كتب د/ محمد عمارة : مقالا في جريدة صوت الأزهر في الصفحة الثامنة من العدد 575 ليوم الجمعة الموافق 1أكتوبر 2010م عن (( حقيقة معنى النسخ في القرآن الكريم))
إليكم بعض ما قيل فيه:
لقد مكثت زمنا طويلا أبحث عن مفتاح لحل هذا اللغز الغريب.! فمحكم آيات القرآن الكريم قاطعة بأنه لا تبديل لكلمات الله التي أوحاها إلى رسوله الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم والتي كونت هذا الكتاب العزيز.
فكيف إذا تسربت إلى الفكر الإسلامي دعوى النسخ بمعنى المحو والإزالة والإبطال والإعدام والتغيير والتبديل ، والتي لم يقف تسربها عند حدود عوام المفسرين وفق تعبير السيوطي في "الإتقان لعلوم القرآن" وإنما تبناها ورددها علماء أعلام في العديد من ميادين التراث الإسلامي.؟
كيف بدأ اللبس والخطأ الذي أصبح مأزقا فكريا خانقا لأصحابه .. وثغرة تنهال منها سهام خصوم الإسلام في الفضائيات والكتب والصحف والمجلات على قرآننا الكريم.
ولقد جاء الخيط الذي قادني إلى مفتاح اللغز عندما قرأت للإمام الكبير الشيخ محمد أبوزهرة كتابه عن الشافعي فوجدت فيه:
1ـ أن الصحابة والكثير من المتقدمين من التابعين وتابعي التابعين قد كان لهم فهم لمعنى مصطلح النسخ مختلف تماما عن معناه الذي شاع عند المتأخرين .. كان النسخ عندهم هو:
ـ تقييد المطلق
ـ وتخصيص العام
ـ وتفصيل المجمل
ـ وبيان المبهم
ـ ومنهم من كان يجعل الاستثناء نسخاً
ولقد قلص الشيخ الشاطبي المواطن التي قيل إن فيها ناسخا ومنسوخا.. وأشار إلى إمكانية الجمع بين ما قيل فيه بالنسخ .. وقال :
"وغالب ما ادعى فيه النسخ إذا تؤمل وجدته متنازعا عليه ومحتملا" وقريبا من التأويل بالجمع بين الدليلين" وهو هنا يجعل النسخ "ادعاء لا يصدق التطبيق:
ثم يقول بعد أن بين الشاطبي ذلك . فكشف الغمة عن حقيقة موقف السلف الصالح من هذه القضية .تقدم فأشار إلى اللبس الذي حدث لدى المتأخرين في هذا الموضوع .
باقي المقال على هذا الرابط لمن يود الرجوع إليه
http://www.alazhar.gov.eg/sawt_alazhar/575/paper.htm
الرد على هذا الكلام:
ــ يتحتم على كل عالم أزهري البحث والاجتهاد لتجلية حقائق الإسلام ، وذلك طبقا لقانون الأزهر نفسه.
وتنفيذا لهذا القانون : بدأ حركة الاجتهاد الدكتور / أحمد صبحي منصور ، حين كان أستاذا بالأزهر ، ولا يزال يجاهد ويجتهد في فهم آيات القرآن الكريم ليتعلم منها ويـُعلمَ غيره لهدف وحيد هو تجلية حقائق الإسلام.
وقد اشتغل وبحث في أمور كثيرة يصعب حصرها في مقال أو بحث أو كتاب ، وقد تسبب في صدمات وكدمات لعلماء ومشايخ بالمئات ، لأنه أحدث تصدعات في تراثهم الفكري وكل ما وجدنا عليه آباءنا ، وكل هذا كان يحتكم فيه للقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والذي أمرنا ربنا جل وعلا أن نجتهد في قراءته بتدبر وفهم وتركيز وتعقل.
ولا يخفى على أحد ما تعرض له الدكتور منصور بسبب اجتهاده وبحثه في القرآن الكريم وفي التنقيب عن الأخطاء و المسكوت عنه في التراث الإسلامي البشري ، فيعرض هذا وذاك على آيات القرآن الكريم حتى توصل إلى حقيقة نهائية مفادها أن القرآن كاف ولا يحتاج لأي منهج بشري يوضحه أو يكمله.
ــ ومن القضايا الهامة هي موضوعنا اليوم حقيقة( النسخ ) ، وقد كتب فيه الدكتور منصور كتابا بعنوان (النسخ في القرآن : معناه الإثبات وليس الحذف) وكان هذا في منتصف عام 1987م ، وحدث ما حدث مع الدكتور منصور تجاه هذا البحث شأنه شأن غيره من اجتهادات ، وأبحاث وكتب أو مقالات.
ــ ما أود قوله اليوم هي الحقيقة المرة التي لا يستطيع علماء الإسلام تقبلها جرعة واحدة ، فكل عقد أو عقدين من الزمان يخرج علينا عالم إسلامي جليل يتفوه ببعض ما قاله الدكتور منصور مدعياً أنه عاش في حيرة وقلق حتى توصل لحل هذا اللغز الغريب على حد وصف الدكتور عمارة حينما وصف قضية النسخ في مقاله المشار إليه سابقا ، فيبادر هذا العالم أو ذاك بأن ينسب الفضل لنفسه ولعقله المحدود متجاهلا المدة الطويلة التي سبقه الدكتور منصور فيها ، وسارقا رحيق عمره من النضال و الاجتهاد للوصول للبحث عن الحق والوصول إليه ، والحقيقة المرة أن هناك فجوة كبيرة جدا في المستوى العقلي والفكري بين هؤلاء العلماء وبين الدكتور منصور ، ودليل هذا ما يفعلوه بأنفسهم ، وبكامل إرادتهم ، فما يقوله الدكتور منصور في بدايته يكون بمثابة ضربة موجعة على الرأس ، أو صدمة كهربائية لهم ، يمتد تأثيرها لأمد بعيد ، وبعد حين يستفيق أحدهم معلناً أنه قد نجح في التوصل لحقيقة قرآنية قد سبقه فيها الدكتور منصور بعشرين عاما أو أكثر ، وهنا تكمن الخطورة ، نظرا لأن العمر قصير ، فإن هؤلاء العلماء في حاجة لأضعاف أضعاف أعمارهم حتى يتمكنوا من التسليم والاقتناع وتقبل كل ما يقوله الدكتور منصور ، إذن العيب ليس فيما يقوله الدكتور أحمد صبحي منصور ، لا والله فالعيب في عقول هؤلاء العلماء الأجلاء ، لأنهم في النهاية يرددون ما يقوله الرجل في كثير من اجتهاداته لكن بعد عشرات السنين.
التعليقات (0)