مواضيع اليوم

مدد ياشيخ سعد ...مدد

الشربينى الاقصرى

2013-03-25 18:09:55

0

 

مدد..ياشيخ سعد ..مدد..
.للشربينى الاقصرى .
اهداء:
الى روح عم (رشدى أب فكرى -رحمه الله-)
الرجل (الأمى)الذى ألهمنى الفكر والخيال .
والى روح عم (حجاج أب عبد العليم -رحمه الله-)

هذاالعاشق(للادب والفن) والراوى العظيم .
----------------
وأيضا اهداء:
الى الكرنك أرض التاريخ ومهد الحضارات ومهبط الفكر والالهام ..الكرنك حيث كانت نشأتى وتكوينى..وهى حبى وحنينى ..هى وطن(أمى الحنون)...انهاأرض الأمومة الغالية:
------------------------
مدخل:
( انه الواقع ..محفور فى الذاكرة ..نحبه.. نكرهه هو جزء منا..بزمانه ومكانه وشخوصه بهذا الانسان الكائن القوى الضعيف.. الحى الميت )
................................................
1- رشدى أب فكرى.
لايعرف الحزن عنوانه وهو لايعرف للحزن عنوانا ..لا تشغله هموم الدنيا فالدنيا عنده كما يقول :(دنيا فانية...والزمن فيها دخان... واللى متمسك بها خسران)ويقول عنها أيضا:( دنياغرورة واللى متحزم بيها عريان )ويقول ايضا:(دنيا غرورة وكاسها حامى ...كداب مين قال دايمه لى ).
فى أشد لحظات الحزن تراه ضاحكا والابتسامة لا تفارق وجهه .له ألف حكاية وحكاية مع أهالى الكرنك كلها حكايات تجعلك تودع الحزن طائعا وتستقبل الفرح ضاحكا مستلقيا على الارض من شدة الضحك ومن طرافة وغرابة الحكايات والمواقف التى كان يصنعها (رشدى أب فكرى)ابن النجع التحتانى بالكرنك القديم بالاقصر. 
يراهنه أحدهم على أن يخلع ملابسه كلها ويصبح عاريا كيوم ولدته أمه ويركب دراجة ويلف بها

( نجوع )الكرنك والثمن رخيص جدا اما أن تعطيه(قرشا )أو( قرشين)وأحيانا اما(سيجارة) أو( سيجارتين) وربما تعاطف معه بعض الاهالى من المشجعين له وزود أحدهم قيمة الرهان (قرشا) آخرأو( سيجارة )أخرى.
مرةأخرى يراهنه أحدهم على أن يطوف( نجوع )الكرنك ممسكا (شمسية)أى (مظلة) فى منتصف الليل(حيث لا توجد الشمس ولا توجد حرارتها )لكنه (رشدى أب فكرى)يخترق قوانين الحياة ويلف حوارى ودروب الكرنك ممسكا (الشمسية) والثمن البخس المعلوم (القرش او السيجارة ).
2-لوحة للموت حزينة.
يوم أن ماتت أمه جاء من الاقصر ووجد الرجال يبكون و(يسبلون ) والتسبيل هو أن يضع الرجل منهم يديه خلف ظهره ويروح ويجىءباكيا قائلا بأعلى صوته :(على ما حكم الله ياولداتى...)أو(على ما حكم الله ياوالدى..) أوعلى ما حكم الله ..ياابنى او ياابنتى... أو ياأخى أو ياأختى....الخ )..ومنهم من يقول :(الامر بيد الله ياوالداتى...أوياوالدى... الخ)والبعض الاخر يقول :(على ما اراد الله ياوالداتى ...أوياوالدى...الخ) كل(مسبل)يسبل مناديا حسب درجة قرابة الميت له. اما اذا كان الميت شابا أوعزيزا على أهله يلف الرجال حول صلبهم (حزاما ) من (الحبال) المصنوعة من (ليف )النخيل...و(يسبلون بصوت عال )..أما النسوة (فيصرخن ويلطمن على خدودهن ووجوههن ويشققن جيوبهن)وهناتظهر براعة كل امرأة فى اللطم والندب علي الخدود ...وربما تتباري بعض النسوة اللائى تربطهن قرابة بعيدة بالميت أو النسوة اللائى جئن للمجاملة فقط يتباري الجميع في إبراز مواهبهن في اللطم والندب واظهار بعض مفاتنهن .
اما أقارب الميت من النسوة فيضعن الطين أو(صبغة النيلة) على وجوههن ويمزقن جزءا من ثيابهن ويتركن شعورهن محلولة الضفائر بلا غطاء على الرأس أما الفتيات اللائى لم يتزوجن بعد فتتباهي كل فتاة بشعرها لعلها تروق فى عيون الشباب ...انه نوع من الغزل وأحيانا كنوع من (عروض)البنات(العذارى)الراغبات فى الزواج أما الشباب فيختلسون النظرات وسط الحزن والحسرات فى يوم لارقيب فيه ولا حسيب وشعارهم الحكمة الشعبية القائلة(الحى أبقى من الميت).
واثناء الصراخ تقول النسوة عبارات وكلمات مثل(بوووو)و(يابووووى) و(ياجووووور) وكلمة (بو)ربما تكون اسما لاله فرعونى قديم مختصا بالموت كما تقول الحكايات الشعبية القديمةأما كلمة:(ياجور ..ياجور) ربما تعنى (ياظلم.أو.ياظالم) وربما مأخوذةمن لفظ (الجورأى الظلم).
ويقلن أيضا(يا حبيبى ياخويا..يا شقيقى ياخويا ...ياحبيبتى يا خيتى ..ياشقيقتى ياخيتى )الى اخر هذه النداءات التى تختلف من ميت الى ميت حسب العمروالنوع والجنس ودرجة القرابة للميت.كما أن طريقة( الموت ) تدخل فى هذه النداءات والاستغاثات فالنداء على الميت (الغرقان )غيرالنداءعلى الميت( المحروق) غيرالنداءعلى الميت( المقتول) بخلاف من مات على (سريره) .وتستمر النسوة بعد ذلك فى قول مرثيات جنائزية تسمى(العديد) وهو عبارة عن بكائيات جنائزية شعرية. ومن هذا(العديد) مثلا ما يقال على امرأة ماتت وليس لها(أولاد) :
مال الولية نعشها بيميل
ملهاش ولد وسط الرجال بيشيل.
مال الولية نعشها مايل
ملهاش ولد وسط الرجال شايل .
أما ان كان الميت طفلة صغيرة فيقولون :
يامشمشة خضرة وطرية
صبحت على الدرباز مرمية
يامشمشة خضرة ورويانة
صبحت على الدرباز دبلانة .
وعلى البنات اللائى يمتن فتقول (العدودة )ان البنت غالية على اهلهامثل الولد وربما اكثر :
(كداب من قال
نار البنات اتهون
نار البنات
امولعة ببلول ).
و(البلول)هوبذرة ثمرة شجر(الدوم)وهى ذات نار قوية لاتنطفى بسهولة .
3-الحزن والابتسام.
قال حجاج أب عبد العليم :
يرجع مرجعونا الى عم (رشدى أب فكرى )الذى كان عائدا من الاقصرفوجد جنازة أمه أمامه ... دخل المنزل خلسة وبسرعة ولبس جلبابا قديما لأمه ثم أحضر جريدة نخل كبيرة وركبها كالحصان الذى يلهو به الأطفال وأخذ يروح ويجىء أمام الناس ويخاطب جريدة النخل كأنها حصان قائلا :أسرع ..أسرع أيها الحصان كى نذهب الى المعركة ...حتى ظن الجميع أنه من شدة حزنه على أمه أصيب بالجنون ...(الا عم حجاج أب عبد العليم) العارف بألاعيب (رشدى أب فكرى).
بعدالأنتهاء من مراسم الغسل والتكفين والتشييع والدفن والعزاء لمدة سبعة أيام فى الديوان- بعد هذا كله- عادعقل (رشدى اب فكرى) الى رأسه وقال للحاضرين من اهله: (يااولاد الكلب)لو لم افعل ذلك لكنت انا الذى تحملت مصاريف الجنازة كلها الحمد لله الذى اخذ عقلى فى هذه الايام كى تقوموا بالواجب نحو الجنازة والعزاء ودفع المصاريف ثم اخذ يضحك ويضحك ثم ضحك معه جميع الحاضرين .
4-لوحة للفرح مبتسمة.
أما هذه الحكاية التى لم أشاهدها ولم أحضر حتى أيامها لانها حدثت أيام الزمن الماضى أيام شباب (رشدى اب فكرى) والتى رواها لنا أحد أصدقائه وهوعم (حجاج اب عبد العليم ) المقيم فى نجع (السبتية) بالكرنك ..وعم (حجاج أب عبد العليم) كان عاشقا للقصص والحكايات مولعا بالفن الشعبى وخاصة السير الشعبية كسيرة ابى زيد الهلالى والزير سالم وعنترة بن شداد والاميرة ذات الهمة وحكايات الف ليلة وليلة. وكثيرا ما كان يذهب الى مجالس الذكر الشهيرة فى ذلك الوقت ويسمع للمنشدين والمداحين المنتشرين فى الصعيد وخاصة فى قرى مدينة الاقصر مثل(الشيخ ابراهيم البخ) والشيخ (احمدالبرين) وتلميذه(احمدالعجوز)و(ابوحامد) واولاد اسنا والشيخ( يس التهامى) .وكان عم (حجاج اب عبد العليم ) عاشقا لصحبة (رشدى اب فكرى )لما يتمتع به من طرف وحكايات وكان (رشدى اب فكرى)هو الوحيدالذى يتجرأ على المنشدين والمداحين ويطلب منهم (دورا أخضر)والدور الاخضرعبارة عن شعر شعبى فيه(غزل)صريح او عفيف مثل قول أحدهم يناجى حبيبته :
صدر الحليوة
طرح رمان ...ياحماره .
والورد ع الخد
كالتفاح.....ياحماره .
جرى كيف الغزال
فى الفجر....ياحماره .
راسم جريدة..ياليل
ونخلة كمان ببلحها
واللى كويه الغرام
ع المر...يبلحها
والناس جرحها
حلا الرمان ...ياحماره .
5-موت سعد العبيط ومولد الشيخ سعد .
اتكأ عم (حجاج أب عبد العليم )على حائط سور معبد الكرنك بعدما اشعل سيجارته وشفط منها نفسا عميقاثم قال :
خرجنا ذات ليلة انا و(رشدى اب فكرى) نبحث عن (حمار) ضاع منه فى اطراف قرية من قرى جبال الصعيد الوعرة بجوار قرية (المدامود).
قال عم (حجاج اب عبد العليم ):
أقدامنا تاهت عن الطريق وساقتنا الى قرية مجهولة لاول مرة نراها.
كان الليل فيها بلا قمر يضىء فى السماء .. ولا نجوم تتلألأعلى الارض ..اتحد الظلام مع هذه القرية ولفها فى ثياب سوداء فلا ترى فى طرقاتها الا بصيص سجارتين لرجلين تائهين فى لجة من الليل البهيم وكأنهما نجمتان تسيران على الارض.
أكمل عم (حجاج اب عبد العليم) سيجارته ورمى بها على الارض وهو نادم على فراقهاكأنما يفارق محبوبته ثم اكمل حكايته قائلا :
من مسافة بعيدة مظلمة سمعنا صراخا وعويلا وبكاء اقتربنا منه ثم اقتربنا الى ان وصلنا الى القرية ولمحنا عن قرب جموعا من الناس ...دخلنا وسط هذه الجموع وسألنا: فقالوا لنا :ان رجلا طيبا يقال له :( سعد العبيط )مات منذ لحظات وبدأ صوت الهمس يقول ..(لا حول ولا قوة الا بالله...سعدالرجل الطيب مات )..(لا اله الا الله ...مات سعد الرجل البركة )..

