مواضيع اليوم

محنة الحركة الإسلامية في الجزائر ....."مخطط العمل الشامل" ......الحرب الشاملة على الفيس.....

علي من الجزائر

2012-10-13 18:17:16

0


"مخطط العمل الشامل"
للجنرال نزار.

في شهر ديسمبر 1990، أثناء اجتماع برئاسة الجنرال نزار في بني مسوس، والذي دعي إلى حضوره كل من المسؤولين الرئيسيين للـ(أ.ع/sm)، أطلع وزير الدفاع محدثيه على التدابير المتخذة لمعارضة(ج.إ.إ/fis).

لقد صّرح بأن لا يقع التسامح مع هذا الحزب إلا في حالة ما إذا لم يتجاوز نجاحه نسبة 30% في الانتخابات التشريعية التي كان مزمعا تنظيمها في 27 جوان 1991 وإلا فإن (ج.و.ش/anp) سيضطر إلى "تحمل مسؤولياته" في حالة نجاح (ج.إ.إ/fis) فلن يكون أمام قيادة الجيش إلا أحد الأمرين: إما الاستيلاء على السلطة مباشرة، وإما إقامة قيادة جماعية بواجهة مدنية. ولم يكن المرء يحتاج إلى أي جهد فكري كي يستنتج بأن الاختيار الثاني هو الذي سيحظى بالتفضيل، فالاختيار الأول يمثل الكثير من المساوئ الظاهرة(المسؤولية تجاه الرأي العام العالمي، ردود الفعل السلبية أو العكسية من طرف البلدان الغربية، واحتمال إقامة حظر على الدعم المالي الدولي...).

لقد كان مخطط إقصاء (ج.إ.إ/fis) من الوصول إلى الحكم إذن معدا سلفا في ديسمبر 1990، ولم يبق إلا خلق الظروف المناسبة لوضعه حيز التنفيذ.

ذلكم هو الهدف من "مخطط العمل الشامل" المدبر من الثنائي (العربي بلخير ونزار) والمحرر من طرف مستشاري هذا الأخير (الجنرالان: محمد التواتي، وعبد المجيد تاغيت، هذا الأخير كان وقتها قائد "ق.ق.بح/cfn") وقد عُهد بتنفيذ المخطط إلى رئيس (ق.إ.أ/drs) الجنرال توفيق والعقيدين إسماعيل العماري، وكمال عبد الرحمان، وفي نفس الوقت قُدم "مخطط نزار" هذا إلى رئيس الجمهورية والوزير الأول للتصديق عليه 23 ، لقد كان يتضمن عددا من التدابير التمييزية مثل:

-إبعاد كل الإسلاميين (باستثناء المتعاونين مع الـ"أ.ع/sm") من المناصب الحساسة.

- تبني تقسيم (مفصل على المقاس) للدوائر الانتخابية (لحرمان التشكيلات الإسلامية من الامتياز بدون أية مواربة!)

- المساندة المتعددة الأشكال لـ(ج.ت.و/fln).

- رشوة "التشكيلات الحزبية الديمقراطية" بفضل توفير الدعم لها، وفسح المجال الإعلامي أمامها، وخاصة التلفزيون.


وعندما تطرق إلى الفصل المتعلق بمحاربة "المتطرفين" أوصى الجنرال نزار، قائلا:

" تقسيم التيارات الدينية باستفزاز أو استغلال، أو إحياء تناقضاتهم، وإذكاء الخلافات بينهم.

-تشويه صورة (ج.إ.إ/fis)، والحط من قيمتها فيما يخص الحريات الديمقراطية، والحريات الفردية (...)

-استغلال جهل الإسلاميين المتطرفين بما يخص العلوم السياسية، والعلوم العصرية(...)

-التشكيك الإعلامي في قادة (ج.إ.إ/fis) بنشر الصور والأقوال والخطب التي تثبت عجزهم وقصورهم عن معالجة المشاكل الاقتصادية الكبرى (...)

-توجيه الإعلام واستخدامه، بإشراف ومساعدة إعلاميين محترفين (...)


في النصف الأول من سنة 1991 جسّد "أصحاب القرار" رغبتهم في احتواء الإسلاميين المتطرفين، واستعمالهم لإفقاد (ج.إ.إ/fis) اعتبارها في الساحة الوطنية وقد تمثل ذلك بالفعل في مواصلة تطوير خطة معدة سلفا (في حالة ما إذا...) ولقد كان المستهدف الأول في هذه الخطة هم نشطاء الحركة الإسلامية الذين كونوا في بداية 1980 "الحركة الإسلامية الجزائرية"(ح.إ.ج/1mia) المعروفة عموما بـ "البويعليين".

 

مصالح الأمن والحركة الإسلامية الجزائرية ...فصل من فصول الحرب الشاملة على الفيس...


لقد تكونت (ح.إ.ج) سنة 1982 من طرف مصطفى بن بويعلي 28 وهو مناضل بارز من أجل القضية الإسلامية، لقد كان هذا المجاهد القديم (في حرب التحرير الوطنية) موظفا في الشركة الوطنية لصناعة الأجهزة الكهربائية في مدينة العاشور مسؤولا عن مصلحة الصحة والأمن، ولقد أخنقه الانحراف الكلي للنظام، ونتيجة تعرضه لسلسلة من الاستفزازات والتحرشات من طرف الـ(أ.ع)، والشرطة بسبب آرائه السياسية، قرر الانتقال إلى العمل السري، وأنشأ حركة مسلحة في جنوب غرب الجزائر العاصمة مع مجموعة تضم حوالي 30 رجلا (من بينهم عبد القادر شبوطي وعز الدين بعة، وأحمد مراح، وملياني منصوري) وقد كانت هذه الجماعات تتصدى لوحدات الدرك الوطني، و(ج.و.ش) قرابة خمس سنوات كاملة، وفي 3 يناير 1987 لقي مصطفى بويعلي مصرعه ناحية مدينة الأربعاء نتيجة وشاية وقد تم القبض على معظم رفقائه وحوكموا في خضون السنة ذاتها بمحكمة أمن الدولة بالمدية، فكانت الأحكام ضدهم تتراوح بين الإعدام والسجن المؤبد، وقد عرفوا سجون البرواڤية، والأمبيز (باتنة)، والحراش، وتيزي وزو وغيرها، ثم شملهم العفو العام الذي أصدره الرئيس الشاذلي بن جديد في أواخر سنة 1989 لصالح الانفتاح الديمقراطي.

كان تكوين (ح.إ.ج) وقتها نوعا من التعبير أو الاحتجاج الذي لم يجد أصحابه إطارا سياسيا للتعبير عن وجهة نظرهم المختلفة في نطاق (ج.ت.و). وقبله كان مثال آخر للاحتجاج والمعارضة، هو (ج.ق.إ) لحسين آيت أحمد سنة 1963، وهو أحد القادة التاريخيين لحركة التحرير الذي رفض هيمنة (ج.ت.و) كحزب وحيد في ذلك الوقت. لم يكن أمام المعارضين المحتجين سوى اللجوء إلى العنف لإسماع صوتهم، أو تسجيل مواقفهم السياسية المخالفة للسلطة.

في خريف 1989، مع بداية الانفتاح الديمقراطي(المُراقب) قرر رئيس جهاز الـ(أ.ع) الجنرال محمد بتشين أن يستعمل "البويعليين" المسجونين للتحكم في الفريق الأكثر استعصاء على السيطرة والمراقبة في رقعة الشطرنج السياسي آنذاك وهم الإسلاميون وعلى هذا الأساس وقع اتصال ضباط الـ(أ.ع) برفقاء مصطفى بويعلي الذين كانوا يقضون أحكامهم في السجن، وهؤلاء الضباط هم الرواد: عبد الرحمان بن مرزوقة، ومحمود سوامي المدعو "حبيب" وعبد القادر حداد المدعو "عبد الرحمان النمر" 29. وقد أسفرت هذه العملية الناجحة عن تجنيد "بويعليين" سابقين كعمل وقائي أو احتياطي بهدف وحيد، وهو استخدام هؤلاء الرجال للسيطرة على التيارات الثورية (الراديكالية) 30 في الحركة الإسلامية.

وهكذا وجد قدماء البويعليين أنفسهم أحرارا في 29 يوليو 1990 (بعد سبعة أشهر من التكييف الضروري لإقناعهم بالتعاون مع النظام، بعد أن كانوا "مقاومين" له، في حين كان قد أفرج عن الإسلاميين الآخرين منذ نوفمبر 1989)، وبعد ذلك ببضعة أسابيع قرر الرئيسان الجديدان للـ(أ.ع) (الذي أصبح "ق.إ.أ) توفيق وإسماعيل استخدام هؤلاء البويعليين لتحقيق أهداف أكثر انحرافا مما كانوا يقومون به في السابق، فلم يعد الأمر متعلقا باستخدام هؤلاء الأشخاص في اختراق الجماعات الإسلامية المتطرفة والسيطرة عليها فحسب، ولكن استعمالهم في بعث الـ(ح.إ.ج/1mia) من جديد (تحت اسم "ح.إ.م/mia2")32 وخلق مقاومة مسلحة مزيفة، بهدف نزع المصداقية عن الـ(ج.إ.إ/fis).

لقد كان أحد الخيارات المطروحة هو احتواء قادة هذه الحركة وخاصة شبّوطي، بعّة، مرّاح. عبد القادر شبوطي كان إماما مؤثرا بخطبه النارية ضد "النظام الفاسد" وقد أعلن نفسه "قائدا" وكان يحظى بتعاطف كبير من كل سكان التيتري، وهي النواحي المحاذية للمتيجة، والتي تمتد نحو الجنوب الغربي (المدية، قصر البخاري) وله أنصار ومريدون كثيرون معجبون بخطابه الشديد الصارم، ومنجذبون إليه. أما بالنسبة لعز الدين بعة فقد احتفظ بشبكات قوية في المتيجة وأحمد مراح الذي كان يكنى بـ "مثقف" التنظيم، فقد كان يمتد تأثيره حتى بلاد القبائل.

لا جدال في أنه منذ بداية سنة 1991 بدأ الـ(أ.ع/sm) يدفع الإسلاميين المتشددين إلى التطرف والثورة، بهدف إفقاد مصداقية (ج.إ.إ/fis) كحزب سياسي، ولم يكن يوجد في ذلك لا الإسلاميون المسلحون، ولا توقيف المسار الانتخابي، ولا النداء إلى الجهاد، ولا الإرهاب ولا هم يحزنون... غير أن الأعمال المتهورة التي خطط لها مسؤولو مصالح الأمن لتأبيد النظام المستبد، هي التي ألقت بالبلاد في جحيم العنف وأتون "الحرب القذرة"، وإلا فكيف نفسر قبول الجنرال خالد نزار وزير الدفاع "الجمهوري" وفي عز حرب الخليج، أن يستقبل شخصا مثل علي بن حاج وهو يرتدي بزة عسكرية مطالبا إياه بفتح معسكرات التدريب لمناضلي حزبه الذين يتطوعون للمشاركة في الحرب إلى جانب العراق!؟ فهذا يعني أنه منذ ديسمبر 1990 وطبقا "لمخطط نزار" كان قد أنجز كل شيء لتحويل (ج.إ.إ/fis) إلى حيوان متوحش في أعين الرأي العام، وذلك بالتغاضي، بل بتشجيع غلوها "الطبيعي" ودفعها إلى ارتكاب الخطأ، وتجاوزه بأخطاء أكثر تطرفا وشناعة من اختراع (ق.إ.أ/drs)، وبعلامتها المسجلة، في "مصانعها" ببن عكنون، وغرمول!!

وفي المحصلة نستطيع أن نقول بأنه منذ نهاية 1990 حتى منتصف سنة 1991 قد سارت عملية احتواء واستخدام التيار الإسلامي من طرف (ق.إ.أ/drs) على أربع مستويات نحددها فيما يلي: -مواصلة "المفاوضات السياسية " مع قائدي (ج.إ.إ/fis) عباسي مدني وعلي بن حاج، وهذا العمل كان يقوده حصرا الجنرالان توفيق وإسماعيل، وذلك بقصد تضليلهما وإلهائهما في انتظار أن تشكل "المقاومات المزيفة" وتكون قادرة على العمل في الميدان.
وهكذا تميز ربيع 1991 باتصالات كثيفة بين مسؤولي (ق.إ.أ/drs) و(ج.إ.إ/fis)، وأحيانا بحضور رئيس الحكومة مولود حمروش (الذي كان يجهل بطبيعة الحال أن الأمر يتعلق بمفاوضات مزيفة........

المصدر - مذكرات خالد نزار- سنوات الفوضى والجنون...مصادر متنوعة بنقل وتصرف ...




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !