إنَّ محو الأمية هو حق أساسي من حقوق الإنسان وأساس عملية التعلم مدى الحياة, كما أن محو الأمية يمثل عنصراً أساسياً لتحقيق التنمية الاجتماعية والبشرية، وذلك نظراً إلى قدرته على تطوير حياة الأفراد, وفي ما يتعلق بالأفراد والأسر والمجتمعات على السواء، فإن محو الأمية يُعتبر أداة تتيح تحسين ظروفهم الصحية وزيادة دخلهم وتعزيز علاقاتهم بالعالم المحيط بهم, محو الأمية يتطور باستمرار من خلال إستخدامات كل مجال يختص بتبادل المعارف، ويقترن ذلك بمظاهر التقدم التكنولوجي, ومن الإنترنت إلى الرسائل النصية، فإن زيادة إتساع نطاق الاتصالات المتوافرة تفضي إلى إحداث مزيد من المشاركة الاجتماعية والسياسية, والمجتمع المتعلم إنما هو مجتمع يتمتع بالتطور والتقدم، إذ أنه مجتمع يتبادل الأفكار وينخرط في الحوار, أما الأمية فإنها تشكل مع ذلك عقبة تحول دون تحسين الظروف الحياتية للأفراد، بل إنها قد تفضي إلى الاستبعاد والعنف.
ولهذا نجد إن بعض الحكومات والأنظمة تسعى وبشتى الوسائل من تجهيل شعوبها كي تبقى تحت وطأة الرِّق والعبودية والتخلف والجهل وهذا من أجل أن تضمن تلك الحكومات البقاء أطول فترة ممكنة في مناصبها حتى تستحلب الثروات والخيرات وتسخر الطاقات البشرية وتجيرها لصالحها ومنفعتها الفئوية الضيقة, وتستخدم في ذلك مجال التجهيل الأكاديمي والديني.
كما إن الجهل يساعد على انتشار الفكر المريض الذي يخرب المجتمعات كالفكر الداعشي الإرهابي الذي ساعد الجهل في انتشاره, حيث كان الجهل أكبر حاضنة لهذا الفكر المتطرف, لذا فإن محو الأمية هي أفضل طريقة لتقويم المجتمعات وتطويرها وتطهيرها بشكل خاص من أي فكر إرهابي متطرف, وما أجمل تلك العبارة التي أطلقها أنصار رجل الدين الصرخي من خلال شبكات التواصل الإجتماعي التي يدعون فيها إلى محو الأمية ومحاربة الجهل, تقول العبارة ...
" محو الأمية ... حق من حقوق الإنسان ومحور أساسي في عملية التعليم بمراحله المختلفة لتحقيق التنمية الإجتماعية والبشرية والإرتقاء بالمجتمع صوب قيم العدالة والتقدم الإجتماعي والحضاري والثقافي والتكنلوجي, لما له من قدرة فائقة في تطوير حياة الأفراد ونشر ثقافة التنوع المعرفي والفكري عند الناس وبالتالي التقدم نحو معطيات جديرة بالتقدير والإحترام في الفكر المعتدل والوسطي القويم ورفض الإنحراف لفكر ابن تيمية الحراني وما خلَّفته عصابات الخوارج المارقة من براثن الفساد الداعشي ".
فمحو الأمية هو من أفضل وأنجع الطرق والوسائل الوقائية التي يجب أن تتخذ في المحافظة على المجتمعات من الفكر المتطرف لأنها شمعة تضيء في ظلمات العتمة الفكرية وتبددها, لذلك ندعو إلى إشعال شمعة لمحو الأمية في كل دار وزقاق ومحلة ومدينة ومكان يوجد فيه ولو ركن بسيط مظلم بظلام الأمية, حتى نجعل بلدنا مضيء بالفكر والعلم والتعلُّم.
بقلم نوار الربيعي
التعليقات (0)