محاولة انتحار
بقلم محسن الصفار
في مكتبه الذي يقع في الطابق العاشر للشركة التي يعمل بها وضع سعيد راتبه الشهري على الطاولة ونسي ان يقفل النافذة وحالما فتح احدهم الباب تبعثرت الاوراق النقدية ولسوء حظه فأن اكبر ورقتين نقديتين تشكلان ثلث الراتب طارتا من النافذة اسرع سعيد الى النافذة فوجد انهما لم تسقطا الى الشارع بل على الحرف الاسمنتي الذي يقع تحت النافذة نظر سعيد الى الاوراق بحزن فهي تعب شهر كامل من العمل الشاق والمرهق ولكنهما في نفس الوقت على حرف اسمنتي لا يتجاوز عرضه 40 سنتيمترا وعلى بعد متر تقريبا من النافذة وعلى ارتفاع عشر طوابق عن الارض .
وبعد صراع مرير بين الخوف والطمع تغلب الطمع و قرر سعيد ان يجازف و يخرج من النافذة لالتقاط النقود ولكنه حالما خرج من النافذة و نظر الى الاسفل تجمد من الخوف ولم يستطع حراكا و بقى ملتصقا بظهره الى الحائط وفجاه شاهده احدهم من الفندق المواجه لبنايته واتصل بالشرطة الذين سرعان ما حاصروا المكان بسياراتهم .
اتصل الضابط برئيس الشرطة وقال له :
- سيدي هناك مجنون يحاول الانتحار بالقفز من النافذة من الطابق العاشر فماذا نفعل ؟
رد رئيس الشرطة دون اكتراث :
- دعه يقفز يعني هيا البلد ناقصة مجانين ؟
- سيدي ولكن الفندق المواجه له محل اقامة الصحفيين الاجانب وهم الان جميعا يصورونه
وهنا قفز رئيس الشرطة وقال :
- ماذا ؟ صحفيين اجانب الله يخرب بيتكم لا تفعلوا شيئا حتى اصل بنفسي الى الموقع
وصل الرئيس وحمل مكبر الصوت وخاطب سعيد :
- ايها المواطن الصالح يا من تشكل ثروة الوطن لماذا تريد ان تضيع حياتك ؟ انزل و سننفذ طلباتك لاتفضح وطنك امام الاجانب انت تعلم ان الحكومة في خدمة الشعب وأن طلبات المواطن اوامر وتنفذ في الفور و الساعة انزل حبيبي أنزل ام تريد ان نرسل لك سلم الاطفائية كي يساعدوك على النزول بأمان ؟
سمع سعيد هذه الكلمات واراد ان يصرخ بأنه لا يريد الانتحار وان الموضع مجرد سوء فهم ولكنه تردد عندما سمع (ننفذ جميع طلباتك) فقال بتردد من لايصدق ما يسمع :
- اريد ان أحصل على وحدة سكنية في المساكن الشعبية بدل بهذلة الايجارات التي تلتهم معظم راتبي الشهري .
بعد قليل رد عليه رئيس الشرطة وقال
- كلمنا السيد وزير الاسكان ووعد أن يعطيك وحدة سكنية لائقة بشكل فوري تكفيك انت و عائلتك
فرح سعيد ووجدها فرصة لاتعوض فقال :
- واريد ايضا ان ترسل امي المريضة للعلاج في الخارج فقد عجزت و انا اركض بطلبها في اروقة وزارة الصحة دون جدوى وبينما يتم تسفير اقارب المسؤولين من أجل زكام بسيط تبقى هي تصارع الموت في المستشفى
بعد قليل ناداه رئيس الشرطة :
- كلمنا السيد وزير الصحة وقال انه سيرسل والدتك على اول طائرة للعلاج في الخارج على نفقة الدولة ويمكنك مرافقتها ايضا طول فترة العلاج مع راتب مدفوع
فرح سعيد وكاد لا يصدق اذنيه وقرر ان يتسغل الفرصة لاقصى حد فقال :
- اريد ان يدخل ابن اختي كلية الطب فقد رفض رغم ان معدله مرتفع وتم قبول اصحاب الواسطات
بعد قليل جاء صوت رئيس الشرطة قائلا :
- كلمنا السيد وزير التعليم العالي وقال أعتبر ابن اختك صار طبيبا يالله حبيبي انزل الله يرضى عليك
فكر سعيد ان يطلب منهم ارسال سلم الاطفاء لانزاله ولكن فكرة خطرت على باله فجأة وقرر ان يصبح بطلا وطنيا طالما أن الصحافة تصوره فقال :
- اريد ضمان حرية التعبير في الصحافة وان تكون هناك تعددية حزبية في الانتخابات القادمة
مضت دقائق طويلة قبل ان يسمع صوت رئيس الشرطة يقول
- كلمنا السيد رئيس الوزراء بخصوص طلباتك وقال توكل على الله وانتحر واذا ما قفزت بنفسك القناصة راح ينزلوك بطلقة في راسك قال تعددية حزبية قال طز فيك وفي الصحفيين الاجانب معك
وكل محاولة انتحار وانتم بخير
* حقوق النشر محفوظة للكاتب
التعليقات (0)