من ذاكرة أيام الموت والبؤس والشقاء
محكمة الثورة
سمعنا الكثير في محكمة الثورة وعن كيفية الحكم على من يقف في قفص الاتهام لكن كل ما سمعناه لم يكن من أفواه من عاشوا تلك اللحظات الرهيبة التي تفصل فيها شعرة بين الحياة والموت
( سالم ) احد من وقف في قفص الاتهام إمام عواد البندر ذلك الذي اثأر امتعاضنا ونحن نستمع إلية وهو يقف نفس موقف من حكم عليهم بالموت او السجن إمام رؤوف رشيد
سالم موظف بسيط كان يعمل عام 1983 (فراشا ) في مستشفى الجمهوري بالموصل ليوفر ابسط أبواب الرزق لعائلته من ذلك العمل البسيط
استدعي إلى خدمة (العلم ) الاحتياط بالوقت التي كانت سوح الوغى تأكل الشباب مثل أكل النار للهشيم
جاء إلى مسكنة ابن شقيقته هو وعائلته وبقى عنده أسبوع واحد لقد كان هذا الأسبوع غاليا جدا دفع ثمنه سالم كثيرا
ابن شقيقته ضابط في الجيش العراقي بالصنف الكيماوي
كان هاربا في (إيران ) ومنتميا إلى حزب الدعوة عاد من إيران
وجاء إلى بيت خالة طالبا منة إن يسلمه عن طريق (الفرقة الحزبية ) ليعود إلى الجيش ( ربما كانت له غاية أو هدف محدد بعث إلى العراق ليحققه ) والخال لا يعرف شئ عن هذا ولا يعرف أنة كان في إيران
توسط الخال عند الرفاق في منطقته (حي التأميم ) لغرض عودة الضابط إلى الخدمة
المهم انقضى الأسبوع وذهب الضابط إلى الجيش والتحق بوحدته العسكرية في البصرة
وعادت عائلته إلى بيت أهلة في إحدى القرى
بعدها بعشرة أيام جاءت سيارة مظللة إلى بيت الخال
وقالوا له الفرقة الحزبية تريدك
تصور أول الأمر إن ذلك يتعلق بأحد
قواطع الجيش الشعبي
قال لهم إني جندي احتياط وانأ مجاز حاليا
قال له الرفيق يريدك ( الرفيق هنا تعني أمين سر الفرقة )
صعد إلى السيارة وبعد أمتار معدودة من المسير قاموا بعصب عينية وتوجهوا بة إلى مديرية امن الموصل
ثمانية أشهر قضاها بين جدران زنزانة منفردة تعرض إلى كل أنواع التعذيب من التعليق بالسقف إلى الكي إلى الضرب بالكيبلات إلى الصعق الكهربائي
والتهمة أنة أوى عنصرا من حزب الدعوة
أنكر الرجل أنة يعرف إن ابن شقيقته يعمل في حزب الدعوة وأنة كان في إيران
كل ما يعرفه أنة هارب من الجيش
( كان صادقا في قولة حسب ما ذكر لنا بعد 22 سنة من تلك الإحداث )
وأخيرا سيق إلى بغداد (امن بغداد ) وبقى هناك لأشهر وجد نفسه يوما مع ستة عشر آخرين يقفون إمام رئيس محكمة الثورة في قفص الاتهام
عند دخولهم القفص وجهت إليهم فوهات البنادق وهم مكبلون
السب والشتم والاهانة باقدح الألفاظ سمعوا من
السيد رئيس المحكمة القاضي العادل عواد البندر
( خونة عملاء إيران سفلة كلاب عملاء خميني وغيرها من الكلمات )
عشرة دقائق وصاح أخرجوهم
أخرجوهم إلى مكان أخر
بعد اقل من ربع ساعة نادى عليهم
دخلوا القفص وبدء بتلاوة الإحكام
نال فيها صاحبنا عشرة سنوات مع مصادرة أقوالة المنقولة وغير المنقولة
خمسة سنوات قضاها لا يرى الشمس إلا ساعة واحدة كل أسبوع في سجن تحت الأرض
قفص الاتهام في محكمة البندر فيه بابان باب يخرجوا من المحكوم عليهم بالإعدام حيث يساق إلى زنازين خاصة لتنفيذ الحكم فورا
وأخر يخرجون منة من يحكم بالسجن
(حسب قولة )
بالمناسبة لان المحكمة عادلة وقانونية ولا تقبل إن تحكم أي متهم إلا بحضور المحامي
المنتدب من قبلها ( حيث لا يسمح لأي متهم بتوكيل محامي ومن يتجرء ويقف ليدافع عن متهم إمامها )
المحامي المنتدب طالب المحكمة في مرافعته بالرفاه والعطف على المتهمين
الله الله محامي شاطر ومدافع قانوني جهبذ مرافعته فقط طلب الرافاة والعطف
نعطي على كل حال العذر للمحامي فما كان يستطيع أكثر من ذلك وإلا اعتبر خائن وعميل مثل المتهمين
عشر سنوات قضاها الرجل بين غياهب السجن خمسة منها لم يكن يعرف مصيره احد
عند صدور الحكم قامت الدولة بمصادرة كل ما يملك اخرجوة عائلته من البيت بما يلبسون وأغلقوا الباب
كان يملك سيارتان باسمة صودرت
كان شريك في سيارة مع شخص اخر ولسوء حظ الشريك ان السيارة باسم سالم (عبارة عن سيارة نقل 44 راكب تعمل على خط بغداد الموصل )
وضاع حق الشريك الأخر
أصبح لا يملك شئ والوظيفة فصل منها
كل هذا لأنة قبل ضيافة ابن شقيقته وعائلته لمدة أسبوع
وفاتني إن اذكر
إن الضابط اعدم مع ثلاثة أشقاء وثلاثة من أبناء عمومته
وحسب الروايات أنة ادخل إلى العراق 100 كغم من مادة تي ان تي لا ستخدامها في تفجيرات بإيعاز من حزب الدعوة وإيران
قد يكون يستحق الإعدام أم لا فلا علاقة لنا بالأمر
همنا هو الرجل الذي دمرت حياته بسبب جرم لم يرتكبه
حتى افادتة في الأمن وقعها تحت التعذيب وكل محاكم العالم لا تقبل بإفادة تحت التعذيب إلا محاكمنا في العالم العربي ومحاكم الأنظمة الدكتاتورية
خرج من السجن في التسعينات من القرن الماضي ليجد انة لا يملك شئ ولا حتى قوت يومه
الوظيفة رفضوا اعادتة إليها لأنة خائن وعميل ومحكوم علية
لم يفكروا بحال عائلته اذا كان هو متهم ومهما فعل فما هو ذنب العائلة
ما هو ذنب النساء والأطفال كيف سيعشون ومن أين يأكلون
أخيرا يذكر إن هذا الرجل وعائلته وبعد الاحتلال (التحرير ) يسكنون احد الأبنية المهدمة التابعة إلى معسكر الغزلاني
عسى إن يأتي يوم تقوم الحكومة (الموقرة ) حكومة العراق الجديد
بتعويضه عما ذهب منة
الشئ الوحيد الذي عوض بة هو اعادتة إلى الوظيفة براتب قدرة (101000 ) إلف دينار شهريا
راتب كبير جدا فهو يعادل جوالي 75 دولار أمريكي
في زمن وصل فيه سعر اسطوانة الغاز إلى 20 إلف دينار
وسعر لتر النفط الأبيض 1250 دينار
أعطوا من ضحى بحياته من اجل إن تأتوا إلى الحكم حقه
نعم إن أموال الدنيا قد لا تعوض عن السجن والإعدام ولكن الحياة لها متطلبات كثيرة
الله الوطن الحياة
علي الطائي
31/12/2006
http://www.postpoems.com/members/alihseen/
http://www.elaphblog.com/alialtay
http://www.ahewar.org/m.asp?i=551
التعليقات (0)