مواضيع اليوم

محاكمة مبارك والانتقاص من هيبة القضاء المصري

حسن الطوالبة

2012-06-12 10:52:30

0

 بعد جلسات طويلة عقدتها المحكمة الجنائية في مصر للنظر في الادلة والوثائق المتعلقة بمدى مسؤولية الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العدلي ونجليه علاء وجمال مبارك وستة من معاوني وزير الداخلية , بعد هذه الرحلة من الاستقصاء والبحث اصدرت المحكمة حكمها بالسجن المؤبد لمبارك والعدلي , اي السجن مدى الحياة , وتبرئة علاء وجمال وستة من معوني وزير الداخلية من التهم الموجهة اليهم , لعدم ثبوت الادلة ضدهم .

الحكم لم يرضي البعض من جانبين : الاول .. يريد احكاما اكثر شدة من التي صدرت , اي يرد حكما بالاعدام على مبارك والعدلي . والثاني .. يرى ان الحكم شديد على المدانين , لانه لاتوجد مسؤلية على مبارك في قضية الشهداء الذين سقطوا اثناء الانتفاضة في ميدان التحرير والميادين الاخرى في المدن المصرية. وقد تباينت ردود الافعال في الشارع المصري , كما استغلت القضية سياسيا من قبل القوى السياسية المتنافسة , وخاصة بين المرشحين اللذين سيخوضان الانتخابات التكميلية في منتصف الشهر الجاري . فالاخوان يروجون لمرشحهم على امل نيل اكثر الاصوات , ويعد محمود مرسي باعادة المحاكمة لاصدار احكام اكثر شدة من التي صدرت من المحكمة الجنائية . وبالمقابل يسعى احمد شفيق لاستغلال المحكمة لنيل اصوات الاقباط والنساء المتخوفات من حكم الاخوان , رغم التطمينات التي اعلنها مرسي واخرين من رجالات الاخوان بحق المراة وعدم التضييق عليهن وعلى حريتهن الشخصية .

تطاولت ردود الافعال الشعبية والحزبية من انتقاد الاحكام الى انتقاد القضاء , وهذا التطاول يعتبره البعض محاولة لهدم بنى الدولة بعد ان تم التطاول على الشرطة والامن والجيش . وفعلا انها ظاهرة خطيرة ان يتم باسم الثورة هدم كل بنى الدولة . نعم الثورة من حقها تطهير اجهزة الدولة من العناصر المخربة او التي حادت عن طموحات الشعب وتلاعبت في قوته ومصادر رزقه . ولكنها تخسر كثيرا اذا تمادت في هدم مؤسسات الدولة وخاصة المسؤلة عن الامن الوطني والقومي , اي مؤسسة الجيش والامن الداخلي .ولنا في ما حصل في العراق عظة وعبرة , فعندما اصدر بول بريمر قراره بحل الجيش العراقي , واجتثاث البعث , فانه خرب الدولة كلها , فالجيش ذو التاريخ الوطني العريق هو صمام الامان لبقاء الدولة وحماية استقلالها وسيادتها , كما ان اجهزة الدولة بنيت بعد عمر طويل من الدراسة والتجربة العملية , ومن الصعب الاتيان ببديل عنهم في غمضة عين . البديل هو التطهير الموضوعي وليس التطهير الحاقد والغرض السيئ والانتقام .

من المشاهدة النظرية فقد سرت على السنة الناس في المظاهرات في الميادين العامة كلمات الشجب والاساءة الى كل جهاز الشرطة الداخلية والى مؤسسة الجيش من خلال الاساءة الى المجلس العسكري الذي حكم مصر خلال العام المنصرم وحتى يتسلم الرئيس المنتخب مهامه .وعندما يمتد النقد الى القضاء فان ذلك يشكل خطرا على كيان الدولة . فالقاضي لا يحكم الا من خلال الادلة التي بين يديه , والادلة الخاصة بحوادث القتل في ميدان التحرير قد تكون قليلة لان الاوامر كانت بالتاكيد اوامر شفوية في مثل تلك الظروف . كما ان المسؤلين عن تلك الاحداث قد يكونوا هم الذين اتلفوا الوثائق ان وجدت وبالتالي ضاعت الادلة , وما على القاضي الا ان يحكم بما توفر بين يديه من ادلة , او ان يحكم بالظن او الاعتقاد , بان اوامر القتل لا تكون الا باوامر من سلطة اعلى , ومن المحتمل ان تكون اوامر شفوية عامة . وليس من المعقول ان يصدر اي رئيس اوامر خطية لمن هم دونه بالقتل , ولكن الاقرب الى الصحة ان الرئيس يأمر بمعالجة الموقف وحسمه بالسرعة الممكنة . اما عن حق اهالي الشهداء في محاكمة الجناة , فمن الممكن تشكيل لجنة محايدة موضوعية مهمتها استقصاء الادلة والشواهد التي توضح الحقيقة في قضية قتل المئات من الشباب المصريين , ومحاكمة الجناة محاكمة عادلة , وكذلك تعويض اهاليهم بما يخفف من حزنهم وفقدان معيلهم .

المحاكمة كانت فرصة للسياسيين في مصر لتحقيق اهداف مرسومة مسبقا , وقد تجر الى مماحكات قد تفضي الى صراع اخر لا يصب في صالح البلد وصالح الشعب في مصر . القضاء قال كلمته في قضية واحدة وما زال امام المحكمة قضايا اخرى مثل الفساد والتلاعب بالمال العام . ولو اثيرت قضايا سياسية ضد مبارك لحكم عليه باكثر من حكم بالاعدام وخاصة دوره في تسهيل العدوان على العراق 1991 , وكذلك دوره في محاصرة قطاع غزة , ومد الكيان الصهيوني بالغاز باسعار ميسرة مما تسبب باهدار ثرة المصريين .       ( 4/6/2012)




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !