توقع خبراء اقتصاديون أن يواصل اليمن زيادة أسعار الوقود بشكل تدريجي خلال العام الجاري إلى حد رفعه نهائيا، وطالبوا بضرورة أن تترافق الزيادات مع القيام بإصلاحات شاملة ومواجهة حقيقية للفساد.
وكانت الحكومة اليمنية قد قامت مؤخرا برفع أسعار البنزين والديزل والكيروسين بنسبة 14%، وهي زيادة بسيطة، خلافا للزيادات التي كانت أقرتها منذ بدء العمل بما سمي الإصلاحات الاقتصادية في مارس/آذار 1997، وكانت تنتج عنها احتجاجات شعبية عنيفة.
الضرب الناعم
حمود البخيتي: رفع الأسعار بمعدل أكبر ربما كان سيؤدي إلى احتجاجات شعبية (الجزيرة نت)
واعتبر رئيس مركز دراسات السوق والمستهلك بصنعاء حمود البخيتي في حديث للجزيرة نت أن الرفع كان بسيطا، حيث زيدت مائة ريال على سعر "دبّـة" البنزين المحددة بـ20 لترا، نتيجة للأوضاع السائدة في البلد.
وقال إن الحكومة كانت تدرك أن الرفع بنسبة تتجاوز 30% ربما كان سيؤدي إلى ردود أفعال شعبية غاضبة، ولذلك يبدو أنها تعتمد حاليا سياسة "الضرب الناعم" للمستهلك دون أن يشعر بالوجع، فتقوم برفع الدعم عن أسعار الوقود بشكل تدريجي وبنفس طويل يستطيع المواطن تقبله.
كما أشار البخيتي إلى سياسة "اصطناع الأزمات" حيث تقوم الجهات الحكومية بتقليل كميات الضخ للسوق من البنزين والوقود والغاز، فيزداد الطلب عليها وبالتالي ترتفع أسعارها، ويتقبلها المواطن اضطرارا لاحتياجه الشديد.
وأضاف أن هذه السياسة مؤذية في الأول والآخر، ولكن يبدو أن الحكومة كانت مجبرة على اتخاذ مثل هذه الخطوة نتيجة الكثير من الصعوبات الاقتصادية وللتدني الملحوظ في نسبة الإنتاج من النفط وانخفاض أسعاره عالميا، إلى جانب الإنفاق الحكومي الكبير نتيجة حرب صعدة.
معالجة شاملة
ومن جانبه لفت الخبير الاقتصادي علي محمد الوافي إلى أن الحكومة للأسف تلجأ إلى رفع الدعم عن المشتقات النفطية لزيادة الإيرادات العامة.
علي الوافي أكد أن عمليات تهريب الوقود تقوم بها جهات مرتبطة بالسلطة (الجزيرة نت)
وقال في حديث للجزيرة نت "إن أي رفع للدعم الحكومي عن الوقود (البنزين، والديزل) ينبغي أن يكون ضمن منظومة سياسات متكاملة تعمل على معالجة الوضع الاقتصادي بصورة شاملة".
وأضاف أن هذه الزيادة في أسعار المشتقات النفطية تأتي ضمن الأولويات العشر للحكومة اليمنية التي حددتها العام الماضي مع المانحين الدوليين، والأمر لن يتوقف عند هذا الرفع، بل سيتواصل بشكل تدريجي حتى يصلوا إلى رفع الدعم عن الوقود بصورة كاملة.
وأشار الوافي إلى أن سلبيات هذا الرفع أكثر من إيجابياته، خاصة أن المؤشر الذي يعطيه للسوق يجعل احتمالات رفع الأسعار بشكل عام واردة، وهو ما سيعرض الحالة المعيشية للمواطنين لمزيد من التدهور.
وبشأن ما تردده المصادر الحكومية من أن رفع الدعم يساهم في الحد من تهريب الوقود، قال "إن الذين يهربون الكميات الكبيرة من الديزل والبنزين هم من المرتبطين بأصحاب النفوذ في السلطة، ولا يستطيع تهريب سفن محملة بالوقود إلا من لهم نفوذ في الدولة".
ونفى الوافي أن يكون رفع أسعار الوقود في سياق مواجهة الفساد، مشيرا إلى أنه من غير الممكن في ظل الآليات والأدوات الحكومية الحالية أن تتم محاربة الفساد، فهي التي تنتج الفساد وتحتضنه وهي التي توفر المناخ الملائم لانتشاره.
وأكد أن "مواجهة الفساد لن تكون إلا عبر حوار وطني بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة يؤدي إلى توافق على حلول شاملة لمشاكل البلاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية، والبدء في تنفيذ منظومة إصلاحات شاملة، وليس هناك من خيار آخر".
المصدر: الجزيرة
التعليقات (0)