مداهمات واعتقالات وإعدامات عشوائية ومستوطنات فارسية
الأهواز العربي.. "غزة" أخرى بإيران تحت الحصار والتطهير العرقي
ينظر عرب الأهواز في إيران إلى منطقتهم على أنها "غزة أخرى" بسبب ما يتعرضون له من تطهير عرقي وحصار مستمر لثقافتهم ولغتهم العربية، وحرمانهم من الاستفادة من مواد في الدستور تضمن حقوق الأقليات العرقية والدينية.
ويقول الأهوازيون: إنه في الوقت الذي كانت تتعرض فيه غزة لحرب إسرائيلية لم تستثن الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير للبيوت والبنى التحتية، كان إقليمهم في جنوب غرب إيران الذي يقطنه نحو 5 ملايين عربي أغلبيتهم الساحقة من الشيعة، يتعرض لعملية متواصلة من مسح الهوية وتغيير التركيبة السكانية ومداهمات واعتقالات وإعدامات عشوائية، وهدم البيوت بحجة إنشاء مشاريع اقتصادية مكانها وتهجير مئات الآلاف من سكانها إلى مناطق أخرى.
فقر وافنقار للخدمات الإنمائية
ورغم أن إقليم الأهواز ينتج أكثر من 80 % من صادرات النفط الإيراني، ويختزن أكبر احتياطي منه في العالم بعد السعودية، فإن طهران لا تحول له ولو جزءاً يسيراً من العائدات، ويعاني سكانه من مشاكل معيشية وبنى تحتية متدهورة للغاية.
وفي حديث لـ"العربية.نت" قال المستشار الأعلى لحزب التضامن الديمقراطي الأهوازي كريم بني سعيد: إن العرب في الأهواز ليسوا عنصريين، ولا يكرهون الفرس ولا أي شعب آخر، بل يطالبون بحقوقهم التي تكفلها كافة المواثيق الدولية، مشددا على أنهم يسعون إلى حكم أنفسهم بأنفسهم من خلال نظام فيدرالي، والسماح لهم بتأسيس الأحزاب والمنظمات السياسية والمدنية وصحافة ووسائل إعلام عربية حرة.
طهران: لا تفرقة قومية
إلا أن طهران تؤكد أنها تتعامل بالمساواة مع كافة المواطنين الإيرانيين، بغض النظر عن انتماءاتهم القومية، وتضرب مثلا ببعض العرب وسائر أبناء القوميات الذين احتلوا مناصب حكومية رفيعة المستوى في السلطة مثل الأميرال العربي الأهوازي على الشمخاني الذي كان قائد القوة البحرية ووزير الدفاع في النظام، ويشغل الآن منصب مستشار المرشد الإيراني في الشؤون العسكرية.
وكان وزير الداخلية الإيراني السابق بور محمدي قد اتهم -في وقت سابق- بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بالسعي للإضرار بالثورة الإيرانية، وذلك خلال إشارته إلى أحداث الأهواز.
بدوره اتهم حيدري خطيب جمعة بالأهواز المؤقت حجة الإسلام محسن، من وصفهم بالعناصر الإرهابية المناهضة للثورة بتلقي الدعم من بريطانيا لانفصال الأهواز عن إيران.
يذكر أن انتفاضة شعبية سلمية اندلعت في الأهواز في إبريل عام 2005، إثر تسريب رسالة نسبت لعلي أبطحي رئيس مكتب الرئيس الإيراني في ذلك الوقت محمد على خاتمي بمحو وجود العرب الأهوازيين، من خلال سياسات التهجير الجماعي وبناء المستوطنات الفارسية وإزالة التجمعات السكانية العربية، وهي التي نفتها طهران لاحقا واعتبرتها مفبركة.
وقال أبطحي في حوار لبرنامج بانوراما بقناة "العربية"، الإثنين الماضي 9-2-2009: إنها رسالة مزورة "أعلنوها باسمي ولم تكن عندي أصلا، ولم تكن من صلاحياتي ولم أفكر فيها، ونشروها في مجموعة محافظة خوزستان حتى يؤثروا عليهم، ولو كانت هذه الرسالة صادقة وكنت من عرب خوزستان لعملت مثل ما عملوا؛ لأنه بالفعل خطير أن يغيروا المنطقة من العرب إلى العجم أو يهجروهم منها".
الأهواز.. مصدر النفط والثروة
الإقليم ينتج أكثر من 80 % من صادرات النفط الإيراني
وتعود جذور عرب الأهواز إلى قبائل بني كعب وبني طرف الطائية وآل كثير وربيعة وبني كنانة وبني أسد وبني تميم وآل خميس.
ويشكل الإقليم موردا غنيّا للثروة النفطية والغازية والزراعية، كما يضم 35 % من مصادر المياه في إيران. ومعظم عرب الأهواز يعتنقون المذهب الشيعي، ويتحدثون اللغة العربية بلهجة قريبة من اللهجات الخليجية، ومطالبهم قومية وليست دينية أو مذهبية، تتراوح بين الدعوة إلى الاستقلال عن إيران وتشكيل دولة عربية قائمة بذاتها، أو تكوين كيان عربي داخل الدولة الإيرانية يتمتع بالاستقلال الداخلي حسب النظام الفيدرالي القومي، كسائر الكيانات الداخلية الفارسية والكردية والأذربيجانية والبلوشية واللورية، شريطة أن يضمن حق تقرير المصير، ويفسح المجال للحفاظ على الهوية العربية ونموها.
وكان مؤسس الدولة الإيرانية الحديثة رضا شاه البهلوي، قد أنهى الحكم العربي الإقليمي بعد أن ألقى القبض على حاكم الإقليم الشيخ خزعل الكعبي عام1925. ويتهم العرب في إيران السلطات المركزية والحكومات الإيرانية المتعاقبة منذ ذلك الحين بالعمل المستمر لمحو الهوية العربية ابتداء من تغيير الأسماء العربية للمدن والقرى، إلى منع الدراسة بلغتهم الأم.
بني سعيد: نرفض العنف
وقال المستشار الأعلى لحزب التضامن الديمقراطي الأهوازي لـ"العربية.نت": إن حزبه يرفض اللجوء للعنف لتحقيق أهداف الأهوازيين، ويرفض كذلك تحويل مطالب العرب في الأهواز إلى وسيلة لتصفية الحسابات بين الدول.
وحول عدد العرب في إيران قال كريم بني سعيد: "إن إيران لا تكشف النسبة الحقيقية لأبناء القوميات والأقليات الدينية والمذهبية، فإن بعض الباحثين كالكاتب العربي الأهوازي يوسف بني طرف، قد توصلوا باستخدام المعلومات المتعلقة بانتخابات مجلس الشورى الإيراني، إلى أن عدد العرب يتراوح بين 5 إلى 8 ملايين نسمة في مختلف الأقاليم من الأهواز إلى فارس والساحل وحتى خراسان".
وأكد دعم حزبه لأي خطوة تمكن من الحفاظ على الوجود العربي في الأهواز، بداية من المطالبة بتطبيق مواد الدستور، وصولا إلى حق تقرير المصير، وبناء أي كيان يصونهم من الضياع. وأضاف أنه في هذا الصدد يطالب بإقامة نظام فيدرالي اتحادي يخضع لمبدأ حق تقرير المصير.
تطهير عرقي مستمر
وحول الوضع في الداخل، يروي بني سعيد أنه "في 15 من إبريل/نيسان 2005، اعتقلت السلطات أكثر من 5 آلاف شخص، بينما قتل وجُرح 131 آخرين، واختفى 150 شخصا، يعتقد أنهم قتلوا تحت التعذيب على يد قوات الأمن الإيرانية".
ويستطرد: "كشف النقاب عن التطهير العرقي ضد العرب في إيران منذ منتصف التسعينيات، والذي اتسع خصوصا بعد انتخاب الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد، وفي الثامن من يونيو عام 2006 أصدرت محكمة الثورة في الأهواز أحكاما بالإعدام ضد 35 من العرب (3 منهم أشقاء) بعد محاكمة استغرقت يوما واحدا فقط بدون حضور المحامين و هيئة المحلفين أو الشهود".
ويشير "بني سعيد" إلى أن "طمس معالم الوجود العربي ومحو الهوية القومية لعرب الأهواز في تصاعد منذ وصول نجاد إلى الحكم. وأبرز المشاريع التي استهدفت الوجود العربي هو مشروع "أروند" على ضفاف شط العرب، والذي تأسس على مساحة تبلغ 155 كيلومترا مربعا في قلب المنطقة، ولهذا الغرض تم استئصال المئات من القرى العربية وتهجير مئات الآلاف من العرب بهدف بناء مشروع لن يوظف فيه إلا غير العرب بغية تغيير التركيبة السكانية".
ويعتبر الأهوازيون عيد الفطر عيدا وطنيا و دينيا في نفس الوقت، في حين أن طهران لا تمنحهم إلا عطلة ليوم واحد فقط، بينما تكون العطلة في أيام عيد "نوروز" الذي هو عيد مجوسي 15 يوما؛ لأنه عيد يعبّر عن جذور القومية الفارسية.
ويقول الأهوازيون: إن التحدث بالعربية ممنوع في الدوائر الرسمية، ومن بين 25 منصباً مهما في الإقليم، لم يحتل العرب إلا 5 % منها، وما زال منصب محافظ الإقليم حكرا على غير العرب من المهاجرين، ولا يحصلون على المناصب الحساسة والمهمة داخل إقليمهم.
وفي 5-2-2009 أصدرت منظمة العفو الدولية بيانا بمناسبة الذكرى الثلاثين لثورة الخميني، أعربت فيه عن قلقها تجاه أوضاع الأقليات القومية الإيرانية، وخاصة العرب والأذربيجانيين والأكراد والبلوش والتركمان، إضافة إلى الأقليات الدينية. وأشار البيان إلى كونها مناطق بعيدة عن العاصمة، ما يجعل "من الصعوبة بمكان مراقبة تعامل السلطات الإيرانية معهم" واتهمت المنظمة الحكومة بتهميشهم.
[[منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــول]] سعود عايد الرويلي
التعليقات (0)