لم تكن حالة غريبة أو عجيبة ، لكنها كانت جديدة ، لم أكن مضطرا أن أخاطب احدهم عبر الانترنت في محادثة هاتفية من خلال الفيديو أو ما يطلق عليه عبر الكام وهي اختصار للكلمة الانجليزية التي تعني آلة التصوير ( camera ) حيث لم يكن هناك من اهتم لأمره في محادثة من هذا النوع ..
شقيقي ..سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية .. تواصلت معه عبر موقع التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك ) من خلال ما يسمى صندوق المحادثة والذي يتيح الفرصة لمجموعة من الأشخاص الحديث والتواصل إذا رغبوا بذلك .. من خلال استخدام لوحة المفاتيح للكتابة .
طلب منني أن احضر ( الكام والمايك ) والمايك هي كلمة اختصارا لكلمة مايكروفون ، لمزيد من التواصل .. وبالفعل سارعت لإحضار الكام والمايك أو ( وكما اخبرته العدة اللازمة كلها ) وأجريت معه وعائلته وعائلتي حوار ا عبر محادثة بالفيديو ..
حيث كانت صورنا على شاشة جهاز الكمبيوتر خاصتي متجانبة .. ولاحظت ما يدور في خلفية الصورة عنده كما لاحظ ... وعندما تناول مج ( النسكافيه ) واخذ من رشفة سمعت الصوت .. ثم تنبه وقال : بتشرب نسكافيه ومد يده إلي بالمج .. فشاع الضحك وعمت الفرحة ..
أخذني بجولة معه حول البيت الذي يسكنه عند ابن عمي في مدينة سانت لويس ، وعرفني على البيت من الداخل والخارج عبر الكاميرا والصوت وهو يشرح موضحا .. ثم حول الحي والشارع الخلفي لبيتهم .. وهو يتجول حاملا الكمبيوتر المحمول ... سبحان الله ..
إذا كان الإنسان قادرا على كل هذا .. فما هي قدرة من خلقه .. سبحان الله بحق عدد خلقه وزنة عرشه .
كانت جلسة عائلية بكل معنى الكلمة .. كنت اتكئ على جانبي الأيمن واشرب فنجان القهوة .. بينما كانت بناتي الأربعة بجواري والصغرى تنط فوق كتفي وعلى ظهري وعمها ينهرها من أمريكا ... ان انزلي عن كتف اخي وهو يضحك مازحا ..وكانت تبادله الحديث وتقول ( لاْ هادا بابا إلي أنا ) .
كانت جلسة عائلية كاملة مكتملة : فقلت سبحان الله .. كيف اقترب البعيد.. اسمع صوت ضحكاتهم ويسمعون .. أراقبهم وهم يتحركون كأنهم أمامي في غرفة المعيشة كما كانوا من قبل .. أرى حركاتهم وسكناتهم .. وكأن الحاجز المكاني .. والمسافة البعيدة ما هي إلا نافذة كبيرة مغطاة بستارة بسيطة ما علي إلا أن اسحبها ليظهر كل ما خلفها .. كيف تختصر المسافات والزمن .. كيف تتلاشى الحجب حجب الزمن والمسافات .. ولتحقق النسبية من جديد ..
فقط هي الرائحة واللمس التي كانت غائبة .. وسبحان الله .
ترى من ابتكر تلك التقنية وهذه الإبداعات التي تسجل للإنسانية ، ألا يستحق أن نحني له الرأس تقديرا واحتراما ، وقد تفتق عقله ومخيلته عما يشبه المعجزة .. العجزة بكل ما فيها .. وربما دائما كما أقول ( المخفي أعظم ) .
التعليقات (0)