مواضيع اليوم

مدخل إلى القضية السكانية

طالبه تخشى الموت

2010-12-07 20:49:27

0

القضية السكانية مشكلة متعددة الأبعاد فهناك بعد النمو السكانى، وبعد التوزيع، وبعد الخصائص السكانية. وهى أبعاد متداخلة فإلى جانب كونها تمثل مشكلة واحدة فهى أيضاً تؤثر على بعضها البعض، وتتأثر به (1). وتحاول بعض الدول حل المشكلة السكانية من خلال وضع السياسة السكانية التى تهتم أساساً بالتغير الكمى والكيفى للسكان. ويعرف "برلسون" السياسة السكانية، بأنها: نشاط حكومى يهدف إلى تغيير الأحداث السكانية، أو يغيرها فعلاً. وتعرفها اللجنة الاستشارية للخبراء التابعة للأمم المتحدة، بأنها مجموعة الإجراءات والبرامج التى تصاغ للمساهمة فى إنجاز أهداف اقتصادية أو اجتماعية أو ديموجرافية أو سياسية عن طريق التأثير فى التغيرات الديموجرافية، أى حجم السكان ونموهم وتوزيعهم الجغرافى (قومياً ودولياً)، وخصائصهم الديموجرافية كالتوزيع النوعى والعمرى (2).
والسياسة السكانية للدولة لا تتحكم فيها قوانين طبيعية أبدية مجردة لا علاقة لها بالنظام الاجتماعى الذى يعيش فى إطاره السكان، كما لا يمكن ردها إلى مجرد قوانين بيولوجية محضة. ذلك أن لكل دولة قوانينها الخاصة السكانية التى تتناسب مع أيديولوجية كل نظام، وتتسق مع آلياته (3). وتستطيع أى دولة أن تغير فى معدل نمو سكانها بتشجيع التغيير فى واحداً أو أكثر من المتغيرات الأساسية السكانية، وهى المواليد والوفيات، الهجرة، ومعظم دول العالم المتقدم تمتلك الآن معدلات منخفضة نسبياً لكل من المواليد، والوفيات بينما تمتلك معظم دول العالم النامى معدلات عالية للمواليد، ومنخفضة للوفيات (4).
وهناك طريقتين لتقليل معدلات المواليد: التنمية الاقتصادية، وتنظيم الأسرة، وعلى الرغم من أنه لا يمكن تحديد أى الطريقتين أفضل بصورة مطلقة، فإن الدلائل تشير إلى أنه يمكن الحصول على أفضل النتائج بتطبيق الطريقتين فى وقت واحد. والتحول السكانى من النمو إلى الهبوط يحدث على مدى أربع مراحل محددة.
أولاً: مرحلة ما قبل التصنيع: وتتسم بالنسب العالية للأطفال، بالمزيد من المواليد، وكذلك ارتفاع معدلات الوفيات، ويكون نمو السكان فى هذه المرحلة ضئيلاً.
ثانياً: مرحلة التحول: هى نتيجة أولية لزيادة الإنتاج، وتحسن ظروف المعيشة، والغذاء، والظروف الصحية، ووسائلها، فتهبط معدلات الوفيات بصورة ملحوظة بينما تظل معدلات المواليد عالية، وهو ما يعنى تسارع النمو السكانى، واستمراره بمعدلات عالية قد تتراوح ما بين 2.5 إلى 3%، وتستمر لفترة طويلة.
ثالثاً: مرحلة التصنيع: يحدث فيها تحولات اجتماعية نتيجة لانتقال الأزواج إلى الحضر أو المدن، وحصولهم على العمل بعد حصولهم على قدر كاف من التعليم. وينتج عن هذا انخفاض المعدلات الخام للمواليد إلى أن تقترب من المعدلات الخام للوفيات.
