إن امارة شرق الأردن هي كيان سياسي ذو حكم ذاتي كان موجود ضمن منطقة فلسطين الإنتدابية رسميا منذ 1923 ولغاية تاريخ اعلان
استقلال المملكة الأردنية الهاشمية في 1946وهو جزء من سوريا الكبرى . وشملت معظم الاراضي الواقعة شرقي نهر الأردن ، ومنه اخذت هذه التسمية . تأسست امارة شرق الأردن بعد قدوم الأمير عبدالله بن الحسين إلى معان بمساعدة الإنجليز الذين تفرغوا حينها للقضاء على الاتراك ونظام الحكم الاسلامي وللقضاء على عشائر الشمال المتنفذة في منطقة شرق الأردن وخصوصاً قبيلة الفريحات والتي كان لها الحكم في تلك الحقبة وكان يتزعمها في ذلك الوقت الأمير الزعيم راشد الخزاعي شيخ مشايخ جبل عجلون والذي كان سنجقاً دائماً لجبل عجلون خلفاً لأجداده أمثال الأمير يوسف بن بركات الفريحات والذي كان أيضاً "سنجقا لعجلون" وتجدر الإشارة إلى أن السلطان العثماني قد إستحدث سنجقية عجلون عبر مئات السنين لإدارة تلك المنطقة من بلاد الشام وعهد بهذه السنجقية لقبيلة الفريحات لما لهذه القبيلة من إمتداد وسطوة وبأس في تلك الفترة من الزمن ولقد همش التاريخ هذا الأمير الذي طالما ساند الكفاح الفلسطيني و القضايا العربية فقد أردت الشهادة لهذا الامير بما يحق له فيما يلي:
فقد أسس حكومة عجلون في الأردن الشيخ راشد الخزاعي أمير وشيخ مشايخ جبل عجلون وعين علي نيازي التل آنذاك كقائم مقام لها، وتجدر الإشارة والتنويه هنا إلى أن الأمير راشد الخزاعي كان ممثلا كسنجق دائم لجبل عجلون إبان الحكم العثماني حيث أنه في بداية الحكم العثماني للمنطقة تم تشكيل لواء عجلون أو سنجق عجلون سنة 1517م، وشملت حدوده كافة أراضي الأردن الحالي، لقد حمل الأمير الخزاعي إرثاً عشائرياً وتاريخياً ضخماً وتأتي زعامته كإمتداد لتاريخ أجداده من شيوخ وأمراء قبيلة الفريحات تلك القبيلة التي برز منها عدة أمراء عبر التاريخ كانت لهم السيادة والحظوة لدى البلاط السلطاني العثماني عبر مئات السنين أمثال الأمير يوسف بن بركات الفريحات والذي حكم تلك المنطقة من خلال السرايا التي كانت تابعة له في منطقة إربد والمعروفة الآن ب "سرايا إربد" وقد كان للفريحات عضواً دائماً في مجلس المبعوثان العثماني الأمر الذي زاد من ثقل هذه القبيلة ودورها البارز في إدارة شؤون تلك المنطقة من بلاد الشام فضلاً عن جاهزية الجيوش المنظمة التابعة لها والمدعومة مباشرة من قبل السلطان العثماني، وكان يعتبر الشيخ راشد الخزاعي الزعيم الوحيد الذي حاز على لقب الباشوية بموجب مرسوم سلطاني عثماني صدر من الباب العالي في الأستانة له فقط وللأمير محمد علي باشا الكبير من مصر مما أثار حفيظة الكثيرين في ذلك الوقت، وقبيل تشكيل إمارة شرق الأردن وقبل ظهور الحكومات المحلية والتي جاءت منها حكومة عجلون في عام 1920 كان حكم الأمير راشد الخزاعي قائماً أيام العثمانيين، وقد إمتدت ولاية حكمه وأفراد قبيلته "عشيرة الفريحات" أيام الحكم العثماني لتشمل مناطق واسعة إبتداء من حوران إلى إربد، وعجلون،وجرش، وحتى نابلس غربا، هذا وقد عرف الأمير راشد الخزاعي بدعمه المباشر للثورة الفلسطينية عام 1936م "ثورة عز الدين القسام" حيث كان يوفر الحماية المباشرة للثوار الفلسطينيين وزعاماتهم في جبال عجلون الحصينة ويمدهم بالمؤن والسلاح عن طريق منطقة تسمى مخاضة كريمة قرب عجلون كما دعم حركات التحرر العربية مثل الثورة السورية حيث استقبل في كفرنجة عشرات المناضلين السوريين الذين نزحوا من سورية اعتبارا من 25 تموز (يوليو) عام 1920 وقدم لهم الأمير راشد بدعم من جميع قبائل وعشائر المنطقة كل ما يلزمهم لمواصلة نضالاتهم، وباتت كفرنجة من المحطات الرئيسية لأعضاء حزب الاستقلال أيضاً، في حين كان قادة الثورة السورية يعدون للثورة في منزل راشد الخزاعي والذي انطلقت منه الرسائل والاتصالات إلى المجاهدين السوريين، وكانت له علاقات مميزة جدا وتعاون وثيق مع الأمير سلطان باشا الأطرش إضافة لدعمه المنقطع النظير للثورة الليبية ضد الإستعمار الإيطالي، وكنتيجة مباشرة بشكل خاص لثورة عز الدين القسام وتحت سياسة الضغط والإرهاق من قبل الإنتداب البريطاني وأعوانه في شرق الأردن في ذلك الوقت إضطر الأمير راشد الخزاعي ومجموعة من رفاقه من مشايخ وزعامات الأردن عام 1937م إلى مغادرة الأراضي الأردنية إلى الأراضي الحجازية حيث عاش ذلك الأمير الخزاعي لعدة سنوات في ضيافة الملك عبد العزيز آل سعود في فترة عصيبة من التاريخ السياسي الأردني واللافت للنظر أنه ومن خلال وجوده في الأراضي الحجازية استمر الأمير راشد الخزاعي في قيادة وتوجيه أتباعه القوميون العرب والموالين لفكره النضالي برغم صعوبة الإتصال في ذلك الوقت وعلى فور إنتشار خبر لجوء الخزاعي إلى الديار السعودية إنطلقت عدة ثورات شعبية في الأردن سميت ب "ثورة عجلون" تشكلت من مجموعة من الثائرين الموالين للزعيم راشد الخزاعي وقاموا بتفجير خط البترول القادم من العراق مروراً بالأراضي الأردنية والتابع للإنتداب البريطاني في ذلك الوقت وقد إعتمد الثائرون الأردنيون في ثورتهم تلك على أسلوب حرب العصابات كوسيلة ضغط على الإنتداب البريطاني وأعوانه للقبول بعودة الأمير الخزاعي ورفاقه للأراضي الأردنية و بالفعل تمت العودة بعد عدة سنوات نتيجة مطالبة معظم القبائل والمشايخ الأردنية بها وقد تدخلت العديد من الزعامات والقوى العشائرية الأردنية التي كانت ترتبط بعلاقات وثيقة مع الشيخ راشد الخزاعي أمثال الشيخ الراحل مثقال باشا الفايز زعيم وأمير قبائل بني صخر والشيخ حديثة الخريشا من مشايخ بني صخر والمعروف بمواقفه الداعمة للثورة الفلسطينية والمساندة لراشد الخزاعي، وقد كان إستقبال الخزاعي ورفاقه حين قدومهم من الحجاز إستقبالاً قومياً مهيباً شارك فيه جميع مشايخ وأمراء القبائل الأردنيون بالإضافة للقوميين والثوار العرب وكانت تلك اللحظة نقطة تحول في التاريخ السياسي الأردني
التعليقات (0)