ليس مهما أن يحاكم مبارك أو أن يدان ...فهو والمتهمون معه على كل حال أصبحوا في نهايات الأعمار ولن يجدي عقابهم ...إن مجرد اتهامه والحديث عن محاكمته هو المطلوب والهام لتنكسر صورة الحاكم المطلق الذي يعلو فوق المساءلة ..هذه نقطة أولى في بحر الديموقراطية الواسع وهذه المحاكمة سقوط حاسم لنظرية أنا الدولة وأنا أريكم ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد... كانت هذه صورة الحكم الدكتاتوري في كل مكان ومآلها السقوط وسقوط الدولة معها في قاع الفوضى لمدة أعوام تطول أو تقصر حسب وعي الشعب المصري (الذي ثبت تقدمه ورسوخه) ومدى تطور هذا الوعى وكثافة الإعلام ومهارة السياسيين القادمين بعد سقوط الدكتاتور...مصر الآن تعيش مخاضا سوف يؤدي إلى بناء دولة عصرية حديثة تتعثر قليلا ثم تنهض واقفة شامخة كما يجب أن تكون..وسوف تتوالى عليها حكومات تصيب وتخطئ وتعدل مسارها بقدر ما يكون الشعب مراقبا نشطا يحاسبها قبل أن تتضخم وتصبح عصية على الانقياد إلى رغباته وإرادته....وهذا يحدث إذا تحقق شرطان هما التغيير المستمر كل فترة معقولة (خمس سنوات) والانتخاب النزيه تحت مراقبة القضاء..مسئولية الشعب الآن ألا يتوقف عن الرقابة الواعية وأن يشكل قيادات الثورة الذي سوف تتسلم الحكم قريبا بحكم دخول أكثر السياسيين المصريين في سن التقاعد والعجز ...وحيث تم تجريف أصحاب الرأي والممتازين لصالح نخبة الحزن الوطني والرغبة في توريث ابن المخلوع فإن على الشعب الآن أن يختار من بين أبنائه الممتازين الذين كانوا في الظل ليظهروا على الشاشات وسوف تكون حواراتهم في وسائل الإعلام منبرا تبرز فيه الكفاءات على الأقل أمام مثقفي مصر والذين سوف يكونون بدورهم أكبر وسائل التعريف بحكام مصر القادمين ومساعديهم في الوصول إلى السلطة ولكن كما قلنا لفترة لا تزيد عن خمس سنوات...وهذه الفترة الحرجة الحائرة من تاريخ مصر تنتهي بسرعة إذا نجح وزراء المرحلة الانتقالية في صنع قرار يشبه في شكله وتأثيره قرار الإصلاح الزراعي في عهد ثورة 23 يوليو 52 .... فهل تتخذ ثورة 25 يناير أو الحكومة الانتقالية قرارا سياسيا اجتماعيا لصالح طبقة الفقراء التي ضمت إليها أخيرا الطبقة المتوسطة المنقرضة فتنجح سريعا.. أم تتكاسل لتخسر كثيرا مما حققته حتى الآن
التعليقات (0)