هل في القول بان مجلس الامن الدولي عار دولي honte internationale مبالغة لفظية او ادبية او بلاغية أو معرفية, وإنه قول ليس فيه شيء من اصول اللباقة السياسية والأعراف الدبلوماسية؟ وهل يُعتبر تجن القول عن المجلس المذكور بمثل هذه الاقوال؟. وكأنه لم يكن كذلك منذ نشأته والى بلوغه الحالي درجة الكهولة في ارذلها.
المجلس بطبيعة الحال مُمثل بممثليه الممثلين بدورهم من سادة دولهم, وبالتالي اليسوا جميعهم, عند الاشارة للعار, هم عار محلي ودولي؟. لا تجنّي هنا يا سادة المجلس ورجاله المهذبين جدا gentiment , فهل تعتقدون انه يمكن اخفاء او تغطية الرياء والخداع بكلمات خشبية فقط, وتسمية كل انواع المراوغات التي اصبحت علوما وفنونا تسمى علوم و فنون وأصول الدبلوماسية؟.
ومع ذلك قد يُطرح السؤال: لو رجع احد منكم يوما لضميره ,كرجل عادي بصفاته الانسانية, ونظر في المرآة بعينيه ليرى جليا أعماق عينيه ــ وهذا بطبيعة الحال مجرد اقتراض فيه الكثير من السطحية ــ آلا يمكن عندها ان يقول لنفسه يا لعار كل ما فعلته وأفعله, وكيف لم اره وأحسه خزيا كاملا وشنارا؟.
وعليه ايها السادة المهذبين جدا, السادة فقط بالأساليب المهنية عينها , لا تستغربوا حين تسمعوا الاخرين, من غير المهنين الاخرين الطبيعيين, عند سماعكم لهم يستعملون كلمات عار, حين يكون الحديث عنكم و تكونون موضوع الحديث والتوصيف. مع العلم بان هذه الكلمات لا تؤذيكم ولا تغير شيئا يذكر فيكم, وان رددتم تبريرا فستقولون علنا انكم تمارسون مهنة تحتم عليكم ان تكونوا ما يجب عليكم ان تكونوه, وقد تزيدون عليه من عندكم ما ليس له ضرورة. كما ان ليس في مثل هذه المهام مكان لعار او خجل فالأمر متعلق بوظيفتين معا سياسة ودبلوماسية.
وهنا لا بد من التذكير سريعا ببعض مخازي مجلس الامن الدولي, الذي تم انشاؤه من منشئيه على أمل ان يصبح وسيلة امن دولي.
استعمل الاعضاء الدائمون في المجلس المذكور "حقهم"!! في النقض في كل مرة يرون فيها ان مشاريع القرارات المطروحة للتصويت لا ترضي مصالحهم الخاصة, ودون اي اعتبار لما يسمى الامن الدولي. ومن يريد الاطلاع على بعضها عليه الرجوع الى مرات النقض التي استعملوها خلال السنوات الاتية. من:
1945 الى 1955: 83 مرة
1956 الى 1965 : 31 مرة
1966 الى 1976 : 33 مرة
1976 الى 198 : 60 مرة
1986 الى 1995 : 37 مرة
1996 الى 2005: 13 مرة
2006 الى 2012 : 8 مرة
والأقرب في قرارات النقض الذي استعمله المجلس المذكور كان العار في 18 شباط 2011 حين استعملت الولايات المتحدة الامريكية اخر نقض مخز, اعتادت عليه, لصالح اسرائيل ضد ابسط الحقوق الفلسطينية .
في 4 اكتوبر 2011 كان قرار النقض في المجلس المذكور مزدوجا, بواسطة دولتين لم تدّعيا يوما في تاريخهما بان لهما علاقات في احترام حقوق الانسان من قريب او بعيد, وهما روسيا الصين. ولذلك لم يكن للعار ان يدعي ما لم يسبق ان ادعى غيره لتبريره.
في 4 فيفري 2012 كرر الاخوان, غير المتحابين دائما, استعمل حق النقض لنفس المسالة ولنفس الاسباب و الاهداف , وبنفس العار.
في 19 جويليه 2012 اعاد نفس العضوين الدائمين نفس ما اتفقا عليه لمساندة الطغيان, وبخزي لم يسبقهما عليه احد من نظائرهم من حماة الامن الدولي.
النقض المكرر وبصفاقة للمرة الثالثة, لم يكن العار فيه فقط لأنه تكرار وإصرار على عدم المبالاة بالإدانة والاستنكار الدولي الصادر, شفهيا, عن الشعوب في كل انحاء المعمورة, ولم يكن فقط لخرق الاهداف التي قامت عليها لجنة مجلس الامن الدولي نفسه, وإنما كذلك لعدم الاكتراث بقتل الالاف السوريين من الاطفال والنساء والرجال, وتشريد مئات الالاف, وسجن وتعذيب عشرات الآلاف من السوريين تحت سمع وبصر العالم بأجمعه, و لرفض اي قرار بإدانة القتلة المجربين بجرائم ضد الانسانية وبجرائم حرب, وحثهم على ايقاف جرائمهم. ولرفضهم القبول بإحالة القتلة والمجرمين الى المحكمة الجزائية . وزيادة على كل هذا تسليح القتلة بالأسلحة المخصصة لعملياتها هذه. هل كل هذا مجرد عار.
واليوم نفس المجلس, ولنفس القضية المسماة فقط "القضية السورية", وبعد اخفاقاته المتواصلة في اتخاذ قرارات ولو شكلية, سيرفع مستوى تمثيل المجلس الى مستوى أعلى, أرفع, اي سيجتمع على مستوى وزراء الخارجية للدول صاحبة العضوية الدائمة, بشكل خاص, حسبما يقترح وزير الخارجية الفرنسية فابيس.
والسؤال: هل برفع مستوى الممثلين, وبينهما الوزيرين المشهورين الروسي والصيني , سيصل المجلس المذكور مرتفعا, الى ما لم يصل اليه منخفضا؟. ام ان العار سيكون اكثر ارتفاعا بارتفاع روسي صيني؟.
من يعرف ما يجري في سوريا, منذ عام وسبعة شهور, لا يتفاءل حتما بما سيحققه غدا المجلس المذكور بمستواه المذكور, ولا يتفاءل بإمكانية سقوط بعض من عار عن وجه مجلس " الامن والدولي".
هايل نصر
التعليقات (0)