مدفع الافطار

مدفع الافطار
هناء حمزة
انه موعد الافطار ولكن اين صوت المدفع ؟..في بال حبر رمضان الوطن ..لم يستطع رغم اغترابه لسنوات طويلة ان ينسى صوت المدفع الوحيد العذب في لبنان مدفع الافطار..لم يكن صعبا على حبر على الرغم من اعوامه القليلة صيام طول يوم رمضان في شهر تموز ..فالنهار بحرارة شمسه وطول ساعاته يمر بسرعة في كنف العائلة وقلب الوطن..رمضان في ذلك الحي الصغير يبدو مهرجانا تستعد له الجدة والوالدة و يعد له الجيران العدة اما التحدي فيشغل بال اولاد الحي فمن هو اشد صلابة في فتك النهار والصمود لموعد مغيب الشمس..وطبعا صيام الشهر الكريم لا يقف في وجه ركوب الدراجة او القفز بالحبلة ولعب "العفريتة "...النهار يمضي ويأتي وقت الطعام ..فتصمت الطرقات الصاخبة و تترك الشوارع للشمس حتى تنام ..حتى دكان الحي الصغير يغلق بابه عليه ليكسر صيامه..الطاولة جاهزة وحولها تجتمع كل العائلة من دون عذرغياب بسبب ضغط العمل او واجب اجتماعي ..لحظات ثم "ضرب المدفع"..واول الجالسين على الطاولة هو حبر طبعا .. يشرب كوب شراب القمر الدين البيتي دفعة واحدة وبعدها تبدأ الحيرة من اين يبدأ ..كل ما هو على الطاولة شهي ؟؟يختار ان يبدأ من حيث لم يبدأ الاخرون وينتهي بالكربوج او زنود الست ثم لا بد من رأس العبد من دكان الحي ينهي به جولة الافطار ويلتقي بأولاد الحي قبل ان تطالبه امه بالعودة سريعا الى المنزل ..تمضي فترة ما بعد الافطار سريعا قبل ان يستعد حبر للمسحراتي او "الوداع " في طرابلس لأنه غالبا ما يختفي كل الشهر ويبدا بالظهور في الايام الاخيرة ليأخذ العيدية من سكان الحي .. يدور حبر خلف موكب الوداع من منزل الى اخر ..والفرحة تكاد لا تتسع في صدره ..وعند كل بيت ينضم اولاد البيت للمسحراتي حتى ينهي الحي مع كل اولاده..انها التقاليد انها العادات انه رمضان الحي في كنف العائلة وقلب الوطن...
انه شهر رمضان المبارك ..لا يعرف حبر كيف مضى اول يوم من الشهر الكريم ..النهار كاد لا ينتهي ..عقارب الساعة لا تتحرك ..الشمس حارقة على الرغم من انه لم يفارق المنزل ..الحر قاتل على الرغم من المكيف الذي لا يتوقف..... مهرجان رمضان هنا يختلف والجيران لا عدة لهم ..اما التحدي فبأن تجد يا حبر من تضمه الى مائدتك او تنضم الى مائدته حتى لا تمضي وحيدا على الطاولة بانتظار ان يضرب المدفع ...عذرا هنا في الاغتراب لا يضرب المدفع لكن سيصمد حبر الى ان يضرب المدفع ...