دخل الدكتور المدرج رافعا رأسه، يمشي متمايلا ببذلته الفخمة وحقيبته الضخمة، جلس فوق الكرسي، أخرج أوراق المحاضرة، وضع النظارة، أشعل الميكروفون ، ثم نظر نظرة شاملة حول المدرج الفارغ الذي لا يجلس فيه إلا ثلة من المخلصين الذين يراهنون على ترسيخ "كمارتهم" في ذاكرة الدكتور، ليضمنوا رضاه في يوم المحنة الشفوية. نظر في ورقه ثم رفع بصره باتجاه الصف الأول من المدرج الذي يربض فيه أصحاب الدفاتر المكتظة بالمحاضرات كاملة، ابتداء من تاريخ المحاضرة مرورا بأي نكتة يقولها الدكتور كمثال للشرح، انتهاء بتوعده لمن لا يحضر في المحاضرة القادمة التي سيجيب فيها عن بعض الأسئلة،والتي من بينها ما سيطرح في القيامة الشفوية التي تتزامن مع صيف صقر ...فتح الدكتور فمه حتى بدت سنة عقله المغلفة بذهب من منحة الطلاب المنهكين بتلك الأثمنة الباهظة التي يضعها على "بوليكوباته"، والتي يجددها في كل سنة مغيرا 3 أسطر في المقدمة و إضافة كلمتين في الخاتمة..نطق الدكتور أخيرا بعد طقوسه التي يمارسها قبل افتتاح المحاضرة : عنوان المحاضرة اليوم التعميةُ و المواطنهْ ه ه ه ه أخذ في قراءة المحاضرة بطريقته التي تنادي النوم حتى لو كان في الصين...بعد أن اتمم تلاوة زابوره المزور بأرقام مزيفة وحقائق محرفة، فتح الباب لأسئلة الطلاب..
الطالب الأول: كيف تثور النعاج المواطنة في بلاد ديمقراطية حداثية، القانون فيها فوق الجميع و تتمتع بسمعة عالمية في احترام حقوق الإنسان؟
الدكتور: سأجيبك ببعض الأمثلة
1- لا عمل اليوم!! اضبط نفسك ،ابلع كبسولة فاليوم وقل تبا بأسلوب حضاري.
2- لا خبز اليوم!!استرخي قليلا، مارس اليوكا والعن بصمت.
3- لا حرية اليوم!! احفظ الخارطة الحمراء قبل أن تحتج، واكتب بقلم الرصاص.
الطالب الثاني: كيف أغدوا مواطنا صالحا؟
الدكتور: الجواب مختصر في هذا المثال..
لا كفاءة لديك!! سجل اسمك في زاوية الجلادين ، قدم ملفك مبخرا بخبرتك في مركز الشواذ واحصل على وظيفة من درجة وزير.
التعليقات (0)