كثيرون ينادون بالتسامح وهذا الشعور عفوي يعبرعن عاطفة ليبية إنسانية ولكن هذا الشعور خطر على نجاح ثورة 17 فبراير في المستقبل . كثيرون من مسئولي نظام القذافي تقمصوا أو سيحاولون تقمص الثورية لخدمة مصالحهم والتمسك على الأقل بمكاسبهم من أموال وأملاك بدون وجه حق والسعي تحت السطح للألتفاف على الثورة والعودة إلى الحكم تحت ستار الديمقراطية والحرية . مع إحترامي للسيد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الأنتقالي ألا أن قلبه كبير وإيمانه بالله قوي وتمسكه بتعاليم الأسلام السمحة التي تدعوإلى التسامح وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم المتميزة بالعفو عند المقدرة . هذا كله لم يمنع بعض المسلمين من الردة وبعض كبار الصحابة رضوان الله عليهم من الألتفاف حول الخلافة الأسلامية والحكم بالحيلة والسياسة. إن السياسة أصبحت علما تضاربت فيه الأراء . فمن المبدأ الداعي إلى الديمقراطية والعدل والحريات وهذا ما ألتزمت به الأنظمة الديمقراطية . ألى الميكافيليين الداعين إلى مبدأ الغاية تبرر الوسيلة وهو ما ألتزمت به أنظمة الحكم الدكتاتورية . والسياسة التي يتبعها الساسة المعاصرين هي خليط من المبدأين . كثيرون لم يتقبلوا تصرف السيد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الأنتقالي الانساني المتسامح بترك محمد القذافي في بيته بدون حراسة كافية حتى تمكن من الهرب أوتم تهريبه . وكان محمد القذافي يخفي رايه صراحة عندما قال بعدم رضاه عن غياب العقل وأن الخلاف بسيط بين الثوار والنظام كان يمكن تجنبه بالتشاور. وهذه عبارات دبلوماسية تفسر في صالح الطرفين أعتبره البعض إستنكارا لتصرف أبيه ولكنه في الحقيقة هو يضع اللوم على الثوار . كما أن تمسكه بالبقاء في بيته كان يخفي ترتيب هروبه أو تهربيه . وأي سياسي سيتوقع الأسوأ ويأخد الأحتياط ويضع محمد القذافي تحت الحراسة المشددة أو يتركه للثوار للتعامل معه في أسوأ الاحوال .وقد رأينا إنه قارب النهاية ونطق بالشهادة على مكروفون الجزيرة وتركه بعد ذلك في بيته ساعد على هروبه ثم مغادرة ليبيا . الحيطة في مثل هذه المواقف تتطلبها الظروف السياسية التي تمر بها ليبيا . والشئ الثاني قول السيد عبد الجليل المتعجل بأن قبول عائلة القذافي من طرف الحكومة الجزائرية هو تصرف إنساني للحكومة الجزائرية يوافقهم عليه ولأنه ليس بين الجزائر وليبيا إتفاقية تسليم المجرمين ولكنه سيطلب من الجزائر تسليم من يحكم عليه القضاء الليبي بعقوبة . السيد محود شمام إستطاع أن يصحح هذا الراي بمطالبة الجزائر بتسليمهم جميعا حالا حتى تتم محاكمتهم في ليبيا وقد أوضح السيد فهمي البعجة رئيس اللجنة السياسية للمجلس الأنتقالي في الجزيرة بأ ن هذه التصريحات هي تعبيرات شخصية ولا تعبر عن راي المجلس الأنتقالي وإحتفظ بحق المجلس في إتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب . وما أريد أن أوضحه إننا نأمل من المجلس الأنتقالي أن يتصرف سياسيا كحكومة لها أنصارها وأعداؤها الحقيقيين . فثورة 17 فبراير قامت ضد نظام بقى 42 عاما خلق أجيالا من المسئولين توالوا عل الحكم ونفذوا سياسة القذافي القمعية و إعلاميين برروا فلسفته الحمقاء ’ ولجان شعبية وثورية نفذوا تعليماته الأستبدادية وأفكاره المضحكة وفرضوها على الشعب بالقمع والسجون والتعذيب والقتل . فالقذافي وأولاده لم يكن في إستطاعتهم حكم ليبيا بيد من حديد دون مساعدة وتأييد ولكنهم إعتمدوا على أنصارمن طلاب السلطة والمال . كل هذا لا يعفي المسئولين الذين خدموا نظام القذافي السابقين أو الذين بقوا معه حتى إنهيار نظامه . أقول هذا لأني أرى أن بعض المسئولين السابقين بدأوا يركبون الموجة الثورية الشئ الذي بعث غضب فئات كثيرة من الشعب والثوار الشباب . فثورة 17 قبراير وتضحيات الشباب الضخمة لم تبذل من أجل أن يحكمهم رجال كانوا على رأس نظام القذافي من رجال نفذوا سياسته مخيرين أو مرغامين . الشعب الليبي يقدر لمن إنشق عن القذافي وخاصة في الأسابيع الأولى للثورة وبذلوا جهذا صادقا في مساعدة الشباب التائر لتحقيق أحلامهم ومطالبهم وساهموا في عملية التحرير . ولكن حتى هؤلاء يعرفون أنهم كانوا مسئولين مخيرين او مجبرين في نظام القذافي المنهار ولهذا قال السيد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي أنه سيقدم نفسه للمحكمة عن الفترة التي قضاها كوزير مع القذافي وأنه لن يرشح نفسه للأنتخابات أو الحكومة الأولى التي ستتولى الحكم بعد إنتخاب البرلمان . هذا الموقف يجب أن ينطبق على جميع المسئولين السابقين في نظام القذافي . هذا لا يمنع من أن يرحب ببعضهم بتولي المسئولية والمشاركة بالنصيحة وإبداءالرأي في الفترة الأنتقالية. على أن يحظر عليهم كغيرهم من المسئولين في النظام القذافي الترشيح للبرلمان وللحكومة والرئاسة في الدورة البرلمانية الاولى أو لمدة أربع سنوات على الاقل كما هو متبع في معظم الثورات . ويترك المجال للشباب الذي قاسوا السجون والتعذيب في نظام القذافي , أو الذين هاجروا وعاشوا في الخارج مجبرين هربا من متابعة لجانه الثورية والسجون والتعذيب أو الأذلال والهوان , والشباب الذين ثاروا وضحوا بالنفس والنفيس من أجل ثورة 17 فبراير وقتل منهم عشرات الألاف وقاسى منهم مئات الألاف من الجرحى والمعوقين . والمحافظة على إنتصارات الشباب في ثورته تقتضي مزاولتهم لحقهم في الترشيح للبرلمان والمناصب التنفيذية وتولي الحكم دون غيرهم في فترة الأربع سنوات السنوات الأولى القادمة . حتى يستقر النظام الجديد على أسس سليمة ديمقراطية خلال فترة الأربع سنوات الأولى لفترة ما بعد الثورة ليفتح الباب بعدها للجميع لممارسة حقوقهم الديمقراطية .
التعليقات (0)