مجتمع رجولي- الآباء يأكلون الحُصرم والبَنات يَضرسنَّ
بقلم: رَوان إرشيد - النّاصِرة
إنّهُ الوَباء القاتِل في يَومِنا هذا فبعدَ أن وَجدَ فتاةً أحبّتهُ وَأحبّها، ظَهرت لهم حَواجِز مُجتمعنا الفاني، حَواجِز ذات أساسًا لا مَعنى لهُ ولم يُوضع إلا لِما يُسمى "بعادات وتقاليد"؛
ما هِي إلا أمراض قَد انتَشرت بَين الناس أجمع، فَلم يَعد الناس يَنظُرون إلى داخل الثَّمرة لكن يَشدّهم شَكلها الخارِجي، لا يهم أن تكون طيِّبة المذاق لكِن الأهم أن تكون لامِعة المظهر "الجوهر لا المظهر".
يَأتي الشاب ليطلُب من أبيه وأمه أن يذّهبا إلى بيت "فلان" ليطلبا ابنتهما انها فتاه جَميلة، مُهذبة، أنيقة، وَمُتعلمة... يَقِف الأب عند ابنه ليقاطعه الكَلام لا لكي يُشجعه على ذلك إنما لفعل العَكس، فوالدها رَجل غير مَرغوب بهِ في بلدنا فإنّه مُزري يتعاطى الكُحول، وَالمخدرات... الخ، يطلب الإبن من الأم أن تتفهمهُ ويحاول إقناعها بأنها فتاةً جيِدة فليسَ من واجبها أن تَتحمل أخطاء أبيها، ليسَ من شأنها أن تضرِس بما أكلَ والدها، لكن ما يسعها أن تَفعل أمام عنفوان الأب. وَتَأتي الكلِمة المتفق عليها بين مُجتمعنا الشَّرقيّ "نسبتهم ما بتشرفنا".
وَكَأنَ الأب هو الّذي سَوف يَتَزوج وهو الذي عليهِ أن يختار، أو كأنّه سوفَ يتزوج ابنه الأب لا الإبنه.
وَهُنا يبدأ الحُبّ بالتخاذُّل، والأحلام تَتَراجع إلى الوَراء، فبدلاً مِن بِناء أُسرةً جَديدة أساسها رَجلٌ مُحِب وزوجة مَرضية لِزوجها وَمُستقبل عِماده سراجٌ مُنير يرأسهُ التفاهُم وأبناء منتظرون يُبنى لهم مُستقبل جيد لا ضِياع فيهِ، يتهدم الحبّ ليكون غبارٌ متطاير.
فَلا يمكن للفتاة إلا القَول : "هذا ما جناهُ عليَّ أبي، ولم أجنِ على أحد".
وَتَذهَب الأم بِدورها لتبحث عن "الحسَب وَالنسَب" الذي يُناسبُ عائلتها المرموقة، والذي يُرضي الأب. وَلا تأبه حتى لمراعاة مَشاعر الإبن الذي لا حولَ له وَلا قوة أمام أبيه، والفتاة المظلومة في غابة الذِئاب، والتي اقتَرَفت ذنبًا كَبيرًا لأنها وُلدت لدى أبٍ أناني التفكير، قَليل الفِهم وَكأنها هي التي اختارَت ذلِك، في مُجتمع لا يَرحَم.
وَآسِفة على القَول بأن مُجتَمَعِنا الشَّرقي لا زال حتى الآن ذُكوريًا بِالدرجة الأولى؛
إنَّ الإسلام رَفَعَ مَكانة المرأة وَحرّرها مِن عبودية الجاهلية وظلمتها، وأعطاها حُقوقها وأمر بالابتعاد عن قهرها وحرّم وأدّ البنات لكن كيفَ يُفَسر دين الإسلام في وقتنا هذا؟!..
فَفي وَقتِنا هذا وَتعقّد حياتنا يَلتزم الجميع بتطبيق كَلام الله عزَّ وجلّ وما قالَ الإسلام، لكن كما يُريدون.
بِالرَّغم من أن المرأة أصبحت عاملة خارج المنزل، وَمَقهورة داخله يَقع على عاتقها بِشكل عام العَمل خارج المنزل وَداخله وَتربية الأولاد وَإرضاء زّوجها "سي السيِّد".
وَأنت أيها الأخ ألم تَعمل وَتَكسب رِزقك؟!! أختك عَملت كذلك وَتعودان بعد ساعات مِن التعب والإرهاق، لماذا يجب عليكَ الراحة وعليها تحضير الطعام وخدمة ذاتك في أموركَ الخاصّة؟!.. أم أنكَ من لحمٍ وَدم وهي من فولاذٍ وصخر. وَأنت أيها الأب لماذا تعطي ابنكَ حق التسلُّط على أخته وضربها لأتفه الأمور وممارسة حَق "سي السيد" منذ الطفولة وما يحق له لا يحق لها!!...
رسالتي إلى المجتمع أجمع والرّجل الشرقيّ خاصةً: في هذا الزَّمن أصبحت المرأة في حقول السياسة وَالطِب والفضاء والقضاء والأدب والتجارة ... الخ.
إذاً المرأة ليست ضِلعًا قاصرًا، وَلَيست بنصف عقل، وليست قَليلة الحيلة. فهي تَخوض في جميع الحقول التي يخوضها الرَّجل، بل تتفوق عليه في كثير من الأحيان، وتبقى عقدة الرَّجل الشّرقيّ في عدم تقبل ذلك.
الزّوج يغار من زوجته وَيُعبر عن ذلك بطريقة مختلفة، والأخ يغار من أخته وَيُعبر عن ذلك بطريقته الخاصة، وجميع هذه الطرق تصب في مُستنقع الحياة البالية القاهرة للأُم والزّوجة والفتاة العربية.
أين أنتُم يا رجال الدين؟!
أين أنتُم يا عُلماءنا؟!
بحَّ صوتي من لفح النداء .. ألا من مجيب؟!...
التعليقات (0)