محمد ص .. رسول الله
قال المشركون إن الله من العالم الروحاني المطلق , بينما نحن البشر من العالم المادي المحض , فأوجبوا وجود وسط مع وسيط بين العالمين وهم الملائكة أو الجن أو الأرواح العالية , فعبدوا الوثن أو الصنم أو الروح الكوني أو الثالوث .
لقد زعموا أن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد , فيكون التسلسل الذي ألزمهم فكرة الوسيلة والشفعاء إلى الله , حتى ظنوا أن يد الله مغلولة وان الأمر مفوض إلى هذه الأرباب .
وبالرغم من نزول الكتب السماوية فقد ورث البعض هذا الإطار الجاهلي , ونظروا إلى الأنبياء أنهم بشر عاديون منهم شارب الخمر والخمر والزاني والكذاب , مثلا لوط في التوراة شرب الخمر وضاجع ابنته , أو جعلوا الأنبياء أنصاف ألهه ما بين اللاهوت و الناسوت كعيسى بن مريم .
بينما التوحيد عند الإمام علي يدحض هذا الاتجاه من خلال التأكيد على مخلوقية المقولات العشرة ( المادة , الزمان , المكان , الكم , الكيف ... الخ ) فهي نسبية مترابطة منتهية , لذلك لن تصدق قاعدة كل ما حكم به العقل حكم به الشارع , ولكن كل ما قاله الشارع لا ينكره العقل .
بعض المسلمين يرى أن محمد بن عبد لله ص رجل من قريش لا ميزة له غير الأمانة وصدق الحديث وفي غير ذلك فهو يسهو ويلهو ويلعب , ولم تتجاوز عصمته حد التبليغ للرسالة . والأغرب من أولئك من يغالي في أهل النبي ص وأصحابه من دونه ! وكلٌّ قد ظلم محمدا ً في عظمته .
عندما تقول فلان أميّ ( منسوب إلى أمه فهو كما ولدته جاهلا ) لا يقرأ ولا يكتب فأن علمه لا يعدو عن الأماني والظن , ولكن لا يصح منه أن يجهل أوان تلقيح النخيل وقد عاش في البادية وفي مجتمع زراعي , ثم اساؤا إليه أن جعلوه راعيا للغنم , إلا أن يكون راعيا لأمثالهم وهم حمير الله يحملون أسفارا .
و لا عجب فقد اساؤا للقران المجيد أن جعلوه تعديلا على بعض المفاهيم الجاهليه وتمديدا لأسفار الشريعة .
قال الله تعالى (( ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله )) الأحزاب 40 , أي لا يشبه أحدا منكم ,
وقال تعالى (( لتؤمنوا بالله ورسوله و تعزروه وتوقروه )) الفتح 9 ,
وقال تعالى (( وانزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما )) النساء 113 ,
وقال تعالى (( ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون )) البقرة 151 ,
فلولا محمد بن عبد الله لكان الناس يعيشون ظلمات فارس وأقاويل بابل وترهات مصر وأساطير اليونان , ولكن اجدب الزمان فترى الأعمى كحالاً .
اضرب مثالا لذلك كتاب النبؤات لأبن تيمية نشر المطبعة السلفية – القاهرة 1386 في ص 6 قال : (( كرامات الصالحين .. لا تدل على ان الولي معصوم , ولا على انه تجب طاعته في كل ما يقوله , ومن هنا ضل كثير من الناس من النصارى وغيرهم , فأن الحواريين وغيرهم كانت لهم كرامات – كما تكون الكرامات لصالحي هذه الأمة – فظنوا ان ذلك يستلزم عصمتهم كما يستلزم عصمة الأنبياء , فصاروا يوجبون موافقتهم في كل ما يقولون .. وهذا غلط )) والمغالطة عنده ان ال محمد ص هم علماء امة محمد ص , وليس من بعض الصالحين الذين يعدهم الشيخ مثل رابعة العدوية مبتدعة العشق الإلهي ذلك الاتجاه الذي يتهم بالنرجسية وأحيانا بالمثلية الجنسية .
وفي ص 9 من كتابه قال (( ان من كان مؤمنا بالأنبياء لم يستدل على الصلاح بمجرد الخوارق – التي قد تكون للكفار والفساق – وانما يستدل بمتابعة الرجل للنبي , فيميز بين اولياء الله واعدائه بالفروق التي بينها الله ورسوله ))
وفي ص 41 قال (( ومبتدعة هذه الأمة من العباد وأرباب النظر والاستدلال الذين سلكوا غير دليله وبيانه أيضا قد ضلوا ))
ثم في ص 48 يقول (( وأنهم أناسا يقولون القران كله شرك وإنما التوحيد في كلامنا , ومن أراد أن يحصل على هذا العلم اللدني الأعلى فليترك العقل والنقل , وصار قولهم الكفر بالله وكتبه ورسله وباليوم الأخر من جنس الملاحدة الذين يظهرون التشيع , لكن أولئك لما كان ظاهر قولهم هو ذم الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان صارت وصمة الرفض تنفر عنهم خلقا كثيرا لم يعرفوا باطن أمرهم ))
والغلط أن يسلب هذا الشيخ من الأنبياء كراماتهم ويساويها بكرامات الكفار ؟! ثم يجعل ذم رجال منهم بمنزلة اشد الكفر والإلحاد . و أما علم اللدن وترك العقل والنقل فهو من بنات أفكاره ومن منهجه المتهافت .
والشيخ يعتقد بأزلية المادة مع الله , يقول في ص 66 (( حدوث الشيء لا من مادة قد يشبه حدوثه من غير رب خالق ؟! وإذا كان الحدوث لابد له من سبب حادث فذاك السبب أن كان قائما بذات الرب فذاته قديمة أزلية . واختصاص ذلك الوقت بقيام مشيئة أو تمام تمكن ونحو ذلك لا يكون إلا لسبب قد أحدثه قبل هذا في غيره , فلا يحدث حادث مباين إلا مسبوقا بحدث مباين له ؟! فالحدوث مسبوق بإمكانه ولابد لإمكانه من محل ))
بهذا يجعل ابن تيمية أزلية المادة والزمان والمكان والوعي , وتلك المفاهيم موروثة من اليونان وغيرهم من أصحاب الوثنية , لهذا تناقض الشيخ في ما يدعيه مع منهج الامام علي ع الذي يعتمد نسبية المفاهيم المذكورة لأنها مخلوقة مثلا ان المكان قد خلقه الله تبارك وتعالى فلا يحوي الله مكان وليس لذاته اتجاه وتبعيض وقياس مسافة .
فالعجيب أن يقع شيخ الإسلام في شرك فلاسفة اليونان , ثم يأبى على رأس الموحدين وأبي المعصومين أن يكون له حق الولاية , والأعجب ان يحكم بين الأنبياء وأتباعهم من لا يعرف معنى التوحيد في القران ؟ !
التعليقات (0)