مخترعون مغاربة وحدهم عدم الرضا وخيبة الأمل
المخترعون المغاربة الشباب كثر اخترنا منهم هذه العينة، ورغم تباين مستوياتهم ومجالات نشاطهم واهتمامهم، إلا أن عدم الرضا وغياب الاطمئنان عن مستقبلهم وخيبة الأمل وحدتهم في حضن وطنهم.
إبراهيم زريبة: محاربة آفة الأمية
استطاع هذا المخترع ابتكار جهاز غير مسبوق في العالم لمحاربة الأمية عن بعد، ويعمل بتكنولوجيا رقمية متقدمة تمكن المعلم والمتلقي وأيضا الوسيط من العمل جميعا عن بعد عبر الشبكة العنكبوتية "الويب". ويسمح لمستعمله الأمي تعلم القراءة والكتابة والحساب بطريقة ذاتية وشخصية في اتصال سمعي ومرئي مباشر مع المدرس الوسيط وزملائه المتعلمين في أي وقت.
ماجد البعزاوي: هاتف نقال مستقل وجهاز تحديد السرعة
تمكن هذا المخترع الشاب الذي يعمل مهندسا، من ابتكار هاتف نقال يعمل بالصوت والصورة وفق نظام "فيديوفون"، مع استغناء المستعمل عن رخص الهواتف النقالة من الجيل الثالث . ويرتكز هذا الاختراع ـ الذي حصل بفضله على الميدالية الذهبية بمعرض "جنيف" الدولي للاختراعات والابتكارات سنة 2005ـ على استغلال تقنيات دقيقة للاتصال بالصوت والصورة من خلال شبكات الاتصال التي صممت في الأصل لنقل الصوت فقط . كما أن لهذا المخترع إنجازات أخرى، منها ابتكار منبه لأعطاب السيارات، وأيضا جهاز إرسال واستقبال يرفع من سعة قنوات الإرسال وأيضا جهازا لتحديد السرعة يوضع على الواجهة الأمامية للسيارة ويسجل السرعة التي تسير بها، والغرض منه تدارك الأخطاء التي قد تقع فيها أجهزة "الرادارات" المكلفة بتحديد السرعة المعتمدة تفاديا لكل شك وتأويل كما أنه ينبه السائق في كل وقت وحين.
أحمد زوكار: اختراعات تحتاجها البلاد
من المخترعين المغاربة الذين اثبتوا كفاءاتهم العالية في مجال الابتكار أحمد زوكار الذي فاز بميداليتين فضيتين في المعرض الدولي الثالث للاختراعات بالشرق الأوسط المنظم بدولة الكويت.
وتضمنت مشاركته عصا إلكترونية لفائدة المكفوفين وأيضا فزاعة تشتغل بالطاقة الشمسية، حيث إن العصا تساعد الكفيف على تحسس الطريق وعدم السقوط في البرك المائية ومعرفة عمقها بدقة، وبخصوص الفزاعة الشمسية، فوظيفتها تكمن في إصدار أصوات مزعجة وحركات مفاجئة لإفزاع الطيور حتى تبتعد عن المحاصيل الزراعية، وهذا الابتكار من شأنه توفير الجهد بالنسبة للفلاح ودويه وضمان الجدوى والفعالية.
وقد حصل على الميدالية الفضية في المعرض الدولي للاختراعات والتقنيات الجديدة الذي أقيم في جنيف بسويسرا على اختراعه الأول.
كما اختراع أحمد زوكار جهازا مضادا لسرقة الأسلاك الكهربائية، وتم اختيار اختراعه هذا من بين مجموعة من الاختراعات التي تنتمي إلى عدد من البلدان الأوروبية والأسيوية، في إطار الصنف المخصص للاختراعات المتعلقة بـالأمن والإنقاذ والإنذار. وهذا اختراع إن كان المكتب الوطني للسكك الحديدية قد تبنّه لما حدثت كارثة فاس الأخيرة .
عبد الرحيم بومديان: آلة غسيل دون ماء ومسحوق
توصل عبد الرحيم بومديان، رئيس جمعية المخترعين المغاربة للإبداع، إلى ابتكار صنف جديد وطريف لآلات الغسيل تستطيع غسل أوساخ الملابس دون استخدام الماء ولا المساحيق الخاصة بالغسيل، وهو الاختراع الذي حاز به على الرتبة الأولى في عدة معارض داخل وخارج البلاد.
ماهر القباج
اخترع ماهر القباج غطاء زجاجي للبيوت البلاستكية الزراعية يمنع تبخر الماء ليستخدمه في السقي أكثر من مرة من خلال تقنية التقطير بدون استعمال المحرك، الأمر الذي يقدم خدمة كبيرة للفلاح المغربي وظل شح المياه الذي أضحى المغرب يعاني منه.
ويشكو هذا المخترع من قلة إمكانياته المادية، حيث أن رغبته في المشاركة في معرض دولي للاختراعات تعرضت للإجهاض بسبب ارتفاع المصاريف المالية للمشاركة فيه، الأمر الذي لا يمكن أن يتحمله بمفرده.
عندما رغب في المشاركة في معرض" أوريكا" الدولي باختراعه تعذر عليه الأمر لأن ثمن المشاركة كان باهظا، وما استرعى انتباهه هو أن أكثر المشاركين في المعرض الدولي جاؤوا مدعومين من بلادهم أو منظمات تعنى بالاختراع، وقد وجد عند زيارته لأوروبا أن الاختراعات المغربية متفوقة على الكثير من الاختراعات الأوروبية، إلا أنها لا تجد من يخرجها إلى الأسواق ويوصلها إلى المستهلك أو المنتج.
تسولي عبد النبي
ادعى تسولي عبد النبي، أن فكرة اختراعه تعرضت للقرصنة، ويتعلق الأمر بمحرك صغير يثبت تحت آليات التزحلق على الماء، ويساعد المحرك الرياضي على الدخول إلى الماء دون استعمال اليدين. لقد أقرّ أن فكرته نقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية وطُورت لتصير المحرك بقوة 20 حصان.
الزرهوني إدميدة
عشق الزرهوني الاختراع كهواية، ومن بين الاختراعات التي ابتكرها مظلة للوقاية من الحرارة تحمل مبرداً يعمل بالطاقة الشمسية، كما يساعد على شحن بطارية الهاتف المحمول،. وقد تمنى الزرهوني لو تكفل المسئولون بدعم اختراعه، لأن المبتكر عندما لا يجد أدنى اهتمام بمجهوداته وتضحياته يطرح الاختراع جانباً.
ومن آخر مخترعاته أيضا كاميرا يمكن أن استعملها عن بعد لإرشاد الطبيب إلى طرق استعمال الآلات والمعدات الطبية.
الطلفي حسن
تمكن المخترع الطلفي حسن من اختراع بيوت بلاستيكية للخضر والفواكه تجمع مياه الأمطار، ويصل حجمها خلال 15 يوما أو 20 كأقصى تقدير إلى 3900 متر مكعب، وتوجه إلى السقي بتقنية قطرة بقطرة دونما حاجة إلى محرك،مما سيعفي الفلاح من تكاليف البنزين التي تثقل كاهله.
وقد تقدم حسن بالفكرة للمشاركة في مسابقة جائزة الحسن الثاني الكبرى للاختراع إلا أن كلبه ووجه بالإهمال واللامبالاة، والغريب في الأمر أنه توصل برسالة شكر وأسف على عدم ترتيب اختراعه ضمن الثلاثة الأوائل، وهذا يثير التقزز فعلا اعتبارا لأن المغرب يعيش مشكل الجفاف ونقصاً واضحاً ومتزايدا في موارد الماء.
عبد الحق أشلافي فكّر في تهجير اختراعاته
في سنة 2006 أعلن المخترع المغربي عبد الحق أشلافي عن نيته الرحيل عن المغرب باختراعاته السبعة في مجال الإلكترونيك بعد 20 سنة من اللامبالاة والإهمال ب، معتبرا أن الغرب يعطي أولوية قصوى للاختراع ويهتم بأصحابه. توصل عبد الحق منذ 1986 إلى اختراع أسماه(anti phare) ، وهو عبارة عن آلة إلكترونية تثبت داخل السيارات وهي مضادة للأضواء القوية وتعمل بشكل أوتوماتيكي عندما تتقابل سيارتان مشغلتان لهذه الأضواء على الطريق، وتقتربان من بعضهما بمسافة 200 متر، فيتحول ضوء السيارتين بشكل تلقائي وأوتوماتيكي إلى الضوء العادي) كود ). وقد بدأ العمل في إعداد اختراعه سنة 1986 وأصبح جاهزا بعد 3 سنوات، ليسجله بوصفه ملكية صناعية سنة 1991 ،و بعد الإدلاء بتصريح صحفي بخصوص هذا الاختراع توصل برسالة من اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير أخبرته بإرسال ملفه إلى وزارة النقل آنذاك، إلا أنه لم يتوصل بأي رد جديد.
