مواضيع اليوم

محمد وربه منحانا مطلق الحرية

عبدالسلام كرزيكة

2009-09-24 15:13:41

0

 

حرية التعبير جميلة فعلاً ، لذلك أساندُ شخصياً كل الأصوات المُنادية بالحد من كبت الحريات الشخصية ، وتسليم الناس جميعا زمام التصرف في حيواتهم وأمورهم الشخصية ، كما أسلم بقدرة العقل البشري على الغوص عميقا في كل ذرة مما حوله وتحليل الأمور بحسب منظوره الخاص وبما يراه من منطق ، فالتفكير هو هبة الله للإنسان ، لذلك منحه عقلاً ليميز به بين ما هو حق مما هو باطل ، وبين ما هو حقيقي مما هو سراب.

فكل إنسان يملك زمام تفكيره ولو إدعى الكثيرين - من دعاة البلبلة والتثاقف والتحرر- عكس ذلك ، والسلطات الوضعية قد تكبل الإرادات لكنها لاتستطيع تكبيل العقول ، وذلك من حكمة المولى تبارك وتعالى ورحمته بضعفاء خلقه ، فالمؤمن بالله قد يتعرض للحجر الجسدي والتعذيب بتقليل الموارد والمداخيل المادية ، لكنه يعيش في نعيم السلطة الأوسع ، السلطة الأعدل ، السلطة الأرحم ، سلطة ملك الملوك والسلاطين ، الذي لايُرد عطاؤُه حتى على الكافر الذي يسب ذاته ونعمه ، لذلك أفند إدعاءات هؤلاء وغيرهم ممن يحسبون كل شاردة وواردة في المنهج الإسلامي ، وتلك نعمة أخرى على الإسلام ، لأن ذلك يضعه في مصاف المناهج القابلة للتحليل ، وخصصت لأن الإسلام هو آخر الأديان السماوية ، ولأن محمد صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء والرسل الذين ما بُعثوا إلا لتوجيه تلك العقول توجيها سليماً مع مالها من حرية ... سبحان الله.

كل ما سبق ذكره هو مجرد توطئة لما أريد كتابته حقا وهورد على مقال للمدون نزار النهري بعنوان : الإساءة حين لانراها .... والمقال في الحقيقة جيد ومعظم ما ذهب إليه الكاتب منطقي ، وعتبي عليه أنه لايزال يعتبر محمد صلى الله عليه وسلم رجلا واحدا ، ويجهل بأنه أمة ، وأنه جاء في فترة ما وانقضت وانقضى معها ذكره ، رغم أن ذكره لازال وسيظل يملأ الآفاق .. وهذا مقتطف مما ذهب إليه :(محمد على سبيل المثال بالنسبة لي هو شخص جاء بفكر ما في فترة ما، اما بالنسبة لآخرين فهو نبي من عند الله، انا احترم وجهة نظرهم احترم محمد كانسان لا اسيء له، ولكن الفكر الذي طرحه محمد قابل للنقاش والنقد ولن يقمعني احد او يجبرني على عدم نقده مادمت لا اسئ لاحد. هذا الفكر يسير عليه ملايين الناس حتى بدون ان يقرأوه، هذا شأنهم هم، اما كيف نفكر وكيف نؤمن فهذا يخصنا نحن ايضا وليس من حق احد الحجر على عقولنا بحجج وذرائع واهية اكل عليها الدهر وشرب.) .


وأقول للأخ المدون أن إسم محمد كان منقوشا على عرش الرحمان قبل أن يُخلق أبو البشرية آدم ، وأن آدم نفسه ما خلق إلا لتتجسد سنة الله في خلقه تحت راية واحدة هي راية الإسلام على اعتبار محمد رسول الإسلام ، الأول والآخر ، الأول بالإسم المقرون باسم الجلالة ، والآخر بالعقيدة التي وُضع لها القبول في الأرض وفي السماء ، والرسل على مر العصور مافتئوا يوجهون البشرية إلى مناهج وأديان هي في النهاية تصب في منهج واحد ودين واحد :(ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)... وأسأل المدون هنا عن عمر آخر كلمات الرسول صلى الله عليه وسلم التي نطق بها في حجة الوداع : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) ؟....كم قرنا مضى منذ أن وارى التراب محمد ؟ ولايزال ذكره يمزق أجواء السماوات ، وتصلي عليه الخلائق ؟ كم قرنا مضى منذ نزول القرآن الكريم لكنه ظل كما هو وسيظل ؟...كم وكم من الأسئلة التي تدحض مزاعم هؤلاء قبل إجاباتها..

وكل القصة أن المدون يدعوا إلى حرية التعبير، وكأن محمد ودين محمد وكل من إتبعهما هم من يُعيقون حرية فكره ، ويكممون فمه لألا ينطق بما شاء من ترهات تتهاطل على الإسلام من كل مقالاته ..وأن محمد نشر رسالته بحد السيف لابالموعظة الحسنة ، أو أنه بدأ بالموعظة الحسنة وانتهى بحد السيف ..

وهنا أريد أن أقول للأخ نزار لو كان محمد شخصاً دعى لما دعى إليه من تلقاء نفسه لنال صنوف العذاب ولمات ذكره بموته ، أما وأنه نبي فمحال أن يأتي على ذِكره الدهر ويشرب كما تقول ، لأن أوامره ونواهيه ليست نطقا عن الهوى ، بل إنها شريعة المولى في خلقه جميعا ، وسيرة محمد الدعوية كانت قائمة على وحي السماء الذي يحدد أساليبها ويتحكم في تنوعها مابين اللين والشدة ، لعلم العليم بنفوس عباده أنها لاترضخ إلا بهذا المزيج من اللين والشدة ، وهي شريعة محمية من بعده بأمتة إلى يوم الدين.. فهل تتصور كم من قلب على قلب محمد ؟

ومعادلة الحرية بسيطة رغم تعقيداتنا لها ، فهي كما جاء في الحديث القدسي ما معناه: ياعبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم وضعوا على أتقى قلب رجل منكم مازاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم وضعوا على أفجر قلب رجل منكم ما أنقص ذلك من ملكي شيئاً ... وهذا الحديث مطلق الحرية في التفكير والتحليل ، والإيمان والكفر .. و .. و... لكن لا تنسوا يا بشر أنكم عن تلك الحرية غدا وبلا أدنى شك ستسألون ، وعنها ستحاسبون.

 

تاج الديــــــــــن : 2009




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات