مخطط بريطاني لزعزعة إستقرار السودان
ربما وجب الإشارة أولا إلى أنه وقبل الإنتخابات كان يجري في الخفاء التدبير لتنفيذ مخطط خارجي شيطاني لشرذمة الشمال وزعزعة إستقراره ؛ وبما يؤدي إلى إضعافه وشغله بنفسه حتى يتم تمرير إنفصال الجنوب وسرقة منطقة أبيي الغنية بالنفط بسلام . وذلك من واقع عدم ثقة جهات أجنبية وجنوبية متشددة حمقاء في نوايا الشمال وموقف حكومة البشير من إنفصال الجنوب وأيلولة أبيي التي يريدها البريطانيون لأنفسهم طمعا في بترولها وأنبوب ضخم يخططون لتنفيذه ومده حتى ميناء ممبسا الكيني ....
المخطط الرئيسي:
كان لب التخطيط الرئيسي يرمي بإختصار إلى فرض واقع من البلبلة والشكوك يؤجل الإنتخابات إن لم يلغيها تماما .... وكان التكتيك هو إنسحاب الحركة الشعبية من الإنتخابات برمتها وكذلك إنسحاب معظم الأحزاب الشمالية التقليدية الرئيسية في وقت مبكر وفي توقيت واحد مع توقيت إنسحاب الحركة الشعبية.
باقان أموم .. أمين عام الحركة الشعبية (جنوب السودان)
ولكن الله ستر ؛ وتفرق أركان غزوة الأحزاب وفتنة مسجد الضرار فرادى وزمر ، واختلفت إتجاهاتهم وذهبت ريحهم فمنهم من إنسحب جزئيا ثم عاد ليلغي إنسحابه. ومنهم من إنسحب قبيل الإنتخابات بعدة ساعات بعدما تبين له خطورة المخطط على مستقبل الشمال الإستراتيجي في حالة إنسحابه مبكرا . ومنهم من قرر المواصلة حتى النهاية وعلى إعتبار أنه ليس لديه في جانب سباق الرئاسة ما يخسره بقدر ما سيخسر طوال سنوات قادمة في حالة نجاح المخطط الذي لعب فيه الجنوبي باقان أموم وياسر عرمان دور مخلب القط ، ودون علم أو موافقة سيلفاكير ومعظم أعضاء المكتب السياسي للحركة الشعبية الذين فاجأهم إنسحاب ياسر عرمان من سباق الرئاسة ثم إعلان باقان أموم إنسحاب الحركة من إنتخابات الشمال ما عدا تلك التي تجري في جنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي لغرض ذر الرماد في العيون.
ولأن المستفيد الأول من نجاح هذا المخطط كانت شركات تعدين ومقاولات بترولية وبيوت إستثمار بريطانية كبرى في مجال الطاقة ؛ فقد جاء يحمل بصمات "مدنية" أكثر منها عسكرية......
بعد إكتشاف المخطط:
بعد أن وقفت الإستخبارات السودانية على طبيعة وخطورة الجزء الرئيسي من هذا المخطط الإجرامي في بدايته ، قطع عمر البشير مواصلة حضوره في مؤتمر القمة العربي الأخير وبادر لمغادرة سرت الليبية والعودة للخرطوم ؛ مما كان له أكبر الأثر في إجهاض هذا المخطط ووأده آنذاك في حينه.
ولأجل ذلك سرعان ما رأينا تغير لهجة عمر البشير وتلويحه للجنوب بأن الشمال لا يزال يمتلك في يده ورقة إمكانية إلغاء إستفتاء تقرير المصير وإنفصال الجنوب المزمع في يناير 2011م.
البشير في (جوبا) عاصمة الجنوب ... ووأد المخطط الرئيسي في حينه
المخطط الجاري الآن:
يحلم هؤلاء الآن بعد فشل المخطط الرئيسي بإلغاء الإنتخابات ؛ الإنتقال إلى تنفيذ البديل الفرعي ، وهو التحريض عبر بعض منظمات المجتمع المدني على إنتفاضة شعبية شبيهة بالثورة البرتقالية في أوكرانيا وغيرها من ثورات ذات الوان جذابة أخرى شهدتها بعض دول شرق أوروبا والشرق الأدنى على خلفية رفض نتائج الإنتخابات ، وبتدبير ومساعدة الاستخبارات الأمريكية.
ولكن الملاحظ أن التخطيط المشار إليه في السودان ، والمطالبة بإلغاء نتيجة الإنتخابات وإعادتها يأتي هذه المرة بتحريض بريطاني رأسمالي وضد رغبة الولايات المتحدة السياسية ؛ وإستغلالا لضعف إدارة أوباما في الحسم وإنشغالها بأفغانستان ومحاولة إنقاذ الإقتصاد الأمريكي من الإنزلاق نحو هاوية الإفلاس وتضخم الدين العام.
وهو ما يفسر النشاط الفجائي المشبوه لإذاعة وتلفزيون البي بي سي الناطقين بالعربية في اليومين الأخيرين . ومحاولتة ترسيخ مزاعم بتزوير الإنتخابات . وإلتفاف أبواق هذا الجهاز الخبيث على جوهر الحقائق التي جاءت في تقارير اللجنة الأوربية ، وتلك التي يرأسها كارتر ببتر أجزاء مهمة من عباراتها وفقراتها الإيجابية.
اليقظة مطلوبة الآن لأجل الوطن:
لا يعتقد أن هناك حاجة إلى إعلان حالة الطواريء ؛ فعامة الشعب قد صوت لصالح عمر البشير والمؤتمر الوطني . وهذا واضح من خلال المشاركة الكثيفة في التصويت التي وصلت إلى نسبة 70% تقريبا ، وبالتالي فلا مجال لتحرك الشارع ... وهل يتحرك الشارع ضد قرار إتخذه بمحض إرادته حين إختار البشير رئيسا حرصا على إستقرار وتماسك وقوة الشمال ؟
ولكن الشيطان عادة ما يعشعش في التفاصيل ويقتنص الفرص السانحة ..... ولا رهان لدى الأغلبية الشمالية الصامتة سوى وحدة الصف ووضع الأمن الإستراتيجي نصب الأعين ........
وعلى الرغم من الإشاعات التي صاحبت مغادرة السيد محمد عثمان الميرغني للسعودية ؛ فإن الناطق الرسمي بإسمه (حاتم السر) أكد لإذاعة البي بي سي قبول الحزب والطائفة بالأمر الواقع.
ويتبقى الآن ضرورة صدور إعلان مماثل من الأحزاب الشمالية الأخرى درءا لفتنة لا تصيب الذين ظلموا منهم خاصة.
المطلوب الآن من كل حادب وحريص على بقاء الشمال بعيدا عن عواصف التمزق والصوملة أن يكون واعيا لما يجري حوله ، فالحكومات والأنظمة زائلة ويبقى الوطن والأرض والعرض ومستقبل الأجيال القادمة أمانة في أعناق جيل الحاضر...... وليدرك الجميع من أهل الشمال أن البديل سيكون بمثابة إنتحار.
التعليقات (0)