رابعاً: مرحلة ما بعد التصنيع: وتحدث بعد استقرار مفاهيم المجتمع تجاه الإنجاب إلى ما يقرب من السلبية، حيث تستمر معدلات المواليد فى الهبوط إلى أن تصل إلى قيم مساوية لمعدلات الوفيات. وبهذا تصل إلى نقطة النمو الصغرى، وتستمر معدلات المواليد فى الهبوط بحيث أن العدد العالى للسكان يبدأ فى الهبوط ببطء. ويبدو أن الدول النامية اليوم تقف فى مرحلة التحول فى منتصف الطريق قبل الدخول إلى مرحلة التصنيع. وتتميز بهبوط متزايد فى معدلات الوفيات بينما تهبط معدلات المواليد ببطء، وينتج عن هذا معدلات للنمو يمكن وصفها بأنها متوسطة الارتفاع أو مرتفعة (1).
وتظهر الشواهد الحديثة أن البرامج الجيدة لتنظيم الأسرة قد تؤدى إلى هبوط أسرع فى معدلات المواليد بتكاليف أقل من النمو الاقتصادى وحده. وهذه البرامج هى الخيار الأخير المتاح أمام الدول النامية، ولقد تباينت نتائج هذه البرامج فى كثير من الدول من الفشل الأكبر إلى النجاح المحقق، طبقاً لظروف تخطيط كل برنامج، وتمويله، وتنفيذه (2). وهناك من يرى أن المجتمع يمر فى تاريخ حياته السكانية بثلاث مراحل كبرى وفقاً للنظرية السكانية الديموجرافية الانتقالية أو نظرية الانتقال الديموجرافى المستمدة من التجربة الديموجرافية أو السكانية لغرب أوربا، وهى:
الأولى: المرحلة البدائية: يعيش فيها المجتمع زمناً طويلاً ويكون معدل المواليد مرتفع، ومعدل الوفيات مرتفع .. والزيادة الطبيعية معقولة.
الثانية: المرحلة الانتقالية: يعيش فيها المجتمع فترة قصيرة نوعاً، ومن ثم سميت بالمرحلة الانتقالية، وفيها تظل المواليد مرتفعة، وتأخذ الوفيات فى الانخفاض، وتتسع الهوة بين المواليد والوفيات ويحدث ما يسمى بالانفجار السكانى أو الثروة الديموجرافية أو القنبلة السكانية.
الثالثة: مرحلة النضج السكانى: يعيش فيها المجتمع زمناً طويلاً، ويستطيع أن يخفض معدلات المواليد بعد أن يكون معدل الوفيات قد انخفض، واقترب من الحد الأدنى الذى يقف عنده عادة. وفى ضوء هذه النظرية نستطيع القول بأن مصر عاشت فى المرحلة البدائية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، وإنما بدأت تدخل المرحلة الانفجارية أو الانتقالية فى أعقاب تلك الحرب، وما زالت تعيش فى هذه المرحلة حتى الآن، وقطعاً سوف تستغرق عدداً أخر من السنوات إلى أن تتجاوز هذه المرحلة (3)

 

 

عبد المنعم ثابت، أسس الرسالة الإعلامية وكيفية معالجتها لمشاكل السكان والتنمية (القاهرة – مجلة الفن الإذاعى – عدد 107 – الهيئة العامة للكتاب – أكتوبر 1985) ص ص 91، 92.
(2) ، (3) هناء السيد – عواطف محمود، الإعلام والأسرة الريفية، ط1 (القاهرة – العربى للنشر والتوزيع – 2005) ص ص 42، 43.
(4) محسن توفيق، قضية السكان (القاهرة – اللغة العربية – المطابع الأميرية – 2007) ص 21.
(1) ، (2) المرجع السابق، ص ص 22-24.
(3) محمد مصطفى أحمد، الخدمة الاجتماعية فى مجال السكان والأسرة (الإسكندرية – دار المعرفة الجامعية – 1995) ص ص 67، 68.
(1) ، (2)، (3) محمد سيد طنطاوى، رأى الدين الإسلامى فى تنظيم الأسرة (القاهرة – مجلة الفن الأإذاعى – عدد 143 – الهيئة العامة للكتاب – أكتوبر




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !