لم يفعل مثلما تفعل بورصة الأوراق المالية حينما تمنى بخسائر مروعة عند نقطة الإغلاق فتضطر إلى وقف التعامل برهة لحين استرداد أنفاسها والسيطرة على خسائرها ..
ولكنه تصرف كمثل لاعب القمار الساذج الأحمق إذا خسر أمواله في المقامرة فإنه يستدين ممن حوله و يندفع أكثر للعب دون تركيز ودون مهارة فيستمر نزيف الخسارة إلى أن يفلس أو ينتحر ..
هكذا كان مجلس الشعب المصري بهيئته " الثورية ".. والذي لم يكمل الشهر الثالث منذ انعقاد أولى جلساته في 23 يناير هذا العام حتى فوجئنا أنه قد فاق في سوئه وتفوق في سوءاته عنه في عهد مبارك ..
فالمجلس ظهر تحت هيمنة وسيطرة التيار الديني بقيادة جماعة " الأخوان المسلمون" ووصيفتها الجماعة السلفية .. هذه الهيمنة وتلك السيطرة إنتهت إلى إختصار وتحجيم وتقزيم مجلس الشعب المصري بكافة أعضائه وتشكيلاته ولجانه وتحت رياسة الكتاتني وجعله مجرد "بوق" أو "سلاح" تستخدمه "الجماعة" في صراعاتها وكافة مواجهاتها مع خصومها بدءاً من المجلس العسكري ومروراً بالأحزاب والقوى الليبرالية و انتهاء بكل من يعارض أو يقف في وجه زحف " الجماعة" للسيطرة على كافة مراكز السلطة والقرار في مصر بلا استثناء ..
ومنذ اللحظة الأولى التي انكشف فيها "شبق" جماعة الأخوان و"شراهتها" "السلطوية"
بتنصيب " سعد الدين الكتاتني " رئيسا لمجلس الشعب ..وكذا رئيساً للجنة تأسيس دستور مصر .. و بتنصيب رجلها الآخر " أحمد فهمي" رئيساً لمجلس الشورى مع الهيمنة المطلقة على الغالبية التصويتية في كلا المجلسين وبطرق وأساليب تصب جميعها في اتجاه المصالح الذاتية للجماعة مستبعدة المصلحة العليا والقومية للشعب المصري .. الأمر الذي أحدث موجات تصادمية لدى المصريين أفقدت الناس الثقة في جماعة الأخوان بل والتيار الديني جميعه خاصة في ظل "السقطات "المروعة التي وقعت فيها من حيث الاستبداد بالرأي " ظاهر بالجلسات" ..والسادية في القرار " أحادي الاتجاه " .. ونقض الوعود ( الوعد بالمشاركة لا المغالبة – وعدم ترشيح رئيس للجمهورية – التمثيل المتوازن للجنة الدستورية) .. والكذب ( موضوع البلكيمي)..والمناورة (التشدد نحو إسرائيل أمام الشعب ثم إرسال رسائل طمأنة لإسرائيل وأمريكا ) .. كل ذلك أفقد "الجماعة" مصداقيتها إلى حد كبير عند المصريين .. ومما زاد الطين بلة ذلك "الهياج" المثير للسخرية والاستهزاء الذي اعترى "الجماعة" حين أعلن "عمر سليمان " الترشح للرئاسة .. فهرعت إلى مجلس الشعب "الملاكي" "لسلق " قانون "مفصل" ظاهره حماية "الثورة" .. وحقيقته القضاء على كافة المنافسين للأخوان وتهيئة كل السبل لإنجاح مرشح "الجماعة" للسيطرة على عرش مصر .. ويكفي في هذا المجال أن قانون العزل السياسي الذي أصدره مجلس الأخوان المسلمون والسلفية وبحسب نصه ((تقف مباشرة الحقوق السياسية بالنسبة للأشخاص الآتي ذكرهم : كل من عمل خلال العشر سنوات السابقة على 11 فبراير 2011 رئيسا للجمهورية أو نائبا لرئيس الجمهورية أو رئيسا للوزراء أو رئيسا للحزب الوطنى الديمقراطي المنحل أو أمينا عاما له أو كان عضوا بمكتبه السياسي أو أمانته العامة لمدة عشر سنوات ابتداء من التاريخ المشار إليه." )) .. استثنى القانون (الوزراء) في عهد مبارك من تطبيق هذا القانون عليه .. ومعنى هذا .. أن "عمر سليمان" الذي تعين نائباً لمبارك لمدة أيام قليلة يحرم من ممارسة حقوقه السياسية ومنها الترشح للرئاسة بينما أي وزير مكث مع مبارك ولو عشرين عاماً لا يمسه الحرمان ..
عدم دستورية ذلك القانون الواضحة الفاضحة ..
وانكشاف "اصطناعه وطبخه خصيصاً من أجل إقصاء عمر سليمان عن الترشح للرئاسة ..
ومعرفة الجميع اليقينية بعدم عدالته وعدم توازنه واستحالة تطبيقة بأثر رجعي على عمر سليمان و أحمد شفيق ...
واليقين بأن تلك التصرفات الخرقاء والقوانين العرجاء تصب في خانة التعاطف مع عمر سليمان نكاية فيهم وكراهية لهم ..
وانفضاح عجز مجلس الشعب المصري عن القيام بواجباته التشريعية النزيهة والمسئولة ...
وثبوت تطويع "سلاح" البرلمان من أجل صالح ومصالح "الجماعة " الذاتية ولو على حساب ومصلحة الشعب المصري وأمنه القومي ..
واتضاح خيابة وركاكة وضحالة "النواب" المظنون فيهم حمل الأمانة والتعبير بمصداقية عن آمال وآلام شعبهم ..
كل ذلك أفقد البرلمان المصري الحالي مصداقيته وظهوره في عيوننا بمظهر البرلمان الذي فقد عقله ..
التعليقات (0)