مواضيع اليوم

مدخل إلى عالم الظواهر الخارقة

ممدوح الشيخ

2009-05-09 23:45:59

0

"سيهزم الجمع ويولون الدبر"

بقلم/ ممدوح الشيخ

 

الحديث عن التنبؤ حديث مثير ومزعج في آن، وله خطره على عقيدة المتحدث والسامع لأنه يتصل بعلم الغيب الذي اختص الله سبحانه وتعالى به نفسه "ولله غيب السموات والأرض"، كما يبدو للوهلة الأولى – ومن ناحية أخرى – متعارضاً مع روح العصر الذي يعرف بعصر العلم والذي لا يقبل هذه الخرافات – إن صح وصفها بأنها خرافات.

ولكي يزول هذا الإشكال نقرأ معا كلاما مهما للفكر الإسلامي الشيخ محمد مهدي شمس الدين تحت عنوان "المغيبات في الفكر الديني" يقول فيه:

"في ناس هذا العصر من إذا وقعت أبصارهم على هذا العنوان طاف على ثغورهم شبح ابتسامة، ولاح في أعينهم بريق الضوء، واتسمت معالم وجوهم بأمارات الاستنكار، ولم كل هذا؟.

لأننا في هذا العصر الآلي لا نستطيع – إذا أردنا أن نحترم أنفسنا وعقولنا – أن نؤمن بوجود إنسان يعلم الغيب، إنسان تنقشع أمام عينه حجب القرون وتنطوي المسافات فيقرأ المستقبل البعيد أو الخاطر الساعة التي هو فيها.

وطبيعة الثقافة المنحرفة التي يتلقاها إنسان هذا العصر في كل مكان هي التي دفعت بهؤلاء إلى أن يقفوا هذا الموقف ويتجهوا هذا المتجه في إنكار كل دعوى تذهب إلى أن في الإنسان شيئاً آخر وراء غدده وخلاياه.

الثقافة الحديثة هي التي تفرض على الإنسان مثل هذا الموقف، فهذه الثقافة تعتبر الإنسان آلة ولا شيء وراء الغدد والأعصاب يمكن أن يعتبر موجها للنشاط الإنساني وباعثا له؟ وقد بلغ التعصب لهذه الفكرة ذروته في القرن التاسع بعد أن تبنت الفلسفة على يد ديكارت وهوبس هذه الفكرة وكذلك تبنتها مدارس علم النفس التي تنكرت جميعا للروح".

ولأن الروح ليست مدركة ولا يمكن أن تقع موضوعا صالحا للتجربة فقد أنكر العلم وجودها، ولكن!!.

لقد عادت هذه الظاهرة ففرضت نفسها على العلماء من جديد وغدت الظواهر الخارقة – كالتنبؤ وغيره – موضوعا للبحث العلمي عند علماء مشهورين أمثال:

سير أوليفر لودج

وليم كروكس

ألفريد رسل والاس

وهم من أعضاء الجمعية العلمية الملكية.

ووليم جيمس وهنرى سدجويك وهنرى برجسون، وتشارلز إليوت نورثون أستاذ بجامعة هارفارد، ووليم ليوبولد أستاذ علم النفس والفلسفة في جامعة بنسلفانيا والفلكي الفرنسي المشهور كاميل فلامريون وتوماس هكسلى – وهذا العدد في تعاظم يوما بعد يوم.

وكانت أول خطوة في سبيل التثبيت من صدق هذه الظاهرة تأليف جمعية المباحث النفسية في بريطانيا سنة 1882 واشترك فيها عدد كبير من العلماء والفلاسفة وأصدرت مجلة رأس تحريرها البروفسور هنرى سدجويك.

وكان لنجاح هذه الجمعية صداه في أنحاء العالم فأسست لها فروعا في فرنسا وأمريكا وهولندا والدانمارك والنرويج وغيرها، وقد اكتشف الباحثون أن في الإنسان ملكات نفسية خارقة أهمها ثلاث:

1- تناقل الأفكار.

2- رؤية الأشياء من وراء حاجز.

3- التنبؤ.

وفي عام 1930 أسس البروفسور راين فرعاً في جامعة ديوك في ولاية كارولينا الشمالية لدراسة القوى النفسية في مختبره وذلك على أثر حلم عجيب ذي تفاصيل دقيقة تحقق بحذافيره، وقد أيده وساعده في عمله وليم مكدوجال الباحث النفساني المشهور.

وبسبب الاتجاه القوى في الأوساط العلمية للاعتراف بهذه الظاهرة أدلى البروفسور ثولي أستاذ علم النفس بجامعة كمبردج ببيان جاء فيه:

"إن هذه الظاهرة يجب أن تعتبر حقيقة ثابتة كأية حقيقة أخرى توصل إليها البحث العلمي، فلنترك إذن أمر البرهنة على وجودها في سبيل إقناع المرتابين ولنتوجه بدلاً من ذلك إلى الاستمرار في دراستها"([1])

 

حرب الظواهر الخارقة

لم يتوقف الأمر عند حد بيانات الاعتراف التي أصدرها أساتذة علم النفس وغيرهم بصدد علمية هذه الظواهر بل تعداه إلى دخول هذه الظواهر دائرة التوظيف السياسي والعسكري على المستوى العالمي فقد كشفت الأدلة المتاحة مؤخراً أن الدول العظمى تقوم منذ عدة عقود بدراسات مستفيضة فيما أصبح يسمى "العلوم السرية" التي تهتم بالمفاهيم الخارجة عن نطاق الإدراك الحسي العادي، وقد أفاق العلماء من معارك الاعتراف أو عدم الاعتراف بعلمية هذه الظواهر على مفاجأة مذهلة حين اكتشفوا أن وزارة الدفاع الأمريكية ستتخلى عن واجباتها إذا لم تهتم بهذه الأبحاث. وقد صدرت دراسة هامة في هذا المجال أعدها العالمان: راسيل تارغ([2])، وكيث هارادى وعنوانها "سباق العقل" وهو السباق الذي يتوقع العالمان أن يرث سباق التسلح.

وقد تعلقت التجارب الرئيسة بما أسماه تارغ "الرؤية النائية" التي يستطيع الأشخاص الذين وهبوا قدرة ذهنية خارقة بموجبها وصف أماكن بعيدة جدا لم يشاهدوها من قبل، فعلى سبيل المثال قام تارغ بتجربة على شخص موهوب موجود في كاليفورنيا، إذ ذهب تارغ إلى مكان بعيد تم اختياره قبل التجربة بدقائق دون علم الموهوب وكانت مهمته أن يصف مكان وجود تارغ من تلك المسافة وقد كتب ما يلي:

"أرى تقعرا إسمنتياً يشبه بركة ماء جافة يتوسطها عامود أسمنتي وأرى سرب حمام على يمين المشهد يطير فوق المنخفض الأسمنتي"، وقد صدق فالمكان الذي وصفه كان البركة المركزية في حديقة ساحة واشنطن والبركة فارغة ويتوسطها عامود أسمنتي كما كانت محاطة بالحمام أثناء التجربة.

وقد زار تارغ الاتحاد السوفياتي وتحدث باستفاضة مع أعضاء أكاديمية العلوم السوفياتية وهي أعلى سلطة علمية في الاتحاد السوفياتي وذكر أنهم مهتمون جدا وعلى أعلى المستويات بموضوع الظواهر الخارقة وأنهم يقومون بتجارب مكثفة للاستفادة منها في المجال العسكري، وأنهم مهتمون بشكل خاص بحقل "الرؤية النائية" والسيطرة والتحكم الذهني في سلوك الإنسان عن طريق استخدام الظواهر الخارقة.

أما الأمر الخطير والمذهل فقد كشفه العالم رونالد ماكريه أنه تم استخدام الظواهر الخارقة لتقييم خطة كلفت 40 مليار دولار أطلق عليها "لعبة الصدفة" تتعلق بصواريخ إم إكس النووية وتقضي بتخزين هذه الصواريخ في مرابض سرية تحت الأرض بشكل متنقل وذلك لمنع السوفيات من تحديد مواقعها بدقة وبالتالي تدميرها، وقد ذكر العالم ماكريه نقلاً عن مسؤولة كبيرة بالبيت الأبيض تدعى باربارة هونيغد متخصصة في حقل الظواهر الخارقة أن وزارة الدفاع استخدمت مجموعة ممن يتمتعون بقدرات خارقة ليحاولوا معرفة أماكنها فلما أفلحوا في ذلك ألغيت الخطة بأكملها لأن هذا يعني أن السوفيات سيعرفون أماكن الصواريخ بالطريقة نفسها وبخاصة وأنهم أكثر تقدماً من الأمريكيين في هذا المجال.

وذكر العالم ماكريه أن هذه التجربة حلقة من سلسلة تجارب تجريها وكالة المخابرات المركزية والجيش والبحرية وسلاح الجو المارينز ووكالة الفضاء ناسا ومكافحة المخدرات ومخابرات وزارة الدفاع منذ أكثر من ثلاثين عاما وتنفق وزارة الدفاع الأمريكية سنوياً 6 ملايين دولار على هذه التجارب. وقد اعترف الجنرال المتقاعد دانييل جراهام رئيس وكالة المخابرات التابعة للبنتاجون أن أموالا طائلة أنفقت على هذه الأبحاث وأنها لم تزل مستمرة([3]).

إنها بالفعل حرب، لكنها حرب مثيرة وشرسة تتصارع فيها العقول على كسر الحواجز وحتى لا نقفز على الأحداث نبدأ دراسة هذه الظاهرة في التاريخ أولاً ثم نعرض بعد ذلك لهذه الظاهرة العجيبة في المعامل بعد أن صارت علما. وبخاصة أن الظاهرة لم يخل منها تاريخ أمة من الأمم القديمة المعرفة في الحضارة على اختلاف الديانات وتباعد الديار وصعوبة الاتصال وتداول المعارف في عصور البشرية الأولى.

 



[1] - المغيبات فى الفكر الدينى – محمد مهدى شمس الدين – مقال منشور بمجلة المعارج – المجلد الأول – العدد التاسع – صفر 1412 هـ، ص 6 – 13.

[2] - الدكتور تارغ عالم فيزيائى متخصص بأشعة الليزر و علم البصريات و الموجات الكهرومغناطيسية قصيرة المدى وقد قضى عشرة أعوام يقوم بأبحاث مستفيضة في حقل الظواهر الخارقة لحساب وزارة الدفاع الأمريكية وهي تجارب تكلفت ملايين الدولارات.

[3] - حرب الظواهر الخارقة – محمد حسن بيرقدار – مجلة العربى – سبتمبر 1988 - ص 30 – 33 .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !