مواضيع اليوم

مختبر العلوم الجنائية بين الضرورة والتحدي

نهاد السكني

2014-01-24 05:42:04

0

 

 
الدكتر نهاد رفيق السكنياستفزني تقرير لحادثة الخطأ الطبي الذي أدى إلى تبديل طفلين عند ولادتهما في رام الله الأيام الأولى من العام الجديد 2014، وحزنت كثيرا عندما رفض
 
طلب والدي الطفلين إجراء فحص دي أن إيه للتأكد القطعي من نسب كل طفل لأهله، لعدم وجود مختبر لعمل مثل هذا الفحص لدى السلطة الوطنية
 
الفلسطينية، وأنه في حال قررت الجهات القضائية إجراء هذا الفحص، فسيتم إجراؤه إما في الأردن أو في إسرائيل، وبتكلفة قد تصل إلى حوالى أربعة
 
آلاف دينار. نفس المشكلة موجودة في قطاع غزة، حيث أن الجهات القضائية إذا قررت إجراء مثل هذا الفحص فإنها إما توصي بإجراءه في مصر أو في
 
إسرائيل أيضا.
 
نحن الآن في القرن الواحد والعشرين ولا زلنا نعاني من عدم جاهزية الوزارات المعنية والمؤسسات المختلفة، واستعداداتها لإجراء الفحصوات الوراثية
 
الخاصة بالقضايا الجنائية، أو بمعني آخر عدم جاهزية المعمل الجنائي الفلسطيني، رغم أن هنالك بعض الدول اعتمدت في نشأتها على الكفاءات
 
القلسطينية قد قامت بعمل مسوحات البصمة الوراثية لكل مواطنيها.
 
هناك أهمية كبيرة لوجود مختبرات لفحص البصمة الوراثية أو معامل العلوم الجنائية في الأراضي الفلسطينية، كون أن نتائج هذه المختبرات تعتبر
 
دليل فني لا تحتمل الخطأ مطلقاً، فلا نكتفي فقط بالكشف عن حالات الوفاة التي يصعب التعرف عليها كما حدث في حادث جبع الذي وقع في السادس عشر من
 
شباط الماضي، والذي راح ضحيته ستة أطفال ومعلمة، إنما ايضا يساعدنا في إثبات البنوة، في حالات الحمل غير المشروع، كذلك في حالات الاعتداء
 
الجنسي، بالإضافة إلى الكشف عن الجرائم التي لا يترك فيها الجاني أثر له، ناهيك عن أنه يسّهل عمل الضابطة القضائية.
 
أنا لا أنكر اهتمام رجال القانون والقضاء والصحة أيضا وكل من له علاقة في فلسطين بهذا الأمر منذ ان أوصى المؤتمر العربي الثالث لرؤساء أجهزة
 
الأدلة الجنائية المنعقد في عمان (ما بين 10-12 مايو 1993م) أوصى بتضمين برنامج عملها دراسة نظام تصنيف السوائل البيولوجية بنظام بصمة الحمض
 
النووي (DNA) ومدى إمكانية الاستفادة منها في مجال العدالة الجنائية بالدول العربية، وما تلاه من مؤتمرات عربية واقليمية عقدت في العديد من
 
العواصم العربية حتى يومنا هذا لحث أجهزة الدول للاعتماد على البصمة الوراثية كدليل .
وقد أصدر مجلس الوزراء قراراً بهذا الخصوص يحمل رقم 1998 لسنة 2005، ينص على إنشاء المعمل الجنائي التابع لوزارة العدل، وإعادة التخطيط
 
والتجهيز لإنشاء مختبرات وزارة الداخلية.
وقد قرأنا وتابعنا العديد من الأخبار والتقارير حول نشاطات وزرات العدل والداخلية والصحة والقطاع الأهلي لبدء مشاريع مختبرات العلوم الجنائية
 
والبصمة الوراثية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وادخال تقنيات حديثة للتعرف ولتعقب المجرمين من بينها نشاطات الإدارات العامة للطب العدلي أو
 
الشرعي والمعمل الجنائي في الضفة وغزة، إلا إننا رغم ذلك كله لا زلنا نعتمد على مختبرات إسرائيل والأردن ومصر والإنتظار يومان أو ثلاثة أيام
 
وربما أشهر لإستلام النتائج، بينما تتباهى شبه دول بحسب المساحة والتعداد بأنها تستطيع إجراء فحص البصمة الوراثية خلال اقل من ساعة.
 
إن إنشاء مختبر لفحص البصمة الوراثية لا يحتاج إلى عضلات بل يحتاج إلى مبادرات صادقة من قبل المسؤولين، لوضع حد للعقبات التي يواجهها قطاع
 
العدالة في فلسطين المتعلقة بانعدام البيّنة الفنّية اللازمة لإثبات المواد ذات الشبهة الجنائيّة، أيضا قضايا إثبات النسب وغيرها من القضايا
 
التي باتت ضرورية في ظل التقدم التكنولوجي السريع التي تزداد أهمية الإثبات بتطوره العلمي الحديث حيث بدأ يعتمد على أسلوب حضاري هدفه التعرف
 
على الحقيقة بالاستعانة بالعلوم الطبيعية والفيزيائية والكيميائية والرياضية.
 
وبينما نحن لا زلنا نناقش أهمية إنشاء مختبرات جنائية ومختبرات لإجراء فحوصات وراثية آخرى، فإن العالم من حولنا ينشغل في أمور آخرى لكنها ذات
 
علاقة بالبصمة الوراثية منذ سنين للتعرف و للإنقلاب على علم السلالات القائم منذ آلاف السنين بالكشف عن سلالة وأصل أي شخص من خلال فحص عينة من
 
لعابه، حيث يمكن لهذا الفحص الوراثي أن يثبت للشخص أنه عربي أم عجمي ويمكن أيضاً أن يعرفك بقبيلتك الأصلية والتأكد من نسبك لأل البيت على سبيل المثال، حيث كان من المعلوم أن علم الأنساب علم منقول ظني يعتمد على كتب الأنساب وأقوال النسابة والوثائق والمشجرات وشهادات المشايخ وأمراء القبائل والموروث
 
الإجتماعي وما تتناقله الأقوال وغيرها من مصادر الأنساب المعروفة.
 
إلا أن ظهور فحص الحمض النووي والبصمة الوراثية أحدث إنقلاباً خطيراً وثورة لتحول علم الأنساب من علم ظني ترجيحي ربما يعتريه التزوير، إلى علم
 
معقول محترم يعتمد على نتائج دقيقة لاتخطئ بقدرة الله جل وعلا وحكمته وتدبيره. فأصبح الحمض النووي عنوان الحقيقة، وسجل التاريخ المحفوظ بلا
 
تزوير، وسأقوم إن شاء الله بكتابة مقالة شيقة حول علم الأنساب وكيفية الكشف عن أصل الإنسان وراثياً وكيف تم اكتشاف سلالات فارسية وهندية وقوقازية
 
خرجت لأشخاص يتحدثون العربية وأسرهم تسكن بلاد العرب منذ قرون ولم يغير من سلالتهم لا وجودهم بين العرب ولا تزاوجهم مع العرب.
 
د. نهاد رفيق السكني
باحث ومهتم بدراسة الأمراض الوراثية
NSAKANY@HOTMAIL.COM
https://www.facebook.com/elsakany
 
https://sakany.wordpress.com
 
 
 



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !