الفصل الأول
خدعة الحرية
السيدة تموت ، السيدة ميتة!
لم يسبق للمرأة أن كانت مسجونة، ومنهارة، ومستعمرة، وخامدة مثلما هي عليه الآن.ويمثل عصرنا أكثر العمليات دناءة في تاريخ المرأة. فالمظاهر خداعة، ذلك أن الفخ مموه على نحو يثير الأعجاب. والجنسان في العمل يبديان وجهاً خارجياً باهتاً على نحو متماثل .ومع ذلك، لم يطرأ أي تغير على صراعهما، بل ربما أصبح أكثر ضراوة.
والورود تحفّ بمعتقل العمل في الخارج. فالنساء، من جهة، ينلن حقوقهن العادلة، الاجتماعية والقانونية، والعمل، من جهة أخرى، ممنوح لهن في العالم إلى حد الإشباع .ولكن، في أي عالم؟ في عالم الرجال بالطبع.
والنجاح الكبير في هذا السياق من الخداع أن المرأة تظن غالباً أن هذه الحالة الجديدة حرية حديثة العهد. ويمكن للرجال الذين يرغبون في استعباد المرأة أن يتنفسوا الصعداء. لقد تم الأمر ووقعت في الفخ. إنها على وشك أن تفقد شخصيتها وأصالتها الخاصتين. ومفعول روعتها وقدرتها الداخليتين تم إبطالهما.
أولاً – العالم التكنولوجي المجرد من الإنسانية ومخططه المعادي للمرأة :
كل شيء يحدث كما لو أن قادة العالم التكنولوجي المجرد من الإنسانية تواطؤوا:
-فلنحذر! لقد بلغ السيل الزبى. إن المرأة تطالب بحقوقها وتحصل عليها. وبدأت تفهم أعمالنا على نحو واضح. فهي تمثل قوة كبيرة كامنة ومستترة، وبالتالي تنذر بالخطر. وعلينا أن نمنعها، بأي ثمن، من أن تنتقل إلى الفعل، بوصفها امرأة. نعم، بوصفها امرأة.
-ثم إن المرأة تتصف بأنها ثاقبة الفكر .ومن حسن الحظ أنها تجهل إلى أي حد. إنها تحب ما هو أصيل، ومشخّص، وطبيعي، وإنساني، ومستقر. ولكن عالمنا ، والحالة هذه، غير أصيل، ومجرد ومصطنع، وغير إنساني وغير مستقر. وستحاول المرأة، يوماً من الأيام، أن تهدم ما بنيناه. بل وربما تدخلت في إيقاف حروبنا ! فرسموا عندئذ خطة عامة:
-علينا أن نمنع الأنوثة من أن تستعيد نشاطها. وفيما يتعلق بالزمن الحالي، فإنها تظل مقيمة في تخطيطات الضعف القديمة. فليست إذن موضع خشية. ولكن هذا لن يدوم طويلاً: ذلك أن ثمة ما يحض المرأة على أن تعي ما هي عليه، وثمة ما يدفعها إلى أن تتدخل، وإلى أن تصلح عالمنا. فلا بد من التعجيل، ولا بد من تقويض الاستطاعة الداخلية للمرأة. ولا بد من حذف الأنوثة من الخارطة.
الأمر الأول من الخطة المعادية للمرأة:
-أن ينجذب العدد الأكبر من النساء إلى عالم العمل.
-ولتحقيق ذلك، ينبغي تملقهن، واتخامهن من الناحية القانونية والاجتماعية. دع القيود، ولكن احتفظ بالرقابة الكلية.
-امنحهن الانطباع بأنهن متحررات من وصاية الذكر، تُعِق في الوقت نفسه حريتهن الداخلية.
-اجذبهن إلى الأعمال التي ترغمهن على التخلي عن الأنوثة لديهن.
الأمر الثاني من الخطة المعادية للمرأة:
-استأجر النساء في كل الأعمال، حتى ذات الأهمية الكبيرة منها، ولكن في أعمال لن يكون للأنوثة أي علاقة بها.
-وستضمر الأنوثة بوصفها غير مستعملة، وستفنى. وسيتوقف الخطر.
الأمر الثالث من الخطة المعادية للمرأة:
-يمكن للمرأة أن تصبح شاهداً صاحياً، وبالتالي يخشى جانبه. فلا بد من استبعاد هذا الشاهد. ومن أجل ذلك، لنجعل منه شريكاً في الجرم، وعندئذ تنطلي الخديعة. وهي، بوصفها شريكاً في الجرم، لن تجرؤ على أن تحشر أنفها في أعمالنا بصفتها شاهد إثبات.
الأمر الرابع من الخطة المعادية للمرأة:
ولكي نجعل هذه العبودية كاملة، سنجبر ملايين النساء على أن يفقدن شخصيتهن . ومن أجل هذا، نستخدم الأزياء، والكيمياء والإعلان والملايين. ونصنع فتيات هن من الاتصاف بالجمود بحيث يستبعد كل خطر.
ــــــــــــــــــ
Comprendre
LES FEMMES : بيير داكو . ـــــــــ . ترجمة وجيه أسعد .
التعليقات (0)