منذ ثلاثة أيام لم يستطع الصحفي الكبير والمذيع اللامع صاحب الحضور الطاغي «محمود سعد» أن يستكمل حلقة برنامج «البيت بيتك» وحملوه إلي منزله واستدعوا الطبيب واستكملنا البرنامج بالدعاء له بالصحة.. ومأساة محمود سعد هي مأساة الشاعر صلاح عبد الصبور والعملاق صلاح جاهين وعمدة الفن الشعبي رشدي صالح وآخرين امتلكوا قلوبا من ذهب واضطرتهم الظروف أن يروجوا للصفيح.. أن يقول الإنسان الحساس مالا يقتنع، أو يشهد بعكس ما يراه- مأساة . بعد فترة يتسرب الاكتئاب إلي النفس وتظهر التجاعيد علي القلوب وينفجر شيء في داخله .. لم يتحمل قلب الشاعر صلاح عبد الصبور كلمة عتاب سياسي من فنان الكاريكاتير بهجت عثمان فتداخلت الأبيات واختلفت القوافي وانفجر القلب الرحيب وترك الدنيا للحكام الظالمين والبشر القساة.. واحتضن جاهين الاكتئاب ورقد، وانزوي رشدي صالح واختفي .. وقد كان بستان عبد الرحمن الشرقاوي أينع ما يكون وهو معارض، وعندما بدا أنه مهادن ذبل وجف ثم قيل في رثائه لو أنه صبر قليلا لدفن وسط بستانه. وكل هؤلاء كتبوا الشعر وتذوقوه ورقصوا علي جرسه وموسيقاه. حتي محمود سعد هو شاعر وإن لم يقل الشعر، والشاعر يغني مع فيروز البحر وليس مع كلام الحكام. لذلك ينفجر الإنسان الحساس من الداخل، وحتي يوم أن فكر أن ينفجر من الخارج، معترضا اتصل به الدكتور فتحي سرور، قائلا: «انت بتستعبط؟» الشخص غليظ القلب سميك الجلد لا تهمه القصة فهو يكتب مقاله في مدح حاكم ظالم أو يرفع دعوي نفاق له أو يظهر علي الشاشة لنفي التعذيب.. أما قلوب الشعراء فهي رقراقة لا تحتمل أن تروج للصفيح.. الأستاذ محمود سعد اشتر نفسك واهجر «البيت بيتك» إلي بيتك.
التعليقات (0)