رغم كل التطبيقات العملية الرائعة لجهاز الكومبيوتر .. الا ان اهم تطبيق له على الاطلاق والذي لم يستغل لحد الان استغلالا امثل هو المحاكاة.
ما هي المحاكاة؟
قد يكون للمحاكاة معان اخرى، ولكن هذا لا يهمني بقدر المعنى الذي افهمه انا من خلال خبرتي وتجربتي العملية ..
فالمحاكاة هي ان نهيئ لنظام معين ظروفا معينة يعمل ضمنها ولا يحيد عنها ..
من امثلة المحاكاة
ـ الالعاب الالكترونية: تشعر انك تقاتل شخصا معينا ولكنك في الواقع لا تفعل هذا .. انك تقوم بعملية محاكاة .. او ان تجلس امام شاشة تحرك مقود للسيارة .. وتتحرك الصورة وفقا للافعال التي تؤديها على اجهزة السيطرة ..
ـ مثال آخر للمحاكاة هو ان تقوم بانشاء بناية كاملة باستخدام سوفتوير معين كالاوتو كاد .. يمكنك ان تدخل داخل البناية وتتمشى في اروقتها ويمكنك ان تجري بعض التجارب والقياسات عليها .. الخ
لا تخلوا جميع التقنيات الحديثة في مجال التصاميم والتطوير والتكنلوجيا من برامج المحاكاة .. بل لا يستطيع اي مطور او مهندس في العصر الحديث من العمل بكفاءة دون هذه التقنية .. فهذه التقنية تبدأ منذ الفكرة مرورا بالتصميم وانتهاء باجراء الفحوص والاختبارات المختلفة عليه.
لماذا المحاكاة؟
نحتاج المحاكاة، لاننا نعجز عن حساب او انجاز التصاميم بطريقة سريعة بسبب القوانين المتعددة والمعقدة .. وبسبب وجود المعالجات الالكترونية السريعة، نستطيع اختصار الوقت والجهد ..
ولكن السبب الاهم لوجود برامج المحاكاة، يعود الى مشكلة في الدماغ البشري .. وهذه المشكلة هي التصور ..
العقل البشري اسير تصوراته .. يكتسب هذه التصورات من محيطه وبيئته .. تصبح جزء منه .. لا يمكنه تغييرها بسهولة .. تصبح قوالب ربما يبني عليها حسابات ونتائج خاطئة .. عند البعض تسبق هذه التصورات اي شيء في حياتهم.
من الامثلة التوضيحية البسيطة ظهور البعد الرابع ..
فبسبب ان عقل الانسان اعتاد على فهم ثلاثي للابعاد .. كانت مشكلة فهم البعد الرابع، من المشاكل العويصة على معظم البشر ولحد الان ..
اضافة بعد واحد لهذه الابعاد تسبب بمشاكل كبيرة لهذا الحد .. فماذا سيحدث لو اضفنا ثلاثة ابعاد اخرى؟
ربما لو حصلنا على انسان خام لم تفسد تفكيره التصورات .. سيكون علينا تعليمه على هذه التصورات الجديدة وقد يصعب عليه بعد حين ان يفهم تصوراتنا نحن ..
اما في جهاز الكومبيوتر، فمشكلة مثل هذه غير قابلة الورود ..
يمكننا كتابة البرنامج الذي نريده بالشروط التي نريدها ونجعل هذا الكومبيوتر يسير عليها دون ضجر او ملل او احباط.
يمكننا مسح الذاكرة بالكامل بحيث لا يبقى منها اي شيء .. وهذا غير ممكن ابدا في حالة الانسان .. فالانسان لا يستطيع ان ينسى كل ما في عقله .. بل بالعكس كلما اراد ان ينسى شيء، ظهر له وعمق في ذاكرته.
في تجرمة مصادم الهايدرون على الحدود الفرنسية السويسرية .. يستخدم العلماء المحاكاة بشكل مميز .. حيث يهدر المطورون والمبرمجون الكثير من الوقت لكتابة برامج تحاكي اللحظات الاولى لبداية الكون.
معالجات ضخمة وبرامج عملاقة لولاها ما استطاع الانسان معرفة اسرار الكون ..
التعليقات (0)