(كل من عليها فان ..مات(الشيخ سعد)واختلطت اصوات جموع أهل القرية..مات سعد....سعد مات .قال الراوى عم (حجاج أب عبد العليم ):
وقفت أنا و(رشدى) مع الواقفين من أهل القرية والحزانى على وفاة ( العبيط )وبدا الجميع يقول :كان رجلا طيبا ....كان مسكينا ...ليس له اب ولا ام ..لانعرف عن سيرته شيئا ولا نعلم من اين جاء ومن أى البلاد أتى. .وقالوا :كان يحب قريتنا وكانت قريتنا تحبه .انه عاش معنا وبيننا :انه واحد منا عاش فى قلوبنا بل عاش فى كل القرى المجاورة لنا وكل المدن وربما كان يعيش فى جميع بلاد الدنيا ...الكل كان يعرفه ...والكل كان يحبه وهكذا أخذ الجميع يتذكرون(سعد العبيط )ويمدحونه ويذكرون سيرته الحسنة...لانهم يقولون ان الدين امرهم :

(اذكروا محاسن موتاكم ).
قال احد المحبين لسعد: ان سعدا لم يكن يقيم فى قرية واحدة انه كان يقيم فى جميع قرى الصعيد وربما كان يقيم فى جميع قرى مصر كلها.
وقال اخر:ان سعدا لم يمت انه (انتقل)بجسده فقط الى عالم الموتى اما روحه فستظل بيننا .
أكمل عم (حجاج اب عبد العليم )الحكاية قائلا :
تأخرت الجنازة ولم تخرج الجثة للدفن. سألنا فقالوا لنا:ان (مغسل الموتى) غير موجود .فهل احد منكم يعرف ( غسل الموتى ).
نادى مناد :ياجماعة هل احدمنكم يعرف (غسل الموتى)..لأن الشيخ (حفنى اب مدنى)ابن الزينية بحرى غير موجود والمسافة بيننا وبين الزينية بحرى بعيدة جدا والوقت ليل واكرام الميت سرعة دفنه .
فجأةاخترق جدار الصمت صوت (رشدى اب فكرى) قائلا: اناأغسله ...أناأغسله.
جبل الرجال الحيارى نظربدهشةمصحوبة باعجاب الى هذا الرجل الغريب الذى سوف ينال ثواب غسل( سعد الطيب) وتمنى الجميع ان ينالوا مكانته عند الله والثواب العظيم الذى سوف يلقاه يوم لا ينفع مال ولا بنون .
الا عم (حجاج اب عبد العليم )الذىدس رأسه فى حجره وكاد ان يغمى عليه من شدة الضحك المكتوم من قول( رشدى اب فكرى ) .وقال عم(حجاج أب عبد العليم ): فى نفسه من يدرى ربما تكون هذه نادرة من نوادر(رشدى أب فكرى) ..لكن.. لا..لا..هذا الموقف ليس موقف الملح والنوادر ان النوادر فى هذه الموقف حرام شرعا فالامر يتعلق بميت.. وبأحكام شرع.. وقوانين وعرف.. اذن جريمتنا سيكون عقابها فى عرف اهل القرية الرجم بالحجارة حتى الموت (هكذا أوجس حجاج فى نفسه خيفة ).لكن ما باليد حيلة (رشدى اب فكرى )قرر وصمم .
قال( حجاج اب عبد العليم )فى نفسه والخوف يملأ قلبه :(قضى الامرالذى فيه تستفتيان) ولا املك الا الموافقة والا انكشف امرنا فى حالة خلافنا وجدالنا ثم نظر الى (رشدى اب فكرى ) وقال له :توكل على الله وقال فى نفسه(لا حول ولا قوة الا بالله رحنا فى داهية).
دخل (رشدى اب فكرى ) الى فناء الدار ثم صرخ باعلى صوته اخرجوا جميعا فللميت حرمته وسترته .
الجموع خرجت فى ادب وخضوع وخشوع تنفيذا لامر (رشدى أب فكرى) وتقديرا لحرمة وسترة الميت وخوفا من عقاب الله .
نظر (رشدى اب فكرى) فوجد الميت وبجواره ادوات الغسل وهو الذى لايعرف عن الغسل شيئا الا (غسيل )يديه قبل الطعام وبعده وربما فى المناسبات فقط ..لانه كان يقول (مازحا)بعد ان يأكل :كيف أغسل (يدى)من نعم الله. دارت فى رأسه ولأول مرة فى حياته هذه الاسئلة : ما هو (الغسل)؟ مامعنى (الغسل)؟وما هى طقوسه ؟وما حكمه فى الشرع والدين ؟
وهو الذى لا يعرف ماذايفعلون وماذا يقولون عندما يغسلون الموتى .
على مقربة منه لمح بئرا به ماء .فكر (رشدى اب فكرى ) ثم فكر ثم تدبر ثم قال :انها الحيل والافكارفهى التى تنقذنى من الاخطار . .طرأت له فكرة عظيمة وفعلا كانت فى البداية فكرة ولم تكن نادرة من نوادره وخاصة ان هذا الميت له حرمة وانه رجل طيب كما قال عنه اهل القرية .
ضحك عم (حجاج أب عبد العليم )حتى استلقى على قفاه والدموع تملأ عينيه من كثرة الضحك واخذ فتر ة حتى استعاد انفاسه وملك نفسه
ثم قال :
ربط (رشدى اب فكرى )رقبة(سعد العبيط )بحبل البئر ثم انزل الجثة فى البئرواخذ يرفعها وينزلها داخل ماء البئر مرات ومرات كى يغسلها جيدا. بدأ(رشدى اب فكرى) فى رفع الجثة وها هو قد اوشك ان يمد يده ليسحبها واذا بالحبل ينقطع وتسقط الجثة فى البئر .سقط قلبه معها من شدة الخوف وهول الصدمة وكاد ان يغمى عليه وهذه اول مرة فى حياته تتحول نوادره الى جريمة وهذه اول مرة تسقط حيله وتفشل طرائفه وأفكاره. ولكن سرعان مادارت فى رأسه الحيل والافكاروقال فى نفسه :
(لا وقت للخوف يارشدى..لا وقت لليأس ).
كم هى سريعة وجريئة الافكار فى ذهن
( رشدى اب فكرى).الفكرة قالت له القى كل ادوات الغسل والحجارة والتراب وبقايا الرمال المحيطة بالبئر داخل البئر .
بعدما سوى البئر بالارض تماما خرج (رشدى اب فكرى )قائلا :الله اكبر ..الله اكبر..ثم أخذ يلف ويدور وسط الناس ويقول :(مدد..مدد...ياشيخ سعد.. مدد..مدد..).اجتمع أهل القرية حول (رشدى أب فكرى) وبعد حين من التكبير والتهليل قال لهم : والدموع(الزائفة) فى عينيه :هذا الرجل طيب هذا الرجل (ولى من أولياء الله الصالحين) هذا الرحل جاء من اقصى البلاد ليسكن قريتكم وبينماكنت اغسله جاءت الملائكة وكتفتنى ثم غسلته وطارت به الى السماء ثم اعادته فى ثياب بيضاء كانها من نور ووضعته داخل البئر ثم رشته بالعطور وردمت البئر..ثم رأيت خيطا من (نور)متصلا من السماء بالبئر وفجأة اختفى هذا النورودخل القبر وها انتم ترون بأعينكم لا مكان لبئر هنا. حب الناس (لسعد العبيط )جعلهم لا يفكرون ولا يستغربون ولا ايضا يكذبون كلام (المغسل)فهو (مغسل) مجهول. قال قائل منهم لمن حوله :(ومن يدرى ربما يكون هذا الرجل المغسل وصديقه الجالس بيننا ملكين جاءا من السماء فى زى بشروالذى يؤكد ظنونى انهما جاءا فى موعد وفاة (الشيخ سعد )فمن ياترى اخبرهما بموعد موته الا علام الغيوب ...صاح الجميع :مدد ياشيخ سعد ...مدد . . .
مثل هذه الافكار وغيرها دارت فى ذهن الكثير منهم . بعد الافكار ارتفعت الصيحات مكبرة ومهللة وقائلة: ..مدد ياشيخ سعد مدد.. ..مددياشيخ سعد مدد ). وقف (رشدى اب فكرى ) خطيبا قائلا :سمعت اصواتا غريبة تقول لى : قل للحاج (عبد القادر الجبالى ) صاحب الارض والبئر ان يبنى مكان البئر ضريحا للشيخ سعد . ثم التفت الى الحاج (عبد القادرالجبالى) وصاح باعلى صوته منذرا ومبشرا وقال:هنيئا لك ياحاج (عبد القادر ياجبالى )ياساكن النجع العالى هنيئا لك فقد اختارت الملائكة ارضك ومكانك ليقام فيها ضريحا للشيخ سعد ..مدد ياشيخ سعد..مدد ثم أضاف اياك اياك ووصية الملائكة وهنيئا لك ياحاج(عبد القادر ياجبالى ) الشيخ(سعد الولى) دفنته الملائكة هنا فى فناء دارك وصارت دارك(دار مباركة) وانت رجل طيب ومحظوظ ...ثم مال على (الحاج عبد القادر الجبالى )وهمس فى أذنه بكلمات ساحرات مغريات :(فى الغد سوف يأتى الناس الى دارك من كل حدب وصوب بالهدايا والنذور ومعهم العليل الذى يريد الشفاء والمرأة التى تريد ان تنجب الاطفال والصبى والصبية اللذان يريدان الزواج ).الجميع يأتون كى يزورا سيدنا الشيخ( سعد الولى)وينالوا من تراب مدفنه البركات .اياك..اياك ان تنسى نصيبى يا حاج (عبد القادرياجبالى)من الهدايا والنذور وكذلك لا تنسى أخونا (حجاج أب عبد العليم)الذى يعرف سر البئروحكاية (سعد العبيط).
الحاج (عبد القادرالجبالى) فكروفكرفى المكسب القريب والكنزالبعيد والرزق القادم بلا عمل وبلا تعب رزق يعتمد على الذكاءوالحيلة ..رزق يحتاج المكر والدهاء ...وفكر فى زوار الشيخ وهداياهم وفكر فى مولد كبير يقام للشيخ فى كل عام(تذبح النذور وتقدم الهدايا وتنتشى الساحة برائحة البخور)..مولد فى كل عام وزيارات فى كل يوم أكسب المال والحلال... ثم اخذ يبكى من شدة الفرح ومن قرب الفرج الذى جاء على يد الغريب (رشدى اب فكرى) وجرى محتضنا (رشدى أب فكرى) وهو يقول الله اكبر الله اكبر ..مدد ياشيخ (سعد) مدد ..مدد يا عم (رشدى..مدد )..مدد ياعم (حجاج)مدد .مدد ياأهل قريتنا ياأهل الخيروالسعد مدد
6--مددياشيخ سعد... مدد.
يقول لنا الراوى ياسادة ياكرام عم (حجاج أب عبد العليم) :
للآن والناس يزورون الشيخ (سعدالعبيط) الذى أصبح بحيلة (رشدى أب فكرى)(الشيخ سعد ).وفى كل عام تقام له ليلة كبيرة يقيمها الشيخ (عبد القادرالجبالى ) بأموال المريدين ويحييهاكبار رجال القرية وضيوفهم من كباررجال الدولة الطامعين فى التودد والتقرب الى الناس بفضل زيارتهم لشيخهم (سعد الولى).اما( أنا ورشدى أب فكرى) فتعد لنا مائدة عشاء خاصةحافلة بشتى الوان الطعام ونجلس فى الحجرة الخاصة بالحاج (عبد القادرالجبالى)... عندما نتناول الطعام ننظر (نحن الثلاثة )فى وجوه بعضنا البعض ونضحك ثم نضحك ثم نضحك حتى نكاد أن نموت من شدة الضحك وأخيرا نقول فى صوت واحد:مددياشيخ سعدمدد...مدد ياشيخ سعد مدد ثم نهمس قائلين:(مددياشيخ رشدىمدد...)..(مدد ياشيخ حجاج مدد) ...وكمان (مدد ياشيخ عبد القادر ياجبالى ياساكن البر العالى ألف مدد) .
محمداحمدخليل حسب الله .
الشربينى الاقصرى.
مصر/الاقصر
الكرنك القديم .
نجع التماسيح
والزينية بحرى . .
والى لقاء.
--------------
حقوق الطبع والنشر محفوظة للمؤلف.

 
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات