مدى جدية الصادق المهدي في الترشح للرئاسة السودانية؟
الصادق المهدي
لا يبدو الصادق المهدي صادقا أو جادا في أمر ترشيح نفسه للجلوس على كرسي رئاسة الجمهورية عبر الانتخابات المقبلة بتاريخ أبريل 2010م وذلك لعدة اسباب أهمها أنه يدرك أن أمر هذه الانتخابات ونتيجتها محسوم سلفا..... وأنه مهما حاول وجادل بعد ظهور النتائج الرسمية فإن صوته سيضيع في خضم الإستحقاقات الكثيرة والكبيرة التي تنتظر رئيس الجمهورية عقب هذه الانتخابات وأهمها تلك المتعلقة بمستقبل وحدة السودان بعد إنفصال الجنوب.
وبالتالي ووفقا لحساسية وضعه الروحي الإستثنائي وسط طائفة الأنصار فإنه لن يأنس في نفسه الرغبة بالمجازفة الخرقاء لأن يضع نفسه في محك القبول أو الرفض الشعبي ، مما قد تتحطم وتخبو على أثره العديد من الأبراج العاجية والهالات النورانية التي يحرص على تكريسها كإمام وزعيم روحي تدعمه الحضرة النبوية ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وفقا للقناعات الراسخة وسط الجنسين من بلهاء وبسطاء وعواجيز عموم أتباع طائفته في الحلاّل والقرى والريف والحضر.....
ثم أن تولي الصادق المهدي رئاسة الجمهورية في هذه المرحلة بالذات ستضعه في مطب ضرورة المضي قدما في تنفيذ عدة بنود مفصلية من إتفاقية نيفاشا التي سبق وأن إعترض على تفاصيلها .. ومن ثم فليس من الحكمة أن يلطخ يديه وحزبه بتنفيذ تفاهمات وإتفاقيات علنية وسرية توشك أن تؤدي إلى تقسيم البلاد دون أن يكون له حضور فيها.
وبإلقاء نظرة متعمقة لما أقدم عليه الصادق المهدي سيكشف منها أن ما تم إنما يصب في خانة التفاهمات والصفقات الحزبية التكتيكية المؤقتة مع المؤتمر الوطني . وأن أجلها سينتهي قبيل توجه الناخبين لصناديق الاقتراع بإنسحاب الصادق المهدي بعد إختلاق العديد من الذرائع التي لن يجهد نفسه كثيرا في البحث عن نواشئها ومعطياتها وفق ما إعتدنا عليه منه من مناورات سياسية يجيدها منذ أن كان طفلا يحبو في مجال المكايدات السياسية على عهد عمه الراحل الهادي المهدي والحرس القديم من أمثال محمد أحمد المحجوب.
في جانب حزب المؤتمر الوطني فإن إعلان الصادق ترشيح نفسه لهذه الانتخابات يمنح مرشح الحزب الحاكم "عمر البشير" الشرعية السياسية التي كان يبحث عنها ليتلفح بها بعد أن خلع عن نفسه " كـاكـي" الشرعية الثورية ....
ولأجل ذلك رأينا وسمعنا الرئيس عمر البشير وقد رحب بإقدام الصادق المهدي على ترشيح نفسه لمنافسته بوصف أن مجرد ذلك يعطي المزيد من المصداقية والإنطباع بالشفافية لهذه الانتخابات القادمة ويفشل محاولات الإستهزاء والإستخفاف التي حاول كل من الترابي والحركة الشعبية لتحرير (جنوب) السودان إضفائها عليها وإلصاقها بها عبر ترشيح بعض الأعضاء اللائذين بهما المهمشان لديهما ألا وهما "عبد الله دينق" و "ياسر عرمان" على التوالي ، وهما اللذان لا يصلحان حتى لرئاسة صندوق جمعية شهرية في حي شعبي لنازحين ؛ ناهيك عن رئاسة جمهورية لن يكون بإمكانهما التمتع بأوراق جنسيتها الثبوتية بعد إنفصال جنوبها المأمول عام 2011م.
كذلك وفي إطار هذه التفاهمات فإنها تشكل فرصة ذهبية لدى المكتب السياسي لحزب الأمة القومي لإعادة تنظيم صفوف كوادر الحزب وإستكمال التعبئة القاعدية (مجانا) هذه المرة على حساب خزينة حزب المؤتمر الوطني المترعة بأموال النفط . وهو ما يجنب الصادق المهدي من ناحية أخرى الكثير من النفقات والمصاريف التي يخرجها من خزينته الخاصة أو على إعتبار أنه ودائرة المهدي بابان لخزينة واحدة.
وغني عن القول بأن الفترة المتبقية من الآن وحتى الانتخابات ستشهد حراكا متناميا في العاصمة والأقاليم لتجميع صفوف الأنصار وما يستلزمه ذلك من جرايات وهبات ومنح وعطايا وهدايا وكساوي وذبائح وولائم ومشروبات غازية وعصائر بالنكهة الصناعية ومصاريف انتقال وفواتير كهرباء ومكبرات صوت ........ إلخ من مصاريف تعبوية أساسية متعارف عليها لدى الخبراء في هذا المجال.
ولاشك أن الصادق المهدي يحسبها فرصة سانحة كي يستغل هذه التعبئة (المجانية) لتحييد وإستنزاف قدرات وقطع الطريق نهائيا على إبن أخيه المشاغب الشرس "مبارك الفاضل المهدي" غريمه الأول في داخل العائلة المهدوية وهاجسه الأوحد الذي يعترض سعيه الدؤوب لتوريث سجادة الإمامة لواحد من أبنائه.
محمد عثمان الميرغني زعيم طائفة الختمية
ويتبقى بعد كل هذا إنعطاف على الوضع داخل معسكر الطائفة الميرغنية وحزبها (الإتحادي الديمقراطي) ؛ والتي لا أظن أنها في حاجة ماسة إلى تفاهمات مع حزب المؤتمر الوطني للحصول على مجانية تعبئة من خزينة النفط . وذلك على ضوء أن نفقات ومصاريف التعبئة السياسية والطائفية الخاصة بالميرغنية وحزبها الإتحادي الديمقراطي ؛ دائما ما تكون على حساب خزينة إدارة شئون السودان بوزارة الخارجية المصرية والتي لا ترى في صعود شخص آخر لكرسي القصر الجمهوري بديلا عن عمر البشير في الفترة المقبلة ما يحقق إستقرار السودان (عمق مصر) الموحد أو المقسم بعد إنفصال الجنوب الذي بات قاب قوسين أو أدنى.
التعليقات (0)