قالوا قديما " ان الحاجة ام الاختراع " ومن الإرادة يصنع النصر، لكن... هل يمكن أن تكون الحاجة ممر للاستغلال أو الموت أو الثراء ؟
فلقـد لفّ السـواد والحـزن رفـح مدينـة القبـورالمتحركـة أقصـى جنـوب قطـاع غـزة، والتـى اصبحـت المعروفـة بمدينـة "القبـوروالموت الجماعـي" ، فمـرة بعـد مـرة تتهـاوى مدينـة الأنفـاق مـع كـل يـوم يمـر، بعـد أن تضاعـف عـدد الانفـاق بها وقلـت المسافـات بينها ،اضافـة إلـى القصـف الصهيونـي المركـز حولهـا الـذي يحـدث مـن وقـت الى اخـر، أو وبفعـل التفجيـرات التـي تتـم خـلال عمليـة تدميـرلبعـض الأنفـاق المكتشفـة عـلى الحـدود المصـرية الفلسطينيـة ،وقد اصبح واضحا أن تلـك القبــور التـي يبنيهـا الفلسطينيـون بأيدهـم علـى طـول الحـدود ، تجلـب الكثيـر مـن الكـوارث علـى ابنـاء غـزة كافــة ، بفعـل اداة الحصـار التـى نالـت مـن كـل مـوارد الحيـاه الاجتماعيـة والاقتصاديـة ، واصبـح العامـل الفلسطينـي ضحيـة وفريسـة سهلـة بأيـدي بعـض التجـار والمعلميـين " رجـال الاعمـال حاليـا " كمـا يحبـون ان يطلـق عليهـم ، فبعـد ان استطاعـوا ان يحـولوا غـزة الى سـوق مصـري يحمـل كـل المواصفـات القياسيـة المصـرية 100% ، فجلهـم لو أصدقـنا القـول او نسبـة منهم اعتقـد انها لا تتقـن ان تكتـب حـروف اسمها أو لا تجيـد القـراءة .
كـل ذلك جـزء من مسلسـل اسمـه " ضحـايا الانفـاق والمـوت القـادم مـن الجنـوب " الذي يتايع جميع حلقاتـه الفلسطينيـون بترقـب و بقـلق دائمـا كـل يـوم علـى مـدار الساعـة ، كمـا يتابـع العـرب المسلسلات التركيــة بشوق ولهفة .
فبالرغـم مـن المخاطـر الكبيـرة الا ان العمـل في الأنفـاق مستمـر ومتزايـد ، بسبـب النسبـة العاليـة مـن البطـالـة وظـروف المعيشـة الصعبـة ، إذ يتعايـش آلاف الفلسطينيـين على أعمـال الأنفـاق بـدءاً من أعمـال الحـفـر وصـولاً إلى تجـارة البضائـع المهربـة، وخصوصا في ظل تحقيـق نسب أربـاح طائلـة أوصلت البعض من التجـار واصحاب الامـوال الى سلـم المليـارات والملاييـن والثـراء ، ومع ذلك لا يكـاد يخلوا يومـا بـأن تشاهـد او تسمـع خبـرجديـد من ذلك المسلسـل الملئ بالمفاجئات ،وخصوصا الارواح الجديـدة التى تحصـد فى مديـنة الاثريـاء تقريبـا كـل يـوم .
فخلال الأيـام القليلة الماضية قتـل ما يزيـد عن عشرة فلسطينيين حرقـاً و خنقـاً ، وهذا يرفع عدد قتلى الأنفـاق الى أكثر من مائـة وعشـرة فلسطينيين منذ عــام 2008 حتي اليوم ، فجميـع هؤولاء القتلـى خسـروا حياتهم من أجل البحث عن فرصـة عمـل تسـد رمق الحياه أو لدفع ايجار بيـت يستر العائلة من شبح التشـرد والضياع أو لشراء دواء لوالـدة أو أب مريضيين يصارعون المـوت أو طفل يحتاج الكثيـر من متطلبات الحياه.
- فمن يتحمل مسؤولية تلك الارواح التى قضت من اجل حياه كريمة لها ولأطفالها؟ ومن يكفل العيش بكرامـة لاسـر فقـدت معيلها الوحيـد؟ والى متي سيظل الشعـب الفلسطينـي بغـزة يعيـش فى تلك الظـروف القاسيـة ؟
فممـا لاشك فيه إن دمـاءالفلسطنييـن التـى دفنت من اجل توفيـر حيـاه كريمـة ،هـي مسؤوليـة كـل من شارك ويشارك في حصار ابناء الشعب الفلسطيني بغزة سواء من الداخل او من الخارج بالفعل او القول او المماطلة فى الحوار .
والان .. اصبح من الواضح أن نتائـج تجـارة الأنفـاق تبـدو كارثيـة ، وساهـمت فـي انحطـاط كبيــرداخـل المجتمـع مـن جـراء ادخــال بعض الممنوعات والمخـدارات والمنشطـات بفعـل التهريب ، ولكـي يدمـر ما تبقـى من جيوش البطـالة التـي تكونـت بفعــل الحصـار الاسرائيلـي الخانق .... فوسـط الحـرارة الخانقـة والهـواء المحـدود، يجـد العامـل الغـزي الذي اثقلتـه الهمـوم واجبرتـه الحيــاه المريـره مكانـه اسفـل الأرض حيـا لعلـه يحلـم بمستقبل قـد يسـلب منـه فـي ذات المكان إذا انهـار النفـق وابتلعتـه الرمال .
التعليقات (0)