مواضيع اليوم

مختصرات في التاريخ الإسلامي (1)

أحمد سالم عبدالله

2010-04-17 08:00:19

0

 تقديم
هذا مختصر في التاريخ الإسلامي منذ نشوء الإسلام ، وحتى بدايات الحكم الأموي ، هذا المختصر يقدم الأسس والركائز لفهم وقائع ما يجري في "الشرق الأوسط" اليوم ، هي محاولة لتقديم وجهة نظر ، وليملك القارئ من خلاله إطاراً للرؤية ، جهدت لأن يكون شاملاً ، دون أن أدّعي للحظة كماله أو دقته . هو إطار للرؤية فقط ، ولمن يختلف معي يمكنه عرض إطاره ، لنتحاور بشأنهما ، عسانا نصل إلى حقيقة ما !



نشوء الإسلام
نشأ الإسلام ، مع بدايات الدعوة النبوية ، بالطبع كان هناك بعض الموحدين ، من اليهود والنصارى والأحناف ، لكن هذا لا يشير إلى تأثر واضح المعالم بما سبق من ديانات ، وإن كان الإعتبار الأساسي أن الإسلام هو تتمة و/أو إكتمال (حركة تصحيحية على أكثر من صعيد) لما سبقه من ديانات سماوية . بالطبع يمكن للنبي كإنسان عاش في مجتمعه ، أن يعرف خفاياه ومزاياه كما سلبياته ، ولا بد تناقش مع آخرين من أديان مختلفة ، حاولوا إستمالته لدينهم ، خصوصاً أن معظم بني هاشم كانوا من الأحناف . فهو إذن ، تأثر بما وجده ورآه وعاشه خاصة أنه يملك حساسية خاصة ، ولذلك هجر مجتمعه إلى غار حراء ، ليتأمل في واقعه ، وليفهم ذاته بداية . يحوي هذا الفعل البداية للإصلاح ، فهو توقف عن الإندماج بهذا المجتمع ، ليقدر الآن على الإندهاش بما يراه ، ليراه بعيون مختلفة ، لا بد أنه كان صاحب رؤية خاصة ، وتواجده في البرية كراعٍ قدّم له الخميرة الأولى ، ليستكملها في غار حراء ، وليتلقى لاحقاً الوحي .
لن أتكلم عن هذه المرحلة ، بل سأختصرها إلى لحظة وفاة الرسول ، بعد أن أسّس المدينة-الدولة (على إختلاف مع المفهوم اليوناني) ، لأقل بعد أن أسّس بذرة الدولة الإسلامية الحديثة ، ويمكن الآن العودة إلى ما قام به الرسول ، لنتعرّف على الدستور الأول ، وطبيعة الحكم وشخصية الحاكم وغيرها من المسائل التي ما زالت تثير إشكالات في عالمنا الإسلامي اليوم .
إذن توفي الرسول ، وإختلف المسلمون (وما زلنا لليوم نعيش هذه الإختلافات) ، سمع أبو بكر وعمر وأبو عبيدة أن الأنصار قد إجتمعوا في سقيفة بني ساعدة وهم يتداولون بشأن الخلافة ، والمشهور أن الأوس والخزرج لم يشفوا تماماً من عصبية الجاهلية ، فسارع الثلاثة إلى إحتواء الأمر ، حتى أطلق عليها عمر (لاحقاً) تعبير : فلتة وقانا الله شرها ! وتمت مبايعة أبو بكر بعد محاججة الأنصار ، ومن ثم بايع أبو بكر بعض الصحابة ، لكن بني هاشم وبعض الصحابة أصروا على أن الإمام علي هو الأجدر بتولي الحكم بعد الرسول (على إعتبار أنه الوصي) ، وقد إعترف بهذا خليفة الرسول "أبو بكر" حين خطب في الجموع بعد المبايعة : لقد وليتكم ولست بأفضل منكم !
هذه اللحظة أسّست للخلاف الشيعي السني ، الذي إعتمد عليه معاوية لاحقاً لإبعاد الشبهات عما قام به من تحويل الخلافة إلى ملك عضوض ، يتوارثه الأبناء عن الآباء دون وجه شرعي وفقهي .

 

الخلافة الراشدة
الخلفاء الراشدون هم أربعة : أبو بكر ، عمر ، عثمان ، وعلي . وقد مارس أبو بكر وعمر الإسلام كما فهماه عن الرسول ، وقد إمتازت مدّة حكمهما بالزهد ، ولذا سكت الإمام عن حقه (كما يراه) بالخلافة ، وتعامل معهما وساندهما فيما يحتاجان ، وقد أخلف عمر علي على المدينة عندما ذهب إلى بيت المقدس ، وكما قال عمر (بأكثر من معنى) : لولا علي لهلك عمر .
لكن المشكلة عندما تولى عثمان الخلافة ، حيث قرّب إليه بني أمية (أقرباءه) ، وسلّطهم على رقاب المسلمين ، وكان مستشاره الأساسي هو مروان بن الحَكم ، وقد أثار عثمان بتصرفاته (في الحُكم) غضب الصحابة ، حتى قالت عائشة : أقتلوا نعثلاً فقد كفر . وقد وجد معاوية الفرصة سانحة (في حكم عثمان) ليقيم حكمه في دمشق كحاكم فعلي وليس مجرد والٍ . وقد إستغل كل الأحداث التي خطط لها مروان بن الحكم (وظني أنه قد يكون هناك تنسيقاً بينهما) ، ليصبح هو الخليفة وبالتالي الملك .
لم يثر عثمان غضب الصحابة فقط ، بل غضب العامة ، وكان مروان بن الحكم في هذه الفترة يؤجج الأحقاد على الخليفة ، وبذات الوقت يقود عثمان إلى نهايته المفجعة التي إنتهت بقتله (وبالتنسيق مع معاوية – وإلا كيف يمكن أن نفهم أنه أرسل جيشه لحماية عثمان ، ورابط هذا الجيش خارج المدينة ولم يساعد من زعم أنه قدم لمساعدته ! –) . قُتل عثمان ولم يُعرف قتلته إلى اليوم . لكن معاوية الداهية ليس بحاجة للحقيقة ، هو قد حدّد القاتل منذ البداية ، وأجج الشام عليه .
إنتقلت الخلافة إلى علي ، بعد مبايعة جماهيرية حاشدة ، ومذ تسلّم علي الحكم ، أرسل إلى الولاة ، منهم من ثبّته على ولايته ، ومنهم من خلعه ، وكان معاوية من المخلوعين . إلا أن معاوية رفض .
في ذات الوقت كان الزبير وطلحة يطمعان ببعض النصيب الدنيوي ، ورفض الإمام علي ذلك ، فألبا عليه عائشة وعلاقته معها غير ودية لأسباب لا يعرفها سوى عائشة نفسها . فكانت موقعة الجمل . وفيها قال الإمام : لا يُعرف الحق بالرجال إعرف الحق تعرف أهله .
بعدها تفرّغ الإمام لمعاوية فحصلت معركة صفين ، وفيها أشار عمرو إبن العاص (الداهية أيضاً) بحمل القرآن على المصاحف بعد أن شعرا – هو ومعاوية – بالهزيمة . ونجحت الحيلة وصرخ الإمام قائلاً : هذا حبر وورق أنا القرآن الناطق . لكن جماعة القراء (الخوارج لاحقاً) لا يعرفون سوى المعاني الظاهرة ، إعتزلوا الإمام ومعاوية ، ورضوا بخدعة (مهزلة/مسرحية) التحكيم .
إنتدب معاوية الداهية عمرو بن العاص ، ولم يقبل القراء إلا بأبو موسى الأشعري الذي يشبههم بالمظهر والبساطة ! فخدعه إبن العاص ، وأصبح للمسلمين أميرين علي ومعاوية .
وليستتب الأمر لمعاوية ، بدأ بتأليب الناس على علي وسن سنته البشعة بسب الإمام على المنابر ، وبإختلاق الأقوال والمرويات عن الخلافات بين علي وأبو بكر وعمر ، لينسى الناس ما يقوم به إبن "آكلة الأكباد" . وما زلنا لليوم يختلف السني والشيعي على أبو بكر وعمر وعلي ، وننسى أن هذا الثلاثي كان مناوئاً لبني أمية ولسياسات بني أمية . لكنه التاريخ يكتبه المرتزقة .
لم يقبل القراء بنتيجة التحكيم ، وبعد أن حاربوا الناس ، إضطر الإمام لضبطهم ، فكانت معركة النهروان . لاحقاً ، قتله أحد الخوارج وهو في المحراب يصلي .
كانت هذه خدمة مجانية لمعاوية ، سيتحمل وزرها الخوارج ، فسيطر معاوية على الحكم وقدمه لإبنه يزيد . وبعد كربلاء ، وصل الداهية مروان إبن الحكم إلى الخلافة ، ليؤسس الخلافة الأموية بشكل فعلي .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !