ريباز محمد جزا
القراءة كتجربة انسانية وفكرية تلتزم بقوانين فلسفية وفطرية في ذات الشاعر كأنسان(كوسمولوجي)،لأن (قراءة القصيدة توصل القارئ إِلى عالم غير شخصي ويتجاوز الشخصي ) ولذا فإنه وبالمعنى الدقيق للكلمة هائل ./1).
ويصل القارئ من مكان الى مكان آخر ومن مرتبة الى مرتبة أخرى، كأنه عالم سحريٌ جاذب في كوكب الأدب عموماُ والشعر خصوصا. أن كل حديث عن الشعر ينتهي بسؤال عن الماهية(ماهية الشعر) كما سأل الفيلسوف الكوني مارتن هيدجر في مقالاته عن (ماهية الشعر) في الرؤيا الهولدرلين يفعلها في نفس القصيدة مثل الحالة من حالات الأعمال الطوارية للأنسان ويحول الشاعر صلاح جلال من أتساع الكون والوجود والزمن في اشعاعة المتزامن في لحظات الشعرية ويحول ازمانه الفلسفية عبر استنتاجاته واستنباطاته في الصورة الشعرية كحالة من قبالة (الشعر والفلسفة) بعد انقطاعهم طوال التاريخ، يحتفلون في محيط القصائد الكونية:
(أيامٌ تحصدُ حبة لنسيانِ العشق
لحظة تهاجرُ فيها كواكب النفسِ في النفسِ)
أيام من لحظة النسيان، نسيان الوجود، نسيان العشق، نسيان الأنسان، أو أنقاص كأبن النسيان و يعيشها كمخلوق غير شرعي من الأرض:
(لَمْ يحرِث أحداَ في أرضِ التفكيرِ
تنبحُ الكِلابُ القطنية في الأنابيبِ
تحرثُ في صخرة مزرعةِ الشهواتِ)
مشكلة الشاعر تبدا من مشاكل وقضايا الكونية كمشكلة رئيسة وجوهرية، من هنا تاتي إستدلالات قصائد الشاعر الكوني صلاح جلال من كثافة الرموز والدلالات و التساؤلات المنتشرة لم تحققق من قبلها ويستنتج في الآن، من صورة الشعرية الحاصد لتاريخ الوجود في زراعته المغايرة كمركزها الأنسان، مثل مخلوق الهيدرونستي وليس منتج في مجال الفكر والفلسفة بل تنتجها الشهوانية كشكل مزرعة الأجناسية ويأخذ عن الشاعر خروج عن التقاليد والعادات باللغة الفيزيائية الكونية كشكل الأنسان حسب نسبية هيدجر كما قال لها دازاين :
(تصدرُ هويتي إِبناَ غير شرعي
سيمارِسني بعرسِ ملكةِ الطيورِ
مَنْ هناكَ في أوطانِ الغيبوبةِ !!
هل تجِدُ لي عاصفة مِن بلدانِ الخلودِ؟!)
من هنا يتحول الشاعر الى (طائر) من طيور السماء التي ليس لطيرانها حدود، وهي تبحث عن الأوطان؟ ويسأل عن البلدان التي أبعدت العاصفة هويتها، ومرة أخرى يغريه الخلود بشكل عظيم ومبتكر و غير مألوف وغير مكشوف:
(إِستيقظُ مِن حِلمِ ماوراءِ لحفريةِ السقوط
لاتفتحُ أَبواب الشرع في اللا شعور
كنتُ روحاَ غيرُ شرعيِ في عتبةِ الكائنات)
آهٍ..الشاعر برئٌ من إسقاط (الكون والأرض) وأي شئٍ فيهما ولا يفتح ابواب البشرية من اللاشعور لأنه مخلوقٌ غير شرعي من الكائنات الفاسدة في هذه الأيام كهذه.. معاملةٌ خاصة لأن الشاعر الكوني بفطرته وليس إنساناً طبيعياً فقط بل لأنه الكوكب لايناديها بعكس صورة المشابهة في الخلق الواردات، وبحقهما لن يقبل عيشٌ سخيفٌ براكماتية:
(تنقطعُ حبالةَ الزمَن بتعريشةِ اللاوجودِ
مَنْ يقضمني في اقتفاءِ أجناس الكِلاب؟!)
الشاعر متعب في زمن اللاوجود يجعل الأنسان بطلاً وباطلاً منها، ثم يعيش في محنة حبال الزمن، بنوع ما(فهو يراهن على إزاحة القارئ بالأنتقال من قراءته /2) الى المشاركة الفعلية مع الزمن المهيمن. (وبحيث يزدوج تحليل المقطع بنفس تحليل البنية النفسية الشاملة/3)إن إنسجام الذات مع الخارج يوجد نمطاً من الأيمان يمكن الركون اليه/4)
قصيدة "نباح المنبوح" الشاعر صلاح جلال يركز على حالة فلسفية جدية وتحيله القصيدة بالأعتماد كأنه يكتب الرسالة الأسطورية ويعتمد على جدل من طريق المعنى والحلم والخيال.
وأيُّ هكذا هو يعجبني كثيراً و يثيرني (فأن الجمال الحيوي هو المثالي لكن هذه المثالية تستدعي أن يكون الفنان مليأً بالفضائل والواجبات التي تقترن بمخلوق ما/5)
(صور سقوط ترابي في مشرقينِ المغاربِ
تنبحُ كلاب السقوطِ في مشارقِ الجنون)
نقطة اللامع وبريق كثير في هذه القصيدة من غير كلمة يحدث فيهما، قصيدة نباح المنبوح ، مليئة بمفردات ودلالات متسعة الأفقية، مفرداته ذهنية غالباً، /6) . (يجدُ صوتاَ غريباَ في أنفاقِ الجروات.
تتسعُ قافلةٌ مِن أحتضاني للمولدات
نهاجرُ إِلى قصر ِالملوك لزواج المكلبة)
من هنا الشاعر صلاح جلال يحمل عدة قراءات وتصنيفات في عالم الشعر، من هنا مثل (ديوجنية) قصدي(ديوجيني لايركوس) يوزن كرسول في عالم (الشعراء والفلاسفة) باللغة(كلغة العصر التي تعتمد التركيبية المنطقية في التثبيت والأستدلال../7)
(يزلج النباحُ في خارطةِ العشقِ
تعرشُ الخارطةُ بنباحِ المنبوحِ)
لايطلب من الشعر معرفة الأشياء والناس معرفة علمية دقيقة أو تقديم التقارير ، وإنما يطلب منه التعبير الجميل عن الشعور القوي بهذه الأشياء وهؤلاء الناس/8.
الشاعر يطلبني زلج من خارطة العشق وتعرش الخارطة بها بأسم(خارطة نباح المنبوح).
المصادر
1-مجلة المدى/فصلية ثقافية/العدد/16/1 /1997/ الشعر نهايات القرن والقلة والكثرة/أوكتافيوباز/ترجمة ممدوح عدوان/ص19.
النص الروائي/تقنيات ومناهج/تأليف بيرنار فاليط.1992ص17.
3-نفس المصدر/ص17.
4 – عصر الرواية/مقال في النوع الأدبي الدكتور محسن جاسم الموسوي/ بغداد 1985/ص 17
5-نفس المصدر/ص63
6- نفس المصدر/ص71.
7- نفس المصدر/ص71.
8-النقد البنيوي والنص الروائي/نماذج تحليلية من النقد الأدبي/محمد سولريتي/1994.
9-قصيدة نباح المنبوح منشور في سدرة الحسين/ الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر صلاح جلال.الطبعة الثالثة 2012.
10-منشورت في جريدة المشرق العدد/2274في كانون الثاني 2012
http://www.beladitoday.com/index.php?aa=news&id22=2681
التعليقات (0)