Thursday, March 24
الأمريكيون تلقوا درسا في العراق وهو أن أحتلال أي بلد عربي أو تغيير تظامه السياسي بالقوة لن يكون نزهة سهلة يستقبل فيها الجنود الأمريكيين بالزهور والأحضان والقبلات كما أستقبلتهم شعوب أوربا بعد تحريرهم من الأحتلال النازي، أو كما تنبأ المستر وولفووتز وكيل وزارة الدفاع الأمريكية ولكنهم أستقبلوا في العراق بالقنابل والسيارات والأجسام الأدمية المفخخة.
لهذا بدأ أعضاء مجلس الكنغرس الأمريكي والرئيس الأمريكي يفكرون في وسيلة أخرى بديلة لأستعمال القوة فوجدوا أثناء متابعتهم لحسابات المنظمات والجمعيات الأسلامية وأعضائها أن معظم المسئولين في الأنظمة العربية ومعاونيهم يحتفظون بحسابات وأرصدة كبيرة في المصارف الأمريكية والأوربية وأهتدوا بذلك ألى وسيلة للسيطرة على اللأنظمة العربية فالتهديد بتجميد هذه الحسابات والأرصدة الضخمة للمسئولين العرب وحظرتجوالهم خارج بلادهم سيجبرهم على قبول السياسة الأمريكية في المنطقة دون خسائر في الأرواح والأموال الأمريكية وقد بدأوا في تطبيق ذلك فعلا وتمثل هذا في أقتراح أعضاء الكونجرس الأخير بتجميد حسابات وأرصدة كل زعماء لبنان الذين يتعاونون مع سوريا ويؤيدون بقاء القوات السورية في لبنان، وأذا نفذ هذا الأقتراح فأن سوريا لن تجد سياسيا لبنانيا واحدا معها.
وكذلك الطلب الأمريكي الى مجلس الأمن بأستخدام هذه الوسيلة ضد المسئولين في الحكومة السودانية عقابا لأنتهاك حقوق الأنسان في دافور ولو طبق هذا على المسئولين السودانيين وزعماء التمرد وأنصارهم على السواء لحلت قضية دافور في أسابيع. ورغم أن تطبيق هذه الوسيلة على الوضع اللبناني السوري فيه أجحاف ليس موضع تعليقنا هنا ألا أن أستخدامها مع زعماء الأنظمة الدكتاتورية العربية قد تكون مجدية فهي ستنقذ الشعوب العربية من ويلات أستعمال القوة وأثارالمقاطعة الاقتصادية السلبية التي قد تستخدم ضد هذه الأنظمة كما حصل مع العراق وغيرها.
وأمريكا أذا كانت تعني ما تقول في دعوتها الى الأصلاح في الدول العربية ونشرالحريات والديمقراطية فيها فأن التهديد بأستعمال هذه الوسيلة بتجميد حسابات وأرصدة المسئولين في الأنظمة العربية ومعاونيهم ورجال الأعمال المتعاونين معهم وحظر سفرهم وتجوالهم خارج بلادهم أذا لم يسارعوا الى تطبيق الأصلاح وأطلاق الحريات وأحترام حقوق الأنسان وأقامة حكومات ديمقراطية منتخبة ومنبثقة عن تعددية حزبية، سيجبر هؤلاء المسئولين على تنفيذ هذه المطالب بسرعة ستكون مفاجأة للجميع، وسيسارعون أما ببتبادل السلطة مع غيرهم والتمشي مع الواقع الجديد وتحمل نتائج أعمالهم ويمكن حصول تصالح وطني كما حصل في جنوب أفريقيا، أو الأكتفاء بما غرفوه من أموال الشعب الفقير والهجرة الى أمريكا والدول الاوربية اذا ضمنوا عدم المحاسبة أو المتابعة من طرف بلدانهم وحماية الدول التي سيلجأون أليها وقد يكون في ذلك حلا يقنعهم بترك السلطة لشعوبهم.
لكن السؤال هل أمريكا تريد حقا للشرق الأوسط الأصلاح ونشرالديمقراطية أوأنها دعوة حق قصد بها باطل للدعاية وللتغطية عما حصل في العراق وأستخدام هذه الدعوة ذريعة ضد أي نظام عربي لا يتعاون معها ولا ينفذ سياستها في المنطقة لأتخاذ عقوبات تأديبية ضده وفي نفس الوقت تستمر في التعامل مع أصدقائها التقليديين ويستمر (البزنس) كالعادة.
التعليقات (0)