محمد لبي
توصل محمد لبي (موظف ببنك المغرب) إلى اختراع في ميدان البناء هو عبارة عن لبنات تتراكب فيما بينها بشكل سلس عموديا وأفقيا (كألعاب التركيب والبناء الخاصة بالأطفال) ، ويساهم الفراغ المسترسل داخلها في تسهيل مهمة ربط البناية بالماء والكهرباء... وتمنع هذه اللبنات ظهور بقع الرطوبة على جدران المباني بفضل التهوية الثابتة، وتمنح كذلك التأقلم مع التغيرات الجوية، إذ تكون البناية المكتملة باردة في الصيف ودافئة في الشتاء. أما الخاصية المثيرة في هذا الاختراع فهي مقاومته للزلازل بفضل تماسكها الهندسي القوي وترابطها الأفقي والعمودي.
اكتمل المشروع سنة ,1988 ولكن الخصاص المالي أخّر تسجيله لعدة سنوات، إذ لم يسجل بالمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية إلا سنة ,2002 كما سُجّل أيضا بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية بجنيف، هذا الأخير فتح له الأبواب لاتصالات متعددة قامت بها دول أجنبية طالبة احتضان مشروعه وتبنيه، إلا أن محمد فضّل أن تكون بلاده هي صاحبة السبق في الاستفادة من هذا الاختراع.
لكن هناك ممن يودون خدمة هذا البلد بروح وطنية وتفان كبير، غير أن ثمة أناسا يزرعون الإحباط في النفوس، ويدفعون الكثير من المخترعين إلى الهجرة باختراعاتهم إلى الخارج.
على سبيل خلاصة القول
إن هؤلاء المخترعون المتميزين ـ في حاجة إلى شيء من الاهتمام والاعتراف بالجميل والتقدير من قِبَل المسئولين المغاربة والقائمين على القطاعات، وقبل هذا وذاك هم في أمس الحاجة لمن يذلل لهم الصعاب خاصة أن مجال الاختراعات يحتاج إلى بعض المساعدة المادية واللوجيستيكية، سيما وأن الكثير منهم لهم طموحات كبيرة ومؤهلات لتحقيقها لكنهم يجدون أنفسهم دائما في وضعية "اليد قصيرة والعين بصيرة".
إذا كانت براءة الاختراع فيما مضى تعتبر ثمرة إبداع فردي لشخص معين، فقد أضحت حاليا ثمرة عمل جماعي مشترك تتكاتف فيه الجهود المختلفة المشارب لتحقيقه. فالاختراع كان عبارة عن إبداع فكري ومجهود مالي يقوم به شخص معين يتميز عن غيره بعبقريته ونبوغه – هذا هو حال المخترعين الشباب المغاربة لحد الآن- أما اليوم فقد أصبح مقترنا بضرورة تكاثف جهود مشتركة بين عدة فعاليات تقنية ومالية وبشرية ومؤسساتية مؤهلة. بدل المبدع الفردي أصبحنا أمام مؤسسات ومقاولات للبحث والابتكار تضم العديد من العلماء والباحثين والتقنيين ورجال القانون والخبراء وذوي المواهب ، وكل فئة من هذه الفئات تدلي بدلوها وتقوم بدور معين يعتبر مجرد حلقة تضاف إلى حلقات غيرها من الفئات لتشكل سلسلة هي ثمرة العمل الجماعي. وهذا يدعونا بالمغرب إلى إحداث مشاتل للمخترعين وإحداث صندوق للمساهمة في تمويل ابتكاراتهم.
ولقد أصاب من قال : " عندنا لاعبو الكرة والراقصات هم المكرمون والمحتفى بهم في كل لحظة وحين وبكرم أكثر من حاتمي، أما العلماء وطلبة العلم والباحثون والمخترعون والمبتكرون الشباب وذوي المواهب الإبداعية العملية فيعانون الفقر والإهمال والتهميش وأحيانا كثيرة "الحكرة" بين ظهراني وطنهم وتحت شمسه".
التعليقات (0)