ما الذي دعى محمد بن عبدالله بن عبد المطلب إلى إدعاء النبوة في قومه؟
ما الهدف من هذا الإدعاء؟
ما المكاسب التي حققها؟
ولما رفض الملك الذي أعطاه إياه بني قومه؟
أسئلة كثيرة تدور في مخيلتي وأنا أفكر بهذا الإنسان الذي إتفق المنصفون من علماء التاريخ والإجتماع والسير والفلسفة الغربيين على وصفه بعدة أوصاف أقلها بأنه إنسان ذكي إستطاع أن يوحد القبائل العربية تحت راية واحدة هي راية الإسلام وبأنه إنتشل القبائل من حالة الحروب والغزوات والنعرات القبلية والجاهلية ووحدهم تحت مسمى واحد.
شعب الجزيرة العربية قبل الإسلام كان عبارة عن قبائل كثيرة متناحرة، لا قيمة للفرد دون الجماعة، يعبدون آلهة متعددة من الحجارة والتمر والأخشاب غير الكواكب، يتسابقون للإغارة على جيرانهم من القبائل الأخرى بهدف سبي نسائهم وسرقة إبلهم ومواشيهم، تنتشر بينهم الخرافات، وؤد البنات في صحارى قاحلة قليلة الموارد والرزق إلا من بعض المناطق المدنية كالطائف وقريش واليمن.
في كتاب قصة الحضارة افرد ول ديورانت المؤرخ الأميركي الذي نال شهرة عالمية للإنجاز المعجز الذي ألفه وصاغه في كتابه التاريخي والإجتماعي والجغرافي "قصة الحضارة" ما لم ينله اي مؤرخ قبله ولا بعده بضع اسطر تكلم بها بصدق عن نبي الإسلام وصانع المعجزة التي مازالت قائمة حتى الآن قائلاً: "إذا ما حكمنا علي العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا إن محمداً كان من أعظم عظماء التاريخ، فلقد أخذ علي نفسه أن يرفع المستوي الروحي والأخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو وجدب الصحراء، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحاً لم يدانيه فيه أي مصلح آخر في التاريخ كله، وقل أن نجد إنساناً غيره حقق ما كان يحلم به، ولم يكن ذلك لأنه هو نفسه كان شديد التمسك بالدين فقط، بل لأنه لم يكن ثمة قوة غير قوة الدين تدفع العرب في أيامه إلي سلوك ذلك الطريق الذي سلكوه، وكانت بلاد العربي لما بدأ الدعوة صحراء جدباء تسكنها قبائل من عبدة الأوثان قليل عددها، متفرقة كلمتها، وكانت عند وفاته أمة موحدة متماسكة، وقد كبح جماح التعصب والخرافات، وأقام فوق اليهودية والمسيحية ودين بلاده القديم ديناً سهلاً واضحاً قوياً، وصرحاً خلقياً قوامه البسالة والعزة، واستطاع في جيل واحد أن ينتصر في مائة معركة، وفي قرن واحد أن ينشيء دولة عظيمة، وأن يُبقي إلي يومنا هذا قوة ذات خطر عظيم في نصف العالم".
لن اسرد في مقالي هذا غير المثال السابق لما قاله المنصفون من العلماء والأدباء الغربين وغيرهم في حق محمد بن عبد الله بن عبد المطلب لأنني والحق يقال لست أطمع في مدحهم وتبيان عظمته "محمد" من خلال أحاديثهم وكتاباتهم عنه، لكنني أريد أن أوضح مسألة لا أعلم إن كانت غائبة عن أذهان البعض ممن يتقولن ويدعون بأنه "محمد" مدعي نبوة أو غيرها من الأقاويل.
في العصر الذي ولد به محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، كلنا يعرف بأن العرب كانوا يتزوجون من النساء قدر ما يريدون ويتسرون بالإماء والجواري كيفما يشاؤن دون رادع أو وازع أو قانون يمنعهم طالما هم قادرون على بذل المال لأجل الزواج والتسري، إذن لم يكن هدفه من التنبوء والإدعاء بالنبوة هو التزوج والتسري كيفما يشاء ويريد.
إذن ما الذي دعاه لإدعاء النبوة؟ ماذا يتقولون عنه أكثر من التزوج والتسري بالنساء وملك اليمين؟
هل اقام ملك له ولأولاده من بعده ؟ كلا
هل كان له قصر مشيد وقلعة وخدم وحشم وهل كان من اصحاب الدنيا؟ لم يذكر التاريخ أي من هذه الأمور بحقه بل على العكس من ذلك، عرف عنه الفاقة والفقر وحتى أن قميصه كان مخرق في بعض ما وصلنا من أخبار.
ما وصلنا من الأخبار والمرويات المتعددة والتي إجتمعت على أنه في كثير من الأحيان لم يكن يوجد في منزل أزواجه طعام للعشاء وكان يعيش على الكفاف... لماذ إذن إدعى النبوة؟
هل يعلم أحد من القراء لما إدعى محمد بن عبد الله بن عبد المطلب النبوة؟ لأنني والحق يقال إحترت في هذا السؤال وأعجزني جوابه.....
التعليقات (0)