تميز العهد القديم ، كما يطيب للمنافقين من السياسيين أن يسموا عهد الحسن الثاني غفر الله لنا وله ، بالشمولية المطلقة في الحكم وباستهجانه وإهماله للطبقتين الوسطى والسفلى من الشعب بل وحتى باحتقارهما وكذلك بالقسوة العنيفة في تصفية أصحاب الرأي المعارض لرأيه ( ربما لم يكن مقتنعا بمعارضتهم الفعلية بقدر ما كان مقتنعا بانتهازيتهم ونفاقهم ،لا هم بأصحاب رأي ولا هم يحزنون وهو ما تبين لنا - نحن السذج الذين آمنا بأوهامهم عن حسن نية - من خلال ممارساتهم الشبه سلطوية على مدى ثلاثة عشر سنة الأخيرة ) .
بعد أفول ذلك العهد ( القديم ) وحلول العهد الجديد كما يصفه نفس أعيان النفاق ، والذي لا أراه يختلف في شيء عن سابقه إلا بتعدد المنافقين وكثرة الأوهام وانتشار مظاهر التحايل الغبي ، وبعدما تمكنوا به مما لم يتمكنوا منه في العهد القديم حلت عقدة لسان نفاقهم أكثر وانطلقت وتوسعت فصاحتهم في وصف حكم الحسن الثاني بأوصاف لم تكن لهم الجرأة على إطلاقها وقتها حتى أصبحت بفضلهم تلك الحقبة معروفة ربما عالميا بسنوات الرصاص .
لست أدري إلى أي مدى ينطبق وصفهم هذا على تلك العقود التي لا شك أنها كانت مظلمة على الأقل على ثلثي الشعب ، لكن ما هو مؤكد وجلي للظالم والمظلوم – حسب الواقع المعاش – أن هذا العهد ( الجديد ) يتميز بما هو أخطر وأقسى
من القتل بالرصاص الذي كان يريح في لحظة المقتول وذويه ومجتمعه من العذابين . فهذا العهد ، الذي لؤلئك المنافقين الانتهازيين اليد الطولى في طبع تاريخه المستقبلي والذي لن يوصف بأقل مما وصف به سابقه ، يخلص على منتقديه ومعارضيه بأبشع الأساليب التي تقتلهم عقليا وفكريا واجتماعيا وحتى نفسيا بالنصب لهم مكامن أقل ما توصف به أنها قذرة .
فأن يجهز الإنسان ( كيفما كان ) على نده أو منافسه أو عدوه بالقتل المباشر يكون – رغم فظاعته وتجريمه – أريح وأهون على المقتول ومحيطه ، لكن أن يمس الإنسان في عرضه وكرامته وأسريته وشعبيته باتهامه بأفظع وأرذل التهم التي تحط من الأخلاق الإنسانية ، إن كانت ملفقة ، كالاتهام بالخيانة الزوجية أو بالشذوذ الجنسي أو بالاتجار في المخضرات والممنوعات أو بالإرهاب ذو الاختراع الأمريكي أو بالجنون .. وما إلى ذلك من التهم النجسة التي ميزت العقد الأخير من هذا العهد الذي سموه بالجديد واستفحلت مع اندلاع الحركات الاحتجاجية الشعبية عند اندلاع ما سمي بالربيع العربي ، يبقى شيئا لا يستوعبه العقل الإنساني مسلما كان أم ملحدا . كمائن لا إنسانية ولا أخلاقية نصبها حرس العهد الجديد وما زال يجتهد في اختراع ما هو أفظع منها على مرأى ومسمع وربما من تخطيط المنافقين من السياسيين لم نسمع بمثلها حصلت في العهد القديم رغم جبروته وقسوته ... فاللهم احفظ عبادك المستضعفين في المملكة المغربية المسلمة الشريفة //
- محمد المودني // فاس .
التعليقات (0)