ما حصل يوم الجمعة الماضية 7 /1 / 2011 للاشرفيين الذين يسكنون في مخيم اشرف في محافظة ديالى شمال شرق بغداد منذ عام 1980 , هو بداية تنفيذ مخطط لاخراحهم من العراق .
ما حصل يوم الجمعة هو امتداد لما حصل في شهر تموز من عام 2009 , عندما هاجمت قوات عسكرية تابعة لرئاسة الوزراء مخيم اشرف , وقتل في ذاك الهجوم 9 أفراد وجرح العشرات , ومنذ ذاك التاريخ ومخيم اشرف محاصر من قبل قوات عسكرية , ومن عناصر من مخابرات إيران ( اطلاعات ) , ومن قوات القدس المرتبطة بجهات إيرانية , وخاصة السفارة الإيرانية في بغداد .
مشهد يوم الجمعة الماضية يختلف عن مشهد تموز من العام الماضي, ففي هذا المشهد, تم إخراجه بصورة أخرى تبدو أكثر إقناعا للرأي العام. بدأ المخطط بجلب أعداد من المرتبطين بالنظام الإيراني من محافظات البصرة والناصرية والنجف والعمارة وبغداد , غالبيتهم من الشباب الذين لا يتجاوز أعمارهم 15 ـ 18 سنة , تم إحضارهم على متن 21 حافلة , على نفقة السفارة الإيرانية ( حسب بيان منظمة مجاهدي خلق ) الإيرانية المعارضة للنظام الإيراني منذ عام 1980 .
استكمالا لفقرات المخطط قامت الفرقة الخامسة للجيش العراقي الجديد بنشر 14 نقطة تفتيش على الطريق الواصلة بين محافظة ديالى ومخيم اشرف , لإحكام السيطرة عليه ومنع دخول أي شخص غير مرغوب بيه أو يشك بولائه للحكومة .ترابط حول المخيم وحدة الرد السريع وقوات من شرطة ديالى , إضافة إلى عناصر من قوات القدس المرتبطة بالسفارة الإيرانية , وعناصر من المخابرات الإيرانية ( اطلاعات ) . ويقود القوات المنفذة شخص يدعى ( صادق كاظم ) , وهو الذي أمر بفتح النار على سكان اشرف عام 2009 , مما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وجرح العشرات , وهو الحادث الذي أثار القضاء الاسباني وأصدرت المحكمة في 27 / 12 / 2010 قرارا يقضي بتقديم المتسببين في ذاك الحادث إلى المحاكمة , في إطار جرائم الحرب , والجريمة ضد الإنسانية , والجريمة ضد المجتمع الدولي .
مهمة كل القوى الأنف ذكرها استفزاز سكان اشرف , لإحداث مبررات إخراجهم من المخيم ومن العراق نهائيا , وأولى هذه الأعمال نصب 180 مكبرة صوت حول المخيم لإزعاج السكان وحرمانهم من الراحة ليلا ونهارا , والعمل الثاني رشق السكان بالحجارة والزجاجات الحارقة ( المولوتوف ) , وقد نتج عن هذه الاستفزازات والأعمال العدائية جرح 175 بينهم 83 امرأة , جراح عدد منهم خطيرة . الأمر الأخطر هو قيام مدير المستشفى ( عمر خالد )الذي يعمل تحت إمرة لجنة اشرف التابعة لرئاسة الوزراء بطرد الجرحى من المستشفى وسبهم, رغم حاجة بعضهم للعلاج والبقاء في المستشفى.
إن الخطة تقضي بإشعار الرأي العام العالمي بأن سكان اشرف يثيرون الفوضى في العراق , وقد بثت قناة العالم الإيرانية أن سكان اشرف قذفوا المتظاهرين بالحجارة من داخل المخيم , وهذا الادعاء يجافي الحقيقة , لان وسائل الإعلام لم تسجل إصابة واحد من الذين قيل أنهم جاؤوا للتظاهر ضد الاشرفيين , في حين أن الإصابات كلها من سكان اشرف .
سكان اشرف البالغ عددهم 3400 شخص يتبعون تنظيميا إلى منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة , وكان النظام العراقي الوطني السابق يقوم برعايتهم الأمنية والصحية والغذائية , وتسلمت القوات الأمريكية مسؤولية المخيم عام 2004 , ولكن هذه القوات تخلت عن مسؤوليتها بعد خروجها من المدن العراقية , وتولت قوات متعددة مسؤولية المخيم , وأبرزها قوات القدس ولجنة اشرف التابعة لرئاسة الوزراء .
رئيس الوزراء نوري المالكي الذي تسلم رئاسة الوزارة الثانية قبل شهر,بدعم من النظام الإيراني , والقوى العراقية التابعة له , أمامه مهمة في غاية الأهمية بالنسبة لإيران هي إخراج سكان اشرف من العراق , كما كانت المهمة الأولى لوزير الخارجية الجديد علي اكبر صالحي إلى بغداد مؤخرا هي إخراج سكان اشرف من العراق , وقد صرح وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أن الحكومة العراقية لا تقبل تواجد منظمات إرهابية فوق ارض العراق , وهذا يعني أن مهمة صالحي قد نجحت , بدليل أن خطة الإخراج قد بدأت يوم الجمعة الماضي فور انتهاء زيارة صالحي لبغداد .
منظمة مجاهدي خلق تناشد الولايات المتحدة , والأمم المتحدة ومجلس النواب العراقي الجديد للتدخل لإنقاذ حياة سكان اشرف , ولو كانت الولايات المتحدة جادة في حماية اشرف لما رفعت ولايتها عن المخيم , ولكن الإدارة الأمريكية لاتهمها سكان اشرف إذا كان إخراجهم يحقق مصالح الولايات المتحدة , وخاصة إذا تم الاتفاق مع إيران حول الملف النووي .
على سكان اشرف ومنظمة مجاهدي خلق أن يتوقعوا الأسوأ من الحكومة العراقية هذا العام , لان المالكي مطالب برد الجميل للنظام الإيراني الذي بذل جهدا في تثبيته لرئاسة الوزراء لدورة ثانية , رغم أن ( دولة القانون ) لم تحصل على المقاعد في البرلمان الجديد التي تؤهله تشكيل الحكومة .
ولو كانت الحكومة العراقية حريصة على مصالح العراق الوطنية لاستثمرت وجود الاشرفيين في العراق , أثناء التفاوض مع إيران حول ترسيم الحدود , وحل المشكلات العالقة بين البلدين منذ أكثر من مئة عام , ولكن لعبة المصالح هي التي تحكم العلاقات القائمة بين الدول التي تخلت عن المبادئ والقيم والمثل العليا .
التعليقات (0)