مجدي يعقوب و الخنزير
.. فاجأتنا وسائل الإعلام المصرية هذا الأسبوع بخبر مفجع مفاده مطالبة نائب (سابق) من حزب النور السلفي بإغلاق مشفي الدكتور مجدي يعقوب لجراحات القلب في أسوان بدعوى أنه يستخدم صمامات قلوب مُستخرجة من الخنازير.
ولمن لا يعرف فالدكتور مجدي يعقوب حاصل على أعلى الأوسمة في العديد من دول العالم وأهم لقب حاصل عليه هو (أسطورة الطب) في العالم, قام بإنشاء هذا المركز الطبي العالمي في أسوان من حر ماله وأسسه بأحدث الأجهزة الطبية وأمده بفريق طبي عالي المُستوى ويقوم بإجراء العمليات الجراحية في القلوب المريضة للفقراء من أبناء الشعب المصري وأيضاً من باقي الدول العربية بالمجان حباً منه لوطنه مصر.
بعد كل هذا يأتي إمعة جهول ويطالب بإغلاق هذا الصرح بدعوى أن مجدي يعقوب يستخدم صمامات مُستخرجة من الخنازير, وهنا يتوجب التوقف قليلاً لنرى إن كانت هذه كلمة حق يراد بها باطل أم أنها الباطل بعينه وقد غلفه التعصب الأعمى لكون مجدي يعقوب قبطي.
أولاً: وأول القواعد الشرعية التي يعرفها الجاهل قبل المُتعلم هي (الضرورات تبيح المحظورات), فإن كان بالفعل مجدي يعقوب يستخدم صمامات مأخوذة من قلوب الخنازير فإن هذا يُعد ضرورة لعدم توافرها من قلوب الموتى من بني البشر وبالتالي الضرورة تبيح ذلك والدين يسر لا عسر.
ثانياً: موضوع الخنزير نفسه, فالخنزير لم يُخلق نجس لأن الله كُلي الطهارة والقداسة لا يخلق نجس, وإلا فهناك تناقض فيما بين ما نؤمن به,
الله يخلق كل شيئ طاهر أما النجاسة فتعلق به من ملامستها ومن أكلها وتناولها, ولكن السند الذي يستند إليه هذا الإمعة من أي القرآن هو آية التحريم (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ), ومن هذا النص القاطع الدلالة والوضوح يتبين الآتي:
أولاً ثلاثة أشياء جائت معاً بالتحريم حتى لا يلتبس المعنى على الإفهام وهي: (الميتة) وجاء النص فيها على الإطلاق, لم يختص جزءاً منها ولكن كلها على الإطلاق وبالتالي كل (جثة) الميتة مُحرمة, لحمها وجلدها وعظمها وأحشاءها.
(الدم) وأيضاً جاء على الإطلاق فلم يستثني دم جزء من الأجزاء ولكن جاء الدم على الإطلاق وبالتالي كل دم مُحرم.
(لحم الخنزير) وهنا جاء النص بالاستثناء, فلم يأتي مثل ما قبله على الإطلاق أي الخنزير (ككل), فلم تات الآيات (حرمت عليكم الميتة والدم والخنزير) الثلاثة معاً على الإطلاق وإنما استثنت الآيات كل أجزاء الخنزير من التحريم ما عدا اللحم فقط,
والقاعدة الشرعية الثانية هنا هي (أصل الأشياء الإباحة ما لم يرد نص), ولم يرد نص سوى في اللحم فقط وبالتالي فالباقي غير محرم.
ومن فضل الله تعالى أن اللحم في الخنزير نسبته لا تتجاوز الثلث فقط بخلاف باقي الأنعام.
إذا طالما لم يُحرم من الخنزير سوى لحمه وباقيه حلال, نجد أن الطب الحديث اكتشف تشابهاً كبيراً بين الإنسان والخنزير ولأن ثلثي الخنزير لا يؤكل فقد استفاد الإنسان منها أيما استفادة فمن جلودها يصنع أحذية الجنود والأحزمه والسيور و من شحومها يصنع الصابون ومستحضرات التجميل الغالية الثمن كأحمر الشفاه وكريمات الوجه وغيرها ما لا يعد, ومن أمعائها يصنع الخيوط الجراحية ومن بنكرياسها يصنع الأنسولين الطبي لمرضي السكري ومن غددها يصنع العديد من الأدويه الباهظة الثمن بل والشيكولاته و الجيلاتين والبسكويت و "البيبسين" الذي يصنع منه المشروبات الغازية وأيضاً مكعبات المرقه ومئات الأشياء الأخرى صنعها الإنسان من بقايا الخنزير.
وكل هذا حلال زلال لأنه لم يرد نص بالتحريم, فإن كان مجدي يعقوب يأخذ صمامات قلوبها لعلاج قلوب البشر فهي ليست بالحرام.
وهذه ليست فتوى مني فأنا أجهل الناس ولكنها اجتهاد حتى لا نترك الساحة للظلاميين ليتسيدوا على بلدنا بفقه الجهالة والتعصب ولتبقى مصر عزيزة, راياتها عالية خفاقة ولو كره الظلاميون.ِ
التعليقات (0)