كتابه الأشهر "حدّث أبو هريرة قال"، لا يحيل إلا إلى مرجعة دينية، وعندما كانت رفوف مكتبات الشركة الوطنية للنشر والتوزيع بالجزائر ممتلئة به، وقد نشرته بالاشتراك مع "دار الجنوب" التونسية. فاعتقده البعض كتابا في السنة النبوية على غرار "من كنوز السنة"، لكن الذي اشتراه وقرأه ساهم بقسط كبير في زلزال كيانه وحدث له مثل ما حدث لتلك الشخصية التي تحمل اسم ذلك الصحابي الشهير. لقد كتب المسعدي ذلك الكتاب سنة 1939، الذي يمكن أن يصنف كـ"رواية"، وليست أي رواية، فهي تجريبية بامتياز، واستفاد فيها بذكاء نادر من طريقة الرواة في التراث العربي القديم، وفي الوقت نفسه كانت تنبض حد التشبع بالفلسفة الوجودية التي كانت موضة العصر ساعتها والعالم تمزقه الحروب الكونية الكبرى.
ولم يكن المسعدي مجرد كاتب يرصف الكلمات، فلم يكتب إلا ثلاث أعمال سردية (السد، وحدّث أبو هريرة قال، ومولد النسيان)، بين ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، ولما استقل بلده تونس، خاض نضالا ثقافيا من نوع آخر، ووصل أصبح على رأس وزارة التربة، ثم وزارة الثقافة، وكانت له بصماته الواضحة في المشهد الثقافي والتربوي التونسي رغم مرور السنين. وعندما توارى خلف المشهد السياسي التونسي طمع الكثير من محبيه في ان يعون إلى الكتابة السردية من جديد، لكنه آثر الصمت إلى أن أخذه الموت في آخر شهر من سنة 2004 وهو في الرابعة والتسعين من عمره.
التعليقات (0)