بلادي اليوم / علي يوسف
افادت مصادر بان قيادات في الأكثرية الحاكمة وفي المعارضة في لبنان ابدت تخوّفها من ارتدادات الأزمة المتمادية في سوريا على الوضع الداخلي اللبناني، على الرغم من النصائح التي أسدتها إليهم جهات دولية بعدم استيرادها لما سيكون لها من تأثيرات في العمق على الاستقرار العام، وكذلك على العلاقات بين الأطراف المحلية المنقسمة بين رهانين، الأول يتصرف على أنّ النظام السوري سيخرج من أزمته أكثر قوة وسينجح في نهاية المطاف في استيعاب ما يدور في بلده، والثاني يعد أنّ سقوطه حتميّ مهما طال الانتظار، وانه سيحقق له فرصا للدخول في العملية السياسية من جديد، وهذا يستدعي الالتفات إلى ترتيب البيت اللبناني بما يضمن حمايته من التداعيات ومن ردود فعل البعض على سقوطه.
أن تجنيب لبنان تداعيات الأزمة السورية ممكن إذا أحسن الفرقاء قراءة الموقف واتخذوا قراراً تاريخياً بعدم جر لبنان إلى الفوضى, ويمكن لطاولة الحوار بجدول أعمال مفتوح أن تعالج الكثير من المسائل الخلافية.
ويبقى السؤال القائم هل تستطيع القوى السياسية اللبنانية والرئيس ميشال سليمان الى إعادة جمع القيادات المتناحرة الى طاولة الحوار في القصر الجمهوري لتكون السنة الجديدة سنة الحوار كما قال الرئيس ميشال سليمان ولا تظل كالعام المنصرم عام "النقار" والشجار؟ وهل تستجيب هذه القيادات لدعوته المتكرّرة أم أن استمرار الخلاف على جدول أعمال الحوار سيحول دون ذلك ؟.
من جانب آخر ترى أوساط سياسية متابعة لتطور الاحداث في المنطقة وخصوصاً في سوريا، وجوب العودة الى طاولة الحوار لحفظ لبنان من تداعيات أحداث سوريا تحت عنوان واحد هو "حماية لبنان من صراعات الداخل والخارج"، فليس مطلوباً في الظروف الدقيقة الراهنة البحث في موضوع آخر، لا في موضوع سلاح "حزب الله" ولا في موضوع الاستراتيجية الدفاعية ولا في قانون الانتخابات ولا في تنفيذ ما بقي من اتفاق الطائف، إنما البحث في كيفية حماية لبنان من تداعيات ما يجري حوله ومنع انتقال شراراتها إليه، إذ ما نفع البحث في مواضيع أخرى إذا انهار الأمن في لبنان وتعرضت بنيته التحتية للدمار والخراب وصار الهمّ مقتصراً على إعادة بنائها ؟ .
لذلك ينبغي على القيادات اللبنانية، شعوراً منها بمسؤوليتها الوطنية، أن تعود الى طاولة الحوار للبحث في عنوان واحد هو حماية أمن لبنان أولاً والحفاظ على استقراره العام، خصوصاً بعد قول البعض بوجود مقرّ لـ"القاعدة" في لبنان وقول بعض آخر بأن لا وجود لمقر إنما قد يكون ثمة وجود لممر... فضلاً عن كلام يتكرر حول احتمال حصول اضطرابات أمنية في الشمال امتداداً لما يجري على الحدود مع سوريا، واحتمال تحريك جبهة الجنوب مع اسرائيل لتخفيف ضغط الأحداث على سوريا وتحويل الانظار عربياً ودولياً عنها، وهذا يتطلب تحصين لبنان بالعودة الى الحوار تجنباً للفتنة، ولخلق شبكة أمان تصد عنه العواصف.
ان القوى السياسية اللبنانية ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي يحاولون عدم زج لبنان بما يحصل في سوريا حيث ان قرار عدم مشاركة لبنان بارسال وفد من لبنان للمشاركة مع بعثة المراقبين العرب جاء حفاظا على العلاقات السورية اللبنانية من حدوث اي تغيير خصوصا بعد ما بدأ الاعلام يتحدث عن عمل المراقبين واستخدامه بالطريقة التي تتبع سياسية كل قناة.
لذلك ان حكومة نجيب ميقاتي تحاول جاهدة عدم زج لبنان في المسار الذي ترسمه القوى الغربية من اجل تغيير خارطة الشرق الاوسط الجديد الذي يدعونه.
من جانبه تحاول القوى اللبنانية الى حل الأزمة في سوريا على مختلف الجوانب، حيث دعا الأمين العام لـحزب الله السيد حسن نصرالله الى أن تجتمع كل جهود الدول العربية والجامعة العربية ومعها دول إسلامية مؤثرة في المنطقة وفي مقدمها إيران وتركيا للمساعدة على إنهاء الأزمة السورية والمساهمة في معالجة عقلانية وليس على تسعير النار وحشر الناس في الزاوية، وإذ تحدث نصرالله في حشود كبيرة تجمعت في مدينة بعلبك البقاعية لإحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين (ع)، أعرب عن اعتقاده بأن الجميع في سوريا حريص على بلده وشعبه وموقعه الاستراتيجي، وهو في موقع الاستجابة (لهذه الجهود)، ودعا المعارضة السورية في الداخل والخارج الى الاستجابة لدعوات الحوار من قبل الرئيس بشار الأسد والتعاون معه لإجراء الإصلاحات التي أعلن عنها وهي على درجة عالية جداً من الأهمية، وإلى إلقاء السلاح.
مركز بلادي للدراسات والابحاث الستراتيجية
http://www.beladitoday.com/index.php?aa=news&id22=1110
التعليقات (0)