مع البركة التي أحدثت بعجرود في ذلك العصر.
والبئر الثالثة تقع على نحو عشرين متراً جنوبي غرب العقلة، قيل احتفرها أحمد أغا الوكيل أحد ضباط القلعة السابقين في أواخر القرن التاسع عشر، وقد ضمها سور الحديقة الجديدة، وهي تسقي الحديقة ومنها يشرب أهل المدينة.
وقد تم تحديد موقع البئر التي ربما تكون بئر حسان الدين طرنطاي لأن بئر طرطقي بسلم وذلك خلال وصف الرحالة والمعمرين من أهل نخل وأعمال الحفائر خلال المواسع السابقة، وتم اكتشافه بالفعل أثناء موسم حفائر شهر مارس 2002م بناء على ما جاء بوصف صادق لهذه البئر وتحديد موقعها أمام البرج الشمالي، وتم تحديدنا لموضعه عند الحديث مع كبار السن من المعمرين بالمنطقة ومن عمل بقلعة نخل قبيل تخريبها، والبئر دائرية التخطيط قطرها 1,80م، وعمقها الذي تم الكشف عنه في هذا الموسم ثمانية مداميك بما يساوي 2,44م، ونحن نعلم أن عمقه الأصلي في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي كان 22,00م، حسب مقاس محمد بك صادق الذي يعول عليه في أخذ المقاسات ورسم الخرائط بوصفة مهندساً وجغرافياً متمرساً، وبطرف البئر الغربي تم بناء الجزء الذي تثبت فيه الساقية، وهو يفتح على البئر بمقدار60 سم، وطول ضلعه الجنوبي 90 سم، والشمالي 86 سم، والغربي 94 سم، وقد قطعت مداميك البئر خصيصاً لتكوين محيط البئر وبمقاسات مختلفة وذلك على النحو التالي : 20x22سم، 26x24سم، 29x24سم، 25x25سم، 25x28سم، 25x30سم، 25x32سم، 25x37سم، 34x46سم، 35x56سم، 35x59سم، 25x69سم، 32,5x78سم.
ب) بِرْكُ المياه
كانت أو ل إشارة لوجود بركة "مصنع بنخل ـ على حد علمي ـ ربما التي جاء ذكرها عندابن رشيد السبتي وذلك عندما مر بنخل في 28 المحرم سنة 685 هـ/ مارس 1286م، حيث أشار لوجود بئر ومصنع للماء بقوله : فوافينا موضعا يسمى نُخَيلا، وفيه بئر ومصنع للماء". والمصنع هنا يمكن تفسيره على أنه بركة لخزن المياه إذا أخذنا في الاعتبار ما جاء عند القلقشندي عندما أشار لبئر ومصنع عجرود بقوله : وبها بئر ومصنع ماء متسع يملأ منها "؛ أما إذا أخدنا في الاعتبار ماءجاء بوصف العمري لبرك نخل بقوله : "وقد عمل فيها الأمير آل ملك الجوكندار المنصوري أحد امراء الدولة الناصري بركاً واتخد لها مصانع"، فيمكن تفسيرها على أنها الوسيلة التي يتم عن طريقها استخراج المياه من البئر وتوصيلها للبرك، وقد نقل عنه ذلك السيوطي، والجزيري، وقد زاد الجزيري عن كيفية عمل هذه المصانع فقال : "واستأجر أناساً تديرها، طول السنة، حتى تملأ البِرْك لأجل الحاجِّ في ورودهم وصدورهم".
وكان ذلك في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون حيث اهتم الأمير الحاج آل ملك الجوكندار المنصوري بعمارة برك بنخل واتخد لها مصانع، واستأجر أناساً يديرونها طوال السنة حتى تملأ البرك لأجل الحاج في ذهابهم وعودتهم؛ ومما هو جدير بالذكر أنه قد تم العثور على نقش كتابي بخط الثلث المملكوي على لوح من الرُخام بمنطقة النقب باسم هذا الأمير، ويٌعتقد بأنه نُقِل من منهل نخل إلى النقب حيث وجد هناك، ويتكون النقش من ثلاثة أسطر تقرأ:
1. بسم الله الرحمان الرحـ ـيم]
2. { مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ من ] فَزَعٍ يَومَئِذٍِِ آمِنُونََ } (النمل، آية 27).
3. الفقير إلى ربه الأمير آل مَلَكَ الجوكندر الـ منصوري].
وتعتبر بِِرْكُ مياه آل مَلَك الجوكندار أول البِرْكُ التي ذُكرت صراحة بنَخْل، وذلك ضمن مشروعه لإعمار درب الحاج المصري حيث قام ببناء خان بعَجْرود، وآخر بالأزلم.
وفي أيام السلطان قانصوه الغوري تم إرسال الدوادار الكبير طومانباي ابن أخي السلطان أبقاراً صالحة لإدارة الدواليب " السواقي" في عجرود ونخل للاستعانة بها في ملء الأحواض المعدة لسفر الحُجاج وغيرهم.
ومن الملاحظ أن أحداً من المؤرخين لم يذكر عدد البِرْكُ التي بناها آل مَلَك الجوكندار، ولكن على أية حال فهي أكثر من اثنتين، ففي أيام الجزيري الذي حج سنة 955 هـ/1548م، يذكر عددها ويصفها لنا بقوله : "وبنخل ثلاث برك وكانت أربع تعطلت منها واحدة أصل إنشائها لسَلاّر".
فربما تكون البركة أو المصنع الذي ذكر عند ابن رشيد السبتي هي البركة التي من عمل الأمير سَلاّر، والتي شيدها عندما كان نائباً لسلطنة الناصر محمد بن قلاوون قبل تولية آل مَلَك الجوكندار نيابة السلطنة بدلاًَ منه، بالإضافة إلى أن سلاّر كان قد توجه إلى الحج سنة 703هـ/1303م، وفعل كثير من الخيرات ببلاد الحرمين، فربما يكون قد عمر هذه البركة في تلك السنة، أما الثلاث برك الباقية فهي من عمل آل ملك الجوكندار، لأنه ورد ذكرها عند المؤرخين بصيغة الجمع لا المفرد أو المثنى.
وبالرغم من الاهتمام بمصدر المياه بنخل إلا أن الحُجاج لم يجدوا المياه بها عند العودة من الحج في شهر المحرم سنة 901 هـ/ سبتمبر ـ أكتوبر 1495م، مما جعل أمير الحاج أن يسلك بهم طريقاً غير الطريق المعتاد للوصول إلى عيون موسى طلباً للماء فوجدوه بها.
وبلغ الاهتمام ببرك مياه نخل خلال العصر المملوكي أن خُصصت لها أوقاف ثابتة للصرف منها عليها، وذلك بتنظيفها وترميها وملئها بالماء كل سنة عند ذهاب وعودة الحاج لأداء الحج على هذا الدرب من القاهرة إلى مكة المكرمة والعودة؛ ومن هذه الأوقاف تلك التي أوقفها السلطان قانصوه الغوري للصرف منها على نخل وعجرود، والتي استطعنا التعرف عليها من خلال وثائقه التي تُشير إلى هذه الأوقاف ومصادرها.
وقد وصف هذه البرك العديد من الرحالة الذين مروا بالمنطقة بعد ذلك، منهم على سبيل المثال لا الحصر " كبريت حيث ذكر بركة بقوله : " وبه ـ وادي النخل ـ بئر وفسقية تملأ منها".
ووصف العياشي البِرْكُ وعددها ووسيلة ملئها بقوله : هناك بندر حصين فيه بئر مياه عذبة كبيرة لا تنزح أبداً يسقى منها بالبقر إلى برك خارج الحصن وهي ثلاث برك مثل البرك التي في عجرود إلا أن هذه أعظم منها"؛ وقد نقل عنه العديد من الرحالة بعد ذلك هذا الوصف منهم : الزبادي والورثيلاني وابن ناصر الدرعي وابن عبد السلام الدرعي والأخير جعل البئر خارج الحصن خلافاً لما هو في الواقع حتى يومنا هذا.
ووصف العياشي مَهَمّ لأنه يعطينا فكرة عن موقع البئر داخل الحصن، ووسيلة استخراج المياه من البئر بسواقي تدار بالبقر، وعدد البرك وهي ثلاث برك تأكيداً لما جاء عند الجزيري قبل ذلك، كما أنها أكبر من التي بعجرود، ولكنها مثلها في العدد.
أما النابلسي الذي مر بالمنطقة في 15 من شهر رجب سنة 1105هـ/10 مارس 1694م، فيصف بنخل بركة واحدة كبيرة تملأ من البئر عن طريق ساقية تدار بثور أو جمل، مما يؤكد هَجر بقية البرك في أيامه، وأورد ذكر كل ذلك في قصيدة عن نخل من نظمه فقال:
لَمَّا وَصَلْنَا قَلْعَةً تدْعَى نَخَلْ
صَحْرَاءٌ قَفْرٌ صَفْصَفٌ لَيْسَ بِهَا
وَالْبِركَةُ الَّتِي يُسَاقُ مَاؤُهَا
بِهَا عَلَيْنَا الْجَوّف بَرْدُهُ نَخَلْ
مَاءٌ سِوىَ الْمَاءِ الَّذي في الْبِئْرِ حَلّ
مِنْ ذَالِكَ الْبِئرِ بِثَوْرٍ أَوْ جَمَلْ
وقد استمرت هذه الوسيلة بعد ذلك فترة طويلة من الزمن، إذ ورد ذكرها عند فالين سنة 1854م عند مروره بنخل في هذه السنة. كما توجد وثيقة مؤرخة في 22 من شهر رمضان سنة 1267 هـ/23 يوليه 1851م، يُذكر فيها طلب الثيران الأربعة التي تستخدم في تدوير ساقية قلعة نخل، والتي تُرسل سنوياً من القاهرة لهذا الغرض، وكذلك صرف الغذاء الخاص بهذه الثيران للوصول إلى محل طلبها بقلعة نخل.
ويصف محمد بك صادق سنة 1297هـ/1880م هذه البِرْكُ الثلاثة ومقاساتها والأحواض الصغيرة الخاصة بالدواب ووسيلة ملء هذه البِرْكُ بالسواقي، بأن أحدها من عمل الملك الناصر حسن وتدار عن طريق ثورين، ويتم إرسال أربعة ثيران لنخل قبل موسم الحج بشهر، وتملأ البِرْكُ وتنتظر حتى عودة الحُجاج، ثم تعود مع قافلة الحاج إلى القاهرة، أما بقية العام فتستخدم الوسائل البدائية، وهي الحبال والدلاء، كما أنه يصف البئر الثانية التي خارج القلعة وساقية ثانية خربة ذلك بقوله : "وفي سفل البُرج الشرقي البحري ساقية ماؤها قيسوني عمقها 22 متراً يديرها ثوران فيصل ماؤها إلى خارج القلعة إلى ثلاثة أحواض مبنية معدة للحجاج والقوافل أحدها طوله 14 متراً في 28 بعمق ثلاثة أمتار خُرب منذ سنتين، والآخران كل منهما طوله عشرة في تسعة أحدهما ملآن والآخر يملأ عند رجوع الحَاجِّ، وبجانب هذه الأحواض أحواض صغيرة مستطيلة تملآ لشرب الدواب وفي كل عام قبل طلوع الحَاجِّ بشهر، يبعث الميري ـ أي الحكومة ـ بأربعة أثوار مع لوازم الساقية لإدارتها مدة طلوع ونزول الحجاج ثم ترجع الأثوار إلى مصر مع الحج المصري، وفي بقية العام يستخرج سكان القلعة الماء بواسطة حبال ودلاء مع المشقة الزائدة، وبخارج القلعة ساقـية خربـة وبـئر مبنـية عمـقها 16 متراً قليلة المياه".
وكانت مصادر الصرف على نظافة وملء هذه البِرْك كما رأينا خلال العصر المملوكي من خلال الأوقاف التي تُوقف عليها، أما في العصر العثماني خاصة في أيام السلطان سليمان القانوني فقد تم رصد اعتمادات مالية لتطهير الآبار وأحواضها أي البِرك، ورصد أموال لشراء التبن الذي تتغذى عليه الثيران المستخدمة في إدارة الساقية، وذلك من أموال الخزينة الإرسالية.
ففي سنة 1179هـ/1765م سنة 1200 هـ/1785م تكلفت الخزينة المصرية مبلغاً قدره 10,000 عشرة الآف بارة للصرف على المعدات اللازمة لرفع المياه في نَخْل وعَجْرُود، كما كانت تشتري الحكومة للثيران التي تُدير السواقي الخاصة بالآبار في نَخْل وعَجْرُود أعلافاً تكلفها مبلغ قدره 1020 بارة سنوياًَ، أما مصروفات تنظيف الصهاريج والينابيع وشراء ما يلزم هذه الخدمات فكانت تكلف الخزيمة الإرسالية حوالي 14150 بارة في السنوات ما بين سنة 1004 هـ/1595م وسنة 1200هـ/1785م، وارتفع هذا المبلغ إلى 24150 بارة سنوياً منذ سنة 1082/1671م حتى سنة 1212هـ/1797م.
وقد خربت برك قلعة نَخْل في بداية القرن العشرين وبالتحديد سنة 1909م فيصفها نعوم شقير بأنها لم تعد لها فائدة، حيث أُهملت ولم تستخدم بعد ذلك.
وقد قمت بإجراء حفائر لأول مرة بالبِرْكُ أثناء موسم حفائر أبريل ـ يونيه 1995م، فقد تمت في هذا الموسم نظافة البركة الكبيرة الجنوبية والصغرى الوسطى، كما تم اكتشاف البركة الثالثة الشمالية.
كما أكتشفت بركة صغيرة مستطيلة التخطيط تقع شمال القلعة، وهي تعتبر من أقدم البِرْكُ التي أنشئت بنخلْ، فربما تكون هي بركة الأمير سلاّر نائب السلطنة في أيام الناصر محمد بن قلاوون، والتي قد يكون شيدها سنة 703هـ/ 1303م عندما توجه لأداء الحج في السنة نفسها التي حج فيها.
واكتشفت ثلاث برك صغيرة، كانت في الأصل محل البرك الحالية، إذ بُنيت البِرْك الجديدة على أجزاء من البِرْكُ القديمة، وهي البِرْكُ التي شاهدها الرحالة المغاربة خلال العصر المملوكي، فهي بذلك البرك المملوكية التي بُنيت فيما قبل عمارة السلطان قانصوه الغوري لمنهل نخل على يد الأمير خَايِرْ بَيك العلاي، ويمكن وصف دراسة البِرْك بنَخْل وذلك حسب أقدميتها على النحو التالي :
1. بِركةُ سَلاّر
اكشتفت هذه البركة خلال موسم حفائر مارس ـ مايو 2002م، وتقع إلى الشمال الغربي من القلعة بيعداً عن بقية البركُ، وكانت على اتصال بالبئر الذي يقع الآن داخل القلعة، وموقعها هذا هو الذي جعلنا نرجح أن تكون هي بركة الأمير سَلاّر، وذلك لأنها أقدم البِرْكُ المذكورة في المصادر التاريخية بعد البئرين، كما أنها تقع في مكان منعزل عن بقية بِرْك القلعة، وهي مستطيلة التخطيط تمتد من الشمال إلى الجنوب، مقاساتها 3,65x8,80 م، شُطفت أركانها الشمالية الشرقية بمقدار66 سم وبارتفاع 58 سم، والجنوبية الشرقية بمقدار 72 سم وبارتفاع 60 سم، وسمك جدرانها 68 سم، وتم تدعيم البِركةُ من أسفل بجدار صغير مرتد إلى الداخل بمقدار20 سم، ويوجد بها جزء غير مستوٍ تماماً من قاعها وهو الجدار الشرقي وذلك بطول 5,80 م وربما كان ذلك مقصود حيث مكان ملء البركة بالمياه من البئر عن طريق القنوات المتصلة بالبئر والساقية حتى لا يؤثر على جدران البركة، وعمقها الحالي 155 سم، وذلك لأن الجزء العلوي منها تم تكسيره ليعاد استخدام مداميكه في مباني أخرى خلال العصور التالية، أما الجزء المتبقي فهو في حالة جديدة من الحفظ .
كما توجد بركة ثانية صغيرة اكتشفها أثناء موسم حفائر مارس ـ مايو 2000م، يقع جزء منها أسفل السور الطيني الذي شُيد في بداية القرن الماضي على يد محافظ سيناء آنذاك، ومقاسات هذه البركة 1,65x8,95م، وقد تبقى من ارتفاعها حوالي 35 سم، ويلاحظ اختلاف طبقة الملاط التي تكسو جدرانها عن بقية البركة التي بنخل، إذ تتكون من الجص الأبيض والحصى الصغير فقط.
2. بِرك آل مَلَك الجوكندار
وهي ثلاث بَرْكُ متجاورة، تم اكتشاف أجزاء منها في موسم حفائر شهور أبريل ـ يونيه سنة 1995م، وتم استكمال اكتشافها خلال موسم حفائر فبراير ـ مارس 2003م، والسبب الذي جعلنا نرجح أن تكون بِرْكُ آل مَلَك الجوكندار هو أن هذه البِرْكُ أقدم من البِرْكُ التي ظلت مستخدمة حتى القرن التاسع عشر، والتي تم بنائها على أجزاء من هذه البِرْكُ المكتشفة التي لم تكن معروفة على أرض الواقع حتى قيامي بهذه الحفائر واكتشافها خلال الموسم المذكور، ووصفها على النحو التالي:
أ) البركة الشمالية : مستطيلة التخطيط تمتد من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي مقاساتها 3,84x5,00 ، شُطفت أركانها الشمالية والشرقية بطول 64سم، وبارتفاع 58 سم، وسمك جدارها الجنوبي الشرقي المشترك مع البركة الوسطى 1,30م، وبقية الجدران 60سم، وعمقها الباقي الآن 1,37م، و قد بٌنيت بمداميك من الحجر الجيري المقطوع، ومادة البناء من الجير والطمي ورماد النار مثل مادة بناء مَبعْوقُ، وسد وبِرْكُ الْقُبَابِ، مما يؤكد انتماء هذه البِرْكُ للفترة المملوكية الأولى من عمارة درب الحاجِّ المصري.
ب) البركة الوسطى : مستطيلة التخطيط تمتد من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي مقاساتها4,10x6,45 م، شُطف ركنها الشمالي بطول 62 سم، وبارتفاع 74سم، وسمك جدارها الشمالي الغربي المشترك مع البركة الوسطى 1,30م، وبقية الجدران 70سم، وعمقها الباقي الآن 1,84م، وتبرز عن البركة الشمالية إلى الشرق بمسافة 1,45م، وقد بنيت بمداميك من الحجر الجيري المقطوع، ومادة البناء من الجير والطمي ورماد النار مثل البركة السابقة، مما يؤكد نسبتهما إلى فترة زمنية واحدة.
ج) البركة الجنوبية : مستطيلة التخطيط تمتد من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي مقاساتها 4,70x6,88م، شُطف ركنها الشمالي بطول 98 سم، وتبرز عن البركة الوسطى إلى الشرق بمسافة 43سم، وهذا الجزء من البركة غير ملتصق بجدران البركة الوسطى، مما يل على أن فكرة إنشاء هذه البركة كات تالياً على البركتين السابقتين، أو أن هذه البركة أُنشئت في فترة لاحقة على البركتين الشمالية والوسطى، وقد بنيت بمداميك من الحجر الجيري المقطوع، ومادة البناء من الجير والطمي ورماد النار مثل البركتين السابقتين، مما يؤكد نسبتهما إلى فترة زمنية واحدة.
3. البركُ الكبيرة المتأخرة
وهي البِرْكُ التي كانت معروفة ربما منذ أواخر العصر المملوكي أي ربما من عمارة خاير بيك العلاي في أيام السلطان قانصوه الغوري، وخلال العصر العثماني وحتى العصر الحديث وهجر درب الحاج الذي كان يمر بنخل، وهي آخر البرك التي شيدت بنخل، وعددها ثلاث برك ويمكننا وصفها بعد أن انتهيت من أعمال الحفائر الآثارية بها، وذلك على النحو التالي :
أ) البركة الأولى الجنوبية الكبيرة : تقع هذه البركة بجوار البُرج الشرقي إلى الشرق من القلعة على مسافة 3,00م منها، وهي مستطيلة التخطيط، تمتد من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، مقاساتها من الخا ج 17,50x32,50م، ومن الداخل 13,80x26,40م، وعمقها الحالي 4,60م، وهي بذلك تتسع لكمية مياه مقدارها حوالي 1675م، ويتم النزول إليها من خلال درجات سلالم بالركنين الجنوبي والشمالي، وقد دعمت البركة من الداخل بجدران ساندة بالجدراين الشمالي الغربي والجنوبي الغربي، حيث يرتفع بالركن الشمالي الغربي لمسافة 4,50م بشكل منحدر حتى يتسنى للمياه المنحدرة من القناة الواصلة ما بين البئر الذي بداخل القلعة والبركة الانسياب بسهولة دون التأثير على جدران البركة، وزورت البركة بأحواض صغيرة لسقاية دواب قافلة الحاج بالجدران الجنوبية الشرقية، والشمالية الشرقية والجنوبية الغربية، حيث توجد بالجدار الجنوبي الشرقي بقايا ثلاثة أحواض مساحة كل منها 1,00x4,30م، وربما كان يشتمل هذا الجدار على خمسة أحواض، وبالجدار الشمالي الشرقي حوضان، وبالجدار الجنوبي الغربي حوضان مقاساتهما 1,00x2,64م، 1,00x6,70م، بُنيت البركة بمداميك من الحجر الجيري مقاساتها في المتوسط 15x20x30سم، يكسوها طبقة ملاط شديدة الصلابة من الحمرة والحصى والجير.
وقد خُربت هذه البركة منذ بداية سنة 1295هـ/1878م لأن محمداً بك صادقاً كان بنخل في سنة 1297هـ/1880م، فيصف صادق خراب هذه البركة بقوله : خارج القلعة...ثلاثة أحواض مبنية معدة للحجاج والقوافل أحدها طوله 14 متراً في 28 بعمق ثلاثة أمتار خُرب منذ سنتين".
ب) البركة الثانية الوسطى الصغيرة : تقع إلى الشمال الغربي مباشرة من البركة الكبيرة، وإلى الشمال الشرقي من سور القلعة على مسافة 7,50م، مربعة التخطيط مساحتها 9,80x10م، وعمقها الحالي 2,90م، تتسع لحوالي 284م 3من المياه، وقد دُعمت أركان البركة بدعامات ساندة عن طريق شطف زوايا البركة بالأركان الأربعة وبارتفاع 1,00م، ويتم النزول إليها من خلال درجات سلالم بالجدار الشمالي الغربي، كانت تُملأ عن طريق قناة متصلة ببئر القلعة الداخلي والقريب منها، وهي خاصة لسقاية الحُجاج أنفسهم، وقد حدثت بها تعديلات في الفترة المتأخرة خلال القرن العشرين بسبب استخدام الموقع من قبل الجيش الذي اتخذ من القلعة مقراً له لفترة مـن الـزمن.
ج) البركة الثالثة الشمالية الصغيرة : كانت هذه البركة غير معروفة حتى شهور أبريل ـ يونيه سنة 1995هـ إلا من خلال المصادر التاريخية والرحلات، لكن مع أعمال الحفائر الآثارية تم الكشف عنها، وهي تقع إلى الشمال الغربي من البركة الوسطى بجوار الُبرج الشمالي من القلعة، وقد شُيدت على جزء من البركة الثالثة من برك الناصر محمد بن قلاوون، وهي مستطيلة التخطيط مساحتها 8,50x10,40م، وعمقها3,05م، أي أنها تتسع لكميه مياه مقدارها 269م3، وقد شطفت الأركان لتدعيم جدرانها بارتفاع 1,90م، وكانت مزودة بأحواض صغيرة لسقي دواب قافلة الحاج بقي منها حوض بالضلع الشمالي الغربي مقاساته 80x3,60 سم وقد كسي بطبقة من الملاط يميل لونها إلى اللون الأحمر نظراً لاستخدام كسر من بودرة الآجر المطحونة فيها، ويتم النزول إليها من خلال درجات من السلالم بالركن الشرقي، والبركة بحالة جيدة من الحفظ، يكسوها طبقة من ملاط شديد الصلابة لا يسمح بنفاذ الماء.
وقد أصبحت هاتان البركتان الثانية والثالثة بعد خراب البركة الأولى الكبيرة تملآن إحداها عند ذهاب الحاج، والأخرى عند عودتهم من بلاد الحجاز عن طريق ثيران تُرسل خصيصاً لذلك، وكانت البرك الثلاث مجتمعة تتسع لحوالي 3000 قربة.
4. المنشآت المعمارية الحربية ـ التجارية والدينية
المنشآت المعمارية الحربية ـ التجارية والدينية ممثلة في الُبرج، والخان، والقلعة، وكلها مبنى واحد تمت الزيادة فيه واستخدم للأغراض الثلاثة، والمسجد سواء الذي كان داخل القلعة أو الذي شُيد خارجها، وهي على النحو التالي :
أ) البُرْج " القلعة ـ الخان".
كانت كل المنشآت السابقة على تشييد البُرْج في أيام السلطان قانصوه الغوري كلها مائية سواء آيار أو برك وربما كانت هناك منازل للإقامة، فكان الهدف الرئيس في البداية هو توفير المياه لقافلة الحاج في قلب صحراء شبه جزيرة سيناء أحد أهم المشاكل التي تقابل الحجاج في دروب الحاج بصفة عامة، فربما يكون تم تشييد مبنى أو منازل خلال الفترة الأولى على تشييد البُرْج منذ نشأة الدرب بعد الفتح الإسلامي لمصر وحتى أواخر العصر المملوكي الذي شُيد فيه في أيام السلطان قانصوه الغَوري البُرْج، خاصة أننا متأكدون أنه تم تشييد آبار وبرك وتم إحضار أُناس خصيصاً لتشغليها مما يتطلب وجود أماكن لإقامتهم كالمنازل للسكن وغيرها، خاصة ونحن نعلم أن أحد المنازل في الفترة المبكرة كانت تسمى عند ابن قدامة البغدادي: " الحصن" فإذا صحت التسمية لهذا المنزل ما بين عجرود وأيلة، ربما يكون هناك منشأة خلال تلك الفترة المبكرة.
أما أول المنشأت المعمارية الأمنية المؤكدة فهي بناء بُرج حسب وصف ابن إياس المعاصر للأحداث وذلك بنخل في الفترة من شهر ربيع الآخر سنة 914 هـ/ يوليه 1508م، وهو التاريخ الذي أصدر فيه السلطان قانصوه الغوري مرسوماً للأمير خَايِر بَيك المعمار بالتوجه لعمارة عقبة أيْلة، وحتى شهر رجب سنة 915هـ/ أكتوبر ـ نوفمبر1509م، وهو الشهر الذي عاد فيه خَايِرْ بَيك المعمار من مهمة بناء الخان والأبراج والرصيف بالعقبة وبقية المنشآت الأخرى، وبالرغم من أن الهدف من الذهاب في هذه المرة كان لإعمار عقبة أيْلة، وخبر العودة يؤكد هذا، إلا أن ابن إياس أورد لنا خبر بناء بُرج نَخْل وغيرها في فترة زمنية ما بين الذهاب والعودة، وذلك في شهر محرم 915هـ/ مـايو 1509م بقوله : "وأنشأ بُرج بعجرُود ونَخْل".
<ويؤكد هذا التاريخ بعد ذلك الجزيري حيث يذكر تاريخ الانتهاء من بناء الخان في سنة 915هـ/1509م بقوله : "وبها ـ أي نخل ـ أنشأ السلطان قانصوه من بير بردي الغَؤري على يد الأمير الكبير خاير بك المعمار، أحد المقدمين في سنة خمس عشرة وتسع مائة". ويقوي ذلك أنني عثرت على الرنك الكتابي الخاص بالسلطان قانصوه الغَوري أثناء قيامي بالحفائر بالقلعة خلال موسم مارس ـ مايو 1994/1993م، وهو منفذ على بلاطة من الحجر الجيري مقاساته 59x64 سم، وسمكه 16سم، وقد تمر العثور عليه مكسوراً نصفين وفقد جزء من أعلاه الأيمن، وكُتب عليه بخط الثلث المركب المملوكي، داخل دائرة قطرها 59 سم، وعرض الإطار المحدد للدائرة 2 سم، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام، أو سطها يعرف باسم الشطب، وكُتب بكل قسم سطر، وهو يشبه رنكه الذي بعراقيب البغْلة، ويقرأ الرنك من الوسط حيث الشطب على النحو التالي: 1. أبو النصر قانصوه الغَوري 2. عز لمولانا السلطان المالك الملك الأشرف 3. عزنصره. ولكن من الملاحظ أن هذا البُرج الذي تم تشيده بنخل في عهد السلطان قانصوه الغوري، لم يرد ذكره صراحة بنقشه بعراقيب البغلة، وذُكرت نَخْل بالنقش بصفة العموم مع عجرود على أنهما " مناهل"، وهي ربما إشارة عامة لما تم بناؤه وتعميره وترميمه وتجديده، وبالإضافة لبناء بُرج، فقد تم تجديد وترميم الآبار وبناء بِرْكُ وقنوات جديدة وسواقي وغيرها. أما أول الأعمال التي أجريت في العصر العثماني في بُرج نخْل فقد كانت في عهد السلطان سليمان القانوني حيث ذكرها الجزيري بقوله : " عمارة في خان نخيل، توسعة له"، وهي العمارة التي جاءت تفاصيلها عند الجزيري بعد ذلك في موضع ثان. وفيما يبدو أن البُرج كان ضيقاً لا يفي بالاحتياجات المطلوبة في هذا العصر، مما دفع الأمير زين الدين بن شهاب المسؤول عن السواقي السلطانية على درب الحاج بعرض الأمر سنة 959هـ/1552م على والي مصـر الأمــيــر علــى باشـــــا ( 961-956هـ/1554-1549م) في أيام السلطان سليمان القانوني، فأمر بتوسعة البُرج والبركة " الفسقية أو النافورة" من مال السلطان، ونظراً لأهمية نص توسعة خان نَخْل سنورده ما جاء عند الجزيري المعاصر لذلك بقوله : "وكان الخان ضيقا فعرض صاحبنا الصدر الأجل زين الدين خولي السواقي السلطانية أمْرهُ على كافل المملكة المصرية على باشا في سنة تسع وخمسين وتسع مئة، فأمره بتوسعته من مال السلطان، وأمر بصرف ما يحتاج إليه من الخزانة، فتوجه إليه وصحبته جماعة من المعمارية وقدر وافر من المُؤَن، واجتهدوا في توسعته في أيسر مُدّة، فزاد فيه زيادة بطوله وجاء في غاية الحُسن". وذكر كبريت هذه الزيادة عند مروره وحديثه عن نخل بقوله : حصار بناه الغَوري وزادت فيه العثامنة". وهو ما بدأت أضع يدي عليه حيث الزيادة والإضافة التي تمت في العصر العثماني خاصة في أيام سليمان القانوني من خلال مشروع الحفائر الأثرية بالقلعة فأثناء موسم فبراير ـ أبريل 2000م تم الكشف عن أساس نصف دائرة بالسور الشمالي الغربي يُرجح أن يكون أساس أحد الأبراج التي كانت بالأركان قبل الزيادة التي تمت في عهد السلطان سليمان القانوني، فقد كان تخطيط البُرج يشبه تخطيط البُرج بعَجْرُود. كما تم ترميم القلعة الخان في عهد السلطان العثماني مراد الثالث، وذلك سنة 989هـ/ 1581-1580م نظراً للعثور على رنك السلطان مراد الثالث الذي تم وضعه على الخان عند تجديده، حيث يظهر بالصور التي أخذت للقلعة قبيل تدميرها أثناء العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956م، وهو يوجد في الوسط أعلى عقد الباب، عبارة عن نقش على بلاط من الحجر الجيري مربع مقاساته 46x46 سم، يشبه الرنوك المملوكية في الشكل، ولكنه لم يصل إلى جمالها وجودة خطها، فالخط ركيك وأصغر من رنك الغوري حجماً، إذ يبدو أن الذي كتبه أحد الحجارين وليس خطاطاً متمرساً على كتابة الخطوط، والرنك مؤرخ في سنة 989هـ/1580 ـ 1581م، ويقرأ على النحو التالي: 1. مولانا 2. للسلطان مراد خان 3. عز نصره س 89. والرنك الكتابي في حاله جيدة من الحفظ، كُتب بالخط الثلث غير المتقن، وتوجد به أخطاء إملائية واختصارات وإدماج في الأحرف مثل عدم وجود حرف "السين"، و" الألف" بكلمة للسلطان، وحرف " النون" مشترك ما بين كلمة للسلطان، وخان، وهو مؤرخ بسنة 89 فقط دون كتابة رقم المئات، وهي تقع في سنوات حكم السلطان مراد الثالث، ويلاحظ تأثير رنك قانصوه الغوري عليه في الشكل والمضمون وطريقة الكتابة فعلى سبيل المثال كلمة " للسلطان" في النقشين متشابهتين تماماً. وقد تم تجديد القلعة في عهد الــسلطـــان العثمانـــــي أحـمـــد الـثـــالــث (1143-1115هـ/1703ـ 1730م) فترة ولاية محمد رامي باشا (1118-1116هـ/ 1706-1704م) وذلك سنة 1117هـ/1705م، وهو ما جاء بنقش من عصره، كان يوجد أعلى عقد بوابة القلعة على اليسار، وهو حجر مربع يشتمل على أربعة أسطر، ولكن للأسف لم يتم العثور عليه أثناء الحفائز، وقد قرأه أول مرة نعوم شقير قبل تدمير القلعة، ويقرأ النقش على النحو التالي: 1.جدد هذا المكان المبارك 2.مولانا السلطان أحمد بن السلطان 3. محمد خان عز نصره 4. مدة محمد رامي باشا. سنة 1117هـ وفي عهد السلطان محمود الأول (1168-1143 هـ/ 1754-1730م) أراد والي مصر يحيى باشا (1156-1154 هـ/ 1743-1741م) ترميمها سنة 1155هـ/ 1742م، وتم تخصيص المبالغ المطلوبة لأعمال الترميم وهو ما مقداره ثلاثة أكياس وكسور اثنتين وعشرين ألفاً وخمسة عشر نصفاً فضة ديوانية، وفي وثيقة أخرى ما مقداره 92015 نصف فضة مصروفات وترميم توزع على النحو التالي : 19520 نصف فضة ثمن أخشاب وما هو أجرة أحمال، 39845 نصف فضة ثمن دبش ومسامير، 32650 نصف فضة لأرباب الأجرة. ولتنفيذ ذلك تم إرسال محمد أغا الجوقدار ومعه أرباب الحرف المختلفة والعمال لترميمها في هذه السنة، لكن خرج عليهم العُربان ونهبتها في منطقة وادي السدرة والخروبة. ونتيجة لذلك لم يتم ترميم قلعة نخل في هذه السنة، وأرجى ترميمها في السنة التالي 1156هـ/1743م، وكان ذلك في ولاية محمد باشا اليدكشي (1156ـ 1158هـ/1743 ـ 1745م) على مصر. كما تمت أعمال ترميم في القلعة في عهد السلطان محمود الثاني (1223 ـ 1255 هـ/1808 ـ 1839م) والوالي محمد علي باشا. وجُددت القلعة أكثر من مرة في عصر محمد علي باشا وأسرته، إذ تم ترميمها في عهد محمد علي باشا أثناء حملته على الوهابيين بالجزيرة العربية سنة 1226 هـ/1811م، واستخدمت كمستودع لمؤن جيش محمد علي؛ كما أنها رممت مرة ثانية في عهده فيما يبدو سنة 1247 هـ/1831م. كما تم تعميرها في عهد والي مصر إسماعيل باشا (1296-1279هـ/1879-1863م) ففي شهر رجب سنة 1279 هـ/ ديسمبر 1862م ـ يناير 1863م من أواخر حكم محمد سعيد باشا تمت الموافقة على فكرة عودة المحمل لاستخدام طريق البرّ بدلاً من طريق البحر عبر السُّوَيْس ثم إلى ميناء جُدَّةُ ثم المدينة المنورة، حيث أن ميناء ينبُعُ يكلف ميزانية الدولة الكثير وكان الحل العودة إلى طريق البَرَّ وما تبع ذلك من التوصية بإعادة تعمير القلاع الحجازية إلى حالتها القديمة، ويؤكد ذلك ما جاء بوثيقة مؤرخة من تلك الفترة. وفيما يبدو أنه بعد عودة طريق المحمل عبر البر تبعه الاهتمام بالقلاع التى على درب الحاج المصري وهي المعروفة باسم القلاع الحجازية، فتم تعيين مأمور لها حيث يوجد نقش كتابي من عهد الوالي إسماعيل باشا على قبة النخلاوي التي توجد شرق القلعة على مسافة غير بعيدة مؤرخ بسنة 1282 هـ/1865م، وأهم ما في هذا النقش أنه يشير إلى وظيفة " مأمور تعمير القلاع الحجازية" وهي من الوظائف الهامة التي كان يوكل لصاحبها مهمة أعمال ترميم وبناء ما يتهدم من قلاع طريق الحجاز وهي نَخْل والعَقَبَةُ والمُويلح والوجه، وكان يشغل هذه الوظيفة أيام والي مصر إسماعيل باشا هو خورشيد بك مهدي في الفترة من شهر شعبان سنة1281 هـ/ديسمبر1864م ـ يناير 1865م إلى شهر ذي القعدة سنة 1282 هـ/مارس ـ أبريل 1866م، ولابد أن قلعة نَخْل عُمرت في السنة التي نُفذ فيها النقش وهي السنة الثانية، لأنه في السنة السابقة وهي سنة 1281 هـ/ 1865-1864م كان يباشر تعمير قلعة المٌويلج على درب الحَاجِّ المصري بإمارة تبوك شمال غرب المملكة العربية السعودية الآن. كما أن قلعة نخل أجريت بها أعمال ترميم سنة 1293هـ/1876م، إذ توجد وثيقة مؤرخة في 4 ذو القعدة سنة 1293هـ/21 ديسمبر 1876م تُشير إلى عمارة مخازن ومحلات بالقلعة بالإضافة إلى عمارة ساقية وحوض للمياه، وكذلك القيام بتعميق الآبار عن طريق غواصين يُستقدمون خصيصاً لذلك. كما أن القلعة خلال القرن العشرين تعرضت لأعمال توسعة في ملحقتها الداخلية وأعمال تدمير وإعادة إعمار أكثر من مرة، ففي بداية القرن عندما كانت نَخْل قاعدة شبه جزيرة سيناء قام محافظي سَيْناء بتوسعة غرف القلعة التي كانت توجد حول الصحن، وتتكون من طابقين حيث جعلوا