مواضيع اليوم

محمد السادس يؤكد محورية المغرب في تعزيز الأمن الإقليمي في إفريقيا

شريف هزاع

2010-09-28 12:26:10

0

 

عبـد الفتـاح الفاتحـي

توقف خطاب العرش الذي ألقاه العاهل المغربي بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لاعتلائه العرش عند الوضع الأمني في منطقة إفريقيا الساحل حيث ينشط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، أكد العاهل المغربي على أن المغرب "وتجسيدا لانتمائه الإفريقي، فإن المغرب سيظل وفيا لانتهاج سياسة إفريقية متناسقة، هادفة لتحقيق التنمية البشرية، وتعزيز الأمن الإقليمي، خاصة في إطار التعاون مع بلدان الساحل والصحراء، ومع الدول الإفريقية الأطلسية، لمواجهة المخاطر الأمنية المتعددة".

ويرى المراقبون المغاربة أن العاهل المغربي ولأول مرة في تاريخ خطبه قرر الحديث عن قضية الأمن الإقليمي في منطقة دول الساحل والصحراء، مؤكدا على التعاون مع بلدان الساحل والصحراء ومع الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي.

اعتبر المحللون أن خطاب الملك محمد السادس حمل إشارات قوية إلى الفشل الجزائري في عزل المغرب عن الصحراء من خلال إقامة تنسيق مع دول الساحل والصحراء من دون المغرب، وذلك لاعتبارات الصراع السياسي والإقليمي بين المغرب والجزائر حول الصحراء الغربية.

من الطبيعي أن يؤكد خطاب العرش الأخير محورية المغرب في مكافحة تنظيم القاعدة في الصحراء الإفريقية، بعد أن تأكد قبل أيام قليلة الفشل الميداني ل "اتفاق الجزائر"، حين هاجم الجيش الموريتاني مسنودا بالجيش الفرنسي تنظيم القاعدة داخل التراب المالي دون علم تنسيقية الجزائر.

ومعلوم أن فشل "اتفاق الجزائر" قد اعتبرته أوساط إعلامية مغربية أنه فشل لخطة جزائرية كانت تريد من خلالها ممارسة هيمنة عسكرية على دول المنطقة وعلى المغرب في سياق الصراع الإقليمي بينهما، ولتمارس ضغطا سياسيا على الاتحاد الأوربي وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية لفك شفرة تعاونهم الاستراتيجي مع المغرب وخاصة تحييد دعمهم للمغرب في قضية الصحراء.

وحول القضايا المغاربية قال محمد السادس: "وإذ نعتبر الاندماج المغاربي تطلعا شعبيا عميقا، وضرورة استراتيجية وأمنية ملحة، وحتمية اقتصادية، يفرضها عصر التكتلات، فإننا حريصون على مواصلة التشاور والتنسيق، لتعميق علاقاتنا الثنائية مع الدول المغاربية الشقيقة. وذلك في انتظار أن تتخلى الجزائر، عن معاكسة منطق التاريخ والجغرافيا والمشروعية، بشأن قضية الصحراء المغربية، وعن التمادي في مناوراتها اليائسة، لنسف الدينامية، التي أطلقتها مبادرتنا للحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية.

وهو ما يستفاد منه أن استكمال هياكل المغرب العربي ستلقى معلقة طالما أن تواصل معاكسة المملكة المغربية في حقها على الصحراء المغربية، ويستفاد كذلك أن مستقبل المطلب الجماهيري والاستراتيجي لبناء المغرب العربي ستبقى رهينة بقبول الجزائر لمبادرة الحكم الذاتي التي وصفها العاهل المغربي بـ" المبادرة المقدامة التي تظل مقترحا واقعيا، يتسم بروح الابتكار والتوافق، لإيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي، في نطاق منظمة الأمم المتحدة، مؤكدين استعداد المغرب، لمواصلة دعم جهود المنظمة الأممية، وأمينها العام، ومبعوثه الشخصي".

وترى الفعاليات السياسية المغربية في أولى تعاليقها على الخطاب الملكي الأخير لأن المغرب قد حصن شرعيته على الأقاليم الصحراوي بقول العاهل المغربي "وفي جميع الأحوال، فإن المغرب سيظل مدافعا عن سيادته، ووحدته الوطنية والترابية، ولن يفرط في شبر من صحرائه".

وأضاف "سنمضي قدما في تفعيل الرؤية الطموحة، التي حددناها في الخطاب الأخير للمسيرة الخضراء،سواء بجعل الصحراء المغربية في صدارة إقامة الجهوية الموسعة، أو بمواصلة جهودنا الدؤوبة، للتنمية التضامنية لأقاليمنا الجنوبية; أو بحرصنا على إعادة الهيكلة العميقة، للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية."

وكان الهجوم الموريتاني المسنود فرنسيا قد أبان عن فشل التنسيق الذي كانت تحاول الجزائر شرعنته على دول الساحل، إذ سبق لها أن أطرت هذه الدول في اجتماعات أمنية وعسكرية واستخباراتية وسياسية من أجل قطع الطريق على التواجد الأجنبي في الصحراء الإفريقية ولانتزاع آلية لبسط نفوذها على الصحراء الكبرى من خلال رئاستها لدول الساحل والصحراء.

وقد رأى المتابعون أن في الاختراق الفرنسي لتنسيقية الجزائر تأكيد بأن القوى الدولية المؤثرة في المنطقة فرنسا والاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية غير واثقة في النوايا الجزائرية، وهو ما رأت فيه ضرورة الإعلان عن عدم تخليها عن الدور المغربي ودورها هي في مراقبة الصحراء الإفريقية. إضافة إلى أنها غير مقتنعة بقدرة الدول المعنية "مالي وموريتانيا النيجر وبوركينا فاصو" عن محاربة الإرهاب دون المساعدات العسكرية من الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية.

ومن جهة أخرى فإن الوقائع الميدانية تشير إلى التغلغل المتزايد لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل والصحراء، في مقابل عدم قدرة البلدان المهددة بحماية نفسها، خاصة في ظل وجود مؤشرات دقيقية تفيد باحتمال تحرك قبائل "طوارق مالي" لنقض ما يعرف بـ"اتفاق الجزائر" المبرم بين الحكومة المالية لبعث آليات تطبيق اتفاق السلام وطوارق مالي في كيدال، وهو ما يعني عودة الاقتتال بين هذين الطرفين، وهو الأمر الذي يسهل من مهمة عناصر القاعدة ويساعد على إذكاء نار اللاأمن في منطقة الساحل الإفريقي.

وإذا كانت الجزائر قد تخلصت من المنافس المغربية والليبية بعدما قررت الأخيرة الخروج من التنسيق لأسباب أرجعها المراقبون إلى التنافس الجزائري الليبي على قيادة دول المنطقة، فإنها فشلت في تحصين التنسيق حيث سرعان ما أقنعت فرنسا السلطات المالية بتقديم فدية مالية لرهينتين فرنسيتين من تنظيم القاعدة، هو الأمر الذي أثارة أرمة دبلوماسية مالية جزائرية حيث استدعت الجزائر سفيرها من بامكو العاصمة المالية للتشاور قبل أن تقرر أخيرا إعادتها بعد مرور 5 أشهر على الحادث.

وتعتقد الجزائر أن ما يجتذب فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية إلى المنطقة ليست مكافحة الإرهاب وإنما الاستيلاء على الثروة الباطنية في منطقة الساحل الأفريقي، خاصة بعد تأكدهما من وجود كميات هائلة من المعادن والثروات الطبيعية منها البترول واليورانيوم والذهب، إضافة إلى المخزون المائي الكبير الذي تكتنزه المنطقة.

بعض المحللين الجزائريين أرجعوا ما أسموه الإصرار الفرنسي على حشر قواته في منطقة الساحل الإفريقي إلى العلاقات المتوترة بين الجزائر وفرنسا، واعتبروا أن تجريم الجزائر دفع الفدية للجماعات الإرهابية التي تقوم بعمليات اختطاف للرعايا الأجانب، كان من أحد الأسباب التي أفقدت ليونة فرنسية في مفاوضات الخاطفين، مما جعل المفاوضات تصل إلى الباب المسدود، الأمر الذي دفعا للجوء إلى استعمال القوة العسكرية.

ويعتبر الإعلام الجزائري الرسمي أن المشاورات التي تمت بين ساركوزي والرئيس الموريتاني في 13 يوليوز المنصرم في باريس ما هي إلا عملية تمويهية وذرائع لتبرير الفشل في حالة إجهاض العملية وعدم تحقيق أهدافها المعلنة والمتمثلة في الإفراج عن الرهينة الفرنسي، في وقت كانت تشير فيه التقارير الاستخباراتية إلى أن الإفراج على ميشال جيرمانو ليس بالسهولة.

ويعتقد المتتبعون الجزائريون أن المشاركة العسكرية الفرنسية لضرب تنظيم القاعدة داخل الأراضي المالية بالتعاون مع الجيش الموريتاني، تعد محاولة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي التنفيس عن بعض الملفات الداخلية الساخنة.

عدد من المحللين فسروا الاختراق الفرنسي الثاني لهذا التنسيق، إلى عدم اقتناع الدول القوية في جدية الجزائر في أنها ستحارب الإرهاب بدل استخدام هذه القوة العسكرية لتحقيق أهداف سياسية من قبيل فرض هيمنة جديدة في المنطقة، خاصة وأن الدبلوماسية المغربية ما فتئت أن كشفت في عدد من المنتديات الدولية أن الجزائر تمني النفس بهذا التنسيق ليس من أجل مكافحة الإرهاب ولكن للإخلال بالتوازن الإقليمي لصالحها أمام المغرب.

ويتوقع عدد من الخبراء أن التدخل الفرنسي لم يكن اعتباطا، ذلك أن الجزائر قد وصلت بالمنظومة الأمنية لدول الساحل الإفريقي إلى مرحلة النضج، بعد سلسلة من الاجتماعات التي توجت بـ"اتفاق الجزائر" والذي ينص على وضع مقاربة متكاملة ومنسقة ومتضامنة تتمحور حول مسؤولية الدول في القيام بمكافحة الإرهاب على المستوى القطري.

إن التدخل الفرنسي من خلال عمليته العسكرية المشتركة مع نواكشوط ضد القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي جعل مسؤول رسمي جزائري يرى فيه ب"إن التدخل الفرنسي ليس لدعم المنظومة الأمنية لدول الساحل الإفريقي".

وتحاول الجزائر لملمة الجروح الذي خلفه الهجوم الموريتاني الفرنسي على تنظيم القاعدة والذي هدم استراتيجيتها في قيادة المنطقة، من خلال تشفي الصحافة الجزائرية في فشل الضربة الفرنسية في تحرير الرهينية الفرنسي، واعتبرت أن الغرور والاستخفاف الفرنسي بحيثيات الأرض كان سببا في اعدام الرهينة الفرنسي جيرمانو.

في انتظار ترتيب قرار رسمي حيال التعاون العسكري الفرنسي مع موريتانيا من وراء ما تعتبره الجزائر ظهرها، تسلط الصحافة الجزائرية سهام النقد إلى موريتانيا متهمة إياها بخيانة التوقيع على برتوكول التنسيق العسكري فيما يخص محاربة الإرهاب في الصحراء الإفريقية.

وجاء في افتتاحية جريدة البلاد الجزائرية أن التدخل الفرنسي في الساحل الإفريقي أكد صحة ما نذهب إليه دوما في تحاليلنا وأحكامنا وفق المقولة الشهيرة من أن الدول الغربية تعاني دوما من عقدة تاريخية.

وأضافت الإفتتاحية بأن نية للملفات الساخنة وغيرها من نقاط التعاون ومجالاته أن التوصل إلى قاعدة تفاهم أخلاقي وسياسي وأمني بضرورة العودة إلى أقطاب المنطقة في كل كبيرة وصغيرة أمر ضروري لتطويق ما يمكن أن يراه رؤوس القتل والإرهاب إنجازا يحفزهم على المزيد من سفك الدماء في منطقة الساحل الإفريقي.

وتناغم الهجوم الإعلامي الجزائري على الضربة الفرنسية لتنظيم القاعدة في الأراضي المالي مع ما صرح به مراد مدلسي وزير الشؤون الخارجية من أن دول الساحل هي المسؤولة عن أمنها الذاتي، وأضاف أن هذا الوضع يعزز موقف دول المنطقة في مواصلة العمل معا، وأوضح أنّه ليس هناك أي سبب قد يهدّد الإرادة السياسية على أعلى مستويات الدول التي هي معنية مباشرة بمستقبلها في المجال الأمني والتنمية".

رافضا تكفل الإتحاد الإفريقي بمشاكل الساحل الأمنية وهو ما قرأ فيه عدد من المحللين محاولة جزائرية لفرض هيمنتها العسكرية على منطقة الساحل الإفريقي تحت غطاء التنسيق لمحاربة الإرهاب، وهو ما جعلها تعبر ضمنيا في قمة الاتحاد الإفريقي بكمبالا الأوغندية الأخيرة بأنها ترفض تكفل الاتحاد الإفريقي بالمشاكل الأمنية التي تواجهها بلدان الساحل.

وتأكد هذا الرفض بما أعلن عنه وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي بأن المسألة الأمنية بالساحل الإفريقي ليست واردة في جدول أعمال الاتحاد الإفريقي في الوقت الراهن، فقد هيّأت بلدان الساحل نفسها بمشاركة الجزائر الفعالة حتى يتم التكفل بالمسائل المتعلقة بأمن المنطقة من طرف الدول ذاتها".

عدد من المراقبين اعتبروا أن الفشل الفرنسي في تحرير الرهينة من تنظيم القاعدة، إلا أنه أعاد التأكيد على قوة تنظيم القاعدة في الساحل الإفريقي وهو ما أثار مزيدا من الاهتمام الدولي بضرورة تقليم أظافر التنظيم قبل أن يتقوى، وهو ما بدا واضحا في الحلول الفوري إلى المنطقة لمنسق مكافحة الإرهاب بكتابة الدولة الأمريكية دانيال بنيامين، الذي تباحث مع الجزائريين في جولة تقوده إلى باقي دول المنطقة لبحث ملفات التنسيق في مجال مكافحة الإرهاب.

عدة تحليلات جزائرية تشير إلى أن فرنسا بإعلان مشاركتها في العملة العسكرية إلى جانب الجيش الموريتاني بضرب تنظيم القاعدة، إنما تحاول بذلك تعميق تواجد قواتها في المنطقة في مكافحة الإرهاب في الساحل وكسر الاتفاق الجزائري بعد تشكيل القيادة المشتركة في تمنراست.

وقد استند في هذا التحليل إلى ما أكده برنار كوشنير وزير خارجية فرنسا من أن بلاده لن تترك الشريط الصحراوي للإرهابيين والمتطرفين وتجار المخدرات والأسلحة"، وإنها تتدخل في العمليات العسكرية مع موريتانيا بموجب اتفاقيات عسكرية تتيح لها ذلك.

وهو ما أكده فرانسوا فيون حين قال "إن بلاده في حالة حرب ضد جناح تنظيم القاعدة في شمال إفريقيا وأنها ستكثف الدعم العسكري لحكومات في المنطقة تحارب المقاتلين الإسلاميين". وأضاف "يعني هذا أن محاربة الإرهاب ستستمر وستتعزز بدعم فرنسي لموريتانيا ومالي". إلا أنه لم يشر إلى الجزائر قرئ فيها أنه محاولة سحب بساط التنسيق من تحت أرجل الجزائر.

خلاصة بدت منطقية للمحللين بعد اقتصار زيارة كوشنير على مالي وموريتانيا والنيجر دون الجزائر تعني أن فرنسا تعبث بالاتفاق الجزائري مع دول الساحل الذي تمخض عنه إنشاء القيادة المشتركة في تمنراست.

elfathifattah@yahoo.fr




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات