محنة مصر بين صوم الرئيس ودموعه !

منذ يومين قرأت خبرين , لست أدرى هل يدفعان إلى الضحك أم البكاء  , إن أضحكا  فلأن شر البلية ما يضحك , وإن أبكيا فلأن دلالتهما تدعو إلى البكاء  , البكاء على وطن ينزلق إلى مصير معتم  وهوة مجهولة القرار  , .  الخبر الأول منسوب إلى المستشار محمود مكى نائب الرئيس  حيث كتب فى موقعه على تويتر  - قائلا إن الرئيس مرسى سوف يصوم ثلاثة أيام تكفيرا عن حنثه  بالقسم الذى أقسمه باحترام الدستور  , بعد أن ألغى هذا الدستور بإعلاناته غير الستورية !    .   الخبر الثانى ما نشرته جريدة النبأ  منسوبا إلى السيدة حرم الرئيس  من أن زوجها يبكى كل ليلة حتى تبتل وسادته من الدموع خوفا من أن يكون قد اتخذ قرارات ظالمة لا يرضى عنها الله !      .    هذان هما الخبران اللذان لو تأملهما المصريون  لوجب عليهم أن يصوموا شهرين متتابعين  تكفيرا عن ذنبهم حينما قاموا بثورة إسقاط  مبارك  ليحل محله حكم  يواجه مشكلاتهم  ويستعين على معضلات حياتهم بالصوم والبكاء  , كما يجب عليهم أيضا أن يبكوا حظهم التعس  وأيامهم النحس التى أسلمتهم إلى هذا النوع من الحكم  الذى سيجعل من مصر أم الدنيا , مصر مسخرة الدنيا  !  ,   .   هل الصوم يا سيادة الرئيس   يصح ان يكون  وسيلتك لرضا ربك  وجماعتك , مهما اتخذت من قرارات طائشة فى حق شعبك , ومهما أرسلت , أو حتى تغاضيت عن إرسال ميليشيات تهاجم المتظاهرين السلميين أو تحاصر مبنى المحكمة الدستورية  وتحول بين قضاتها وبين تأدية رسالتهم  , ومهما أطلقت لسان وقلم أحد مساعديك لينشر تقريرا باللغة الأجنبية لوسائل الإعلام الغربية ينتهك   فيه سمعة المحكمة الدستورية ويطعن فى نزاهتها  دون تقديم دليل واحد على ذلك  ؟     وهذا البكاء الذى تزعج به آل بيتك , وربما شاركوك  فى زرف الدموع  , هل هو بكاء ندم على قبولك منصبا لست أهلا له  ؟ أم بكاء خشية من الله  تستعطفه به وتعلن توبتك مما اقترفته  فى حق شعبك ,  وما أقبلت عليه من إ ساءة لأعرق مؤسسة قضائية فى الشرق   وهى المحكمة الدستورية المصرية  التى حصلت على مركزمتقدم فى التصنيف العالمى  فاقت به الدستورية الأمريكية  ؟   .   ثم هذا السلق لدستور طائفى وحشد  الجماهير للتصويت  على عجل رغم مقاطعة 80%من قضاة مصر لهذا الاستفتاء الذى جرى  التزوير فيه ورصدته آلاف الشكاوى والتقارير  , هل ستصوم وتبكى  تكفيرا عن ذلك ؟ أم أن هذا من الذنوب التى لا يكفرها الصوم أو البكاء  ؟ أنا واثق أنك لو طلبت فتوى من رئيس لجنة وضع الدستور أو من وزير الأوقاف السلفى الذى عينته بديلا عن الدكتور القوصى الذى أعطاك درسا فى كيفية الحكم الرشيد فى خطبة الجمعة الأولى لرئاستك والتى حضرتها دون أن تصحبك هذه الكتائب من الحراسة  ,   أقول لو طلبت فتوى هذين السلفيين المذكورين لأفتياك بما يطمئنك ,  وسيقولان لك -افعل ما تشاء ثم تب إلى الله بالصوم والبكاء  لأن الله بهذه التوبة يغفر الذنوب جميعا  !    .  هذا إذن فكر التنظيم الذى يحكم  مصر  وتلك ثقافته   ,  اظلم كما تشاء , واكذب كما تشاء  ,  وعرض وطنك لحرب أهلية قد تؤدى إلى تقسيمه  .  لا يهم  فباب التوبة مفتوح  , وتستطيع أن تكفر عن كل ذلك  إما بالصوم  , وإما بالبكاء  ليلا حتى تبتل منك الوسادة  !