هل صدمت يوماً في الحبيب؟ .. هل آيسك النوى من الطب ومن الطبيب ؟..
هل انصهر وجدانك على وقع ألحانها ؟ هل ترنحت يوماً على أصداء صوتها الآتي عبر السحر وهي تصدح :( هل رأى الحب سكارى .. مثلنا ) ..
هل تطوحت يوماً وأنت تشهد معها اللحظة القاتلة التي عشتها وقد كنت تخشاها .. (يا حبيبي .. كل شيء بقضاء.. ما بأيدينا خلقنا تعساء .. ربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم بعدما عز اللقاء .. فإذا أنكر خل خله ..وتلاقينا لقاء الغرباء .. ومضى كل إلى غايته .. لا تقل شئنا .. فإن الحظ شاء .. فإن الحظ شاء.).
إنها أم كلثوم .قيثارة الشرق .. وسيدة الغناء العربي.. . وإنها قصيدة الأطلال .. ليس أحد في العالم العربي عرف الحب ولم يعرف الأطلال .. أعظم قصيدة مغناة في القرن العشرين .. أطلال الشاعر الطبيب المرهف إبراهيم ناجي ..
هل حلمت يوماً ان تكون أنت مبدع ومؤلف الأطلال ؟..
هل تمنيت أن تكون صاحباً ومرافقاً وصديقاً لمبدعهاً وناظمها ؟ هل تمنيت أن تعيش عصر العمالقة والزمن الجميل ..
هل تمنيت أن تكون كمثل ذلك الصبي الذي لم يتجاوز الخامسة عشر بعد وكان يقضي أمسياته على شاطئ النيل مترنماً بأبيات عذبة رقيقة يختلس النظر إليها بين الحين والحين من ديوان شعر صغير الحجم .. كان هذا الصبي ينتشي فرحاً إذا هطل المطر وهجر الناس شاطئ النيل ليخلو له الشاطئ وحده لكي يطلق العنان لصوته مترنماً بأبيات الشعر ليؤنس بها وحشة نفسه ..
كان هذا الديوان الذي يحمله الصبي الصغير هو ديوان "وراء الغمام" لشاعر الأطلال العملاق إبراهيم ناجي .. تعلق حب الصبي بشاعره الأثير ناجي ..
كبر الصبي وكبر الحب معه .. وتقصى أثره وتتبع أخباره حتى هيأه القدر لمهمة يخدم بها أبناء العربية من محبي الأدب والشعر والجمال حين حمل على عاتقه مهمة (جمع الأعمال الشعرية الكاملة ) وقد أتمها وحققها ذلك الصبي والذي كبر وكبر معه الحب والعشق للأدب والشعر ..
إنه أديبنا الشاعر الكبير (حسن توفيق) الذي رافق وعايش أجيال العصر الجميل من شعراء وأدباء العرب على إمتداد الوطن العربي .. أصدر المجلس الأعلى للثقافة – المكتبة العربية كتاب الأعمال الكاملة لشاعر الأطلال إبراهيم ناجي تحقيق ودراسة حسن توفيق ..
وحسن توفيق لم يكن محققاً وجامعاً لتراث الشعر وفقط .. بل هو في الأساس شاعر ضربه الهوى وحب الشعر فانسالت منه القصائد كمثل ما ينسال العسل من النحل ..
فقد نشرت له مكتبة الأسرة مشروع القراءة للجميع كتاب الأعمال الكاملة ومنها ( ليلى تعشق ليلى- ما رآه السندباد – قصة الطوفان- انتظار الآتي- قصائد عاشقة- أحب ان أقول لا- الدم في الحدائق ) ..
وإن أردت أن تتعرف على حسن توفيق الشاعر فادخل إلى مدونته واقرأ له ولكن بتمعن قصيدته المؤلمة المبكية الجارحة الصارخة الحزينة (كلهم ناموا يا قدس ) ..
عند حسن توفيق أرشيف كامل من الذكريات الحية مع الشعر وشعراء الزمن الجميل ..
بكل تواضع المحبين العاشقين .. وبكل جمال الشعراء .. وبكل جلال الأدباء أنشأ العملاق حسن توفيق مدونته في إيلاف وأسماها مدونة (مجنون العرب) كما يحب أن يتسمى ويلقب .. يدخل إليها كلما عن له الشوق إلى نثر عطر من عطوره الأدبية في صورة مقامة أو مقالة أو قصيدة .. أو شيء من الذكريات عن رفيق عمره وصديقه الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب .. أو حنت جوانحه أن يسرد شيئاً عن ذكرياته مع أمل دنقل صاحب قصيدة لا تصالح الشهيرة والخطيرة والمتنبئة بما حدث ويحدث لنا في هذه الأيام على أيدي الصهاينة المجرمين ..
مجنون العرب .. رجل وفي ..وشاعر مرهف الحس والوجدان .. يتذكر غيره دوماً بينما لا ينتظر أن يتذكره غيره .. آخر موضوع له كان وفاؤه للأديب الراحل نجيب محفوظ في ذكراه الرابعة ..
أرسل أحد المحبين لمجنون العرب تعليقاً على مقاله الأخير فأجاب مجنون العرب عليه بسعادته أنه يقرأ هذا التعليق الذي توافق مع يوم ميلاده الموافق الحادي والثلاثين من أغسطس !!!
يعني أن هذه الأيام تمر ذكرى ميلاد مجنون العرب.. وعملاق الأدب ..وأديب مدونات إيلاف ..وفخرها .. وزينتها الشاعر الكبير حسن توفيق ..
التعليقات (0)