الطابق العلوي مسكناً للمحافظ وناظر القلعة، والأسفل مكتباً لهما ومخازن خاصة وكان ذلك قبل سنة 1906م؛ وقد تم تدمير جزء كبير من قلعة نَخّْل أثناء الحرب العالمية الأولى وذلك في 30 من شهر أكتوبر سنة 1914م، وبالتالي تبع ذلك بعد انتهاء الحرب تعمير القلعة مرة ثانية، ثم حدث أثناء العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956م تدمير قسم كبير من القلعة. وقد بنتيت دراستي لوصف عمارة قلعة نخل على عدة مصادر مختلفة وهي : أولاً : الوثائق التي تحدثت عن أعمال ترميم معماري تمت بالقلعة، وما جاء فيها من وصف ومقايسات لمنشآت القلعة. ثانياً : الوصف السابق لبعض من تعرضوا بالكتابة عن القلعة خاصة قبل تعرضها للتدمير. ثالثاً : بعض الرسوم والصور الفوتوغرافية للقلعة والتي وصلت إلينا سواء قبل أو بعد تدميرها عدة مرات أثناء الحروب المتتالية التي تعرضت لها شبه جزيرة سيْناء. رابعاً : الحفائر الآثارية التي قمت بها بالقلعة خلال عدة مواسم متتالية بداية من سنة 1993م والمستمر حتى الآن حيث كان آخر موسم قبل هذه الدراسة فبراير ـ مارس 2003م. والبُرْج عند تشييده في أيام السلطان قانصوه الغوري كان يشبه تخطيط بُرْج عَجْرُود، حيث يتكون تخطيطه من مساحة مستطيلة يدعم ركنين منهما برجان متناظران في الموقع، وقد تم تأكيد ذلك بعد الكشف عن بقايا بُرج دائري بالضلع الشمالي الغربي من القلعة الحالية، وهو برج الركن الغربي الذي يقابله بُرج الركن الشرقي وهو في نفس الوقت بُرج القلعة الشرقي الحالي والذي دمر في سنة 1956م وتم الكشف عن أساساته في أول موسم حفائر لي بالقلعة سنة 1993م، وتخطيط البرج عبارة عن مساحة مستطيلة تمتد من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي مساحتها 14,25x28,50م. فالقلعة حالياً من حيث التخطيط المعماري عبارة عن مساحة مربعة التخطيط طول أضلاعها ما بين الأبراج 28,5م، وارتفاع أسوارها 8,50م، ويدعم أسوارها خمسة أبراج، منها أربعة أبراج بالأركان تخطيطها ثلاثة أرباع الدائرة، يبلغ قطر كل منها 5,00م، والبُرج الخامس بالسور الشمالي الشرقي، وتخطيطه نصف دائري، وقد وضع بهذا المكان لحماية بِرك مياه القلعة، وتوجد بوابة القلعة بالسور الجنوبي الشرقي، بالقرب من البُرج الشرقي وذلك على مسافة 3,60م إلى الجنوب منه، والباب اتساعه 2,50م، وارتفاعه حوالي 3,52م، وكان متوجاً بعقد نصف دائري تعلوه الرنوك والنقش التجديدي، من اليمين إلى اليسار رنك السلطان قانصوه الغوري، ثم رنك السلطان مراد الثالث، ثم نقش السلطان أحمد الثالث، وأعلى هذه النقوش كانت توجد شرفه حجرية محمولة على كوابيل حجرية ومزودة بفتحتين لتستخدم في سكب الزيوت المغلية والمواد الملتهبة على من يحاول اقتحام بوابة القلعة، وجنوب فتحة الباب توجد شرفه حجرية ثانيه صغيرة، ويلغق على الباب مصراع خشبي مصفح بالحديد، تم اكتشاف بقاياه وهو يتكون من فردة واحدة وتتوسطه خوخة تفتح عند الحاجة فقط، وذلك لدواعي أمنية لزيادة الأمن والتعرف على من بخارج القلعة قبل الدخول واستخدامها في دخول الأفراد، تفضي هذه البوابة إلى دهليز المدخل المغطى بقبو برميلي عقده نصف دائري لاتزال بقاياه تدل عليه إلى الآن بنهاية الدهليز، ثم ينعطف الداخل يميناً حيث صحن القلعة، والمدخل صمم على طراز المداخل المنكسرة البسيطة التركيب التي تتكون من زاوية انكسار واحدة فقط على هيئة المرفق أو الكوع أو شكل حرق >"L" ، ذو تصميم غير بارز، وهذا النوع من المداخل شائع في العمارة المدنية والعسكرية الإسلامية بصفة عامة وبمداخل قلاع درب الحاجِّ المصري والشامي.
ويتوسط القلعة صحن كشف سماوي مستطيل التخطيط يمتد من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي مساحته 15,25x22,90م، تتوزع حوله غرف الإقامة والحواصل والمخازن التي كانت تتكن من طابقين ولم يتبق منها سوى كتله بالركن الشرقي مما يلي المدخل الرئيس مباشرة وبقايا الأساسات ببقية أضلاع القلعة.
وكان يوجد بداخل القلعة بئر بالركن الشمالي بجوار البّرج الشمالي، وقد تم الكشف عنها خلال موسم حفائر يناير ـ أبريل 2002م، وقد جاء ذكرها عند العديد من الرحالة والمؤرخين ، ويصفها صادق بقوله : "وفي سفل البُرج الشرقي البحري ساقية ماؤها قيسوني عمقها 22 متراً".
وكانت القلعة مزودة بمسجد صغير جاء ذكره عند النابلسي بقوله : ثم دخلنا إلى داخل القلعة وفيها مسجد صغير"، وهو يقع بالركن الغربي بجوار البُرج الغربي، بناءٌ على ما تم كشفه من فتحه شباك بهذا الركن مداميكها من الحجر الجيري مقطوعة جيداً، وبقايا من زخارف فتحة الشباك العلوية المتهدمة الآن وهي عبارة عن بقايا أحد مقرنصاتها الزخرفية، وهي التي وصلتنا لهاصورة قبل تدمير القلعة.
وقد أشار إلى هذا المسجد قبل تدمير القلعة روثنبرج"Rothenbergس ونشر صورة لإحدى الفتحات التي تعلو المحراب، ووصفها فقال: " بناء كبير ...، غير مسقف... في الحائط الجنوبي من المسجد يوجد محرابان ...، العلوي على ارتفاع حوالي أربعة أمتار من مستوى الأرضية".
وقد بُنيت القلعة بمداميك من الحجر الجيري المقطوعة جيداً، حيث سويت أركانها وتركت أوساطها ذات نتوء، وهي المعروفة باسم الأحجار المسنمة، ومقاساتها 30x62 :32x24 سم، ويبلغ ارتفاع أسوار القلعة الباقية حتى الآن كما في السور الجنوبي الغربي 2,80م، وأساسه يبرز للخارج بمسافة 12سم، وارتفاع السور الشرقي 3,90 سم وسمكه 95 سم، وهو أعلى أسوار القلعة الباقية الآن وبحالة كاملة كما كان عليه وقت أن كانت القلعة كاملة وغير مهدمة، وقد حدثت بالقلعة العديد من أعمال الترميم والإضافة عبر عصورها التاريخية وحتى العصر الحديث، وتعرضت القلعة للتدمير أكثر من مرة، وذلك خلال الحرب العالمية الأولى كما رأينا في 30 أكتوبر سنة 1914م، وأثناء العدوان الثلاثي على مصر 1956م، وقلت أهمية نَخْل بصفة عامة بسبب انقطاع درب الحاج منذ عهد الخديوي محمد توفيق سنة 1885م، وانتقال مركز محافظة سيْنَاء الإداري آنذاك في بداية القرن العشرين إلى العريش، وإنشاء خط سكة حديد فلسطين وتحول التجارة عبره بدلا من طرق القوافل البَرِّية مروراً بنَخْل.
حامية قلعة نخل
كان بُبرج نَخْل خلال العصر المملوكي جنود لحراسته وحراسة درب الحاج والمنطقة ولايفارق هؤلاء الجند البُرج إلا ببدل، وقد طبق عليهم نظام البدل ـ الذي فعله صلاح الدين الأيوبي من قبل خاصة في قلاع شبه جزيرة سيْناء ـ وهو النظام الذي جاء ذكره عند ابن إياس المعاصر للسلطان قانصوه الغوري حيث كان مقرراً بهذه القلاع والخانات جماعة من المماليك يقيمون للحراسة سنة ثم يعودون إلى القاهرة ويؤتى بغيرهم وذلك بخان الأزنم والعقبة ،ويعتقد أن هذا نظام الذي طبق أيضاً في عجرود ونخل إذ نجد له ذكر برحلات المغاربة الذين مروا بالمنطقة.
وكانت حامية نَخْل خلال العصر العثماني يطبق عليها نظام البدل الذي كان نظاماً أساسياً معتمداً في حراسة قلاع درب الحَاجِّ المصري منذ العصر المملوكي، وهو النظام الذي جاء بوصف الرحالة المغاربة لحامية عَجْرُود بقولهم : " في الحصنين المذكورين عسكر لا يفارقهما أبداً وكذلك غيرها من البنادر، في كل سنة يأتي قوم، فيذهب الذين كانوا فيه، ولهم جراية من بيت المال على ذلك".
وكانت نَخْل في العصر العثماني خلال النصف الأول من القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي بها حامية مكونة من : حصار ونُوباجِيَّة من الترك والقواسة، وذلك مثل الحامية التي في عجرود؛ وهذه الحامية التركية المكونة من القواسة والعساكر والطوبجية ومخزنجي وغيرهم وبلوك باش مزودة من المعدات بمدفع واحد فقط.
وكانت حامية نَخْل عند مرور بيركهارت بها في سنة 1226هـ/1811م تتكون كلها من خمسين جندياً.
كما أصبحت قلعة نخل من سنة 1256هـ/1840م ضمن إدارة القلاع الحجازية، التي كانت تتبع ديوان الروزنامة إدارياً، والقلاع الحجازية هي مجموعة القلاع الواقعة على درب الحاج المصري خاصة قلاع : " نخل والعقبة والمويلح وضبا والوجه" والتي أصبحت تعرف في الوثائق المعاصرة اسم : "الخمسة القلاع الحجازية" أو " القلاع الحجازية " أو " القلاع المعدة لتخزين مؤن الحُجاج"، والتي كانت تمثل تشكيلاً إداريا موحداً، وقد اهتمت الحكومة المصرية بتزويد هذه القلاع بالقوات اللازمة لحفظ الأمن على طول درب الحاج المصري منذ تكوين هذه الإدارة الخاصة بالقلاع الحجازية، وكان لها مأمور يشرف على عمارتها وتسيير أمورها.
ففي نهاية سنة 1277هـ/1861م من حكم الوالي محمد سعيد باشا صدر أمر كريم من الديوان إلى نظارة المالية بإلغاء القلاع الحجازية بما فيها قلعة نخل ونقل ما يوجد من المؤن والذخائر بهذه القلاع إلى السُّويْس، مع تسريح العساكر والموظفين، وتسليم حراسة القلعة إلى حراسة غير نظامية من أفراد معتمدين ومشايخ العربان الموجودين بالمنطقة، ويبدو أن السبب الذي كان وراء هذا الإلغاء هو تفكير الحكومة في إرسال المحمل والحُجاج بحراً تخفيضاً للنفقات، إلا أن الحكومة تراجعت عن هذا القرار وقررت عودة سفر المحمل براً إذ صدر أمر نظارة المالية في شعبان 1279هـ/ يناير1863م بناء على الأوامر الحكومية بإرسال المحمل براً، فأعيد العساكر والموظفون إلى أعمالهم مرة أخرى في التاسع من شهر شعبان من السنة نفسها.
وكانت حامية نَخْل وتسليحها عند مرور محمد صادق بها في سنة 1297هـ/ 1880م مكونة من : "محافظ ويوزباشي وملازم مخزنجي وبلوكباشي وستة وعشرين عسكرياً ببندق طرز قديم بشطفة وستة طوبجية ومدفع واحد نحاس طرز قديم بري ... وهناك عشش لسكنى العساكر".
وقد استمرت القلاع الحجازية في أداء عملها في حراسة درب الحاج المصري، من خلال القوة العسكرية الموجودة بكل قلعة على طول الدرب، ويلاحظ من خلال دراسة أعداد حاميات هذه القلاع خلال الفترة من سنة 1298هـ/1880م وحتى سنة 1302 هـ/1884م، أن أعداد حامية قلعتي نخل والعقبة كانت ثابتة فلم يطرأ عليها زيادة أو نقصان بعكس حاميتي قلعتي المُويلح والوجه في شمال الحجاز نظراً لأن عربان شمال الحجاز كثيراً ما كانوا يعتدون على قافلة الحاج المصرية، ومن ثم اهتمت الحكومة المصرية بزيادة أعداد القوات العسكرية الموجودة بهاتين القلعتين ، وكان يرأس كل قلعة منها ضابط برتبة يوزباشي يسمى ناظر القلعة، وله وكيل ينوب عنه في حالة تغيبه.
كما قامت الحكومة سنة 1300 هـ/1883م بتعيين أربعة أشخاص بوظيفة واعظ وإمام للقلاع الأربعة، وقد تم اختيارهم بمعرفة شيخ الأزهر لدوام إقامة الشعائر الدينية.
كن حدث تطور جد خطير على أهمية القلاع الحجازية بالنسبة لمصر في سنة 1300هـ/1883م، حينما أعلنت الحكومة المصرية رسمياً بدء المحمل المصري عن طريق البحر الأحمر عبر مينائي السوُّيْس والطُّور. ومنذ ذلك التاريخ فقدت هذا القلاع أهميتها كنقاط حماية لدرب الحاج، وإن كانت لم تفقد أهميتها الاستراتيجية باعتبارها مراكز استراتيجية لحماية حدود وبوابة مصر الشرقية من اعتداءات العربان التابعين للحكومة العثمانية على العربان التابعين للحكومة المصرية.
لهذا فإنه عقب صدور أمر نظارة المالية بتسريح العساكر الموجودة بقلاع سيناء وشمال الحجاز، تم تسليم هذه القلاع لشيخ عُرْبان التياها في أوائل سنة 1301هـ/1884م.
ولكن في السنة نفسها وبإيعاز من بريطانيا، ولأسباب تتعلق بالأهمية الاستراتيجية لهذه القلاع، صدرت الأوامر الحكومية بإلحاق هذه القلاع بنظارة الحربية في نهاية سنة 1302 هـ/1884م لأن الحكومة المصرية أدركت مدى أهمية استمرار وجود إدارة حكومية بهذه القلاع، وقد أحدثت نظارة الحربية تغييراً في عدد القوات الموجودة بهذه القلاع حيث لم يزد عدد هذه القوات عن 26 فرداً في أواخر سنة 1302 هـ/1884م، بينما كان عددها في سنة 1300 هـ/1883م قد وصل إلى 203 أفرادٍ، حيث قامت بإنقاص عدد العساكر بتلك القلاع، ففي نخل والعقبة تم إنقاص عدد العساكر إلى عشرة عساكر في كل قلعة، منهم ستة من المشاة وأربعة من الطوبجية يرأسهم ضابط برتبة ملازم كان مقره نَخْل.
وقد قررت الحكومة المصرية ربط القلاع الحجازية بعضها ببعض عن طريق تسيير البريد بصورة دورية بين هذه القلاع، فعينت اثنين من رجال الهجانة لتوصيل الرسائل وضمان عدم انقطاعها تحسباً لحدوث أي طارىء.
وكان بنخل خلال بداية القرن الرابع عشر الهجري /أواخر التاسع عشر الميلادي حامية تشتمل على عدد من الجنود الطوبجية " المدفعية" وبلوكباشي، وهو ما يوجد بوثيقة عبارة عن حجة بيع قطعة أرض مؤرخة في18 من شهر شعبان سنة 1305هـ/30 أبريل1887م، وكان البائع أحد العساكر الطوبجية بقلعة نخل وهو سلمان محمد، والمشتري بلوكباشي قلعة العقبة وهو إسماعيل أحمد البدري، وأحد الشاهدين على حجة البيع بلوكباشي قلعة نخل وهو عبد الله عبد الغني من أجداد النخلاوية سكان مدينة نخل حالياً مع قبيلة التياها.
ومنذ سنة 1306 هـ/1888م رأت الحكومة ضرورة الاهتمام بما تبقى من القلاع الحجازية، فأصدرت نظارة الحربية أمرها بوضع هذه القلاع تحت إدارة واحدة " قومندانية"، تحت رئاسة " قومندان القلاع الحجازية"، وتولى رئاسة هذه القلاع منذ إنشائها سعد أفندي رفعت. كما اهتمت بزيادة عدد القوات الموجودة بهذه القلاع، فوصل عدد القوات الموجودة بقلعتي المُويلح وضبا إلى 38 فرداً خلال الأعوام من سنة 1306 هــ/1888م وحتى سنة 1309 هـ/1891م، والعدد نفسه بقلعتي العقبة ونخل، بواقع 19 فرداً بكل قلعة.
وفيما يبدو أنه بناء على التنظيمات الجديدة أصبح لقلعتي نخل والعقبة ناظر واحد وذلك في وثيقة مؤرخة في 21 جماد الأول سنة 1309 هـ/24 ديسمبر 1891م، وموضوعها خطاب من ناظر قلعتي العقبة ونخل إلى ناظر قلعتي ضبا والمُويلح، وموسومة بختم ناظر قلعتي العقبة ونخل.
وخوفاً من المطامع العثمانية في شبه جزيرة سيناء، رأت الحكومة المصرية أن تعزز وجودها العسكري فيها، فبدأت بالاهتمام بما تبقى لها من حدودها الشرقية، فأنشأت في سنة 1310هـ/1892م، "حامية شبه جزيرة سيْناء"، وقد ظل سعد أفندي رفعت، الذي كان يشغل وظيفة قومندان القلاع الحجازية، قائداً لهذه الحامية الجديدة.
واستمرت مصر تمارس سيادتها وإدارتها على قلاع شمال الحجاز" ضبا، المُويلح، العقَبَةُ" حتى حدوث أزمة الفرمان سنة 1309 هـ/1892-1891م والتي كان من نتائجها تنازل مصر عن هذه القلاع للدولة العثمانية بعد مفاوضات طويلة بين الحكومة المصرية وبريطانيا من جانب والدولة العثمانية من جانب آخر.
ومنذ سنة 1309 هـ/1892م لم يتبق لمصر من قلاع طريق الحج المصري سوى قلاع سيْناء، وبالتحديد قلعة نخل، وانحسرت بذلك حدود مصر الشرقية إلى حدود العقبة بعدما كانت تمتد إلى الساحل الشرقي للبحر الأحمر في شمال الحجاز حتى جنوب الوجه.
وقد بغ تعداد الحامية العسكرية الموجودة بقلاع سيناء الوسطى والجنوبية في سنة 1310هـ/1893م حوالي 53 فرداً، موزعة على تلك القلاع، فكان تعداد أفراد قلعة نَخْل 13 فردا، وقلعة نويبع 22 فرداً، ومحطة الطُّور 14 فرداً، ومركز قيادة الحامية في نخل أربعة أفراد. وظل تعداد قوة هذه القلاع ثابتاً حتى سنة 1906م، فيما عدا مركز قيادة الحامية الذي ارتفع تعداد القوة الموجودة بها إلى ستة أفراد.
ومنذ سنة 1322هـ/1904م بدأت الحكومة المصرية تخصص مرتبات لمشايخ العربان في سيناء الجنوبية والوسطى، وقد بلغ إجمالى هذه المرتبات حوالي 180 جنيها سنوياً خصصت من ميزانية الحكومة. وكانت الحكومة خلال الفترة السابقة تخصص مرتبات للعربان التي يقع طريق الحج ضمن " دركاتهم"، ومع التطورات التي طرأت على الحدود الشرقية لمصر منذ سنة 1309 هـ/1892م، تقلص عدد القبائل التي كانت تنتفع من تلك المرتبات وانحصرت فقط في قبائل سيناء الوسطى والجنوبية.
كما كانت نخل منذ سنة 1325هـ/1907م مقراً لمدير سيناء الإنجليزي برتبة قائمقام " بعد أن أصبحت سيناء مديرية، وكان بها في أواخر الربع الأول من القرن العشرين مجموعة من الجنود، إذ يذكر ذلك جارفس"Jarvisس حاكم سيناء الإنجليزي في تلك الفترة بقوله : قلعة نخل ـ متهدمة يحرسها جُند قليلون".
3. المسجد الجامع
كان يوجد بنخل مسجد جامع يقع خارج القلعة إلى الجنوب الشرقي منها، وفيما يبدو أنه شيد في عهد أسرة محمد علي حيث لم يرد له ذكر في كتابات الرحالة والمؤرخين الذين مروا بالمنطقة في طريقهم للحج، فيبدو أنه شُيد بالتحديد قبل الحرب العالمية الأولى عندما نشأت المدينة بالقرب من القلعة عندما اتُّخِذَتْ عاصمة إدارية وقاعدة لكل إقليم شبه جزيرة سيناء.
والمسجد من خلال ما وصلنا من صور فوتوغرافية له قبل تدميره كان عبارة عن مساحة مستطيلة تمتد من الشرق إلى الغرب وله حنية محراب بارزة إلى الخارج، وباب رئيس بالركن الشمالي الغربي، وكانت له مئذنة أسطوانية الشكل دمرت فيما يبدو سنة 1956م، وفيما يبدو أنها بُنيت في الفترة التي تم فيها ترميم القلعة بعد تدميرها خلال الحرب العالمية الأولى، وذلك طبقاً للصورالفوتوغرافية المأخوذة للمسجد والقلعة قبل وبعد ذلك التاريخ حيث لاتوجد المئذنة في صورة ترجع إلى سنة 1916م وأخرى ترجع إلى سنة 1956م، ويبدو أنه قد استعيض عنها بسلم صاعد ينتهي ببسطة لوقوف المؤذن عليها، والسلم ملتصق بالجدار الشمالي الغربي بجوار الباب يصعد المؤذن عليه لينادي للصلاة، وفيما يبدو بالرغم من خرابه منذ فترة بعيدة إلا أنه كان موجوداً حتى سنة 1968م، وهذا المسجد والمئذنة لا أثر لهما الآن.
4. المنشآت الجنائزية"القبة والمقابر"
كان أول ذكر لوجود شيخ مقبور بنَخْل سنة 1080هـ/1669م عند النابلسي بقوله:" وهناك في الخارج قبر الشيخ محمد الغزاوي من أولياء الله الصالحين".
أما محمد صادق فقد أشار سنة 1297 هـ/1880م إلى وجود الشيخ النّخِل "أي النَخْلاوي" بقوله : "بالقرب من الجهة الشرقية القبلية للقلعة مقام يسمى الشيخ النخل باسمه سميت البقعة والقلعة". ولكنني أعتقد أن صادق لم يكن موفقاً في تحديد اسم نخل بالشيخ المدفون هناك، لأن نخل معروفه ـ على حد علمي ـ بهذا الإسم منذ أيام دولة الإخشيديين، فعندما مربها الشاعر المتنبي في هروبه من كافور الإخشيدي، ذكرها في أحد أبيات الشعر التي نظمها في أثناء ذلك، وهذا ما وضحناه في تفسير اسم نَخْل.
ويمكن القول أن الشيخ نسب إلى نَخْل وليست العكس، وأن الشيخ النَخْلاوي ربما يكون هو الشيخ محمد الغزاوي الذي جاء ذكره عند النابلسي، ونسُبه إلى نَخْل طغى عليه فأصبح يعرف بالنخلاوي، وهو جد النَخْلاوية الحاليين القاطنين بنَخْل.
المصدر : كتاب درب الحاج المصري في سيناء "دراسة تاريخية آثارية معمارية" سامي صالح عبد المالك



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات